ابتسامات البرهان والمبعوث الروسي .. ما القصة؟    انتدابات الهلال لون رمادي    المريخ يواصل تدريباته وتجدد إصابة كردمان    مشاد ترحب بموافقة مجلس الأمن على مناقشة عدوان الإمارات وحلفائها على السودان    مركز الملك سلمان للإغاثة يدشن تسليم الدفعة الثانية من الأجهزة الطبية    أنشيلوتي: لا للانتقام.. وهذا رأيي في توخيل    بعد فضيحة وفيات لقاح أسترازينيكا الصادمة..الصحة المصرية تدخل على الخط بتصريحات رسمية    شمس الدين كباشي يصل الفاو    راشد عبد الرحيم: يا عابد الحرمين    سعر الدرهم الإماراتي مقابل الجنيه السوداني ليوم الإثنين    بعد أزمة كلوب.. صلاح يصدم الأندية السعودية    الإمارات وأوكرانيا تنجزان مفاوضات اتفاقية الشراكة الاقتصادية الشاملة    المؤسس.. وقرار اكتشاف واستخراج الثروة المعدنية    القلق سيد الموقف..قطر تكشف موقفها تجاه السودان    الداخلية السودانية: سيذهب فريق مكون من المرور للنيجر لاستعادة هذه المسروقات    مدير شرطة ولاية النيل الأبيض يتفقد شرطة محلية كوستي والقسم الأوسط    السودان..مساعد البرهان في غرف العمليات    تعلية خزان الرصيرص 2013م وإسقاط الإنقاذ 2019م وإخلاء وتهجير شعب الجزيرة 2024م    تدرب على فترتين..المريخ يرفع من نسق تحضيراته بمعسكر الإسماعيلية    الزمالك يسحق دريمز في عقر داره ويصعد لنهائي الكونفيدرالية    إيران تحظر بث مسلسل "الحشاشين" المصري    شاهد بالفيديو.. سائق "حافلة" مواصلات سوداني في مصر يطرب مواطنيه الركاب بأحد شوارع القاهرة على أنغام أغنيات (الزنق والهجيج) السودانية ومتابعون: (كدة أوفر شديد والله)    شاهد بالصورة والفيديو.. طلاب كلية الطب بجامعة مأمون حميدة في تنزانيا يتخرجون على أنغام الإنشاد الترند (براؤون يا رسول الله)    شاهد بالفيديو.. الفنانة ندى القلعة تواصل دعمها للجيش وتحمس الجنود بأغنية جديدة (أمن يا جن) وجمهورها يشيد ويتغزل: (سيدة الغناء ومطربة الوطن الأولى بدون منازع)    شاهد بالصور.. بالفستان الأحمر.. الحسناء السودانية تسابيح دياب تخطف الأضواء على مواقع التواصل بإطلالة مثيرة ومتابعون: (هندية في شكل سودانية وصبجة السرور)    جبريل إبراهيم يقود وفد السودان إلى السعودية    تجارة المعاداة للسامية    يس علي يس يكتب: روابط الهلال.. بيضو وإنتو ساكتين..!!    سرقة أمتعة عضو في «الكونجرس»    بايدن منتقداً ترامب في خطاب عشاء مراسلي البيت الأبيض: «غير ناضج»    تدمير دبابة "ميركافا" الإسرائيلية بتدريب لجيش مصر.. رسالة أم تهديد؟    حسين خوجلي يكتب: البرهان والعودة إلى الخرطوم    شاهد بالصورة.. بعد أن احتلت أغنية "وليد من الشكرية" المركز 35 ضمن أفضل 50 أغنية عربية.. بوادر خلاف بين الفنانة إيمان الشريف والشاعر أحمد كوستي بسبب تعمد الأخير تجاهل المطربة    قوة المرور السريع بقطاع دورديب بالتعاون مع أهالي المنطقة ترقع الحفرة بالطريق الرئيسي والتي تعتبر مهدداً للسلامة المرورية    السينما السودانية تسعى إلى لفت الأنظار للحرب المنسية    بيان جديد لشركة كهرباء السودان    أمس حبيت راسك!    سوق العبيد الرقمية!    دخول أول مركز لغسيل الكلي للخدمة بمحلية دلقو    والي ولاية الخرطوم يقف على إنجاز الطوف المشترك لضبطه متعاونين مع المليشيا ومعتادي إجرام    شركة توزيع الكهرباء في السودان تصدر بيانا    تصريحات جديدة لمسؤول سوداني بشأن النفط    لطرد التابعة والعين.. جزائريون يُعلقون تمائم التفيفرة والحلتيت    دخول الجنّة: بالعمل أم برحمة الله؟    