«لقد خفضوا حصص الغذاء الشهرية من 13 كيلوجراماً الي ستة فقط، ونحن نواجه معاناة حقيقية، واطفالنا باتوا عرضةً لامراض سوء التغذية، فقد وهنت اجسادهم»، بهذه الكلمات بدأ مواطن يقطن بمعسكر عطاش للنازحين بولاية جنوب دارفور شكواه، مشيراً الى النازحين يعتقدون ان هذا التقليص متعمد لاجبارهم على العودة الى قراهم التي فروا منها بسبب الحرب، ولكن الجهات الاممية والمحلية تنفي هذه الفرضية، بيد أن هذا لا يعني التساؤل حول اسباب تخفيض حصص الغذاء لاكثر من مليون ونصف المليون مواطن يقطنون في «51» معسكرا للنازحين في ولايات دارفور الخمس. معسكرات ونازحون قبل الغوص في قضية تقليص المساعدات لا بد من القاء الضوء على عدد معسكرات النزوح بدارفور وتوزيعها، حيث تتقاسم ولايات دارفور الخمس معسكرات النازحين، وتأتي ولاية شرق دارفور في المقدمة من حيث قلة عدد المعسكرات، إذ يوجد بها معسكر واحد للنازحين به «100» ألف نازح يعرف بمعسكر النيم مجاور لمدينة الضعين حاضرة الولاية، وتليها ولاية شمال دارفور التي توجد بها خمسة معسكرات ثلاثة منها في وحول مدينة الفاشر واشهرها ابو شوك وزمزم والسلام، ويضاف اليها معسكرا «كساب وفتابرنوا» للنازحين بمحلية كتم، أما ولاية غرب دارفور فتحتل المرتبة الثالثة، وتوجد باراضيها تسعة معسكرات للنازحين هي اردمتا وكريدينق «1» وكريدينق «2» والجامعة والرياض وبرتي والحجاج وأبو ذر والسلطان، ويستفيد النازحون بها من حصص برنامج الغذاء العالمي، اما ولاية جنوب دارفور فتجيء في المرتبة الرابعة من حيث عدد المعسكرات ونصيبها عشرة معسكرات هي كلمة وعطاش والسلام ودليج وسكلي وموسى، وكل هذه المعسكرات في وحول مدينة نيالا، يضاف اليها معسكر كاس بمحلية كاس، ومعسكر مرشينج بمحلية مرشينج، ومعسكر شعيرية بمحلية شعيرية، ومعسكر مهاجرية بالقرب من مدينة مهاجرية. اما ولاية وسط دارفور فهي الاكثر اكتظاظا بمعسكرات النزوح من بين ولايات دارفور، وتضم «21» معسكراً للنازحين تضم «367368» نازحاً حسب إحصائيات برنامج الغذاء العالمي، وهذا العدد من النازحين موزع بنسب مختلفة على محليات الولاية السبع، وتحضن مدينة زالنجي وحدها اربعة معسكرات هي الحميدية والحصيحصا وخمسة دقائق وطيبة السلام، بينما معسكرا رمنتاس والشباب بمحلية أزوم، ويوجد بمحلية وادي صالح كل من معسكر جدة ومعسكر عرديبة ومعسكر الجبليين ومعسكر السلام «دليج» ومعسكر ام خير للنازحين، وبمحلية مكجر معسكر مكجر للنازحين ومعسكر مكجر للاجئين، وبمحلية ام دخن معسكر ام دخن للنازحين ومعسكر ام دخن التشادية للاجئين، وبمحلية نرتتي يوجد معسكران هما نرتتي جنوب ومعسكر اشترينا، وبمحلية بندسي معسكرا بندسي شمال ومعسكر بندسي جنوب، كما توجد معسكرات أخرى صغيرة تتداخل مع المدن، وجميع سكان هذه المعسكرات يتلقون حصصهم الغذائية كاملة. شكاوى ويشير الناطق الرسمي للمعسكرات خضر محمد علي، الى ان انتشار مرض سوء التغذية بين الاطفال يعود بشكل اساسي الى تراجع حصص الغذاء المقدمة من برنامج الغذاء العالمي الى النصف، وقال في حديث سابق ل «الصحافة» ان الكثير من النازحين بالمعسكرات لا يجدون ما يسدون به الرمق بعد انتهاء المواد الغذائية القليلة التي