العلاقات السودانية الأمريكية إشارات متبادلة ومتناقضة، فالإشارة الأولى من وزارة الخارجية بإعادة اسم السودان لقائمة الدول التي ترعى الإرهاب، وكانت في نهاية عام 2012م وعلى مقربة من إعادة انتخاب الرئيس الأمريكي باراك أوباما، والإشارة الثانية تتعلق برغبة الولاياتالمتحدة في التعاون بين السودان ودولة جنوب السودان في مجال تصدير نفط دولة الجنوب عبر خطوط الأنابيب والموانئ السودانية، وقد عبر عن ذلك المبعوث الشخصي للرئيس أوباما المنتهية ولايته ليمان، والإشارة الثالثة تتعلق بالأوضاع الإنسانية في منطقتي النيل الأزرق وجنوب كردفان وإمكانية استمرار برنامج شريان الحياة الجديد في هاتين المنطقتين. والإشارة الرابعة من القائم بالأعمال الأمريكي في السودان جوزيف إستانفورد الذي أكد عدم وجود أي اتجاه أو دعم داخل الولاياتالمتحدةالأمريكية بتدخل عسكري لإسقاط نظام الحكم وتقسيم جديد يحدث في السودان، وطبعاً كلمة جديد هذه مهمة لكون الولاياتالمتحدة كانت ترغب في فصل جنوب السودان عن شماله، وهي لم تقل ذلك إلى أن وقعت الواقعة وضاع الجنوب، ولكن الجديد في التعاون الاقتصادي بين البلدين هو ما ذكره القائم بالأعمال الامريكي بأن هناك اتفاقاً بين الجانبين على منح رخصة لشركة أمريكية للتعامل مع مصفي شركة النيل الأبيض، ودعا للتركيز على المستقبل وتحسين العلاقات. وأكد الرجل احترام الحكومة الأمريكية سيادة السودان على أرضه، أما الإشارة السودانية التي قلنا إنها متبادلة «خذ وهات» والتي لا ندري رأي وزارة الخارجية فيها، فقد جاءت من القيادي بالمؤتمر الوطني د. ربيع عبد العاطي الذي شن هجوماً شديداً على سياسة أمريكا تجاه السودان، وقال: إن الولاياتالمتحدة تريد الدفع باتجاه تقسيم السودان إلي دويلات وفقا لإستراتيجيتها. وهذه الدويلات حسب الدكتور ربيع هي دولة للنوبة بين مصر والسودان وعاصمتها أسوان، ودويلة الوسط الشمالية الإسلامية «الحمد لله يا دكتور ربيع الأمريكان سمحوا بقيام دويلة إسلامية» ما بطال، ودويلة الجنوب المسيحية في النيل الازرق وجنوب كردفان، ودولة دارفور. ومع التقسيم قال الدكتور عبد العاطي إن زعماء الحلف الأمريكي الإسرائيلي تبنوا خط إضعاف السودان وانتزاع المبادرة منه كي لا يبني دولة قوية وموحدة، وعملوا على تفجير الأزمات في الجنوب ودارفور حتى مصنع اليرموك. المهم أن الإشارات المتبادلة في حد ذاتها دليل عافية، والدول يا دكتور ربيع عبد العاطي ليست هيئات خيرية تقدم الأعمال مقابل الاجر والثواب، ولكن الدول لها مصالح تسعى لتحقيقها عبر عدة طرق منها الدبلوماسية والإعلام والبيع والشراء وشن الحروب إذا دعا الأمر. وهل تصدق أن الولاياتالمتحدة نفسها تقول إنها محسودة ومستهدفة في امنها واستقرارها من قبل الإرهابيين. والولايات المتحدة لا تعمل عملاً خارج حدودها الدولية إلا من خلال شراكة عالمية أو إقليمية، ولذلك نراها تفشل في الملف السوري رغم أن قناعتها هي إسقاط نظام الرئيس السوري بشار الأسد، وكذا الحال في المسألة السودانية الإقليمية والدولية والظروف المواتية.. هذه هي أمريكا أما السودان كيف لا أدري. « 2» العمال ليهم الله وعيشة السوق: حسب نفي وزارة المالية الشديد اللهجة لما جاء به البروفيسور إبراهيم غندور رئيس اتحاد العمال حول عدم الاتفاق بين وزارة المالية واتحاد العمال على تطبيق الحد الأدني للأجور في يناير القادم 2013م، فإن هذا الحد الأدنى يكون قد ذهب مع الريح إن لم نقل ذهب في خبر كان. وكان كما يقول تلاميذ المعاهد العلمية سابقاً «حرف ماضي مبني على