ما إن اعلن رئيس الجمهورية عمر البشير رغبته في عدم الدخول في سباق الرئاسة بانتخابات 2015 م . حتى حرك الافصاح عن هذه الرغبة نشاطا داخل حزب المؤتمر الوطني على غير العادة وبدأ في نقاش الخطوة والدفع بالبديل على الهواء الطلق ومناقشتها على صفحات الصحف . وذلك رغم ان الاعلان لم يكن الاول من نوعه ، اذ سبق ان اعلن الرئيس البشير مرات عدة عدم رغبته في الترشح وكان ذلك في الانتخابات المنتهية 2010م لذا لم يشكل الحدث مفاجأة لدى القوى السياسة التي لم تحرك ساكنا تجاه الخطوة وتركت الكرة في ملعب المؤتمر الوطني. الآن اندلع جدل دستوري قدح شرارته القيادي في المؤتمر الوطني الدكتور غازي صلاح الدين مما اعاد للاذهان الجدل الدستوري الذي صاحب اعلان نتائج استفتاء الجنوب عندما تمسك رئيس البرلمان وقتها أحمد ابراهيم الطاهر بتفسير نص دستوري انهى وجود النواب الجنوبيين بالمجلس بمجرد اعلان نتائج الاستفتاء دون انتظار اعلان تكوين الدولة الجديدة، برغم ان الجنوبيين وقتها تمسكوا ايضا ببقائهم في البرلمان بتفسير لنص دستوري اخر يسمح لهم بذلك لحين اعلان الدولة الجديدة، الا ان الطاهر انتصر لتفسيره وقتها واجبر النواب الجنوبيين على مغادرة البرلمان . اذن القيادي في المؤتمر الوطني ورئيس كتلته بالبرلمان الدكتور غازي صلاح الدين يدفع بجدل دستوري يحسبه البعض ايضا حمال اوجه باعلانه ان البشير بالدستور لايحق له الترشح في الانتخابات المنتظرة 2015 ، ويشدد على ان اعادة الترشيح تتطلب تعديلا دستوريا، وفي هذا يقول صلاح الدين في مؤتمر صحفي الخميس الماضي ان قضية ترشيح الرئيس البشير حسمت دستوريا باعتبار ان الدستور أقر ان تكون الفترة الرئاسية لدورتين فقط واستند غازي في تأييد ماذهب اليه لنص المادة 57 من الدستور الانتقالي لسنة 2005 والتي تنص «يكون أجل ولاية رئيس الجمهورية خمس سنوات تبدأ من يوم توليه لمنصبه، ويجوز إعادة انتخابه لولاية ثانية فحسب». ويؤكد ان تلك المادة أخذت بحذافيرها من المادة 41 في دستور 1998 ، وفي هذا يضيف «إذا أسقطنا هذه المادة على الحالة القائمة سنجد أن الرئيس قد تولى السلطة فعلا بعد أدائه القسم في عام 2005 ، وجدد له لولاية ثانية بعد انتخابه في عام 2010، بما لا يدع مجالا للتجديد له لولاية ثالثة دون الإخلال بعبارة «فحسب». ويؤكد صلاح الدين في تعميم صحفي أمس أن النص لا يهتم للكيفية التي تأهل بها الرئيس للرئاسة ان كانت عبر االانتخاب، أم بالتراضي، أم بقوة اتفاقية السلام. ويردف « النص يشير فقط إلى ابتداء ولاية الرئيس ولا يذكر أي شيء عن انتخابه إلا عند الحديث عن التجديد لولاية ثانية» ويشدد على ان اي اتجاه لاعادة ترشيح البشير لابد ان يسبقة تعديل للدستور الحالي، أو إصدار دستور جديد يسمح بتجديد غير مقيد للولاية . ويتفق الخبير القانوني نبيل اديب مع ماذهب اليه الدكتور غازي صلاح الدين في ان البشير بحكم الدستور لايجوز ان يعاد ترشيحه، ويؤكد ان النص الدستوري في ذلك واضح تماما ، ويشدد على ان اي دعوة لاعادة ترشيح البشير في انتخابات 2015 مخالفة للدستور. ويقول اديب ل «الصحافة « عبر الهاتف امس ان فترة البشير الاولى كانت بحكم الدستور والثانية بالانتخابات، ويضيف «والدستور لم يحدد ان تكون الفترتين بالانتخابات فقط » . لكن رئيس لجنة الشئون القانونية بالمجلس الوطني الفاضل حاج سليمان يرى أن الدستور في ما يتعلق باعادة ترشيح البشير جاء حمال اوجه ويقول ان المادة 57 تتحدث عن اجل الولاية للرئيس خمس سنوات تبدأ من يوم توليه للمنصب، ويؤكد ان المادة 226 من ذات الدستور قالت « يؤدي رئيس الجمهورية القسم امام رئيس القضاء رئيسا للجمهورية ويمارس واجباته بموجب هذا الدستور « ، ويضيف ان هناك نصاً دستورياً اخر ايضا الفقرة «4» من ذات المادة تقول « لاغراض هذا الدستور واغراض نيفاشا تبدأ الفترة الانتقالية في التاسع من يوليو 2005م وتعتبر اي اجراءات او اجهزة انشئت قبل اجازة الدستور كما انها انشئت بهذا الدستور « ، ويضيف من ضمن تلك الاجهزة رئاسة الجمهورية . ويؤكد سليمان في حديثه ل «الصحافة « عبر الهاتف امس ان من يتمسكون بانتهاء دورة الرئيس وحقه في الترشح يحسبون الدورة الاولى منذ 1998 كدورة اولى ، والثانية منذ انتخابات 2010م، وهناك ايضا من يتمسكون بالنص الدستوري الاخر الذي يفسر الفترة الاولى ب2010م الي 2015 ، ومن ثم فان للرئيس الحق في الترشح لدورة اخرى وبذات النصوص الدستورية، واكد ان الطرف الاخر يمكن ان يرى ان الرئيس كان رئيسا لدولة واحدة ولكنها انقسمت ويستندون في ذلك على النص الدستوري الذي يلغى كل ماله علاقة بالجنوب بما فيها مؤسسة رئاسة الجمهورية التي تتفكك ويعتبرون ان دورة الرئيس الحالية انتقالية. ويؤكد سليمان على ضرورة وضع الجدل امام المحكمة الدستورية لتقرر فيه على ان يترك لوقته لا سيما وان الدورة الحالية لم تنته بعد، ويرى ان طرح القضية في الوقت الحالي سياسي اكثر من كونه أمرا دستوريا يتطلب الفصل فيه .