اجازة الدستور ستحدد من القادم! تنطلق غداً فعاليات المؤتمر العام الثامن للحركة الإسلامية ولاتزال قضية من يشغل منصب الأمين العام تسيطر على أجواء المؤتمر، بعدما أعلن الأمين العام الحالي علي عثمان طه عدم رغبته في الترشح للمنصب لدورة ثالثة، بجانب رفض مجلس الشورى المنحل للأمانة العامة بعدم تسمية أي شخصية لشغل المنصب وتأكيد الأخيرة على قيام مؤتمر نزيه تاركة تحديد الأمين للمؤتمر المكون من أربعة آلاف عضو. يتطلع كثير من الوفاقيين إلى أن ينتخب الأمين العام من قبل مجلس الشورى المكون من 400 عضو منتخبين من الأربعة آلاف، غير أن كثيراً من القائمين على أمر المؤتمر ذهبوا لاتهام وسائط الإعلام بالتركيز على قضية الأمين العام الأمر الذي قالوا إنه أحدث تشويشاً على المؤتمر برمته وكاد يفرغه من مضامينه بعدما تهيأ الرأي العام لأزمة أمين عام مسمى تعيشها الحركة الإسلامية. خيارات التيارين ليس من العسير رصد ذبذبات التباين التي ربما استقرت على موجات تيارين يسابقان المؤتمر منذ فترة ليست بالقليلة، فالتيار الأول لا يخفي مطالبه بفصل جسم الحركة الإسلامية عن الحزب والدولة كأن تصبح جماعة دعوية تكتف بإسهامها العضوي والقيادي في حزب المؤتمر الوطني بعدما أسسته كجناح يعبر عن رؤيتها السياسية، ثم مالبثت وأن تنازلت عن ذلك وارتضت أن تكون جزءاً منه بعد عملية الانفتاح التي شهدها الحزب بدخول مجموعات لا تنتمي أصالة للحركة الإسلامية، ثم في مرحلة تالية اتجه الحزب للدخول في شراكات سياسية مع أحزاب أخرى. في هذا السياق تجدر الإشارة لحديث ادلت به الأمينة الإعلامية للمؤتمر العام الثامن للحركة الإسلامية سناء حمد في حوار مع (السوداني) والتي قالت في سياق ردها على سؤال قريب من هذا الإطار: "إن الحركة الإسلامية اكتشفت أنها لا تستطيع الحكم منفردة"، ورغم أن تصريح سناء يتسق مع ما ارتضه الحركة من انفتاح من قبل المؤتمر الوطني بما فيه الدخول في تحالفات سياسية إلا أن عضوية عالية الالتزام داخل الحركة ترى ضرورة الفصل بينها والجهاز السياسي وهو ماعبرت عنه بشكل أو آخر جماعات داخل الكيان الإسلامي مثل السائحين ومذكرة الألف أخ. أما التيار الثاني فيتمركز ثقله داخل المؤتمر الوطني والذي يرى ضرورة اندماج كامل للحركة وتذويبها داخل الحزب ويبدو أن ما أيقظ رؤية ذلك التيار حالة الاحتجاج الصامت والعلني التي عبرت عنها الجماعات آنفة الذكر داخل التنظيم الإسلامي وربما استشعر الحزب السياسي خطورة ما ينطلي على تلك المطالبات فسعى لاختيار آلية الاندماج والتذويب لتأمين التجربة وضمان استمراريته كتيار سياسي داخل السلطة. نتائج صفرية كثيرون نظروا للجنة المكونة برئاسة رئيس شورى الحركة السابق ورئيس اللجنة التحضيرية البروفيسور إبراهيم أحمد عمر وعضوية كل من التجاني مصطفى وسامية أحمد ود. مصطفى عثمان وآخرين والتي تم تشكيلها من قبل الأمين العام للنظر في الشكاوى والطعون المقدمة حول المؤتمرات الولائية والقاعدية التي جرى تنظيمها، أن للجنة وظيفة أخرى مستترة وهي البحث عن شخصية يمكن أن تحظى بالقبول والحد الأدنى من