الخرطوم: محمد صديق أحمد: حمل تقرير وزارة الكهرباء والسدود الذي قدمه وزيرها المهندس أسامة عبد الله اشارات وتلميحات جلية عن اتجاه الوزارة للمطالبة أو الشروع في زيادة تعرفة الكهرباء لجهة أن ثبات تعرفة الكهرباء بحسب التقرير دون تعديل في ظل ارتفاع تكاليف انتاج الكهرباء وزيادة تكلفة قطع الغيار وتمديد الشبكات سيؤدي الى اضعاف قطاع الكهرباء على الايفاء بمتطلبات التشغيل والصيانة . وقوبلت تلميحات وزير الكهرباء والسدود برفض واضح من قبل المواطنين وثلة من المختصين وجمعية حماية المستهلك التي أعلنت رفضها الواضح لأية زيادة على تعرفة الكهرباء الحالية، وحذرت من تمادي الوزارة في تنفيذ ما ألمحت وأشارت اليه من زيادة تعرفة الكهرباء، وأوضحت ان تمت الزيادة سيكون عندها لكل حدث حديث، فيما أجمع خبراء اقتصاد على استهجان الخطوة ووصفوها بالمدهشة لجهة حجم التناقض بينها وتكلفة انتاج الكهرباء بالبلاد، فضلا على آثارها السالبة على جميع القطاعات الانتاجية لاسيما الصناعي والزراعي منها بجانب السكني الذي تعاني الغالبية العظمى من قطاعه من علو تكلفة الكهرباء خاصة بعد دمج فاتورة الماء معها . وبالرجوع بالذاكرة يجد المتابع أن رئيس الجمهورية ووزير الطاقة والتعدين السابق الزبير أحمد الحسن والمدير العام للهيئة القومية للكهرباء المهندس مكاوي محمد كانوا قد بشروا بأن أسعار الكهرباء ستشهد انخفاضا كبيرا وأن الكيلو للقطاع السكني لن يتجاوز العشرة قروش خاصة في أعقاب اكتمال مشروع سد مروي الذي مد الشبكة ب 1250 ميقاواط من التوليد المائي ذي التكلفة الصفرية في وقت كان التوليد الحراري مرتفع التكلفة الذي كانت تعتمد عليه الشبكة بنسبة 78% مكلفا جدا اذ كانت الهيئة توجه 64% من ميزانياتها لوقود توربينات الوقود لوحده. كما أن وكيل وزارة الكهرباء وبتكليف من الوزير كون لجنة من الخبراء لتقديم دراسة لتعريفة جديدة للكهرباء، وقد أشارت اللجنة في دراستها التي تقدمت بها للوكيل الى انخفاض تكلفة التشغيل بنسبة 54% عقب دخول كهرباء سد مروي، فأوصت اللجنة بخفض تعريفة الكهرباء بنسبة 30%، وأوضحت أن تكلفة الكيلو واط لا تتجاوز 10 قروش، وأن شركة كهرباء سد مروي تبيع الكهرباء من محطة توليدها بسعر «0,9» من القرش أي اقل من قرش واحد للكيلو الواحد وبرغم ذلك تحقق عائدات ضخمة بلغت أكثر من «21» مليون جنيه للنصف الأول من العام 2011 فيما لم تتجاوز مصروفاتها التسعة ملايين جنيه . ولعل تلميحات الوزير أسامة في تقريره بالبرلمان أمس الأول ليست الأولى من نوعها اذ ان ذات الوزارة قد فاجأت المواطنين في وقت سابق باعلانها لزيادة فاتورة الكهرباء كان يمكن أن تجد طريقها للتطبيق لولا تصدي النائب الأول لها بايقافها. وعلى صعيد ردود فعل المواطنين حيال تمليحات وزير الكهرباء والسدود بزيادة تعرفة الكهرباء، قال المواطن عبد الله فضل الله أحمد ان تصريحات الوزير على ما حملته من ارهاصات بزيادة جرعات