عثمان ميرغني يكتب: السودان… العودة المنتظرة    إنشاء "مصفاة جديدة للذهب"... هل يغير من الوضع السياسي والاقتصادي في السودان؟    بعد حريق.. هبوط اضطراري لطائرة ركاب متجهة إلى السعودية    نهضة بركان من صنع نجومية لفلوران!!؟؟    واشنطن تعلن فرض عقوبات على قائدين بالدعم السريع.. من هما؟    د. الشفيع خضر سعيد يكتب: لابد من تفعيل آليات وقف القتال في السودان    نتنياهو يتهم مصر باحتجاز سكان غزة "رهائن" برفضها التعاون    الكشف عن شرط مورينيو للتدريب في السعودية    شاهد بالصورة والفيديو.. في مقطع مؤثر.. حسناء السوشيال ميديا "لوشي" تبكي بحرقة وتذرف الدموع حزناً على وفاة صديقها جوان الخطيب    شاهد بالصورة والفيديو.. في مقطع مؤثر.. حسناء السوشيال ميديا "لوشي" تبكي بحرقة وتذرف الدموع حزناً على وفاة صديقها جوان الخطيب    بالفيديو.. شاهد أول ظهور لنجم السوشيال ميديا الراحل جوان الخطيب على مواقع التواصل قبل 10 سنوات.. كان من عشاق الفنان أحمد الصادق وظهر وهو يغني بصوت جميل    رئيس مجلس السيادة القائد العام للقوات المسلحة يلتقي اللجنة العليا للإستنفار والمقاومة الشعبية بولاية الخرطوم    شاهد بالصورة والفيديو.. في أول ظهور لها.. مطربة سودانية صاعدة تغني في أحد "الكافيهات" بالقاهرة وتصرخ أثناء وصلتها الغنائية (وب علي) وساخرون: (أربطوا الحزام قونة جديدة فاكة العرش)    الدفعة الثانية من "رأس الحكمة".. مصر تتسلم 14 مليار دولار    قطر تستضيف بطولة كأس العرب للدورات الثلاثة القادمة    شاهد بالصورة والفيديو.. شاب سوداني في أوروبا يهدي فتاة حسناء فائقة الجمال "وردة" كتب عليها عبارات غزل رومانسية والحسناء تتجاوب معه بلقطة "سيلفي" وساخرون: (الجنقو مسامير الأرض)    سعر الريال السعودي مقابل الجنيه السوداني في الموازي ليوم الأربعاء    سعر الدولار في السودان اليوم الأربعاء 14 مايو 2024 .. السوق الموازي    وسط توترات بشأن رفح.. مسؤول أميركي يعتزم إجراء محادثات بالسعودية وإسرائيل    صندل: الحرب بين الشعب السوداني الثائر، والمنتفض دوماً، وميليشيات المؤتمر الوطني، وجيش الفلول    "تسونامي" الذكاء الاصطناعي يضرب الوظائف حول العالم.. ما وضع المنطقة العربية؟    عالم آثار: التاريخ والعلم لم يثبتا أن الله كلم موسى في سيناء    "بسبب تزايد خطف النساء".. دعوى قضائية لإلغاء ترخيص شركتي "أوبر" و"كريم" في مصر    تقارير تفيد بشجار "قبيح" بين مبابي والخليفي في "حديقة الأمراء"    أموال المريخ متى يفك الحظر عنها؟؟    قطر والقروش مطر.. في ناس أكلو كترت عدس ما أكلو في حياتهم كلها في السودان    شاهد بالصورة.. حسناء السوشيال ميديا "لوشي" تنعي جوان الخطيب بعبارات مؤثرة: (حمودي دا حته من قلبي وياريت لو بتعرفوه زي ما أنا بعرفه ولا بتشوفوه بعيوني.. البعملو في السر مازي الظاهر ليكم)    حتي لا يصبح جوان الخطيبي قدوة    5 طرق للتخلص من "إدمان" الخلوي في السرير    هل يرد رونالدو صفعة الديربي لميتروفيتش؟    لاعب برشلونة السابق يحتال على ناديه    انعقاد ورشة عمل لتأهيل القطاع الصناعي في السودان بالقاهرة    انتخابات تشاد.. صاحب المركز الثاني يطعن على النتائج    أسامه عبدالماجد: هدية الى جبريل و(القحاتة)    "المايونيز" وراء التسمم الجماعي بأحد مطاعم الرياض    محمد وداعة يكتب: ميثاق السودان ..الاقتصاد و معاش الناس    تأهب في السعودية بسبب مرض خطير    باحث مصري: قصة موسى والبحر خاطئة والنبي إدريس هو أوزوريس    أصحاب هواتف آيفون يواجهون مشاكل مع حساب آبل    الفيلم السوداني وداعا جوليا يفتتح مهرجان مالمو للسينما في السويد    بنقرة واحدة صار بإمكانك تحويل أي نص إلى فيديو.. تعرف إلى Vidu    كيف يُسهم الشخير في فقدان الأسنان؟    روضة الحاج: فأنا أحبكَ سيَّدي مذ لم أكُنْ حُبَّاً تخلَّلَ فيَّ كلَّ خليةٍ مذ كنتُ حتى ساعتي يتخلَّلُ!    هنيدي ومحمد رمضان ويوسف الشريف في عزاء والدة كريم عبد العزيز    أسترازينيكا تبدأ سحب لقاح كوفيد-19 عالمياً    القبض على الخادمة السودانية التي تعدت على الصغيرة أثناء صراخها بالتجمع    الصحة العالمية: نصف مستشفيات السودان خارج الخدمة    تنكُر يوقع هارباً في قبضة الشرطة بفلوريدا – صورة    معتصم اقرع: حرمة الموت وحقوق الجسد الحي    يس علي يس يكتب: السودان في قلب الإمارات..!!    يسرقان مجوهرات امرأة في وضح النهار بالتنويم المغناطيسي    وزير الداخلية المكلف يقف ميدانياً على إنجازات دائرة مكافحة التهريب بعطبرة بضبطها أسلحة وأدوية ومواد غذائية متنوعة ومخلفات تعدين    بعد عام من تهجير السكان.. كيف تبدو الخرطوم؟!    العقاد والمسيح والحب    أمس حبيت راسك!    جريمة مروّعة تهزّ السودانيين والمصريين    بالصور.. مباحث عطبرة تداهم منزل أحد أخطر معتادي الإجرام وتلقي عليه القبض بعد مقاومة وتضبط بحوزته مسروقات وكمية كبيرة من مخدر الآيس    السلطات في السودان تعلن القبض على متهم الكويت    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



متفرقات
نشر في الصحافة يوم 15 - 05 - 2012

شهادات في جائزة الطيب صالح العالمية .. شهادة عن السرد الأمثل ..
