جمعيات البيئة ... صورة سالبة اشرنا بالامس الي ان حالة الموات التي صارت اليها القوي السياسية التقليدية تتطلب نفخ الروح في بقية مكونات المجتمع المدني لملء الفضاء الجمعي حتي لا تتمدد مكوناته الاخري وهي القطاع الخاص والحكومة، ووقفنا مع تجربة جمعية حماية المستهلك التي باتت ذراعا معبرا عن الغالبية الصامتة كما غدت صوتها الذي بات يسمع من يعاني الصمم واشرنا الي ان نيابة حماية المستهلك تعتبر ابرز مخرجات الجمعية في عقدها الاول كما ان حملات الغالي متروك قد وجهت صفعات قوية ضد كل الجشعين الذين ادمنوا امتصاص عرق ودم محمد احمد الذي ادي تفاعله مع الجمعية الي الصعود بها حتي بزت غيرها من منظمات المجتمع المدني سواء كانت جمعيات او نقابات او كيانات سياسية . واذا كنا قد اشرنا بالامس الي ان ما تعانيه الاحزاب الطائفية من حالة ضعف وهوان يلقي بمسؤوليات ثقال علي بقايا مكونات المجتمع المدني فهنا لابد من الوقوف عند بعض تلك المنظمات التي كان يعول عليها في التفاعل مع الهم العام بصورة اكبر ويأتي ذلك من باب الحرص عليها حتي لا تلحق باحزابنا التي ورغم يأسنا من وضعها الراهن الا اننا نأمل في عودة الروح اليها ذات يوم ولكن بالطبع ليس في المنظور القريب . وبعودة الي منظمات المجتمع المدني التي خف بريقها وتلاشي تفاعلها نقف مع تلك الجمعيات المختصة بحماية البيئة، فالشاهدان الجمعيات الوطنية الخاصة بحماية البيئة لم يعد لها دور فعال علما ان الدعم المادي الذي تتلقاه تلك الجمعيات من الجهات الاجنبية المانحة ليس بقليل ويمكن ان يساهم بصورة بارزة في اصلاح التردي المريع الذي صارت اليه حالة البية، غير ان اعادة ضخ تلك الاموال في ترقية البية في السودان امر ليس ظاهرا للعيان . يأتي التعاطي السالب لجمعيات حماية البيئة في وقت تؤكد بعض المصادر بان قمة المناخ الاخيرة قد وفرت دعما ماديا مقدرا للدول النامية والفقيرة، والتي نعتقد وفق المشاهد الراهنة ان السودان يصنف ضمن اكثرها فقرا ما يعني ان تلك الجمعيات قد تلقت ذلك الدعم وهنا يتبادر الي الذهن هل تلقت تلك الجمعيات ذلك الدعم؟ واذا كانت الاجابة بنعم فهنا يتبادر الي الذهن سؤال ملح وهو (فيم تم صرف تلك الاموال؟) خاصة اننا لم نلحظ اي عمل ملموس سواء في مجال التوعية او تحسين صورة البيئة . لقد شهدت البلاد العديد من المشروعات التنموية الضخمة دون استصحاب مآلاتها البيئية ولم نسمع لجمعيات حماية البيئة صوتا، كما لم نشهد لها وقفة واضحة وملموسة تجاه الاثار البيئية السالبة لقيام تلك المشروعات، وعلي رأسها مشروع سد مروي ورغم قناعتنا بعظيم جدواه الا ان الدراسات البيئية اكدت تأثيره السلبي المباشر علي البيئة، وهنا لابد من الاشارة الي ان موقف تلك الجمعيات قد اكد فشلها اذ تحاشت الدخول في اية احتكاكات لضمان سلامة عناصرها ومكاتبها وعلاقاتها . لقد اختصرت تلك الجمعيات شخصها في بضعة افراد واسماء ظلت علي قيادة دفة تلك الجمعيات لعقود من الزمان حتي صارت تلك الجمعيات مجرد واجهات زجاجية خالية من اية بضاعة تسهم في النهوض بالبيئة . اذكر انني في مايو الماضي وخلال تواجدي بمدينة لاهاي بهولندا قد تحدثت الي السيدة مارلوس بورشوم المدير الاقليمي للشرق الاوسط بالهيئة الهولندية لترقية التجارة الخارجية وهي سياسية تنتمي لحزب الخضر الذي فاز في الانتخابات الاخيرة، فقلت لها اننا نحلم بأن يكون لنا حزب اخضر يلتف حوله الناس لاعادة الخضرة الممثلة في الغابات في كافة ربوع بلادنا. اتدرون ماذا قالت لي السيدة برشوم؟ ان علينا قبل اقامة الكيان السياسي نشر ثقافة الخضرة واصحاح البيئة، عندها فقد ستجدون المجتمع كله ملتفا حولكم، ووقتها يمكن خلق الذراع السياسي المعبر عن احلام وتطلعات الناس، واحسب ان بروشوم قدمت الوصفة الصحيحة وحتي نعيد بلادنا سيرتها الاولي، علينا تسوية الصفوف وتجاوز المقعدين سواء في جمعيات حماية البيئة او غيرها . [email protected]