تعريف كلمة التحكيم في اللغة جاء في قاموس العين، حكم: الحكمة مرجعها إلى العدل والعلم والحكم ويقال أحكمته التجارب إذا كان حكيماً أو أحكم فلان عني كذا: أي أرجعه ومنعه، وقال الشاعر «ألما يحكم الشعراء عني» واستحكم الأمر: وثق واحتكم في ماله إذا جاز فيه حكمه والاسم الأحكومة والحكومة قال الأعشى: «ولمثل جمعت لريب الدهر عيابي حكومة القتل» أي لا تنفذ حكومة من يحتكم عليك والتحكيم: قوله الحرورية: «لا حكم إلا الله»، وحكمنا فلاناً أمرنا: أي يحكم بيننا وحكمناه إلى الله: أي دعوناه ليحكم بيننا. التحكم لغة أيضاً يعني التعويض في الحكم، يقال حكمه في الشئ أي جعله حكماً وفوض إليه الحكم فيه وحكمه في الأمر أي أمره أن يحكم بينهم، يقال حكمنا فلاناً بيننا أي أجرنا حكمه، وفي التنزيل العزيز قوله تعالى: «فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم». التحكيم اصطلاحاً عرف التحكيم في الفقه الإسلامي بعدة تعريفات نذكر منها على سبيل المثال، ما عرفه البعض بأن التحكيم هو: تولية الخصمين حاكماً بينهما أو هو اختيار الخصمين شخصاً أو أكثر غير قاضٍ للحكم بينهما في المنازعة ويطبق حكم الشرع، أو هو اختيار ذوي الشأن شخصاً أو أكثر للحكم فيما تنازعا فيه دون أن يكون للمحكم ولاية القضاء بينهما، كما جاء في تعريف مجلة الأحكام العدلية المادة 1970 «التحكيم عبارة عن اتخاذ الخصمين حاكماً برضاهم لفصل خصومتهما ودعواهما». خلاصة القول يتفق الفقهاء على أن التحكيم هو اتفاق بين الخصمين المتنازعين على عرض النزاع بينهما على شخص آخر غير القاضي للفصل فيه. تعريف التحكيم في القانون الدولي عرّف فقهاء القانون الدولي التحكيم بعدد من التعريفات أشهرها ما يلي: أ. تعريف الدكتور أحمد عبد الكريم سلامة: «هو نظام قضائي خاص يختار فيه الأطراف قضاتهم ويعهدون عليهم بمقتضى اتفاق مكتوب بمهمة تسوية المنازعات التي قد تنشأ أو نشأت بالفعل بخصوص علاقاتهم التعاقدية والتي يجوز حسمها بطريق التحكيم وفقاً لمقتضيات القانون والعدالة وإصدار قرار ملزم لهم» الخاصة بأطراف النزاع، ويعرف هؤلاء بالحكمة وحصافة الرأي وسعة الإدراك، يجدر بالذكر أن نظام التحكيم الذي كان سائداً منذ قديم الزمان لا يزال معمولاً به في مجتمع القرية والمدينة والبادية والريف. مع بعض التغييرات الطفيفة. في ظل التشريع في السودان تم النص على التحكيم في صلب قانون القضاء المدني «الملغي» لسنة 1929م وقانون الإجراءات المدنية لعام 1941م و1938م الساري المفعول حتى الآن، حيث تناول المواد «139 - 156» كيفية إحالة النزاع للتحكيم وتعيين المحكمين وسير الإجراءات وإصدار الحكم والطعن فيه. في عام 1981م أصدر النائب العام لائحة للتحكيم بين أجهزة الدولة. أما بشأن المعاهدات والاتفاقيات الدولية الخاصة بالتحكيم فقد انضم السودان لاتفاقية واشنطن لتسوية منازعات الاستثمار بين الدول ورعايا الدول الأولى لسنة 1956م المعروفة اختصاراً بالأكسيد. كذلك انضم لاتفاقية عمان العربية للتحكيم التجاري عام 1978م واتفاقية تنفيذ الأحكام بين دول جامعة الدول العربية لسنة 1935م واتفاقية الرياض للتعاون القضائي لسنة 1948م، وعضو لغرفة التجارة الدولية بباريس لفض النزاعات وذلك منذ عام 1923م. من ناحية التحكيم المؤسس هناك مركزان للتحكيم، المركز الوطني للتحكيم ومركز الخرطوم للتحكيم التجاري، هذان المركزان يباشران العمل في مجال فض المنازعات وفي التدريب وفي التأهيل وذلك على نسق مراكز التحكيم الأخرى. التحكيم في السودان في السودان عرف التحكيم منذ قديم الزمان، حيث كان لكل مملكة من ممالك السودان نظمها الخاصة في مجال الحكم والتجارة وغيرها، كانت هناك علاقات تجارية وسياسية بين هذه الممالك، وكانت وما زالت تقوم عدة منازعات بين القبائل مع بعضها