والي الخرطوم الدكتور عبد الرحمن الخضر كثيراً ما تبنى خطوات عملية في صالح مواطني ولايته وتخفيف أعباء متصلة بتعدد الجبايات،وله في هذا الجانب عبارات تدل على إدراكه للمعاناة بشأن ازدواجية الرسوم حيث تعهد بوقف طارقي الأبواب من الجباة وتوحيد الرسوم القانونية حتى تكون عبر قناة واحدة. الرسوم التي تفرضها وزارة الزراعة بولاية الخرطوم على الذبيح المحلي معقولة في قيمتها باعتبارها مقابل خدمة تفتيش اللحوم، وهي لا تزيد عبئاً على القصابين والمواطنين. لكن محليات ولاية الخرطوم فرضت رسوماً منذ الأسبوع الماضي أعلى قيمة على الذبيح المحلي والصادر في السلخانات بطريقة تهزم سياسة الحكومة الاتحادية بتشجيع صادر اللحوم وتخفيف العبء على المواطن، وتخالف ما ظل ينادي به الخضر. الرسوم التي فرضتها محليات الخرطوم على المسالخ يبدو أن المجلس التشريعي للولاية لم يدرسها ولم يناقشها بل مررها كما اقترحتها المحليات،لذا جاءت غير معقولة ولم تراع حتى مستوى الأسعار فمثلاً ما فرض من رسم على جلود الضأن والماعز يكاد يساوي سعره وهو أمر يدعو للدهشة. وتلقي الرسوم الجديدة بظلال كثيفة على صادر اللحوم حيث تزيد نحو 700 دولار على طن لحوم الصادر،مما يضعف فرص منافسة اللحوم السودانية في الأسواق الخارجية التي تنافسنا فيها دول تشجع صادراتها ومصدريها. الرأس الواحد من الأبقار عندما يتحرك من مناطق الانتاج حتى يصل لحماً إلى المستهلك يفرض عليه 42 نوعاً من الرسوم والجبايات، وعندما يصل الى المصانع تبلغ 55 رسماً حيث إن المصانع عليها 13 نوعاً من الرسوم والجبايات. والغريب أن محلية أم بدة صاحبة المبادرة في فرض الرسوم الجديدة على المسالخ لديها مساطب للذبيح لا تراعي اجرءات السلامة وصحة المواطن،رغم وجود مسالخ للقطاع الخاص تعمل بصورة علمية،وكان ينبغي أن تكون أولويتها إغلاق هذه المساطب العشوائية ان كانت حريصة على المواطن. يبدو أن هذه المحليات لا يهمها إن زادت رسومها عبئاً على المستهلك أو عطلت صادر اللحوم وهزمت سياسة الحكومة التي ينتمون لها،فعقلية من يديرونها هي الحصول على رسوم وزيادة إيراداتهم وليس سوى ذلك. والي الخرطوم مطالب بالالتزام بتعهداته بشأن وقف تعدد الرسوم و»طارقي الأبواب» وعدم السماح بضرب البرنامج الثلاثي الذي يدعو لتشجيع صادر اللحوم،وتخفيف الأعباء عن المواطن،ونأمل أن يوقف بأمر مؤقت التشريع الذي يعطي المحليات سلطة جباية الرسوم على المسالخ والإبقاء على رسوم وزارة الزراعة فقط. ما هالني إعلان وزير المالية والاقتصاد بولاية الخرطوم صديق الشيخ عدم فرض محليات الولاية أية رسوم على لحوم الصادر بناءً على تقرير ميداني قامت به لجنة مختصة من وزارته، وقال إن المحليات تأخذ فقط جنيهين على الجلد وليس اللحوم. أخي الوزير، هناك تشريع بفرض رسوم المحليات ممهور بتوقيع رئيس المجلس التشريعي، وهناك خطابات من المحليات الى المسالخ بتحصيل هذه الرسوم منذ 4 مارس الجاري ،وتم تحصيلها عملياً منذ نهاية الأسبوع الماضي،ويبدو أن التقرير الذي أتاك لا يعكس الواقع. وما أقلقني أن يصدر التشريعان اللذان يخولان وزارة الزراعة والمحليات بفرض رسوم على الذبيح المحلي والصادر مذيلين بتوقيع محمد الشيخ مدني الملقب ب (أبو القوانين)،وأخشى أن يكون مجلس الولاية يفصل التشريعات على مقاس طالبه، ونأمل أن يكون الأعضاء يتذكرون أنهم منتخبون من جماهير سيأتي اليوم الذي تحاسبهم فيه.