الفاضي لا حكم له إلا عند القاضي» والقاضي عندنا لا يفصل بين الوزارات ولا المؤسسات، وإذا حكم لن يجد من ينفذ حكمه في أرض الواقع، وخلاصة الأمر أن رئيس اتحاد العمال قد قال كلامه الخاص برفع الحد الأدنى للأجور إلى «420» جنيهاً بدلاً من «165» جنيهاً، ووزارة المالية قالت لن ندفع مليماً أحمر إلا بعد صدور تقرير اللجنة العليا لدراسة الحد الأدنى للأجور التي شكلها رئيس الجمهورية، وكما أورد الأستاذ النور أحمد النور في عموده «حروف ونقاط» فإن الميزانية قد أجيزت من البرلمان ولم تضمن الحد الأدنى للأجور، ولا تستطيع وزارة المالية تلقي توجيه رئاسي في هذا الشأن، يعني رفعت الأقلام وجفت الصحف، وأنا لا يهمني كثيراً ما يقوله الشارع والناس حول المسرحية بين وزير المالية ورئيس اتحاد العمال القياديين في المؤتمر الوطني، واللذين يمكن أن يتفقا على شيء ولهما مصلحة في ذلك، وهي استقرار سفينة الحكم التي تحملهما معاً، ولكني أعرف العمال وظروف العمال، خاصة العمال الحقيقيين، ولا نقول الطبقة العاملة خوفاً من صراع الأيديولوجيا، ولكن العمال ظروفهم صعبة صعبة جداً، والحد الادنى للأجور نفسه قليل نسبة لظروف العمال وأوضاعهم المعيشية القاسية والسوق الجانح والجامح.. والعمال ليهم الله. «3» عبد الرحمن الخضر إلى ما بعد النبي الخضر والي الخرطوم الدكتور عبد الرحمن الخضر وحسب ما أوردت الصحف أمس الأول، فإنه وأمام حشد لقيادات المؤتمر الوطني بالمحليات والأحياء بولاية الخرطوم وهو رئيس المؤتمر الوطني بالولاية «بحكم منصبه»، قال الخضر إن قواعد حزبه تربطهم قضية وليست «لمة ساي»، وقال نحن لدينا رؤية لحكم البلاد، ونحن نحكمها للأبد. ودعا الدكتور الخضر عضوية حزبه للترابط ووحدة الصف الحزبي وهذا حقه، ولكن الخطير أن الوالي قال جملة اقتصادية في غاية الخطورة، وهي أن مسيرة البلاد ستمضي ارتفع الدولار أو انخفض سعره. والمشكلة أن السيد والي الخرطوم لا يهمه ارتفاع الدولار الذي يتأثر به مواطنو الولاية الذين يبحثون عن الدواء في الصيدليات ولا يجدونه، والسبب في ذلك ارتفاع سعر الدولار، وإذا وجد المواطنون الدواء فإنهم لا يستطيعون دفع ثمنه، فقد تضاعف سعر الدواء أضعافاً مضاعفة بسبب الدولار، وارتفعت أسعار مواد البناء أضعافاً مضاعفة بالولاية وعجز الناس عن بناء مساكنهم، والسبب ارتفاع سعر الدولار. وارتفاع سعر الدولار لا يعني الوالي في شيء، ولكن ما يعنيه هو حكم البلاد على طريقة «رسيها وسلمها لعيسى» أو على طريقة الخضر «وسلمها للنبي الخضر»، وهذه من شعارات التشبث بالسلطة، وهي لا تشبه الدكتور عبد الرحمن الخضر، ولكن يبدو أن مؤثراً خارجياً قد اثر عليه في تلك الجلسة التي خاطبها أيضا الدكتور نافع علي نافع مساعد رئيس الجمهورية لشؤون الحزب. لقد كنت أتردد على دولة سوريا في حقبة الثمانينيات، وكان الشعار المرفوع في كل المدن السورية وقتها هو «حافظ الأسد قائدنا إلى الأبد» فأين هو الأبد؟ وأين هو حافظ الأسد؟ وما هو مصير بشار الأسد خليفة الأسد الذي زور له حزبه دستور البلاد ليكون رئيساً في مكان أبيه؟ وأين سلطته ومصيرها تحت زحف المعارضة التي كانوا يظنون أنها لن تقتل ذبابة في سوريا، ولكنهم اليوم أسود يتقبلون الموت كما يتقبلون الحياة، وطالما أن الأوطان ملك للجميع فعلينا أن نقول لجميع ابناء الوطن تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم، ألا نعبد إلا الله ولا نشرك به شيئاً ولا يتخذ بعضنا بعضاً أرباباً من دون الله. «4» دولة الجنوب بلا قانون صحافة: قال الأستاذ ألفرد تعبان رئيس تحرير «جوبا مونتر» إن دولة الجنوب بلا قانون صحافة، وهذه نعمة كبيرة على حرية الصحافة والتعبير في الجنوب، ويقيني أنه ما صدر قانون للصحافة في بلد من البلدان إلا كان الغرض الأول منه هو المنع والتقييد والحد من الحرية، لكون الصحافة نشاط اجتماعي، وليس كل الأنشطة الاجتماعية وحتى السياسية ينظمها القانون، وفي الولاياتالمتحدةالامريكية وهي رائدة الحريات الصحفية في العالم لا يوجد قانون للصحافة، بل إن الكونغرس الأمريكي حرم على نفسه بموجب الدستور الامريكي إصدار أي تشريع من شأنه الحد من حرية التعبير. وفي دولة السودان التي كان الجنوب جزءاً منها تم تعديل قانون الصحافة كذا مرة دون جدوى ومن غير أن يتغير شيء، وذلك لكون المحاكم لا تطبق قانون الصحافة على الصحافيين وإنما تطبق قانون الأمن والقانون الجنائي، فما هو الغرض إذن من صدور قانون للصحافة في دولة الجنوب التي وصفها ألفرد تعبان بأنها أكثر حرية من السودان، ما الغرض من صدور قانون ؟ إذا كان الغرض هو تنظيم العمل الصحفي فذلك ممكن من خلال مواثيق العمل الصحفي وميثاق رؤساء التحرير والكتاب وغيرها وأخيراً الدستور، وهذه تكفي لعدم المساس بالحرية الصحفية في دولة الجنوب إذا كانت هناك حرية معقولة كما ذكر الكاتب. «5» مكتب العمل مرة أخرى تساءلت عن علاقة مكتب العمل وتدخله في الإجراءات الخاصة بسفر بعض السودانيين الى ليبيا الذين تأتيهم عقود عمل من ليبيا، وهي عقود بسيطة رعاة مثلاً، وقرأت للصديق حاج ماجد سوار سفير السودان في طرابلس تصريحاً بأن هناك اتفاقية بين وزارتي العمل في السودان وليبيا، وأن هناك عقوداً مزورة تأتي من ليبيا، والسؤال هل مسألة فحص العقود للتأكد من سلامتها تقتضي كل هذه الإجراءات المعقدة والرسوم المتنافية مع ظروف الشخص المسافر الذي يعامل معاملة المغترب وهو لم يسافر بعد؟ ونتساءل هل الاتفاق بين وزارتي العمل في ليبيا والسودان قد أصبح قانوناً يطبق في السودان من قبل وزارة العمل؟ أم هو تعاون فني لمصلحة المواطنين في البلدين وحسب؟ وما علاقة جهاز السودانيين العاملين بالخارج بما يحدث وقد سألنا أمينه العام في المرة السابقة عن معاناة المسافرين إلى ليبيا مع مكتب العمل بالخرطوم. «6» الأردن يصدر الخضار للسودان!! هذا خبر كامل الدسم نشرته صحيفة «المجهر» يوم الإثنين المنصرم، ويقول الخبر إن وزير الزراعة الأردني أحمد آل خطاب بحث خلال لقائه أمس الأحد مع السفير السوداني في عمان عثمان نافع حمد إمكانية تصدير الخضار الأردني إلي السودان، وأكد خلال اللقاء تفعيل التعاون بين البلدين في جميع المجالات خصوصا المجال الزراعي.. وهذا الخبر عندما قرأته لأول مرة قلت في نفسي لعل الصحيفة أخطأت وأن الصحيح هو أن السودان يصدر الخضار إلى الأردن، ولكن الخبر صحيح، وبالنظر إلى السوق يتأكد المستهلك من أن السودان يستورد الخضار من خارج الحدود مثل الطماطم الجرجير وكذا الحال مع الفاكهة واللحوم، وكان المأمول أن يصدر السودان وهو سلة غذاء العالم الخضار والغذاء لكل دول الخليج والأردن والمملكة العربية السعودية وشمال إفريقيا، ولكن هذا لا يحدث، فنحن نستورد الخضار ونستورد اللحوم ومشتقات البترول وننتج كل هذا في أرضنا. «7» الإسلاميون والسلطة: اشتريت العدد «61» من مجلة «الدوحة» وبه ملف عن الإسلاميين والسلطة الكرسي والحفرة، وهذا هو اسم الملف، وهو ملف خاص بالدوحة، وقد جلست لقراءة الملف، ولكني فوجئت بأن صفحات الملف جميعها منزوعة، وعدت لصاحب المكتبة غاضباًَ ولكنه أخبرني بأن المجلة وصلته هكذا وهو لا ذنب له.