البعض وبين الأفراد أيضاً بشأن هذه العلاقات التجارية وبشأن الحدود والمراعي والمزارع. كان لزعماء القبائل «الإدارة الأهلية» دور كبير في المجتمع حيث يعتبر زعيم القبيلة هو الحاكم والقاضي في إطار قبيلته. نسبة لغياب الدولة الحديثة والسلطات التشريعية، فقد كانت المجتمعات تحل منازعاتها عن طريق »الأجاويد« وهو نوع من التحكيم بالمعنى الحديث، حيث يقومون بالفصل في النزاع من واقع التقاليد والعادات. أنواع التحكيم الدولي أولاً: التحكيم الأجنبي. قد يحدث نزاع بين أطراف ويلجأون لحله بواسطة التحكيم لدى إحدى الدول، ولكن يطلب لتنفيذ الحكم تدخل سلطة دولة أخرى غير التي احتكم لديها الأطراف. ظهرت اتفاقية نيويورك بشأن الاعتراف وتنفيذ الأحكام الأجنبية كذلك اتفاقية جنيف لعام .1961م والتي تحدثت عن هذا النوع من النظام التحكيمي. ثانياً: التحكيم الدولي التجاري الأصل في التحكيم أنه اختياري بالنسبة للأطراف المتحاكمة، ولكن التحكيم الاختياري يستند إلى اتفاق خاص بين الأطراف المتنازعة، وتحكمه إدارات ثلاث هي: 1- إدارة النظام القانوني الوطني أو الدولي. 2- إدارة الأطراف المحتكمين. 3.- إدارة هيئة التحكيم المكلفة بالفصل في النزاع. ثالثاً: التحكيم الدولي الإجباري هو استثناء من قاعدة الأصل في التحكيم الاختياري يوجد هذا النوع في القوانين الوطنية، حيث يلزم التحاكمين باللجوء للتحكيم لحل نزاعاتهم بواسطة المحكمين تم اختيارهم سلفاً بواسطة السلطة. رابعاً: التحكيم المطلق والمقيد عندما يلجأ أطراف النزاع إلى أحد مراكز التحكيم الدولية أو الإقليمية، فهذا النوع يعتبر حينئذ نظاماً مقيداً أي أن أطراف النزاع قيدوا نظامم التحكيمي بقواعد إجراءات ذلك المركز الذي التجأوا إليه «أي نظام التحكيم المقيد» أما إذا تركت إدارة المتخصامين الأمر مفتوحاً أمام المحكمين دون تقيده فهذا حينئذ يكون «تحكيماً مطلقاً». خامساً: نظام الصلح إلى جانب القضاء والتحكيم فهناك ويلة ناجحة يلجأ اليها الخصوم كل منازعاتهم وهي الصلح، والصلح هو »عقد يحسم به المتنازعان نزاعاً قائدماً بينهما أو محتمل يترك بموجبه أي منهما جزءاً من ادعاءاته على وجه التقابل لإرضاء الآخر«. سادساً: نظام التوفيق هو تقريب وجهات النظر للوصول إلى اتفاق بين المتنازعين بصورة ودية توافقية مفاده المصالحة دون التقيد بالإجراءات التي يتطلبها التكيم وهو أشبه بالحكم الرضائي. سابعاً: نظام الفتوى هو الرأي الاستشاري الذي تقدمه إحدى الجهات القانونية في شأن مسألة أو نزاع عرض أمامها، اتفاقية لاهاي 1899م و1970م أعطيت للهيئة الدولية التي تحدثت عنها الاتفاقية حق إصدار الفتوى الاستشارية في أمر من الأمور التي تعرض عليها. كذلك جاد ذلك في النظام الأساسي لمحكمة العدل والدولية، ولكن هذه الفتوة مثل بقية قرارات المحكمة الدولية ليس له قوة ولا يكون حجة للغير ولا ملزماً للدول إلا إذا تبنته الجمعية العامة للأمم المتحدة أو مجلس الأمن الدولي مثلما حدث ذلك في قضية لوكربي. ثامناً: الوكالة Agency عقد بمقتضاه شخص غيره يسمى «الوكيل» باسمه ولحسابه ويسمى «الموكل» فهو يعمل لمصلحة موكله وفي حدود الوكالة، يكون الوكيل قابل للعزل بواسطة موكله على عكس المحكم يتعذر عزله إلا باتفاق الخصوم. تاسعاً: الخبرة الخبير هو الشخص العالم ببواطن الأمور في مسائل فنية معينة «طب، هندسة، محاسبة، وغيرها» يتم ندبه بواسطة المحكمة أو بطلب من الأطراف لإبداء رأي فني حول مسألة ما تعين المحكمة للوصول للقرار السليم. وهذا الرأي لا يعد ملزماً للقاضي أو المحكم لأن هذا الرأي يعد عنصراً من عناصر الإثبات فحسب، والخبرة تختلف عن التحكيم بتناول المسائل الواقعية والقانونية ويقوم بالفصل في النزاع بينما الخبير يقتصر دوره في استشارته في المسائل الغامضة فحسب.