لقد سعدتُ أيما سعادة بالنجاح الكبير والمستحق الذي حققته كلية ود مدني الأهلية وذلك بترفيعها إلى جامعة كأول جامعة اقليمية أهلية، فيما أعلم وما كان لهذا النجاح أن يتأتى لولا كدح ومثابرة الصديق والأخ العالم الجليل عصام البوشي ورهطه من الأكاديميين والاداريين. فقد جاء د. عصام البوشي إلى الكلية منذ نشأتها من بيئة أكاديمية ظلت لزمان طويل تتمتع بتقاليد علمية على درجة من الصرامة والتماسك، ألا وهي جامعة الخرطوم في أزهى عصورها الذهبية حين كانت واحدة من أفضل الجامعات الافريقية! ولا شك أن د. البوشي استثمر هذه الخبرة ورفد بها الكلية منذ نشأتها إلى أن صارت جامعة، فهذا النجاح الكبير لم يتأتى صدفة بل هو مخاض جهد أكاديمي مخلص ودؤوب، والآن وقد كبرت الطفلة وصارت صبية، وكما يقول بريخت الشاعر الألماني الكبير انتهت مشاكل السهل وبقيت مشاكل القمة، وما أصعب مشاكل القمة، لكن الأمل معقود على البوشي ورهطه للسير بالجامعة في الطريق المرسوم لها لتكون جديرة باسمها وألا تتحول إلى مؤسسة ربحية تستغل حاجة المجتمع للتعليم وتفرض المصروفات الباهظة على الطلاب وينتهي الأمر وقد نال هؤلاء الطلاب شهادة هي مجرد ورقة التي تعني بأن ادارة الجامعة ستحرص على تأسيس جامعة مكتملة البنيات الأساسية من مكتبة وقاعات وأستاذ مؤهل لا يلهث وراء مطالب الحياة اليومية بقدر ما يحرص على تجويد أدواته ومناهجه ومتابعة التطور العلمي الذي ينطلق في العالم من حولنا. وهذا بالطبع لا يتم دون جهد كبير من الوسط الذي توجد فيه الجامعة، أي وسط اقليم الجزيرة الجغرافي والاداري، وعلى الجامعة أن تعبر عن هذا الوسط بكل تاريخه العريق واقتصاده القوي، أي أن تكون جامعة اقليمية لها بصمتها وليست مسخاً مشوهاً من جامعة الخرطوم أو غيرها.