الملك سلمان يغادر المستشفى    عملية عسكرية ومقتل 30 عنصرًا من"الشباب" في"غلمدغ"    جريمة مروّعة تهزّ السودانيين والمصريين    تطعيم مليون رأس من الماشية بالنيل الأبيض    بالصور.. مباحث عطبرة تداهم منزل أحد أخطر معتادي الإجرام وتلقي عليه القبض بعد مقاومة وتضبط بحوزته مسروقات وكمية كبيرة من مخدر الآيس    لمستخدمي فأرة الكمبيوتر لساعات طويلة.. انتبهوا لمتلازمة النفق الرسغي    مضي عام ياوطن الا يوجد صوت عقل!!!    إصابة 6 في إنقلاب ملاكي على طريق أسوان الصحراوي الغربي    مدير شرطة ولاية شمال كردفان يقدم المعايدة لمنسوبي القسم الشمالي بالابيض ويقف علي الانجاز الجنائي الكبير    الطيب عبد الماجد يكتب: عيد سعيد ..    بعد نجاحه.. هل يصبح مسلسل "الحشاشين" فيلمًا سينمائيًّا؟    السلطات في السودان تعلن القبض على متهم الكويت    «أطباء بلا حدود» تعلن نفاد اللقاحات من جنوب دارفور    دراسة: القهوة تقلل من عودة سرطان الأمعاء    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الحرية والتغيير.. تجربة عامين في السلطة تحت المجهر
نشر في السوداني يوم 22 - 07 - 2022

انعقدت يوم الأربعاء 20 يوليو بدار المحامين بالخرطوم ورشة تقييم الفترة الانتقالية التي نظمتها صحيفة الديمقراطي وقوى الحرية والتغيير.
وشارك في الجلسة الافتتاحية سفراء المملكة المتحدة والمملكة العربية السعودية إلى جانب ممثلين لسفارات الولايات المتحدة الأمريكية والنرويج والاتحاد الأوروبي واليونيتامس إلى جانب هيئة المعونة الأمريكية USAD.

عمل نضالي
واعتبر عضو المكتب التنفيذي لقوى الحرية والتغيير الواثق البربر في كلمته بالجلسة الافتتاحية أن هذه الورشة بمنزلة "قيدومة لعمل نضالي كبير للحرية والتغيير" لدعم جهود بناء الجبهة المدنية لإسقاط الانقلاب وتقوية وتوسعة قوى الحرية وتقديم مسودة إعلان دستوري لكافة قوى الثورة والتغيير لوضع ملامح السلطة المدنية الديمقراطية.
وأشار البربر إلى أن عقد الورشة يوضح تمتع الحرية والتغيير بالإرادة السياسية الكافية في نقد التجربة والتوجه نحو المستقبل ومد يدها بيضاء لكل قوى الثورة معتبرًا المرحلة الانتقالية شهدت تجربة ثرة محل فخر واعتزاز بذل فيها جهد ضخم لإقامة دولة الوطن بديلًا لدولة الحزب.
وأوضح أن التجربة العملية أثبتت سذاجة ومبررات الانقلاب ومحاولات الدولة الموازية والانقلابيين في تقويض الانتقال الديمقراطي؛ معتبرًا ما يقوم به الانقلاب حاليًا من قتل وتحشيد وبث خطاب الكراهية والعنصرية "ما هو إلا جشع للسلطة وغياب للرؤية والمشروع الوطني".
اعتراف بالأخطاء
من جانبه دعا عضو مجلس إدارة صحيفة (الديمقراطي) د. هشام عمر النور في كلمته بالجلسة الافتتاحية قوى الحرية والتغيير إلى تقييم تجربتها بصورة ناقدة ونزيهة والاعتراف بالأخطاء التي ارتكبت والاعتذار العلني عنها، وأصضاف:"في ذات الوقت فإننا كذلك ندعو الآخرين من قوى الثورة إلى الإقرار بالحقائق كما هي، فلو كانت النواة الرئيسية للحرية والتغيير باعت الثورة أو تواطأت مع أعداء الانتقال الديمقراطي لما حدث انقلاب 25 أكتوبر، فهو في المبتدأ انقلاب على نواة الحرية والتغيير، وفي المنتهى انقلاب على الشعب السوداني ومطامحه في الحرية والسلم والازدهار والعدالة'.