تمنح لهم، مشيرا الى ان الكثير من الاطفال والحوامل يدفعون ثمن التخفيض بتعرضهم لامراض عديدة منها سوء التغذية والملاريا والاسهالات المعوية، ووصف الموقف بالمحرج، مطالباً برنامج الغذاء العالمي بإعادة النظر في قرار تقليص الحصص الغذائية. ويكشف آدم موسى ابراهيم الذي يقطن بمعسكر عطاش في حديث ل «الصحافة» عن انخفاض نسبة الفرد بالمعسكر من الحصص الغذائية الى النصف بعد أن كانت «13» كيلوجراماً وخمسمائة جرام في الشهر من المواد الغذائية، وعلى رأسها الذرة والسكر والعدس والزيت، مشيراً إلى أنهم رفعوا العديد من الشكاوى الى منظمة الغذاء العالمي الا انهم لم يجدوا حلاً لقضيتهم، معتبرا الغذاء المقدم للفرد في الشهر لا يلبي الحاجة، وقال إن هناك من يتحدث عن أن الجهة المنفذة لهذا البرنامج ليست لديها ميزانيات كافية لاطعام من بالمعسكرات، مبدياً تخوفه من ازدياد حالات الاصابة بسوء التغذية الذي قال انه بدأ يظهر على الاطفال صغار السن والحوامل، وقال إن النازحين يواجهون ظروفاً بالغة التعقيد في ظل استمرار هطول الأمطار وقلة الغذاء. مورني على الخط وشكا نازحو معسكر مورني من تقليل الحصص الغذائية التي كانت تصرف لهم شهرياً من قبل برنامج الغذاء العالمي الى النصف، وقال احد شيوخ المعسكر إن حصة النازحين من الذرة انخفضت هذا الشهر الى النصف دون إبداء أسباب، واوضح ان البرنامج كان يعطي في السابق عشرة جولات ذرة مقابل كل «67» نازحاً، لكنه انخفض هذا الشهر الى النصف «5» جولات ذرة لكل «67» نازحاً في الشهر. وناشد الشيخ برنامج الغذاء العالمي مراعاة الظروف المعيشية الصعبة للنازحين في المعسكرات والنقص الحاد في الغذاء مع الارتفاع الشديد في الاسعار. وقال نازحون بمعسكرات الجنينة العشرة إن برنامج الغذاء العالمي أبلغهم في اجتماع بتخفيض حصة الذرة بنسبة «50%» ليكون بذلك نصيب الفرد النصف من الحصص السابقة، وأثار هذا الإعلان سخطاً واسعاً في معسكرات الجنينة العشرة التي تشكو أصلاً نقص في الغذاء، كما أكد نازح يدعى حامد أن ممثلي برنامج الغذاء في الجنينة ابلغوا ممثلين لهذه المعسكرات بتخفيض حصة الذرة لهذا الشهر بداعي عدم التمكن من ترحيل الكميات المطلوبة من الذرة من مخازن البرنامج في مدينة الابيض لدارفور، لعزوف سائقي الشاحنات عن الذهاب الى دارفور. وقال إن ممثلي البرنامج أبلغوا أيضاً المجتمعين أن هذه التخفيض مؤقت، على أن يعاد صرف الحصص الغذائية كما كانت في السابق ابتداءً من الشهر القادم. وأبدى مشايخ وعمد ومسؤولو معسكرات الجنينة تخوفهم من عدم تمكن البرنامج من الوفاء بما وعد الشهر القادم. ووصفوا الوضع الحالي لمعسكرات الجنينة بالصعب مع الارتفاع الشديد في الاسعار، الامر الذي جعل الكثير من الأسر النازحة تخفض وجباتها الغذائية في اليوم. واكد النازحون ان الحصص التي كانت تقدم في السابق خفضت لأدنى مستوى لها منذ حضورهم للمعسكرات، وناشدوا المجتمع الدولي والمنظمات التحرك العاجل لأن الوضع لا يحتمل الانتظار. وفي زالنجي قام برنامج الغذاء العالمي بتخفيض حصة الغذاء الى 25% من الكمية التي كانت توزع سابقاً في معسكرات زالنجي، حيث أكد منسق معسكرات زالنجي أن البرنامج خفض هذا الشهر حصة