وصيتي لوزير التربية والتعليم بالولاية الشمالية ان كانت هناك وصية ترجى هو ان يخلد الى نفسه يوماً واحداً ويحاسب ضميره بكل صغيرة وكبيرة رآها أو تحسسها في المنشآت التعليمية بولايته.. نعم ليس للوزير سبب في هذا الدمار الخطير ولكن هل يمكن ان يتبوأ مقعده الوثير في الوزارة مع هذه الحالة المرزية؟.. وصيتي ونصيحتي حين يقتنع بان التعليم في الشمالية ما هو إلا اسم فقط بدون معنى أن يبتعد مستقبلا عن هذه المهمة الخطيرة.. نسبة 80% من مدارس الولاية آيلة للسقوط غائصة في الرمال لم تشهد اصلاحا او ترميما منذ تأسيسها.. المئات تلو المئات من الفاقد التربوي والذين آثرت أسرهم ابعادهم من هذا الخراب غير القادرين القليلين من الاسر الذين نزحوا بلفذات أكبادهم الى العاصمة انفاذاً لمستقبلهم.. محلية الدبة مثالاً واحداً فقط يجلس للامتحان منها 62 طالبة من مرحلة الاساس من مجموع 959 طالبة أي فضيحة هذه الا تستحق الاستقالة؟.. والابتعاد عن هذه الجريمة التي ترتكب في ولاية كانت هي القائدة والرائدة والمصدرة للعقول والصدارة في العاصمة وغيرها.. ناهيك عن كل ذلك اياك ان تصرح بهذه الاخفاقات والا نالتك اسواط التحقيق والنقل.. وهكذا دواليك فمدارس الدبة ومكاتب تعليمها لم تكن احسن من غيرها.. لعل الوزير او الوالي او غيرهم يظنون ان هذا القلم من المعارضين الذين لا يرضيهم الا زعزعة سياسة الولاية ولكن يعلم الله ما انا الا احد البكاة على ما آل اليه التعليم في ولاية كنا نحن الرواد فيها على كل الولايات الاخرى الا انه يبدو أن الوزير ومسؤوليه قد استمرأوا العربات الفارهة والشوارع الممهدة ونسوا المسؤولية التي وضعها الله والشعب على عاتقهم.. نعم هناك مدرسة أو مدرستان تنعمان ببنيان جيد ولكنهما ليستا من جهد وزارة التربية بقدر ما هما من جهد آخرين شكر الله سعيهم ولكن اسألوا عن تلك التي انهالت عليها الرمال حتى تهدمت. سيدي الوزير لو كانت هناك خطة أو مجهود أو خارطة اصلاح قد بدأت في هذه المدارس بدءاً من احصاء احتياجها ورصد حالها ودراسة مآل تلاميذها واشراك آبائهم وأمهاتهم في بيان احتياجاتها ومستوياتها لقلنا ان هناك جهداً ولو صغيراً قد بذل للاصلاح. اما الصمت على هذه الحال يوجب الاستقالة والتبرؤ من هذا المآل الخطير. لقد بدأنا في تكوين فرق في كل محليات الولاية لرصد أحوال مدارسها وطلابها وبيان فاقدها التربوي وناتجها من حيث الاستيعاب والنجاح والرسوب ثم الانتقال الى مرحلة التلقي من حيث كفاءة المعلمين وقدرات مكاتب التعليم التي تبين قبل الوصول اليها بأنها فقط مجالس للتنقلات وكل هذا لتتضح الصورة الحقيقية لما وصلت اليها الحالة.. نعم نحن في العاصمة ونزور الولاية كثيرا الا ان الحال التي وصل فيها اهلنا خاصة النازحين حال لا نطيق السكوت عليه. ربما يكون الموقف المالي للولاية أو الوزارة لا يقدر على تقويم هذا الخراب ولكن يجب ان لا يكون مشجباً نعلق عليه حال ابنائنا فلابد من خلق مواعين مالية واستثمارية وأعمال عقولنا لابداع ما يمكن ابداعه ليساعد وضع خطة زمنية للاصلاح، ان خداع اعلان نسب النجاح لا يمكن ان يكون حكماً على اصلاح التعليم ومراجعة موقفه وان اهتمام الولاية ان لم يضع قضية التعليم في اولوياته فان استراتيجية التطور في كافة المجالات تصبح مريضة وغير قادرة على العطاء وليت السيد الوالي أعطى ساعات قليلة من وقته اثناء تجواله او زياراته أو أي من تسفاره للمرور على مدارس القرى ليرى بأم عينيه ما آلت اليه تلك المدارس.. وليعلم السيد الوزير ان هذه المدارس هي التي خرجت الى السودان الحردلو وصابر محمد الحسن وفتح الرحمن حسن طه وطه محمد طه وقورساب ومصطفى يس وغيرهم بل جذبت اليها تلاميذ العاصمة فقد شاهدنا المرحوم حسن بشير نصر نائب القائد العام في مجلس ثورة عبود يرسل ابنه الى مدارس القولد كما شاهدنا وسمعنا المذياع يأخذ الساعات الطوال في تلاوة أبناء الشمالية المقبولين من مروي والقولد وأوربي والبرقيق وأرقو وغيرها انه تطور عكس لا يوصف الا بأنه انهيار مؤلم لذلك الزمان المشهود، التعليم تنمية بشرية واقتصادية واخلاقية فيجب الا نركن الى ما نشاهده من هذا التدني المريع. ان ابناء هذه الولاية المنتشرين في كافة انحاء البلاد يجب ان تهزهم هذه الاحداث التي ألمت بالمباني والمعلمين ومكاتب التعليم فلتكن هناك ثورة تجمع هذا الجمع المتفرق وتحسن من الانتاج البشري لهذه الولاية الرائدة. ان اهمال مثل هذه الملاحظات واعتبارها نشازا من الاصوات وزفرات من المعارضة هي التي تقودنا بل قادتنا الى الحال الأسوأ. لقد نادينا من قبل وعلى صفحة هذه الصحيفة بوضع برنامج مرحلي يبدأ بجذب خريجي المدارس الشمالية الذين يتبوأون الآن أعلى المناصب من درجة الوزير من امثال بكري حسن صالح وعبد الرحيم محمد حسين وثلة رجال الاعمال ليشاركوا جميعاً في انقاذ تلك الصروح التي آلت لتكون ركاماً من الأنقاض.