سعيد الكفراوى
أنا من المؤمنين جدا بلأن الأدب فى كل تجلياتة يمثل الوسيط الذى يحقق للانسان شغفة بالحقائق القديمة ,التى ماتزال صالحة لاثارة الدهشة ,والتى فى نهاية الأمر ثمثل وجوده,وتغنى خياله.
أمضيت عمرى كله أسيراً لتلك الدهشة,التى صاحبتنى طوال ذلك العمر,والتى انتفلت معى عبر الأزمنة والأمكنة,وتعرفت من خلالها على اشخاص مضوا تصحبهم الرحمات.
لقد اخترت الكتابة,وبالذات كتابة القصص لاننى من خلال هذا الشكل امتلكت قدراً من حرية الكائن,واليقين بالكتابة,ومثلت القصة لى على نحو من الانحاء شوقا لتحقيق العدل والحرية.
يطلق باسكال صوت القصة القصيرة ويعرف بأنه الصمت الأبدى لهذا الاماءاللانهائية والذى لايجبؤه الا بالرعب. والقصة الجيدة نبوءة مفتوحةعلى الاحتمالات ,يواجه الانسان من خلالها أهوال الحياة والموت.
اعترف اننى ضد المقولة التى ترى أن الزمن هو زمن الرواية ,وانه على بقية الفنون أن تبحث او تنتظر ازمان لها .فى الواقع ان الرواية استطاعت عبر شكلها المنفتح وبتراثها الفنى والكمى,وقدرتها على التقاط الانغام والايقاعات لروح عصرنا حيث اعتبرها لوكاتش ملحمة الطبقة الوسطى فى بحثها عن المعنى والقيمة,وكم يقول د.جابر عصفور»هى تجربة الفردالذى لايعرف أن يكون صيغة للجمع»
بهذا التصور يخرج الشعر وتخرج القصة القصيرة من زمن الابداع ,ومن التأثير ,وتنحسر موجاتها خارج اطر الكتابة الفاعلة.ونأسف لما آلت اليه أحوال كتابها العظام,الحضور عبر أزمنة ممتدة ,ومتفاعلة:تشيكوف وكافكا وهيمنجواى ويوسف ادريس ,وغيرهم .
أنا قاص,تشكل القرية المصرية ,بتراثها الممتد أهم تجليات مايكتب ,قضيت عمرى أكتب هذا الشكل ,واعتبرته الأمثل لتجسيد تجربتى عن الانسان وأحواله ,وكتبت من خلاله 12 مجموعة قصصية.
آمنت مع بعض المخلصين لكتابة هذا الشكل بأن :القصة القصيرة هى سعى للمعرفة ودفاع فى مواجهة أهوال الحياة والموت,وأنها الفن الذى لابطل له،وانها الشكل الأمثل للتعبيرعن الجماعات المغمورة ,المنكسرين بالمظالم ,أهل الهامش ،الذين يحولون الخلاص من واقع لايتسم بالغضب والعنف,والغلظة والتفاوت الطبقى فى كل شئ .
لذا توجهت للتعبير عن تلك الجماعات التى تعيش على هامش الحياة ,الفلاحين والاجراء والاطفال وأهل السبيل فى مدينة تعج بالفقراء والمعوزين متمثلا الجماعات الهامشية والموظفين والبغايا والمدرسين والخادمات والناس الذين كانوا اكثر جسارة عند تشيكوف وهيمنجواى وبورخيس ويوسف ادريس.
اعترف بأننى أحد تلاميذ هولاء ,وأنا بما أنجزته وهو قليل جدا حاولت الاقتراب كثيرا من تلك المنطقة الغامضة من الواقع المصرى ,وتأمل أرواح ذلك الشعب الذى عاش على ضفاف النيل آلاف السنين,حكاياهم ونوادرهم ,وطقوس الميلاد والموت ,بل وخرافاتهم.
حاولت وبصبر رواقى عبر نصف قرن تقريبا النبش فى الذاكرة القروية,وحاولت عبر تجليات المأثور, وعالم الطفولة البكر,واشتباك المكان والزمان,واستحضار أساطيرالخلق التى عرفتها من الف ليلة وليلة,كراميات الاولياء,والحكايات الشفاهية من الاهل والاغراب,واناشيد السحر,والعديدعلى الراحلين,كم انى انشغلت كثيرا بالتعبير عن زمن الطفولة ,وهنالك عشرات القصص عن ذلك الغلام القروى الذى يجوب الأزقة التى لاتفضى الى شئ,والذى يحلم دائما بالغامض والسرى,وفك الطلسم,وكأنة يجسد مقولة كامى»أى طفل لايكون شئيا بذاتة»
أنا اكتب القصة القصيرة ,ولايسهوينى النص السهل مفضوح الدلاله.أحاول كتابة نصاً مهموماً بسؤل المصير,والمكان جغرافية التكوين,ويشكل الذاكرة بما مر بى,وبماعشتة.
وكنت أنصت لهم فى الليل,تحت سماء مفتوحة وتحت قمر قروى ,يقصون أحسن القصص,فيما تضرب الدف ,عمه,بهية الجمال ,فى روعه الصبا ,وعلى البعد يربطون ثورا هائلا تحسس العمة كفله ونقول بالصوت فاتح البيت وطاعم العيال ,وأنا اكمن داخل عباءة أحد الرجال وأستمع لماء النيل الجارى مقاوما نعاس ,مستسلما لأحلامى التى تأتى من بعيد ,من عند شباك النبى .
كتبت القصص مستعينا بالخيال القروى ,وقريتى هى كونى .ورحم الله ابراهيم أصلان الذى كثيرا ما حدثنى وقال: ياصديقى نحن لانكتب الحياة لكننا نكتب بها.