الرهق والمعاناة على كاهل المواطنين الا أنها تأتي في اطار كم الزيادات التي ظلت تلهب ظهر المواطن التي آخرها زيادة تعرفة الرحلات السفرية بجانب مطالبة وزير المالية بزيادة ضريبة القيمة المضافة على السكر مرتفع السعر والذهب الملامس لعنان السماء. وأضاف عبد الله ان المواطن أضحى مغلوبا على أمره ولسان حاله يقول «الجاية من السماء تحملها الواطة» وختم ان أية زيادة في تعرفة الكهرباء تعني مزيدا من معاناة المواطنين لاسيما الشرائح الضعيفة . فيما أوضح أستاذ الاقتصاد بجامعة الأحفاد الدكتور السماني هنون أن زيادة في تعرفة الكهرباء سيكون لها أثرها السالب على الانتاج بالبلاد وتعمل على اضعاف تنافسية المنتجات السودانية بالأسواق الداخلية والخارجية في ظل التكتلات الاقتصادية التي يشارك فيها السودان. وزاد هنون أن زيادة تعرفة الكهرباء ستشكل الضربة القاضية على الانتاج الصناعي بالبلاد. وأضاف هنون ليس هناك أدنى مبرر لزيادة تعرفة الكهرباء في ظل سيطرة الانتاج المائي للكهرباء الذي يعتبر الأرخص بين رصفائه. وزاد أن الزيادة في الوقت الراهن والظرف الحالي تعني تراجع الاستثمار بالبلاد وضعف الانتاج المحلي وقلة تنافس المنتجات جراء ارتفاع تكلفتها. واعتبر هنون أي اتجاه لرفع قيمة تعرفة الكهرباء مدمرا للاقتصاد، وأبان أن الوضع الطبيعي العمل على زيادة عرض الانتاج الكهربائي حتى يتم تقليل تكلفة التشغيل ، ووصف اتجاه أو تلميحات الوزير بالزيادة بمناقضة الوضع الطبيعي الذي يفصح عن زيادة عرض الانتاج الكهربائي. وتساءل هنون متى يتم خفض تعرفة الكهرباء، وختم بأن تلميحات وزير الكهرباء والسدود تشير بوضوح الى حجم التناقض وقلة التناغم بين سياسات الوزارات، واعتبرها السبب الأول وراء الفشل في تحقيق التنمية المنشودة . ولم يذهب بعيدا عن رؤية هنون الدكتور محمد الناير وقال ان أي حديث عن زيادة تعرفة الكهرباء غير منطقي وله أثره السالب على كافة القطاعات الانتاجية، فضلا عن القطاع السكني ومحدودي الدخل الذين يعانون الأمرين في الايفاء بتكلفة التعرفة الحالية لاسيما بعد ربطها بسداد فاتورة المياه. وأضاف الناير ان المتوفر من الانتاج المائي آنيا كفيل بخفض التعرفة بجانب حل المعضلات التي ألمت بمحطة توليد الفولة. وأضاف الناير ان الخيارات التي يتوجب على الوزارة الاتجاه اليها لابد أن تقوم على استراتيجية لزيادة حجم التوليد الكهربائي لا انتهاج الحلول السهلة القائمة على زيادة التعرفة . وعلى صعيد جمعية حماية المستهلك أوضح أمينها العام الدكتور ياسر ميرغني رفض الجميعة لأية زيادة على تعرفة الكهرباء الحالية التي وصفها بالعالية ، وقال ان أية زيادة في الوقت الحالي غير مبررة. وقال ميرغني ان الجميع كان يتأهب ويتوقع خفض تعرفة الكهرباء في ظل وفرة انتاجها. وحذر من تمادي الوزارة في تنفيذ ما ألمحت وأشارت اليه من زيادة تعرفة الكهرباء. وأوضح ان تمت الزيادة سيكون عندها لكل حدث حديث.