يتجه المجلس الدولي خلال دورة انعقاده الحالية وفي خواتيم اعماله الى صياغة القرارات الخاصة بهذه الدورة وإصدار التوصيات والتكاليف وما الى ذلك، ولكن ومع ذلك شهدت الأيام الماضية نشاطاً مكثفاً للمنظمات والمجموعات في ما يلي الأنشطة المصاحبة للدورة وتسليط الضوء على بعض الازمات الدولية خصوصاً الازمة في سوريا والبحرين ومالي وفلسطين. وحول هذه القضايا سلطت بعض المنظمات الضوء حول مؤشرات مرور عامين على الوضع المتأزم في البحرين، فيما ناقشت منظمات أخرى الوضع في مالي، وأبانت عبر تحليلات عميقة حقيقة الأزمة في ذلك البلد المشتعل والدور الفرنسي الماثل حالياً، أما الأوضاع في فلسطين فقد شهدت عملاً مكثفاً خصوصاً الأفكار الخاصة بإعادة بناء غزة بعد الدمار الذي لحق بالبنى التحتية لعموم الاراضي المحتلة، خصوصاً تلك التي تتعلق بالإنتهاكات الواسعة لحقوق الانسان وتجريف المنازل وسكان القرى بقوة الآلة العسكرية للاحتلال. إن العالم الذي جعل حق السكن حقاً أساسياً، يتابع بقلق الجرائم المرتكبة بواسطة السلطات الحكومية في بعض البلدان المتخلفة عن ركب الحضارة الانسانية وهي تهدم وتنشط في تشريد السكان بدلاً من توفير المساكن والخدمات الاساسية لهم، ومن المهم متابعة تقارير منظمات حقوق الانسان الناشطة في حصر واحصاء الجرائم المرتكبة في هذا الخصوص حتى لا يظن أحد أن بإمكان البعض ارتكاب الجرائم الفظيعة ثم الإفلات من العقاب. ولعلنا هنا نشير إلى ضرورة إيلاء الجهات التي ترغب في الاهتمام بالجرائم المنظمة لمافيا الاراضي الاهتمام الكافي بالاساليب المستحدثة لممارسة الانتهاكات الواسعة لحقوق الانسان، ولعل المتلازمة بين الفساد وانتهاك حقوق الانسان تبدو جلية في هذا الأنموذج، ومن المهم أن تنتبه الجهات ذات الصلة الى أن معالجة ملف حقوق الانسان تتطلب التوافق بين الأفعال والأقوال وضبط الاطراف المتفلتة المتسببة في الانتهاكات الواسعة لحقوق الانسان. وبعد والي ان تنعقد في سبتمبر القادم من العام الجاري الدورة الرابعة والعشرون من اجتماعات المجلس الدولي لحقوق الانسان التي سيستمع فيها اعضاء المجلس الى تقرير الخبير المستقل المعين لمتابعة انفاذ قرارات المجلس الخاصة بالسودان، تواجه الاطراف الداخلية الضالعة في هذا الملف تحديات جمة تتمثل في الاعداد والتجهيز لتلك الدورة المهمة منذ الآن، والعمل على إصلاح وتعديل كل الاوضاع المغلوطة والقوانين المعيبة المتضاربة مع حقوق الإنسان، مع منع الانتهاكات قدر الإمكان، والعمل بجد لتعزيز حقوق الإنسان السوداني كافة دون تهاون أو تفريط، كما يتوجب على منظمات المجتمع المدني السودانية أن تضطلع بدورها في التعريف بحقوق الإنسان ونشر التوعية والحد من الانتهاكات والخروقات، حالما يتبين لها عبر الرصد، وعقد الدورات التدريبية وما الى ذلك من الانشطة التي تصب باتجاه تعزيز اوضاع حقوق الانسان. كما يتعين على الجهات المشاركة في دورات المجلس الاهتمام بالمشاركة الايجابية في تلك الدورات، فقد اعتبر العديد من المراقبين الذين ظلوا يتابعون حجم ونوعية المشاركة الحكومية وشبه الحكومية في هذه المناشط، أن مشاركة الوفود الحكومية في دورات المجلس غير إيجابية وغير مؤثرة وتحتاج الى مراجعة، فليس من المقبول مشاركة وفود من أجل المشاركة فقط وكأن المشاركة يقصد منها التكسب والحصول على التمويلات الحكومية والبيرديم دون معرفة المهمة المراد تعزيزها أو الأنشطة المطلوب إبرازها او الدور المفترض القيام به لصالح مسألة تعزيز أوضاع حقوق الانسان والدفاع عن المظلومين ورصد حالات الانتهاكات. إن المراقبين أفضل من يقدم الرؤية حول جدوى وعدم جدوى مشاركة الوفود القادمة من الخرطوم، باعتبار انهم الاعلم بطرائق عمل المجلس والمعلومات المتداولة عن مشاركة منظمات المجتمع المدني الحقيقية، وتلك المنظمات التي تلعب دوراً تمويهياً لصالح الحكومات، وتتلقى بموجب ذلك دعومات مالية مقدرة، دون أن تحرز أي نجاح في عرقلة عمل المجلس أو توقيف تدفق الحقائق المتعلقة بملف حقوق الإنسان.