وأنا يدفعنى زمنى نحو المشيب .ويجسد حالتى استاذى ومعلمى د.شكرى عياد عندما يكتب عن مجموعة سورة المنتهى وعن زمنها»يحاول الكفراوى قصدا أو غير قاصدا أن يمسك بتيارالزمن الذى يجرى افقيا فى الجملة القصصية ويردة الى الأعماق حيث الزمن كتلة واحدة لايتميز فيها الماضى عن الحاضر أو المستقبل ,ويتحول الزمن النهرالى زمن بئر تتقطر فية تجارب البشرية التى لايختلف فى جوهرها بين انسان عاش منذ آلاف السنين وانسان يولد اليوم أو يموت فى قرية مصرية ,فألولادة والموت أيضا لافرق بينهما فى الزمن البئر.
والزمن البئرهو المفهوم الفنان الخلود والخلق والروح والحضارة وتاريخ الانسان.
ومن حياتى ,ومن قابلتهم ,وعشت بينهم تعلمت من الارجنتينى الطيب كوتاثار»ان القصة جنس مغلق له لغة تجعل منه الشقيق للشعر,وانها لكى تصل الى كمالها لابد أن تتميزبالايجاز
والتركيز ويوصى بالايقاع ويرى النص الجيد يخلق ايقاعه والقصة الجيدة تستمد قدرتها من المألوف والعادى ويمكنها تحويل ذلك اذا كانت جيدة الى الاستثنائى .
وان القصة الخالدة هى كالبذرة التى تنام فيها شجرة عظيمة سوف تنمو وتزدهر .و لغتى آخر الأمر ماأستعين به لبناء قصصى,تحمل مخاوفى وتحتشد بالشعر والأساطير ,وتقترب كثيرا محورتتكلم عنهم ,وهى تشبهنى لاننى اشبههم تماما ,واننا أسكنها مثلما سكن القريون قديما بيوت الطين .
ورحم الله صديق عمرى الشاعر العظيم محمد عفيفى مطر حين قال «فى تلويحة الوداع أقول :حياتى مغسولة بعرقى ,ولقمتى من عصارة كدحى وكريم استحقاقى ,لم أغلق بابا فى وجه أحد,ولم أختطف شيئا من بد أحد ,ولم أكن عونا على كذب أو فساد ...»اللهم فاشهد» وأنا ذلك القاص الذى حدثكم لايطمع من دنياة الا مثل ماتمنى هذا الشاعر الكبير .
ولكم الشكر
بالمنتدى الثقافي للمعهد الاسلامي للترجمة ..
قراءات شعرية للشاعرة خالدة محمد عبدالرحمن ..
رصد / وفاء طه
قدم المنتدى الثقافي للنشاط الطلابي بالمعهدالاسلامي للترجمة قراءات شعرية للشاعرة خالدة عبدالرحمن ، والجدير ذكره أن عميد المعهد هو الكاتب والمترجم دكتور التجاني اسماعيل الجزولي والأب الروحي للجمعية الأستاذ التوم فضل المولى ، وقد بدأ النشاط في هذه الجمعية منذ العام 2011م وتتكون الجمعية من ثلاث شعب : شعبة الثقافة وشعبة الذاكرين وشعبة البساتين ... ويشرف على الجمعية الأستاذ علي موسى والأستاذ عبدالباسط عباس وقد قدمت الأمسية القاصة فاطمة عتباني ... الشاعرة خالدة عبدالرحمن معروفة في الوسط الثقافي فهي عضو مؤسس في منتدى الخرطوم جنوب الثقافي وعضو مؤسس في رابطة الأديبات السودانيات حازت على العديد من الجوائز ...
بدأت خالدة بقراءة قصيدة خاتم المنى :
قول لي يا خاتم المنى
كيف عناقيد العنب اتفرقت
واتحملن كل العنا
وكيف حال أزاهير الرياض
وكيف فرهدن غير رينا
وكيف حال فراشات الربيع
التاهو فاقدين الدليل وفقدوا الأثر
الكان بجيبن عندنا
الجلابية من القصائد التي نالت استحسان الحضور وجاءت الرؤى حولها من عدد من الحاضرين وقد حازت بها على ميدالية ذهبية وجائزة من مهرجان الابداع النسوي الثالث عام 2004م تقول فيها :
هي الزي الغالب وأجمل
وفيها المعنى الكامل وأكمل
تحكي حكاية شعب مأصل
وتبقى تراثنا الخالد باقي ووأبداً ما بتبدل
لبسة أنيقة ساترة كبيرنا وساترة صغيرنا
واسعة مريحة شايلة غفيرنا وحتى مديرنا
وخايلة ونايرة وكت يتبختر فيها وزيرنا
وتلفت أنظار كل العالم ما دام قادل بيها سفيرنا
وقد تحدث ضمن المداخلات الأستاذ التوم فضل المولى مرحبا بالحضور ومعبرا عن سعادته بالأمسية والتي سبقتها جلسة مع دكتور عمر عبدالماجد وأضاف أن نشاط الجمعية يبشر بأداء جميل نأمل في استمراريته وعبر عن سعادته بالقراءت ..ثم تحدث الأستاذ علي موسى مبديا سعادته بالقراءات وعلق على أن الجلابيةعنوان للاحترام خاصة في الدول العربية لأنها تمثل مظهر محبب من مظاهر السودان وتساءل عن استخدام العنب والربيع لدى شعراء السودان وتغييب أشياء مشهورة في السودان... الأستاذ عبد الباسط عباس أضاف قائلاً أثار اهتمامي موضوع الجلابية وقد استمتعت بما سمعت من قراءات وذكر بأنه عندما قرأ بندر شاه ذكر بأنها تستدعي التاريخ وكان يظن أنه لا يفهم في هذا المجال ولكنه سمع الطيب صالح يصفها بذات الوصف مما جعله يهتم بقراءة العمل الأدبي أكثر من مرة وزرع في نفسه الثقة في قراءته وحكمه على العمل الأدبي... شرف الأمسية الشاعر دكتور عمر عبدالماجد فتحدث عن أن لخالدة ملكة وهي تملك أدوات صناعتها بجانب الموهبة الشعرية ولها المقدرة والمعرفة ... ثم أضاف قصيدة جلابية لفتت نظري لأن الجلابية في حد ذاتها موقف حضاري وثقافي تقول هذه ثقافتي ... طوفت بنا الشاعرة في التاريخ القديم والحديث والمعاصر وهذه مقدرة تتطلب موهبة كبيرة ، سيد أحمد الحردلو كتب يا بلدي يا حبوب شرق وغرب فيها وهذه القصيدة يجب علينا حفظها والتغني بها .
