حوار: هدى أحمد مهدي: «نحاول في هذا الحوار أن نلقي ضوءاً على تجربة الأستاذ عبد القادر م. ابراهيم المهتم بشؤون الطفل السوداني، سواء في الكتاب الورقي أو في تجربته الجديدة لانتاج كتاب الكتروني للطفل». مجموعة قصص للصغار باسم «أقوى المخلوقات» ٭ ما هي الفكرة وراء انتاج هذه القصص في اسطوانة، بدلاً عن طبعها في كتاب؟ - الفكرة وراء انتاج هذه الاسطوانة، لا تختلف عن النهج التربوي الذي أدعو إليه. وبالتالي تسهل تنميته. لا أن نأتيه بأشياء من عندنا نحن، ونمليها عليه. هذا الكتاب «أقوى المخلوقات» سبق أن أنتج في شكل كتاب ورقي، بنفس رسومات الفنانة منى لطيف، لكن بدخول الكمبيوتر في بيوت عدد من الأسر لا يستهان بها، ولتشجيع تعامل الطفل مع هذا الجهاز المستقبلي، والذي يتوقع أن يغزو جميع البيوت، قمنا بتعديله ليتوافق مع الكتاب الالكتروني. وإذا كان هو أول كتاب الكتروني يصدر في السودان، فإن شاء الله، لن يكون الأخير. إذ أن كثيراً من الكتب الأخرى، التي سبق أن أصدرناها، تحمل قابلية التحول إلى كتاب الكتروني. ٭ إلى أية فئة عمرية يصلح هذا الكتاب؟ وهل هي ثابتة أم متحركة؟ - الكتاب يستهدف الفئة العمرية من تسع إلى اثنتي عشرة سنة. ومن سمات هذه الفئة، الانطلاق بالخيال، وربط الخيال بالقيم والمثل الانسانية، والقصص التي يحويها هذا الكتاب، تستوفي احتياجات هذه الفئة. كما أن الفنانة منى لطيف، قد نجحت بجاذبية ألوانها ورسوماتها التعبيرية، ذات الحركة، في اجتذاب أطفال هذه الفئة. ونتوقع أن يستمتع الأطفال بهذه الرسومات «الثابتة» لأنها تحمل بداخلها الاحساس بالحركة. ٭ هل تعتقد أن هذا المنتج لديه المقدرة على منافسة ما تطرحه القنوات التلفزيونية الموجهة للطفل، خاصة برنامج «بيبي» الذي أفسح له مكاناً في كل البيوت، وجميع الأعمار، بما يمتاز به من الجمال والبساطة؟ - أعتقد أنها يمكن أن تنافس اسطوانات الرسومات المتحركة المستوردة. لكن اسطوانتنا هذه، تتمتع بسمتين، أرجو أن يلتفت إليهما الآباء وهي: = أن القصص والرسومات من البيئة المحلية. إذ وأنه تربوياً، ولغرس أية قيم انسانية، علينا الانطلاق من بيئة الطفل.. حتى يحس الطفل بالتصالح مع تلك القيم. فإذا كان الوعاء الذي يحمل القيم التي نريد غرسها في الطفل أجنبياً، لما تصالح معها الطفل. ونظن أن هذه القيم تخص أمماً أخرى. = حرصنا في هذه الاسطوانة أن يقلب الطفل الصفحات بيده، لا أن تجري الصفحات أمامه، ولا يكون له دخل في تحريكها. وهذا مبدأ تربوي مهم: أن يشارك المتعلم في انتاج المعرفة، لا أن يكون سلبياً في تلقيها. ٭ مما يشاهده الطفل من رسومات متحركة تدعو للعنف مثل: «سوبر مان وسبايدرمان» وغيرهما، هل تستطيع هذه الاسطوانة أن تقنعه بالانحياز إليها. خاصة وهو في مرحلة تطور، يريد أن يثبت فيها مقدراته الجسمانية، خاصة الأولاد؟ - لسوء الحظ، أن كل ما يعرض للطفل من رسومات متحركة، هو مستورد، ومعظمه لم يخضع للدراسة التربوية. نجد أن التلفزيون قد ساهم في تغريب ذهنية الأطفال، وابتعد بهم كثيراً عن بيئتهم المحلية، وهذا ما خلق فيهم تناقضاً بين ما يشاهدونه على الشاشة، وما يعيشونه في الواقع. فنجد ألعابهم جميعها تبعد كثيراً عما اعتاده الآباء في صغرهم. فالآباء الذين لعبوا «طير يا طير، وشليل وينو» وكلها ألعاب جاءت عفوياً، لكنها أسهمت في تشكيل وجدانهم. ففي أي شكل سيكون وجدان هؤلاء، الذين شاهدوا تلك الصور المتحركة، واستلهموها في ألعابهم. كما لا ننسى الأمهات اللائي لعبن بعروس بت اللبون. مما غرسته فيهن تلك الألعاب، وفي إعدادها لهن كأمهات مستقبليات. هذا الأمر قد لا تحسه الأمهات، لكنه مغروس داخلهن، وجعلهن أمهات مثاليات. ٭ كيف تستقيم تربية الطفل تربية مجتمعية، وهو يعاني من غياب المكتبة المدرسية. وهو يعاني مما يشاهده ويسمعه كل يوم من قتل وتفجير، وعنف ضد الأطفال كالخطف وما يرافقه من تعرضه لأعمال مشينة؟ - ما يتعرض له الأطفال الآن من فراغ تربوي، كغياب المكتبة المدرسية، والمناشط التربوية، والعنف ضد الطفل، وغيرها، له أثر سالب عليهم، وعلى ما نتوخى منه كأن يكون مصدراً للسلام والتنمية والعمل المجتمعي. ٭ أكرر: كيف تنظر لمستقبل الطفل، في ظل ما يسمعه ويشاهده من قتل وتفجير ودمار، سواء في الفضائيات، أو على الصحف؟ - الطفل ينبغي ألا يشاهد هذه الأشياء، وأن يلهي عنها بتوفير المواد الخاصة به. لكن بغياب هذه المواد، فهو يتطفل على المواد المقصود بها الكبار. وهذا به خطورة. لا ننسى بعض المظاهر التي جاءتنا عن طريق الإعلام، مثل الأطفال الذين شنقوا زميلهم في دنقلا. والأطفال الذين يكونون عصابات حتى في لعبهم، كما أن مقروآت الأطفال تجعلهم أيضاً يتطفلون على صحف الكبار. فإذا كانت أخبار السياسة ومقالاتها صعبة على مداركهم، فإن أخبار الجريمة ليست كذلك.