التوافق لمنصب الأمين العام، ويرى أصحاب هذه الرؤية أن تباعد وجهات النظر وعدم توافق اللجنة على شخصية واحدة هو ماقاد رئيسها للقول بأنه يرى حق أي عضو الترشح لمنصب الأمين العام. ظنون ومخاوف حالة من القلق تنتاب النقاشات التي ينتظم فيها الإسلاميون والمهتمون بمؤتمر الحركة الإسلامية جراء عدم الاتفاق على أمين عام وقادتهم لما يشبه الرؤى المتشائمة بعدما استعصت عليهم القراءة الصحيحة لمسارات المؤتمر. ولم تخفِ مصادر نافذة بالتنظيم الإسلامي ل(السوداني) طلبت حجب أسمائها قلقها من أن تقود ضبابية عدم ترشيح أمين عام لحدوث مفاجآت قالت إنها سوف تكون راعدة يمكن أن تتولد من إشكالات قالت إنها ستكون كبيرة داخل المؤتمر الذي توقعت ذات المصادر أن لا ينتهي في المدة المحددة له في ظل ما أسمته بالقضايا المعمقة الملقاة على عاتق المؤتمرين الذين يحظون بفرص متطابقة في النقاش والتصويت. فيما توقعت مصادر أخرى عدم إجازة الدستور المقترح من قبل المؤتمرين رغم أن المؤتمر العام سبق أن فوض مجلس الشورى القومي لإعداد دستور للحركة و(إجازته)، ومن الضروري الإشارة هنا إلى أن الحركة ظلت منذ تاريخها تعمل بنظام اللوائح إذ سمى شورى الحركة القومي أحمد إبراهيم الطاهر على رأس لجنة أسند لها إعداد دستور عكفت اللجنة على إعداده منذ ثلاث سنوات، حيث رفع الأمر للاجتماع الأخير لمجلس الشورى القومي المكون من قبل المؤتمر السابع والذي بدوره قام بإجازته قبل حله وأوصى أعضاء المجلس بالدفع بالدستور للمؤتمر العام للنظر فيه لإحداث أكبر قدر من الإجماع والتوافق عليه ليصبح وثيقة ناظمة للحراك التنظيمي للإسلاميين. قوائم المرشحين مع كثافة المداولات والأوراق المقترحة سيجد المؤتمرون الذين تشكل الولايات فيهم 1600 من الأعضاء البالغ قدرهم أربعة آلاف عضو تتوزع بقيتهم 10% للنساء و6% للطلاب ومثلها للشباب و3% للعاملين بالخارج، سيجدون أنفسهم أمام مسؤوليات أضخم حيث يناقشون وثيقتهم الناظمة (دستور الحركة الإسلامية) خاصة مادتي عدم التجديد للأمين العام لأكثر من دورتين، ومادة انتخابه من مجلس الشورى المكون من 400 عضو، وهما مادتان شغلتا في الآونة الأخيرة الرأي العام وأوساط الإسلاميين الذين اختلفوا مابين مؤيد لترشيح الأمين العام من قبل مجلس الشورى قائلين باستحالة انتخابه من بين 4000 عضو وآخرين يصرون على انتخابه مباشرة من المؤتمر العام لضمان نزاهته وتحقيق اسمى مقاصد الشورى. في ذات الوقت سارع البعض للتركيز على المعايير التي يجب توفرها لدى الأمين العام والتي حددت بصلته بالجهاز التنفيذي وإلمامه بتفاصيل الحياة السياسية ومستوى علاقاته الخارجية، وبعيداً عن هذا الجدل رشحت كثير من الأسماء لشغل منصب الأمين العام حيث وصف مراقبون لحراك مؤتمر الإسلاميين القيادي البارز بالحركة د. غازي صلاح الدين ب"الأوفر حظاً" للظفر بالمنصب، حال جرى الانتخاب من قبل المؤتمر العام، وهو وصف ربما يشير لعدم ضمان فوزه من قبل مجلس الشورى وهي إشارة ووصف لا يخلوان من (مكر) بائن وطعن مسبق في مصداقية مجلس الشورى القومي الذي لم يتم انتخابه