ثم توالت القراءات من الشاعرة فقرأت قصيدة النيل وأمدرمان والثوب السوداني والمستحيل وهي القصيدة التي حازت بها على ميدالية ذهبية وجائزة مهرجان الابداع النسوي الثاني عام 2000م ثم قصيدة كل الفنون وآدم والتفاحة وهي من القصائد التي أثارت اهتمام الحضور تقول فيها
سألنا أدم عن حكايتو
وقصة ابليس لما أقنع حوة ما تصدق روايتو
وعن قصة التفاحة والطعم اللذيذ الزاد غوايتو
واحترنا في حوا العجيبة
الصدقت واتسببت وكتبت نهايتو
... نختم هذا العرض بمقطع من قصيدة أغنية للوطن :
لله درك يا وطن يا ذلك الحب الكبير
شوف كيف وصلناها المرافئ
تعبنا طال بينا المسير
وشربنا كاس المر سلكنا
دروب ملفحة بالهجير
لا هدّ قوتنا الكلاش
لا خفنا من الزمهرير
لمينا أفراحنا ولبسنا
سمار أرضنا
خدار زرعنا
وتوبك الزاهي النضير
تخللت الأمسية عدد من المداخلات من الطلاب والطالبات
وقفة في مطالع القرن .. مراجعات في السَّائد من التَّفكير والتَّعبير ..
عبد العظيم عبدالقادر
من الوهلة الأولى يشير هذا العنوان إلى اللُّغة ؛ لأنَّها أداة التَّفكير ، وأخطر وسائل التَّعبير. واللُّغة نفسها تشير إلى مرجع أعلى وهو الثَّقافة . والثَّقافة بتعريفاتها المتعدِّدة ، من تعريف تايلور الجامع المانع إلى أبسط تعريف :» نمط حياة»، لا تخرج عن أنَّها = فكر + سلوك . إذن التَّفكير والتَّعبير اللَّذَين نحن بصدد مراجعتهما الآن ، هما فعل ثقافيّ في المقام الأوَّل والأخير.
يسرُّني ويشرِّفني أن أبتدر الحوار في العنوان الكبير الذي شرع منتدى الخرِّيجين الثَّقافي في تفعيله ، ( مراجعات في الثَّقافة والفكر السُّوداني ) ، وأُنبِّه في البداية إلى الآتي « :
* لا أتناول في هذه الورقة العنوان الكبير(مراجعات في الثَّقافة والفكر السُّوداني) في مجمله ؛ فهذا يحتاج إلى سلسلة من الأوراق ، سنسهم في إعدادها جميعاً، بإذنه تعالى.
* سأراجع في هذه الورقة طرفاً من السَّائد من تفكيرنا وتعبيرنا نحن في وسط السُّودان ، السُّودانِ الشَّاسعِ ذي الثَّقافات المتعدِّدة المتنوِّعة.
* سأبدأ بمراجعة واجبة لثقافة الوسط هذه أوَّلاً ثمَّ بعد ذلك نراجع تفكيرها وتعبيرها.
ثقافة ومثقفو الوسط:
وسط السُّودان بوتقة صهرت سحنات وأنتجت هجيناً ملمحه العامّ عربيٌّ إسلاميٌ . داخل هذا الملمح العامّ عادات وتقاليد وأعراف متعدِّدة متنوِّعة متجاورة ، تبدو قويَّة في المناسبات الخاصَّة ، أحياناً أقوى من الثوابت .
والأغلبيَّة السَّاحقة _ من مجتمع الوسط هذا _ تمارس حياتها دون نظرة فاحصة ناقدة ( قد تفعل ما تفعل ولا تسأل نفسها : « لماذا أفعل هذا؟» أو : « لماذا أفعله هكذا؟» ...إلى آخر الأسئلة الفلسفيَّة ) مجتمع في غالبه لا يُمَنْطِق أفعاله ، ويتحفَّظ على ذكر كلمة « فلسفة « ويتوجَّس منها!
الأقليَّة التي تُصَنَّف بأنَّها مثقَّفة ( نحن هنا من هذه الأقليَّة ) ، في غالبها أيضاً غائبة عن التَّفلسف ( أنشأنا نادي الشِّعر ونادي القصَّة وغيرهما ؛ لم يخطر ببال أغلبنا أن ننشئ نادي الفلسفة.) وهذه الأقليَّة المثقَّفة تحمل ثقافة ليست هجيناً كثقافة الأغلبيَّة وحسب ، إنَّما_ هي أيضاً_ محشودة بمعارف واتِّجاهات وأساليب وردت عن طريق التَّعليم والقراءات والمشاهدات والاحتكاك بأصحاب ثقافات أخرى ، ونتج عن كلِّ هذا ثقافة مركَّبة تجعل حاملها صاحب فكر وسلوك مركَّبَين _ تركيباً في الغالب غير متجانس .
مثال للتَّركيب غير المتجانس:
تجده متحرِّراً مع زميلته ، متعسِّفاً مع أخته ، متساهلاً مع زوجته ، ممتثلاً لابنته ، ناسياً لربِّه !.... أنا هنا أتحدَّث عن الأغلبيَّة طبعاً ( أغلبيَّة الأَقليَّة ).
ولابدَّ أن يكون السَّامع ( القارئ ) قد لاحظ في حديثي ترداد الكلمات : أغلب، في الغالب ، الأغلبيَّة ، الأقليَّة ؛ وذلك لأنَّ ثقافة الوسط ليست ذات طابع موحَّد منسجم ، لا تمثِّل لوحة متناغمة الأشكال والألوان . وليس غريباً هذا ؛ فالفرد ( وحدة المجتمع الأساسيَّة ) في نفسه ليس وحدة متجانسة ، خاصَّة المثقَّف تحديداً ، حامل المتناقضات ؛ المتحرِّر والمتعسِّف والمتساهل والممتثل ، في آن واحد ... هو أشبه بجبَّة الشَّيخ المرقَّعة .