الغذاء المخصصة للنازحين إلى 25%، وأوضح ان هذا التخفيض خلق حالة من تذمر وسط النازحين، وأضاف المنسق ان الفرد باتت حصته وفق التوزيع الجديد تتمثل في ملوة ونص من العيش، ونصف كيلو من العدس، و «4» أوقيات من الملح، و«9» اوقيات من السكر. وقال المنسق إن ممثلين لبرنامج الغذاء أفادوا بأن تقليل الحصص الغذائية نتج ببسب مشكلات في ترحيل الغذاء من مخازن البرنامج في مدينتي الابيض وكوستي. وناشد منسق معسكرات زالنجي برنامج الغذاء العالمي مراعاة أوضاع النازحين الصعبة خاصة في ظل الغلاء المتزايد في دارفور، وسوء الاوضاع الامنية. وحملّ الأممالمتحدة ومنظماتها مسؤولية أية وفيات قد تحدث في أوساط النازحين بسبب قلة الغذاء. ومن جانبه نفى وزير الصحة بولاية غرب دارفور احمد اسحق يعقوب في حديث ل «الصحافة» وجود حالات مرضية نتجت عن سوء التغذية بالمعسكرات، ويشير الى ان وزارته ظلت تتحوط لكل الحالات الطارئة خاصة بعد دخول فصل الخريف، الا انه يؤكد عدم تلقيهم شكاوى من ظهور أمراض بمعسكرات النازحين بالولاية، بيد أن الوزير يقر بتأثير نقص الغذاء على مناعة الانسان، ويقول إن ذلك يجعل من يشكو نقصاً في الغذاء عرضة للاصابة بمختلف الامراض. وحول أسباب نقص حصص الغذاء بمعسكرات النازحين بجنوب دارفور، نفى مفوض العون الإنساني بالولاية جمال يوسف في تصريح ل «الصحافة» حدوث نقص في حصص الغذاء رغم إقرار مسؤولي برنامج الغذاء العالمي بذلك، ويعترف بأنه قد تم منع إمداد مواطنين في المعسكرات بالحصص الغذائية وذلك لأنهم ليسوا نازحين، مشيراً إلى أن المفوضية وبالتعاون مع برنامج الغذاء العالمي نفذت برنامج حصر دقيق للنازحين الحقيقيين بالمعسكرات، ووجدت أن هناك من يقطن بمدينة نيالا ويأتي للمعسكرات من أجل صرف الحصص الغذائية، مؤكدا أن هؤلاء هم الذين تم إيقاف حصصهم الغذائية. وفي ذات الموضوع شكا برنامج الغذاء العالمي من مشكلات ومعيقات تعترض عمل البرنامج، خاصة في ترحيل المواد الغذائية الإغاثية من مدينة الأبيض بشمال كردفان إلى مدينة الفاشر بشمال دارفور، وعزا برنامج الغذاء العالمي حسبما افاد موقع قناة «الشروق» الفضائية السودانية، حدوث ذلك لعدم التنسيق بين البرنامج والمسؤولين بشمال كردفان. ودعا المدير القطري لبرنامج الغذاء العالمي، عامر داؤودي عقب لقائه والي شمال دارفور عثمان كبر أخيراً، إلى زيادة حصة ولاية شمال دارفور من الغذاء لسد الفجوة الغذائية في بعض مناطق الولاية. وعزا المدير القطري للبرنامج تأخر وصول المواد الغذائية من الأبيض إلى الفاشر إلى مشكلة تأمين الأطواف المتحركة على الطرق. وكان منسق معسكرات شمال دارفور قد اتهم برنامج الغذاء العالمي بخرق القانون الدولي في ما يخص الحصص الغذائية المفترض تقديمها للنازحين، حيث قال إن برنامج الغذاء العالمي قلل من الحصص المقدمة للنازحين بصورة تخالف المعايير الدولية، وأوضح العمدة أتيم منسق معسكرات شمال دارفور، أنه إضافة الى تقليل الحصص الغذائية، فإن برنامج الغذاء العالمي لا يقدم خدماته الغذائية بصورة دائمة، مشيراً لعدد من المعسكرات بالولاية، قال إنها لم تستلم اي دعم من البرنامج لعدة اشهر. وأكد أن معسكرات شمال دارفور تعاني سوء التغذية.