أولاً لابد من احترام وتقدير وفد الحكومة لزرع الثقة في نفسه حتى لا يلاحقه المقت الخفي من عامة الناس أو تلاحقه مخاوفه الخاصة (مخاوف نيفاشا) والتي لا يد له فيما جرت به المقادير فيفقد قوامة المبادرة ... والتي هي أساس التفاوض ... ويعرف ذلك في علم الإدراك attending unavoidable fear كما أنه لزاماً عليه التحرر من القهر التنظيمي الى الوعي التنظيمي القائم على توقير كبار التنظيم بزيادة تأمل رؤيتهم بما يتوافق وسلامة الأمة السودانية بأكملها ورحمة صغار التنظيم (المفكرين الجدد) بالنظر الى طموحهم فيما يرونه لسلامة مستقبل البلاد الحبيبة 1- التهيئة النفسية ضرورة على أن لا تكون بالمقابل 2- الفقه الموسوعي في الآية : «والصلح خير وأحضرت الأنفس الشح» 3- المبادرة بغير ما إنطوت عليه النفس (تجديد خريطة الدماغ) 1- التهيئة النفسية ضرورة على أن لا تكون بالمقابل تقوم التهيئة النفسية من منطلق التقعيد العقلاني للمفاهيم ويقابله في الفقه العزم على الرشد. ولابد أن نشرح تفسير العزم في علم الإدراك على أن تكون النفس في مقام التوطين على رحمة من جهل وتحمل من كان غافلاً ومراودة من إستعلى في نفسه بأدب بقوة الحق. فهذه المعاني الفقهية التي تضمن التهيئة النفسية في الطرفين فليقم وفد الحكومة على مبدأ لا سبيل للخروج من الأزمة إلا بالتفاوض على أن لا تخطأهم ( وفد الحكومة) خصلتان: أ- الأولى : الإعجاب بالرأي الذي تكون في العقل الجمعي لوفد الحكومة قبل مغادرته للبلاد حتى تكونت فكرة داخلية (subconscious) خلاصتها قد اتفقنا على ذلك. ونون الجماعة تعود إلى الحوصلة (حصر المعرفة على القدامى) ذاك النفر الذين لم يستثمروا الرأي الآخر غير الذي يرون ولم يستمتعوا بالاعتراف بغيرهم ليخوضوا فيما خاضوا. فإن مثل هذه الروح تتولد عنها سيكولوجية الفشل التلقائي غير المدرك والذي لا يُعرف له سبب واضح في سير المفاوضات. والمخرج من هذا المأزق غير المعلن (حسن الاستماع - دون شرط) والإستنارة ليس برأي الأقربين ولكن برأي الحكماء الذين لا يرتضوا الغفلة في دينهم ولا يشتروا الإنتماء للوطن بثمن زهيد. حتى من كان في عداد الحكماء إذا ضن برأيه فلقد خان الوطن في هذا الظرف وهو لا يدري. لأنه حري لمن علم أن يوصل علمه بأدب ولكن دون إنكسار أو طمع فيما عند من جاء به القدر في أمر التفاوض في الطرفين . لأن من يفاوض يفاوض بإسم البلدين كلها (السودان/جنوب السودان)، وبإسم أمته كلها من رضي منهم ومن عارض أو اعترض ومن كان في عداد من ذهب مغاضباً. وعليه على الوسيط ضمان توطين النفس على القبول المبدئي للحوار في نفس الطرفين مع الإمهال اللازم لفهم الآخر ويُعرف ذلك في علم الإدراك Listening to bread appropriate concept-Formation ب- الثانية: لا بد من إسقاط النظرة العدوانية بالتركيبة التاريخية والتي مفادها أن حكومة الجنوب ( ما بتجيبها البر) لأن ذلك يؤثر تأثيراً بالغاً سلباً على إنتاج الرأي الجديد المنتج. والدليل على ذلك ليس التحمل فقط إنما المبادرة بتحسين رأي الطرف الآخر بالقدوة الحسنة في تناول مفاهيم الصلح وإصلاح ذات البين على قوامة المبادرة وليس على قوامة الفهم المقفول blocked perception . لأن هذه المرحلة من أعلى مراتب تحدي العقل في علم الإدراك وتعرف بتجريب التخطي لمواجهة التحدي practicing overstep to dissolve challenge ويقابلها في الفقه « ولا تجادلوا أهل الكتاب إلا بالتي هي أحسن « جاء الأمر الرباني من عند الله سبحانه وتعالى بالمجادلة بالحرف فيما يعرف إستثناء بحصر في علم اللغة وحدد الحق عز وجل صورة المجادلة على التفضيل بمعنى أعلى مرتبة من المراتب. حتى يحتار من كان في موقع من غير أهل الكتاب ليتعلم من فن التفاوض في الإسلام على قوامة الفقه الموسوعي وليس الإنحصار وتجريم الآخرين بسبب عدم إكتمال الفهم «والله واسع عليم». 2- «والصلح خير وأحضرت الأنفس الشح» والصلح خير هذا تقرير رباني لا يمكن تجاهله أو المزايدة عليه فكيف لأن وفد الحكومة مسئول عن المفاوضات من جانبه بقوامة الحكومة المبادرة بالرشد والمبادرة بتفادي الحرب ولا يمكن تفادي الحرب بالتصريحات أو بأقوال الإعلام ووكالات الإعلام داخلياً وخارجياً والتي بطبيعة الحال قد يجانبها الرشد أحياناً كثيرة وإن صدقت في بعضها. والصلح خير تحدي لإرادة المسلم لإثبات أن قول الله حق مهما تعنت الناس فالدخول إلي من تعنت بسماحة الآية: «وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا». فلابدلوفد الحكومة أن يكشف عن سماحة نفسه بإستحتضار هذه الآية وإن أبت نفسه في بعض الأحيان إظهار السماحة بالتعامل بردود الأفعال بعنف retaliation الواجب (حسن الظن بالله) ممارسة فعلية وليس أماني. 3- المبادرة بغير ما إنطوت عليه النفس (تجديد خريطة الدماغ) والمبادرة تقوم على تفادي حضور الشح في الأنفس بطول الصمت الإيجابي positive silence not to retaliate فالمسلم يشع سلماً على من حوله... بما علم ... وبما يتعلم من الآخرين . هذه هي المؤشرات العقلانية لوفد الحكومة في قيادة المفاوضات لسلامة هذا البلد الحبيب وسلامة جيراننا الجدد في الجنوب الذين نتمنى لهم السلامة في أمرهم حتى ينعموا بالأمن ويفلحوا بالعدل فيما يحكمون لينعم أهلنا في الجنوب بذات المعاملة الكريمة التي كانوا يعيشونها بيننا معززين مكرَّمين بسبب هذه الجولة الواعدة من المفاوضات. ٭أستاذ علم الإدراك ٭أمين الشئون العلمية هيئة علماء السودان