الخطاب اليوميّ السَّائد:
هذا التَّنوُّع الثَّقافي المهجَّن الذي يتميَّز في المناسبات الخاصَّة يكاد يختفي في دوَّامة الحياة اليوميَّة الطَّاحنة الرَّتيبة المزدحمة المتسارعة المتصارعة. في هذا الجوّ يسود خطاب يصبغ المشهد الثقافي العام بمفاهيم وتعابير مشتركة نحن بصدد مراجعتها الآن.
المراجعة
نبدأ بمراجعة التَّعبير لأنَّه يواجهنا أوَّلاً ويَشِفُّ عن التَّفكير ويشي به. واللَّافت أنَّ أداة التَّعبير الكبرى وهي اللغة مهملة إهمالاً مريعاً بحيث يمكن بسهولة أن نقول إنَّها_اللغة_ تعاني من نقص في التفكير فيها!
أمثلة إهمال اللغة:
* في نطق الحروف:
الرسول نفسه ما زال يُدعى الرصول وليلة القدر بجلالة قدرها ما زالت توصم بليلة الغدر!
في تسمية الحروف بأسمائها:
السِّين (سَ) والشِّين (شَ) وألف ، باء ، تاء ، ثاء ( ألف ، با ، تا ، سَ! )
يبدو جليّا غياب التَّفكير في إصحاح الأخطاء في اللُّغة _ نطقاً واستعمالاً _ وهذا إدانة للتفكير نفسه ؛ إذ كيف لا يقيم وزناً لأداته ( اللُّغة ) ويستعملها كيفما اتَّفق ؟!
لا أطالب هنا أن يتخاطب النَّاس بالعربيَّة الفصحى ، ويُخرجون الحروف من مخارجها ، مع إعطائها حقَّها ومستحقَّها ، لكنِّي لا أمنع نفسي أن تتأمَّل الطريقة التي يتحدَّث بها النَّاس .
إنَّه أمر لافت ومؤسف أن تسمع شخصاً يُبيِّن لمستمعيه أحكام دينهم وينطق الرَّسول رصولاً ! أو أن تسمع الإمام أمامك في صلاة الجمعة يرتِّل ( إنَّا أنزلناه في ليلة الغدر!) . من المؤكَّد والمفروغ منه أنَّ الذي يلقي الدُّروس الدِّينيَّة على علم بالسِّين والصًّاد ، والإمام ملمٌّ بالفرق بين القاف والغين ولكنَّ اللَّافت والمؤسف والمفجع ألَّا يلتفت الإمام إلى اللَّحن الجليِّ في تلاوته .الدَّاء يكمن في عدم الالتفات هذا! إلى عدم المبالاة والاستخفاف والاستهانة وهذا يمثِّل العنوان الأوَّل فيما تجب مراجعته ؛ نحن نحتاج إلى كثير من الجدِّيَّة في كثير من شؤون حياتنا، والشّأْن الثَّقافي أولويَّة ؛ لأنَّه قائد الشُّؤون الأخرى .
طبعاً الأمثلة في الأخطاء اللُّغويَّة فيما يخصُّ الحروف( نطقاً وكتابة)لا حصر لها .
ما بالك بالكلمات؟
البحث فى الاستعمال الخاطئ للكلمات _ وحده_ يحتاج إلى ورقة قائمة بذاتها ؛ إذا تناولنا أسبابه وأضراره ومعالجته .نحن الآن في مرحلة الإشارة فقط ، ضمن إشارات المراجعة :
انظر إلى كلمة» فاطر» (وهي من « فَطَرَ» أي خلق إبداعاً من غير أصل سابق ؛ فالفاطر هو الله وحده لا شريك له!) يستعملها الجميع بدل « مُفطر» من «أَفْطَرَ» ... هذه كلمة من كثيرات مثلها ، مع خطورة الخطأ فيها الذي يجعل قائلها مشركاً ولا يدري أنَّه مشرك ، لكنَّها محدودة الضَّرر العامّ ( تصبح شأناً بين قائلها وربِّه ) . ولكن تأمَّل تبعات الاستعمال الخاطئ (أو قل النَّاقص أحياناً ) لكلمات مثل
« الحبّ « ، « العبادة « ، « النِّعمة « ،» التربية» ، « الفنّ» ،» الأدب « ....إلخ . سأراجع الآن ثلاثاً منها فقط :» الحبّ» و»الفنّ» و»الأدب» ؛ «الحبّ» ، لأنَّها أكثر الكلمات احتياجاً للمراجعة ، و»الفنّ» و»الأدب» لأنَّهما كلمتان ذواتا صلة بمنتدانا هذا.
الحبّ :كلمة قمَّة ؛ الإنسانيَّة والدِّين يرفعان دلالة هذه الكلمة إلى أعلى رتبة ؛ حكمها في الدَّين الإسلامي شرط لدخول الجنَّة ؛ قال رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم:» لن تدخلوا الجنَّة حتَّى تاحبُّوا!» .
نحن نتعامل مع هذه الكلمة بحذر شديد ، وكثير منَّا يحصر مدلولها في نطاق ضيِّق حسَّاس محفوف بمحاذير صارمة متحفِّزة . الأساتذة المربُّون أنفسهم، الذين يضعون المناهج الدراسيَّة للأجيال يُعِدُّونهم بها لينشأوا أسوياء صالحين ، يخافون هذه الكلمة ويهربون منها.
قال أبو القاسم الشَّابِّيّ يتحدَّث عن مرحلة الطُّفولة :
«قضَّيتُها ومعي الحبيب فلا رقيب ولا نذير»
فجاء قوله في كتاب التِّلميذ:
« قضَّيتها ومعي الرِّفاق فلا رقيب ولا نذير»
استبعد واضعو المنهج كلمة «الحبيب» وكأنَّها كلمة سيِّئة أو مسيئة أو خادشة ؛ ظلموا الكلمة القمَّة ، وظلموا التِّلميذ الذي هو في أشدِّ الحاجة إليها ! وزوَّروا قول الشَّاعر ، وأفسدوا شعريَّة القول بجعل الرَّقيب والنَّذير_ عدوِّي الحبيب_ نشاذاً ؛ إذ لا علاقة لهما بالكلمة البديلة « الرِّفاق».