وأشار إلى الحاجة لجبهة عريضة للقوى المدنية الديمقراطية وتشمل الحرية والتغيير، لكن لا تقتصر عليها تكون حاضنة لقيم الثورة والتقدم قائمة على الحوكمة والمؤسسية والشفافية، والمساءلة منفتحة على القوى الديمقراطية والقوى الحية في كل أركان ومسام المجتمع السوداني.
واقترح تأسيس هذه الجبهة المدنية الديمقراطية العريضة بصياغة إعلان سياسي يستند على مواثيق لجان المقاومة، ومن ثم تتم الوحدة العريضة على إعلان دستوري يصوغ المبادئ العامة صياغة دستورية محكمة ودقيقة تجنبنا المماحكات والنزاعات اللاحقة.
سنة حميدة
من جانبه اعتبر نقيب المحامين علي قيلوب عقد الورشة بالتعاون بين صحيفة الديمقراطي وقوى الحرية والتغيير يفتح الباب لسن سنة حميدة ستحفزهم في اتحاد المحامين الاقتداء بها بجرد حصيلة تجربتهم منذ تكليفهم بتولي مسؤولية نقابة المحامين.
وأشار قيلوب إلى وجود عدد من القضايا ذات الصلة والارتباط ما بين نقابة المحامين ومهنة ونقابة الصحافة في رصد الانتهاكات والتجاوزات المرتبطة بالحقوق والتصدي لها وكشف الفساد مستدلًا بدور الصحافة في سيرلانكا التي كشفت فساد الأجهزة الحاكمة هناك مما أدى لإسقاط الحكومة هناك؛ مشددًا على دور الصحافة الاستقصائية في تبصير الناس والمواطنين بالانتهاكات وقيام المحامين بالتصدي القانوني لها.
تجديد المنقار
من جهته أشار عضو مجلس السيادة السابق والقيادي بالحرية والتغيير محمد الفكي في الورقة التي قدمت بالجلسة الأولى تحت عنوان (قوى إعلان الحرية والتغيير النشأة والتطور والمستقبل)؛ إلى أن بعض الأوساط أثارت شائعات مفادها أن قرار تحديد القيادة العامة كوجهة لمواكب 6 إبريل تم بتنسيق مع جهات ما في النظام البائد، وقال:"هو أمر غير صحيح كليًا، إذ إن قرار التحالف بالتوجه للقيادة استند على تحليل ومعلومات بتشققات في جسد النظام وقرر أن يعمقها بهذا القرار الاستراتيجي الذي ثبتت صحته عقب ذلك، حين اجتاحت الجموع محيط القيادة وحضت قيادتها على الإطاحة بالبشير وهو ما قد حدث، ومن ثم أحبطت محاولة ابنعوف/ عبد المعروف/ قوش باستخدام هذه الجموع لتجديد المنقار فقط.. أي الإطاحة برأس النظام فقط والسيطرة كليًا على مسار الانتقال، وهذا ما لم يكن ممكنًا بسبب قوة الحركة الجماهيرية أولًا، وارتباك معسكر المؤسسة العسكرية والأمنية التي قرر بعض من قادتها عدم المضي في الخطة الأصلية للأجهزة الأمنية".
وكشف عن إدارة تحالف الحرية والتغيير خلال مرحلة التفاوض عن طريق التنسيقية التي كانت تدير العمل الميداني ولجنة الاتصال السياسي التي تولت مهمة التفاوض؛ كاشفًا عن عقد اجتماع مع قائد الدعم السريع محمد حمدان دقلو نهار يوم 11 إبريل بعد بيان ابنعوف أبلغهم فيه عدم مشاركته في المجلس العسكري الذي يعتزم ابنعوف تكوينه وانحيازه كليًا لرغبة الشارع في التغيير الشامل.
وفي ما يتصل بعقد أول اجتماع مع المجلس العسكري الذي شكله عبدالفتاح البرهان فكان يوم 14 إبريل 2019م عبر لجنة الاتصال تمت فيه مطالبة الجانب العسكري بتسليم السلطة للمدنيين وفق تصور لإعلان دستوري تم إعداده بواسطة الحرية والتغيير.