بعد، الأمر الذي ربما يقود لترسيخ حالة من الانقسام والرفض المسبق لنتائج المؤتمر العام. خارج المسار فى السياق برز حديث ظل يهمس به البعض عن خروج الحركة الإسلامية عن طريقها بناء على ماجاءت به في بدايات السعينيات من القرن الماضي مروراً بالعام 1989 – عندما استولت على السلطة وسعت إلى تطبيق الشريعة الإسلامية بناء على مقتضيات دستورها ولكن ما لم يتحسب له الجميع آنذاك أن يتم حل مجلس شورى الحركة الإسلامية من قبل أمينها العام آنذك د. حسن عبدالله الترابي – للتحول من الحركة الفكرية الإسلامية ذات التوجه العقدي الإسلامي إلى صاحبة السلطة والنفوذ – لذا فإنه من المتوقع أن يكون مؤتمر الحركة الإسلامية الثامن محطة للمراجعة والوقوف على تجربة امتدت لعشرات السنين ومكثت في يدها السلطة والثروة إضافة إلى عدم إخفاء بعض قيادات الحركة الإسلامية السودانية أنهم في حاجة ماسة للتجديد. وسبق للقيادي بالمؤتمر الوطني والحركة الإسلامية د. أمين حسن عمر في حوار مع (السوداني) أن أشار إلى أن التجديد ليس ببعيد عنهم وذلك بناء على ظهور خلاف بدا يلوح في الأفق يتصل بخيارات الأمين العام القادم للحركة وفرص الترشيح المتاحة، وأضاف ليس هناك خلاف بهذا المسمى وإنما هي وجهات نظر مختلفة تنظر إلى من هو أحق بالمنصب برغم من عدم تحديد أدنى مخصصات أو عائدات له فهو عمل طوعي في المقام الأول – مشدداً على ضروره إفساح الشباب بناء على نهج التجديد الذي أوصي به الدين الإسلامي. وفي ذات السياق كانت الشائعات هي العامل الأول للتحصل على مثل تلك المعلومة المتصلة بالأمين العام والتي منها شأن بروز جماعات شابة رافضة لمجرد نقاش فكرة الدفع بشخصية من الصف أو الرعيل الأول للحركة الإسلامية وهو ما قد يكون أجهض حظوظ قيادات توقع البعض من داخل الحركة نفسها احتدام التنافس فيما بينها حيث نجد أن شارات مضت نحو تيار واسع يساند بروفيسور إبراهيم أحمد عمر وذلك وفقاً لتفاصيل تتعلق بخبرته وعلاقاته الإسلامية وشخصيته التوافقية وهذا ما وفر له المساندة من أبناء جيله ، وفوزه باحترام وتقدير قطاعات واسعة داخل الحركة الاسلامية. أدوار شبابية وقد أشارت أحد مصادر لاعتذار د. كمال عبيد عن الترشح إذ يعتبر هو الآخر أحد النماذج الإسلامية التي ينظر لها الشباب بشيء من تجسيد فكرة التغيير والالتزام، وقد توقع البعض صعود أسهم الرجل حال توفر اسناد ودعم من قبل القيادات المؤثرة داخل الحركة الاسلامية المتحفظة على صعود غازي لمنصب الامين العام. توقعات أخرى ثمة اتجاه آخر يرى من الصعوبة بمكان أن يطوي المؤتمرون أمر الدستور ورجحوا بشدة إعادة انتخاب الأمين العام الحالي علي عثمان، فيما برز اسم ثالث يرى الكثيرون أنه يمكن أن يشكل حلاً وفاقياً لمسألة الأمين العام وهو البروفيسور عبدالرحيم علي حيث يقول مناصرو هذا التوجه إن الرجل يحظى بقبول ووفاق كبير لدى أوساط الإسلاميين ومضوا لأبعد من ذلك حيث قالوا بإمكانية اختيار الأمين العام الحالي علي عثمان لمنصب رئيس مجلس الشورى وانتخاب بروف عبد الرحيم اميناً عماً وانتخاب نائب للأمين العام من الشباب.