هذا القهر المتعسِّف للمشاعر والمناهض للدِّين والإنسانيَّة تجب مراجعته فهو غير مُحْتَمل ولا يصحُّ السُّكوت عنه ! علينا بالاقتداء بالحبيب صلَّى الله عليه وسلَّم ؛ قال له أحد الصَّحابة مشيراً إلى رجل يسير أمامهما: أنا أُحبُّ هذا. سأله الرَّسول صلَّى الله عليه وسلَّم :هل أخبرته ؟ أجاب: لا .قال له الرسول: إذهب إليه وأخبره ؛ إذن نحن مطالبون بالإعلان عن حبِّنا فلنعلنه ، لذلك أقول لكم صادقاً:(أُحبُّكم جميعكم!)
الفنّ والأدب: كلمتان تُستعملان كتوءمين أو ثنائي مثل( ميرغني المأمون وأحمد حسن جمعة ) ؛ هذا الاستعمال يجعل منهما حقلين منفصلين متجاورين تجمعهما وشيجة . قال عنهما توفيق الحكيم : «الفنّ والأدب ، إن كان أحدهما الخمر فالآخر الكأس». ( الكوب لا يُسمَّى كأساً إلَّا إذا كان به خمر).
ولكن ، هل الفنّ والأدب حقلان منفصلان فعلاً ومتجاوران وكلُّ واحدٍ منهما قائم بذاته ؟ هكذا؟: الفن الأدب .
الأدب في حقيقته فنٌّ أداته اللُّغة ؛ هو مجموعة جزئيَّة ، مثل الموسيقى والتَّشكيل والمسرح ، من مجموعة الفنِّ الشَّاملة :
الفن
بهذا فإنَّ كلَّ أدب فنّ وليس كلُّ فنٍّ أدباً ؛ وكان يمكن تسمية « رابطة الجزيرة للآداب والفنون» رابطة الفنون لأنَّها تحمل الآداب داخلها، أو تُسمَّى _ بصيغة أدقّ_ رابطة الفنّ.
ومثل هذه الكلمات سالفة الذِّكر التي تناولنا منها ثلاثاً ، لا يختلف في فهم جوهرها اثنان . لكنَّ هنالك جيوشاً من الكلمات المستعملة يوميَّاً وتتفاوت أفهام النَّاس لمعانيها واستعمالاتهم لها ؛ نتج هذا عن التعوُّد على الاستعمال الدَّارج للُّغة والرُّكون له .
قد يفهم كثير من النَّاس أنَّ قوله تعالى :» وثمود الذين جابوا الصَّخر بالواد» يعني الذين جلبوا الصَّخر وأحضروه ، والمعنى غير ذلك.
وقد تخدع العامِّيَّة معلِّمي اللُّغة العربيَّة أنفسهم ، من أمثالي . فمنذ فترة ليست طويلة كنت اعتقد أنَّ قوله تعالى ، في سورة الواقعة :» وتجعلون رزقكم أنَّكم تُكَذِّبون» مقصود به الذين يسترزقون بالكذب ؛ كأن يقول لك أحدهم كاذباً:» إنَّ رأس مال هذه السِّلعة كذا» ويطلب منك ثمناً باهظاً. وفي لحظة تأمُّل انتبهتُ إلى أنَّ معنى « أنَّكم تُكَذِّبون» لا يعني أنَّكم تقولون غير الحقيقة ؛ الذي يعني ذلك هو»أنَّكم تَكْذِبون
كذباً « وهذا « تُكَذِّبون تكذيباً» أي ترمون محدِّثكم بالكذب ولا تصدَّقونه ؛ وظهر أنَّ معنى الآية بعيد كلَّ البعد عن السُّوق وعن المعنى العامِّيِّ الذي ركنتُ له سنين عددا.
أحياناً يبتعد الاستعمال الدَّارج للكلمة ابتعاداً مضحكاً عن معناها الحقيقيّ ؛ مثل كلمة « مبروك» المتداولة في التهنئة هي من بَرَكَ بارِك مبروك ، مثل كتب كاتب مكتوب وعبد عابد معبود. المقصود : بارَكَ مُبارِك مُبارَك .
وهذا التَّفاوت في فهم معاني الكلمات وفي استعمالها يربك الحوارات (حتَّى الونسات منها) ويجعل أصوات المتحدِّثين تعلو؛ يُطلق أحدٌ كلمة ( وليكن قاصداً معناها الحقيقي في اللُّغة ) ، يفهم واحدٌ معنى قريباً من الأصل، ويفهم آخر معنى بعيداً ، ويفهم ثالث معنى أبعد ويفهم رابع ما لا يعلمه معه إلا الله ! ويصبح النِّقاش وكأنَّه مباراة يستعمل فيها كلُّ متنافس كرات (كلمات) لا يراها إلا هو؛ حينها تعلو الأصوات.
في ظرف سابق كنتُ مضطراً أن أشهد يوميَّاً نقاشاً حادّاً بين زميلين (تختلف المواضيع من يوم ليوم ولكنَّ درجة حرارة الحوار العالية لا تنخفض وكذلك الأصوات).كنتُ أحياناً وأنا أُتابع جدلهما أستمتع بالتَّحليل التَّالي :
1. أسمِّي رأي الأوَّل عمر بن الخطَّاب ورأي الثَّاني علي بن أبي طالب.
2. بعد حين يتبنَّى الأوَّل «عمر بن أبي طالب» والآخر» علي بن الخطَّاب».
3. حين ترتفع الأصوات أدرك أنَّهما دخلا في « عُمِي بن أبي خاطب»!
نحن في حاجة ماسَّة لمراجعة اللُّغة التي نتخاطب بها ؛ علينا غسل الكلمات جيِّداً لتظهر على حقيقتها نظيفة تحمل معانيَها الأصيلة ![ كيف نفكِّر تفكيراً سليماً بلغة غير صحيحة ؟!!]
والقرآن الكريم فأقوال الرسول صلَّى الله عليه وسلَّم ثمَّ الشِّعر القديم ، هي أرقى وأنقى وأصفى الينابيع التى علينا أن نشرب ( ونغسل) منها.