قضايا عالقة
وأشارت الورقة إلى وجود محاولات كثيرة لمعالجة القضايا العالقة في مارس 2020م بوضع إطار زمني لمدة شهرين لمعالجتها ومحاولات أخرى بعدها شهدت نقاشات عميقة حول طبيعة المصالح والمخاوف لكل طرف؛ وحينما ثبت للحرية والتغيير نية المكون العسكري للانقلاب قررت مواجهته بصورة شاملة قبل وقوعه وجعل طريقه صعبًا من خلال التصعيد العالي في الشهرين اللذين سبقا وقوع الانقلاب وما بعده.

وأقرت الورقة بوجود آراء عديدة داخل الحرية والتغيير حول عدد من قضايا للوثيقة الدستورية لكنها استدركت بالقول "بنهاية التفاوض اتخذ قرار الموافقة علي الصيغة الأخيرة للوثيقة بإجماع تحالف الحرية والتغيير في اجتماع ضم لجنة الاتصال السياسي والتنسبقية وبتوقيع ممثلي كتل التحالف المختلفة على الصيغة النهائية للوثيقة".
وكشفت الورقة جوانب من تفاصيل الخلافات بينها والحكومة الانتقالية الأولى نظرًا لعدم وجود أي ارتباط مؤسسي يجمعها بالحرية والتغيير وتحمل الحرية والتغيير للكلفة السياسية دون أن تكون جزء منها كقضايا ميزانية 2020م والتطبيع مع إسرائيل والتأخر الملازم لسير عدد من القضايا كالسلام والإصلاح الأمني والعسكري وغيرها.

وطبقًا لمحتويات الورقة فإن حزب البعث العربي الاشتراكي الأصل هو الوحيد الذي اعترض على عدم تسمية حزبي الحكومة وعلل اعتراضه ذلك بأن مهمة الحكومة سياسية ويجب تسمية سياسيين للتصدي لهذا الأمر.

ونسبة لضعف العلاقة المؤسسية بين التحالف والحكومة قرر التحالف مراجعة قراره بعدم المشاركة بداية بتعيين الولاة الذين رشحتهم الحرية والتغيير ثم جاءت المراجعة الثانية بالدفع بكوادر حزبية بسبب تقييم تجربة الحكومة الأولى ومشاركة أطراف اتفاق جوبا في الحكومة وهو ما أدى خلال الحكومة الثانية لتوثيق علاقة الحرية والتغيير والحكومة عبر صيغ مؤسسية مختلفة.
المجلس التشريعي
وأوضحت الورقة أن الحرية والتغيير تفاجأت في أكتوبر 2019م بتوقيع إعلان جوبا بواسطة نائب رئيس مجلس السيادة بالتشاور مع رئيس الوزراء والذي نص علي تأجيل تشكيل المجلس التشريعي حتى التوقيع على اتفاق السلام في مدة لا تتجاوز الشهرين وهو الاتفاق الذي تم تجديده لعدة مرات والاعتراض عليه من قبل الحرية والتغيير وتمسك أطراف العملية السلمية به.
وتناولت الورقة مساعي الحرية والتغيير لتكوين المجلس التشريعي وتوزيع حصتها بين الولايات ولجان المقاومة والكتل إلا أن هذه المحاولات فشلت بسبب ظهور خلافات في عشر ولايات واعتراض لجان المقاومة وعدم الاتفاق مع المكون العسكري على توزيع مقاعد التشاور؛ إلى جانب تعقيدات أخرى إضافية جعلت المجلس التشريعي حلبة صراع حقيقي.
وخلصت في ما يتصل بعدم تكوين المجلس التشريعي إلى أن "تعذر تشكيل المجلس بسبب تأجيله أولًا بسبب مفاوضات السلام وتعذر الاتفاق بين الحرية والتغيير وبقية مكونات الثورة على طريقة ونسب التشكيل، وتعذر الاتفاق بين التحالف والمكون العسكري على نسبة التشاور، ويمثل هذا العجز أحد أكبر إخفاقات المرحلة الانتقالية".
إصلاح الحرية والتغيير
في ما يتصل بالعلاقة مع الجبهة الثورية فتم التطرق لخلفيات الخلاف بين الطرفين ومساعي إعادة وحدتها مع قوى الحرية والتغيير. وقد جرت حوارات معمقة فرزت موقفين داخل أطراف العملية السلمية أحدهما تيار إيجابي عمل بقوة من أجل تطوير وإصلاح الحرية والتغيير وعودة الجبهة الثورية لتكون فاعلة ضمن هياكلها وهو التيار الذي قاده كل من حركة تحرير السودان – المجلس الانتقالي والحركة الشعبية لتحرير السودان – شمال وتجمع قوى التحرير وأثمر عن توقيع إعلان 8 سبتمبر الذي سعت أطراف عديدة لتعطيله، وتيار آخر بقيادة حركة العدل والمساواة وحركة تحرير السودان قيادة مناوي، واللذان مضيا في طريق آخر أدى لتيسيرهما وسندهما اللاحق لانقلاب 25 أكتوبر، وهو الأمر الذي باعد بينهما والحرية والتغيير بصورة كبيرة، في حين لا زالت المكونات الموقعة على اتفاق جوبا وإعلان 8 سبتمبر لديها عضوية فاعلة في الحرية والتغيير على الرغم من التناقضات التي خلفها الانقلاب وعلاقتها باتفاق سلام جوبا.
