٭ الأستاذة الباسلة إخلاص نمر: كل عام وانتم بخير إهتزت مشاعر قلمي.. وانحبست أنفاسه وهو يدون بأسطر قاتمة أنين مسقط رأسه الدويم.. فمن يضمد جراحها يا ترى؟ آمل ان تجد مشاعره حيزاً بزاويتك الجريئة المقروءة (نمريات) مع شكري. ٭ غمرني شوق دافق، وأنا اتطلع لزيارة وطني الصغير مدينة الدويم.. بوجداني عشق لترابها وبقلبي حنين لاهلها الابرار لا يضاهيه آخر.. جئت بالامس حقيقة لبخت الرضا توأم الام الرؤوم، منهل العلم وبستان المعرفة، جئتها متأبطاً سفراً توثيقياً أعددناه نحن نخبة من اوفيائها وخلصائها عن مولد وحياة ومستقبل رافد بخت الرضا جامعتها الشامخة واطلقنا عليه ( جامعة بخت الرضا عبقرية المكان بين الأصالة والشموخ) وسلمنا هذه الحصيلة التوثيقية المثقلة بالمعلومات وشتى ضروب المعرفة والتي كلفنا بانجازها البروفيسور الطيب عبد الوهاب قائد ركب الجامعة، الذي عرفنا فيه مهنية عالية واكاديمية رفيعة دفعت بعملنا، ولمسنا من تعامله رقة وحزماً وحميمية ووداً وبشاشة لم تذبل ابداً. وعندما وطأت اقدامنا مسقط الرأس الدويم إهتزت مشاعري منذ الوهلة الاولى وكادت أنفاسي ان تنقبض وتدافع من عيني سيل من الدموع الحزينة الساخنة وبصري يجول بين مبانيها المتداعية والتي لسنين عجاف صارت اطلالاً تحكي عن مأساة وطن وتاريخ أمة وإرث مفقود.. شوارع هرمة مهترئة تموج بالاوساخ. فماذا ألمَّ بك أيتها الحسناء الفاتنة؟ فقد كنت عبر تاريخك الناصع قبلة للعلم يحج اليك أفذاذ العلماء والمفكرين ويعتلي منابرك علية القوم من أهل الفكر والرأى، وكنت تفتخرين بمنتدى غانم محمد افندي الثقافي الذي أثرى معينه د. عبد الله الطيب ونصر الحاج علي وعبد الرحمن علي طه وسر الختم الخليفة ود. احمد الطيب احمد، فاصبح صوتك ملء السمع والبصر. فأنت مدينة لكل أبناء الوطن، والتي وصفها الاستاذ علي عثمان محمد طه النائب الاول لرئيس الجمهورية عند زيارته لها بأنها مدينة كل أبناء السودان فهى اصيلة ولها تاريخ وحضارة موغلة في القدم وعلمت كل سوداني رسم الحرف ونطق الكلمة، واليوم اصابها إبتلاء غاشم عبر سنين قاحلة فاكتسى رأسها شيباً، ونضب معينها الحضاري، وتساقطت ازهار بستانها الزاهر المخضر! وهاهم أهلها يجأرون بالشكوى، دون اذن صاغية! فولاة أمرها عبر السنين يغطون في نوم عميق! وبالامس إلقتطت اذن جوالي صرخة هادرة من إبن الدويم البار صديقي شيخ العرب عبد الستار عابدين فتاح رئيس لجنة إعمار المدينة تحدث معي بصوت فاتر لاهث يغلب الحزن على كلماته، وعبارات مؤثرة بعثها لي وقد ادمت قلبي النابض! كلها تعبر عن ما أصاب الدويم من سقم موجع، ونكبات مفجعة، ومآسي مؤلمة وصحة بيئية متردية وأرتال من الاوساخ تعج بشوارعها الصدئة! دفعتهم هذه الاوجاع لعقد إجتماع للجنتهم الموقرة بالامس. كان الاجتماع ساخناً صاخباً وغاضباً، تحدث الاعضاء بمرارة عن تردي حال المدينة، وانهالت سياط الغبن على ظهر ولاة الولاية، فهاهو قلمي الذي لم يعرف التثاؤب، ولم تتثاقل أنامله يقف منحازاً لبني وطنه ويقول: الاخ يوسف أحمد نور الشنبلي والي ولاية النيل الابيض مدينة تعتز وتفخر بها، وصفتها في أحد لقاءاتك بمفخرة السودان، والتي ملأ صوتها الآفاق علماً ونوراً وابداعاً. فأين انت منها اليوم؟ ولماذا غابت عن ذاكرتم وهى داخل غرفة الانعاش تلفظ أنفاسها الاخيرة؟ فهاهم بنوها الذين قدموك الصفوف يدعونك لتجلس معهم. فكيف تغض الطرف عن أمك الرؤوم، وأنت ترى بؤسها وتسمع أنينها.. وانت ترى بأن أهلك وعشيرتك بالدويم قد صدئت امعاؤهم من شرب الماء النتن الملوث.. وتمزقت أوصالهم من لسعات الباعوض.. وهجوم أمواج الذباب تشاركهم في طعامهم المقل الفتات فيكون نصيبهم مرضاً لعيناً. نأمل ان يجدوا العلاج كما وجده رفاقهم بجنوب الولاية! اخي يوسف انت تعرف اني اكن لك كل الود والحب وعرفتك لسنوات طوال تجاهد معنا لعلو شأن الدويم، عرفتك بحسمك وشجاعتك، وصدقك قولاً وفعلاً. ونحن نتوق اليوم وليس غداً لنقل محلية الدويم من محطة الاحزان لمحطة الافراح والاشراقات. الا هل بلغت اللهم فاشهد. وانا لجد متفائل بأنك ستضمد الجراح، وتمحو قسمات الظلم والمرارة وتعيد البسمة لاهلك بمحلية الدويم.. فهل انت فاعل؟ ومن هنا اناشد أبناء محلية الدويم ان يوفوا لمدينتهم، (فالبلد يبنوها بنوها) إن مدينتكم التي أعطت فاستبقت تقول لكم حسبي الله ونعم الوكيل. علينا ان نكرس الجهد من اجلها والاتصال بإبنها البار الشاب النشط عادل غانم محمد أفندي لمقترحاتكم وآرائكم. التواصل عبر جوالي 2005128190. والله المستعان حسين الخليفة الحسن خبير تربوي/ ابن الدويم nimiriat@hot mail.com