على أنَّ ظهور الكلمات مغسولة ناصعة واضحة الدَّلالة وحده لا يكفي ؛ إنَّه الخطوة الأولى للمراجعة .بعد ذلك علينا:
1. مراجعة الدِّقَّة في استعمالها:
لنأخذ مثلاً ( المسافة والسُّرعة والزَّمن) ، كلمات تدخل في كلِّ حركتنا اليوميَّة، ومن وضوحها قد لا نحتاج إلى غسلها. ولكن لماذا :
* تقول لي: « انتظرتك مسافة طويلة « ؟ ... وهذه هيِّنة.
* يسأل امتحانُ الفيزياء طالب الثَّالث ثانويّ عن كوكبين يدوران حول الشَّمس بهذه الصِّيغة : ( أيُّهما أسرع في دورانه حول الشَّمس ؟ ) ، والمقصود بالسُّؤال : ( أيُّهما يستغرق زمناً أقلَّ في دورانه حول الشَّمس دورة واحدة ؟ ) ..؟ السؤال عن الزَّمن وليس السُّرعة ! قد يكون الكوكب الأبعد أسرع ولكنَّه يستغرق زمناً أطول.عدم التَّدقيق مدمِّر، خاصَّة في المسائل العلميَّة .
2. الفصل بين ما تمَّ خلطه من الكلمات :
من قبيل : (التَّسامح والتَّساهل) ، (الطِّيبة والمسكنة) ، (الصَّراحة والوقاحة )، ( التَّفاكر والمغالطة.. هذا الزَّوج ذو صلة مباشرة بنا ) ، (الخطأ والخطيئة).. ........إلخ . تابع معي تجد جيشاً من مثل هذه الأزواج...أخصُّ بالذِّكر زوج
( الوسيلة والغاية _ لاحظ مثالاً لذلك شهوتي البطن والفرج ).
نحن ما زلنا مع الكلمات منفردة ؛ دعونا ننتقل لاجتماعها في تعابير. مراجعة التَّعابير أخطر وضرورتها ملحَّة ؛ لأنَّها تعبِّر عن المفاهيم .وإن ضلَّت المفاهيم _ كما يبدو للأسف _ كانت العاقبة بالغة الفداحة ، كما حصل!
مراجعة تعبير شهير: ( عدوٌّ عاقل خير من صديق جاهل )،هذه الصِّيغة تعني أنَّ الخير لدى الصَّديق الجاهل وأيضاً لدى العدوِّ العاقل ولكنَّ العدوَّ العاقل أكثر خيراً من الصَّديق الجاهل.طبعاً هذا تعبير خاطئ بيِّن الخطأ ؛ إذ لا خير في هذا ولا ذاك . والتَّعبير الصَّحيح هو ( صديق جاهل شرٌّ من عدوٍّ عاقل).
والجدير بالإشارة إليه هنا أنَّ تعبير(عدوّ عاقل...إلخ ) متداول في كلِّ أرجاء الوطن العربيّ وليس وليد السودان الأوسط . وبقليل من التَّأمُّل سنجد شبهاً كبيراً بين ثقافة وسط السُّودان والثَّقافة العامَّة لمجتمعات الوطن العربي (من حيث التَّركيب غير المتجانس_ الذي يشبه جبَّة الدَّرويش _ وغياب الفلسفة عن التَّفكير السَّائد ).
تُرى كم تعبير مثل ( عدوٌّ عاقل ...) هذا ، يحتاج إلى مراجعة ؟ مع ملاحظة أنَّ هذا التَّعبير يُعتَبر من الأقوال المأثورة الأثيرة المحترمة ويُقوَّم مع الحِكَم! فما بالك بالتَّعابير الأخرى الأقلّ درجة؟!
وهنا ينبثق هذا السُّؤال: لماذا هذه الجيوش الجرَّارة من الكلمات والتَّعابير التي تحتاج إلى مراجعة ؟! وليس على هذه الورقة الإجابة عن هذا السُّؤال (تحتاج الإجابة عنه إلى ورقة منفصلة )، نحن هنا نلاحظ السَّائد _ دون النَّظر إلى كيف ساد_ نراقبه ونراجعه ( المراجعة بمعنى الفحص والاختبار).
مراجعة التَّفكير:
من سمات التفكير السَّائد أنَّه متسرِّع ، يحكم سريعاً ويقبل سريعاً ، أقرب إلى تَصديق الوارد والتَّسليم به ، أبعد عن التمحيص والتَّدقيق ؛ يحكم بانطباع الوهلة الأولى.
مثال لحكم الوهلة الأولى:
س: أيُّهما أفضل الشُّمس أم النَّملة؟
ج: الشَّمس طبعاً.
س: لماذا؟
ج : الشَّمس كافلة الحياة ؛ إن اختفت انتهت الحياة من على الأرض. وإن
اختفى كلُّ نَمل الكرة الأرضيَّة لما لاحظ هذا إلَّا القليلون والحياة سائرة
كما هي.
كما يبهر الضوء السَّاطع فيخفي عن المشهد تفاصيله الدَّقيقة، بهرت حقيقة الشَّمس وأغفلت عن أصلها وأصل النَّملة ؛ النَّملة أعلى درجة من الشَّمس في سلَّم المخلوقات إنَّها قريبتنا ؛ من الأحياء ، والحيُّ أفضل من الميِّت. وما الشَّمس إلَّا كائن مسخَّر لنا نحن الأحياء ( بما فينا النَّملة).
قاعدة الوهلة الأولى السَّائدة في التَّفكير أصابت تفكيرنا إصابات بالغة أثقلته بأمراض متنوِّعة نحن الآن نراجع أعراضها ، من هذه الأعراض:
1.التَّسليم المطلق بالوارد واعتباره مكتملاًّ غير قابل للمراجعة ولا للإضافة ،
شيء أشبه بالتَّقديس ،مثلاً ، إذا قلت لأحد : إذا كنتُ ( أو كنتَ ) في محلِّ الرَّسول...قاطعك فزعاً: أستغفر الله العظيم! وكأنَّ الحديث عن الَّرسول كشخص أو مقارنة سلوكنا بسلوكه ضرب من الكفر ، وهذا ينطبق على الصَّحابة أيضاً.