التوتر مع لجان المقاومة
وأقرت الورقة بحدوث توتر في العلاقة مع لجان المقاومة لعدة أسباب من بينها الصراع الحزبي داخل اللجان وتعريف طبيعة دور اللجان في المرحلة الانتقالية وتسرب رؤية للجان حول عدم ملامسة المرحلة الانتقالية لسقف الطموحات الثورية؛ واعترفت بعدم بذل مؤسسات التحالف والسلطة الانتقالية للجهد الكافي لسد ثغرات التواصل وعدم السماح بتنامي وتوسعة شقة الخلاف.
ورغم حدوث تقارب في الفترة التي سبقت الانقلاب، والذي لعبت فيه لجنة التفكيك دورًا مهمًا في ذلك وتم عمل مشترك كبير في مواكب 30 سبتمبر و21 أكتوبر وعقب الانقلاب مباشرة في التصدي له إلا أن الورقة قالت" وفي وقت لاحق بعد أسابيع من الانقلاب بدأت الشقة تظهر من جديد وتتسع وتعذر التنسيق المباشر بين الطرفين رغم استعداد الحرية والتغيير لكل أشكال التنسيق، إلا أن رؤية اللجان حول العمل المشترك لا زالت غير واضحة وفيها تباينات في الرؤى عقدت الوصول لصيغة عمل مشتركة حتى الآن".
ونوهت الورقة لمقدرة المقاومة الشعبية لانقلاب 25 أكتوبر في تعميق عزلة الانقلاب وإفشاله بشكل غير مسبوق في تاريخ أي انقلاب بالسودان التي باتت تمثل الأساس الموضوعي لهزيمته وتأسيس سلطة مدنية ديمقراطية بديله له.
واعتبرت أن الفريضة الغائبة لهزيمة الانقلاب تتمثل في وحدة قوى المقاومة في جبهة مدنية متحدة مشيرة إلى أن الجهود التي بذلت تجعل تحقيق هذا الهدف أقرب من أي وقت مضي.


واشارت إلى أن اتفاقية السلام أضحت بلا إطار دستوري، وفشل قادة الانقلاب في تنفيذها، لأن تنفيذها يتطلب مناخًا ديمقراطيًا، وقد دار حوار عميق داخل الحرية والتغيير حول الموقف الاستراتيجي واعتمدت ضرورة تطوير موقف هذه التنظيمات وضرورة توسيع قاعدة المقاومة ضد الانقلاب، وعدم أخذ تنظيمات الكفاح المسلح ككتل صماء وإن المصالح الحقيقية للجماهير التي عانت من ويلات الحرب تكمن في مقاومة الانقلاب وفتح الطريق نحو تطبيق حقيقي لاتفاق السلام واستكماله مع الأطراف التي لم توقع، وإن تكوين الجبهة المدنية المتحدة ينبغي أن يضم التنوع السوداني في إطار مقاومة وهزيمة الانقلاب مع أخذ الوضع الخاص لهذه التنظيمات ومطالبتها بتطوير مواقفها المساندة للحركة الجماهيرية وهزيمة الانقلاب، آخذين في الاعتبار أن مصالح هذه التنظيمات في السلام الحقيقي لا تتطابق مع الانقلابيين وطال الزمن أم قصر لا بد لها من أخذ مواقف واضحة للتفريق بين مواقفها ومواقف الانقلابيين والانحيار إلى جانب الجماهير.
وأشارت الورقة إلى أن ما تم حتى الآن من عمل ضد عودة الإسلاميين وقيادة النظام البائد للواجهة ليس بالقدر الكافي، ونحتاج لأشكال وأساليب متنوعة لمقاومة عودتهم، وفضحهم وفضح مخططاتهم داخليًا وخارجيًا، فهم يشكلون تحديًا لبلادنا والعديد من بلدان الجوار والإقليم والعالم والكل يعرف الضرر الذي ألحقوه بالسودان داخليًا وخارجيًا من قبل.
