باتت منظمات المجتمع المدني حول العالم احدى اهم الأذرع المجتمعية المدافعة عن مختلف الشرائح الاجتماعية خاصة في دول العالم الثالث حيث غدت الاحزاب السياسية مجرد نخب تعمل لتحقيق مكاسب ذاتية بعيدا عن هموم المواطن الذي وجد في بعض منظماته البديل المدافع عن حقوقه المسلوبة. وتوصف جمعيات حماية المستهلك بانها اقوى منظمات المجتمع المدني على الاطلاق اذ غدت في كثير من الدول ذراعا ضاغطا يعمل على حماية المستهلك في عالم تشكل فيه نسبة السلع والخدمات غير المطابقة للمواصفات اكثر من 25 % وقد ادى تفاعل جمعيات حماية المستهلك وانتشار ثقافة حقوق المستهلك الى اصابة العابثين بحالة من الهلع خاصة ان تلك الجمعيات غدت تتعامل مع مراكز البحث العلمي وهنا تجدر الاشارة الى ان جمعية حماية المستهلك البلجيكية هي التي كانت وراء اكتشاف الديوكسين الذي اجتاح كل اوربا فالتفت حولها المجتمعات وغدت معبرا رئيسا عن احلام المواطنين في الحصول على سلع وخدمات آمنة. وفي الولاياتالمتحدةالامريكية كاد رالف نادر ان يصل الي البيت الابيض لولا انسحابه في اللحظات الاخيرة لصالح ممثل احد القطبين الابرز في امريكا لم تسعفني الذاكرة ان كان مرشح الحزب الديمقراطي او الحزب الجمهوري غير ان الجميع يدرك بان تلك الشعبية الجارفة التي وقفت وراء رالف نادر سببها مواقفه القوية تجاه حماية المستهلك . في السودان برزت جمعية حماية المستهلك في النصف الثاني من تسعينيات القرن الماضي وكان وراء بروزها نفر كريم من ابناء الوطن على رأسهم الدكتور عبدالرحيم احمد بلال المدير السابق لمؤسسة فريدريش ايبرت وفي السنوات الاخيرة باتت الجمعية احدى ابرز منظمات المجتمع المدني تفاعلا بقضايا المواطن البسيط . ان بروز الجمعية وفاعليتها تجاه حماية المستهلك في بلد مثل السودان بقدر ما كان امرا حيويا فقد كان عملا مضنيا تطلب الكثير من الجهد والعرق واعمال الفكر علما ان مثل تلك الجمعية ستقابل بحرب لا هوادة فيها من قيادات بعض الاحزاب السياسية سواء كانت احزاب معارضة او حزبا حاكما وكان يتوقع ان ياتي تعاطي قيادات الاحزاب المعارضة مع الجمعية حادا جدا وان تواجهها تلك القيادات بحرب لا هوادة فيها اذ يرون فيها خطرا داهما على مستقبلهم ومستقبل ابنائهم في وقت بات فيه البون شاسعا جدا بين قيادات تلك الاحزاب السياسية والمواطن البسيط الذي لم يخفِ تبرمه بالطائفية التي لم تستصحبه ابدا في كل مواقفها . وبعودة الى امر جمعية حماية المستهلك السودانية فقد كان لي شرف الانضمام اليها باكرا كما تشرفت بعضوية مكتبها التنفيذي في الدورة الماضية ومن خلال معرفتي ببعض النفر الكريم بالمكتب التنفيذي السابق والحالي لابد من الاشارة الى وجود شخصيات ظلت معروفة بمواقفها المعارضة للحكومة وهنا اشير الى رئيس الجمعية السابق كمال الشايقي وهو رجل معروف بمواقفه المناهضة للحكومة ولابد ايضا من الاشارة الى ان عضوية الجمعية ومكتبها التنفيذي باتا يضمان اساتذة الجامعات والمهندسين والمعلمين والاطباء والمحامين ولا غرو ان انتهى الامر باقامة نيابة خاصة لحماية المستهلك وهنا لابد من الاشادة بمولانا سوسن شندي وكل الكوكبة النيرة من ذلك الجيل الذي اسهم بقوة حتى باتت جمعية حماية المستهلك ذراعا فاعلا يتفاعل مع طرحها عامة الناس وسيظل شعار ( الغالي متروك ) اعظم ضربة موجعة للمتربصين من الجشعين وسيظل التفاعل مع ذلك الشعار دليلاً على تجاوب ووعي اهل السودان مع طرح الجمعية وخططها . ان اسقاط النظام والقذف به في اودية النسيان ليس من اعمال جمعية حماية المستهلك واذا كانت الحكومة قد قررت مواصلة جهودها في افقار مواطنها فهذا دليل على ان الاحزاب المعارضة تعاني حالة موات ابدية وهذا ما وقف عليه محمد احمد الذي وجد في جمعية حماية المستهلك البديل القادر على حماية حقوقه ، عليه فليس بغريب ان تتعرض الجمعية لمحاولات قذفها من بعيد خاصة من ابناء قيادات الاحزاب السياسية التي جفت ينابيع فكرها وعطائها فقدت نسيا منسيا. [email protected]