أمثلة لتبعات هذا التقديس:
دعك من تعطيل الاجتهاد الذي نحن في حاجة ماسَّة متواصلة إليه، ومن الانكفاء والتَّقوقع والالتصاق بالنَّصوص وما إلى ذلك ممَّا يتداوله المفكِّرون ولنتمثَّل بالتَّفكير السَّائد فيما يخصُّ التَّقديس.
يقول الشَّخص مفكِّراً : إذا كان الرَّسول صلَّى الله عليه وسلَّم صادقاً 100% فليكن أبوبكر99% وعمر9809% وعلي 9808% وعثمان9807% و... و... و... وعندما يصل إلى عبد العظيم عبد القادر تجده متحصِّلاً على( سالب كم؟) وأُصْبِحُ أنا شيخ الكاذبين!
نوع هذا التَّفكير أدَّى إلى تقليل الشَّخص من شأن نفسه ، وحرمها حقوقها وتطلُّعاتها ومجرَّد التَّفكير في تفجير طاقاتها. هنالك قاعدة ذهبيَّة في هذه القضيّة أشار إليها الرَّسول صلَّى الله عليه وسلَّم ينبغي على المسلم اتِّباعها.
قال رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم :»رحم الله امرأً عرف قدر نفسه»
بمعنى ألَّا يتكبَّر ويعطيها أكبر من حجمها ، وفي نفس الوقت لا يقلِّل من شأنها. المسلم الذي يعتبر أنَّ فرصته في السُّموِّ بنفسه أقلَّ من فرصة غيره من النَّاس مهما كانوا وأينما وجدوا وفي أيِّ وقت عاشوا _ هذا المسلم يعاني من خلل في عقيدته! وظالم لنفس!
ويندرج نوع هذا التَّقديس _ أو شبيهه _ النَّاتج عن التّسليم بالوارد من صاحب التَّجربة السَّابقة على كثير جدّاً من القناعات المُسَلَّم بها والتي تُنقل بحذافيرها دون مراجعة لصحَّتها أو صلاحيَّتها للوضع المستهدف ، ابتداء من استعمال الدَّواء المعطى للجار _ اقتناعاً بتجربة الجار_ مروراً بتصديق كلِّ ما جاء مطبوعاً في مجلَّة أو كتاب ، وانتهاء بترديد المثقَّفين لأحكام صدرت من مثقَّفين آخرين أصدروا أحكامهم بناء على ظروف وشروط غير مطابقة.
مسألة النَّقل بالحذافير( بالضُّبَّانة )، يظهر في حالات بائساً مضحكاً مبكيا ًولكنَّه يصلح مثالاً:
في مجال الهندسة التَّحليليَّة ، تمَّت ترجمة المحورين(X,Y) بِ(س،ص)و ترجمة (The origin-O) بِ( نقطة الأصل- واو) لماذا سمِّيت نقطة الأصل « و» ؟ وهو ليس واحداً من حروفها؟ إنَّه ترجمة ال (O) ..ضبَّانة origin !
تلك كانت أمثلة لتضليل الوهلة الأولى للمتسرِّع في الفهم وفي النَّقل . أبلغ الأضرار تصيب حين تناول القرآن الكريم :
مثال لفهم مهلك: الذي يفهم للوهلة الأولى معنى قوله تعالى( ولا أنتم عابدون ما أعبد ولا أنا عابد ما عبدتم) بمعنى ( ولا أنتم عابدون الله ولا أنا عابد الأصنام) يكون قد ألقى بنفسه في التَّهلكة ؛ فقد فهم (ما أعبد) بمعنى(الذي أعبده... وهو الله ) أيّ اعتبر «ما» اسم موصول بمعنى الذي ، واسم الموصول» ما» يُستعمل فقط لغير العاقل!تعالى الله عن ذلك علوّاً كبيرا!
مئوية التيجاني
بالنادي الدبلوماسي
يقيم النادي الدبلوماسي بالخرطوم ندوة بمناسبة الذكرى المئوية للشاعر والناقد التيجاني يوسف بشير (1912 - 1937). ويقدم الورقة الرئيسة د. صديق عمر الصديق.. وتعقبها مداخلات من عدد من النقاد والشعراء، وذلك في يوم 27 مايو 2012م في السابعة والنصف مساءً.
مجلة الثقافة السودانية
صدر العدد «42» من مجلة الثقافة السودانية التي تصدر عن وزارة الثقافة، ويرأس تحريرها الاستاذ الدكتور عمر شاع الدين. وفي ملف الفنون مقالة العلامة عبد الله الطيب (طبيعة العمل الفني).. وللفنان إبراهيم الصلحي (انطباعات طالب فنون في لندن).. ول د. علاء الدين سيد أحمد أغا (مكانة الموسيقى في الحضارة الإسلامية) وللأستاذ محمد حسين الفكي (رواق السنارية كتابة في الفن التشكيلي حسين جمعان) .. ود. محمد الحسن علي (دراسة الفنون في السودان، النشأة ومتغيرات المنهج) ود. محمد سيف ياسين (النقد الموسيقي التخصصي)..
وفي بستان الشعر: من شعر الشيخ الدكتور الجنيد وزير السلطان بصكتو/ نيجيريا، وقصيدة يا طيبا لمحمد عثمان ابراهيم، والسمات الغريبة في الشعر الشعبي والعامية السودانية للاستاذ فرح عيسى. ومن أدبيات السودان الشعبية الأستاذ محمد عثمان الملك، ورفد التراث العربي في الشعر السوداني، العباسي، التجاني، عبد الحي نماذج) للدكتور الصديق عمر الصديق و(مصادر الاحتجاج اللغوي ومكانة الشعر من بين تلك المصادر) للأستاذ سليمان عبد الفتاح عبد الله سعيد، وفي ملف الدراسات: (إفريقيا بين مطرقة فلاسفة التاريخ الغربيين وسندان صانعيه في القرن التاسع عشر/ هيجل ولا الاستعمار للاستاذ الدكتور مهدي ساتي، قصائد ومقالات ومحاضرات الدكتور عبد المجيد عابدين، العامة للبروفيسور محمد الحسن فضل المولى، ونهر النيل: أصل حضارة ومصدر ادبه غائب د. عبد الله أحمد سعيد، وورقة عن تشجيع الطفل على إبراز هواياته للأستاذة فاطمة موسى بلية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.