أداء الحرية والتغيير
تناولت الجلسة الثانية ورقتين عن الأداء الدستوري القومي للحرية والتغيير تضمنت الأولى التي قدمها وزير شؤون مجلس الوزراء السابق والقيادي بالحرية والتغيير المهندس خالد عمر يوسف (تجربة حكومة الفترة الانتقالية الإنجازات -الإخفاقات والدروس المستفادة) وأشار في مستهل تقديمه الورقة إلى مشاكل وصعوبات في التواصل مع وزراء الحكومة الأولى الأمر الذي جعلهم يعتمدون بشكل أساسي علي تقارير الأداء.
واستدل خلال حديثه على عدم تدخل الحرية والتغيير على اختبارات حمدوك من قبل الحرية والتغيير لترشيحهم لمدني عباس مدني كوزير لشؤون مجلس الوزراء حتى بكون صلة الربط بينها والحكومة إلا أن حمدوك اجتمع بمعية د.الشفيع خضر بمدني وتحدثا معه حول وجود مرشح ثان يفضله مجلس الوزراء لهذا الموقع واقترحا عليه وزارة الصناعة والتجارة وأضاف:"هذا يؤكد أن رئيس الوزراء كان لديه مطلق الخيار في اختيار الوزراء وليس كما ذكر بأن الحرية والتغيير مارست عليه ضغوطًا لفرض مرشحيها".

وأشارت الورقة إلى أن أهم إيجابيات شخصية رئيس الوزراء كانت قدرته على خلق إجماع وأردفت :"ولكن السعي للحصول على الإجماع بصورة مستمرة خصوصًا العلاقة مع المكون العسكري قادت أحيانًا لنتائج سلبية".
علاقة مؤسسية
وذكرت بأنه منذ استلام رئيس الوزراء لموقعه لم تخلق علاقة مؤسسية بينه وبين التحالف، ونتج عن ذلك شقة بينهما حتى صارا كيانين متمايزين كليًا لا تربطهما أي روابط مؤسسية؛ كما نوهت لعدم إيمان رئيس الوزراء بوجود دور سياسي له واعتقاده أن الواجبات السياسية تقع على عاتق قوى الحرية والتغيير وأن دوره دور تنفيذي إداري تقني مع تقليل انخراطه السياسي إلى الحد الأدنى.
وأقرت الورقة بالدور الذي لعبه مكتب رئيس الوزراء في تقديم المشورة والدعم الفني منوهًا لتأسيس المكتب بمرحلتين تزامنتا مع الحكومتين الأولى والثانية تباينت فيهما طريقة عمل المكتب وصلته ببقية مؤسسات السلطة الانتقالية.
ونظرًا لطبيعة مساندة المكتب لرئيس الوزراء في المهام السياسية والإعلامية فقد نتج عنه تداخل في الأدوار خصوصًا بين مهام المكتب ووزارة شؤون مجلس الوزراء، وشهدت الوزارة الثانية محاولات لمعالجة هذا التداخل عبر تحديد الاختصاصات والصلاحيات والمهام ولكنها لم توفق في خاتمة الأمر.
وقالت الورقة بأن المكتب لم يكن يقوم بدور فعال في عملية التخطيط بل كان يتعامل مع العمل اليومي الضاغط بصورة أكبر، وقد كان هنالك إخفاق واضح في التوثيق والعمل المستندي. وأشارت كذلك إلى أن عملية الاختيار والتعيين في المكتب لم تقم على أطر مؤسسية واضحة المعالم وبطريقة معلومة للكافة.
وكشفت عن حدوث انقسام وتباين في وجهات النظر بالمكتب قبل الانقلاب في التعامل مع الانقلاب الزاحف، إحداهما كانت ترى ضرورة مواجهة الانقلاب والتصدي له، والأخرى كانت ترى ضرورة عدم المواجهة وكانت تحمل قوى الحرية والتغيير المسؤولية عما يحدث. هذا الانقسام أحدث شللًا في العمل وغيابًا للتناغم في وقت مهم وحساس.
ونوهت الورقة لإحراز العديد من التقدم في مختلف المجالات على رأسها رفع اسم السودان من قائمة الدول الراغبة للإرهاب والاستفادة من برنامج الهيبك لإعفاء الديون وارتفاع المساحات المزروعة وتقليل العجز في الميزان التجاري وزيادة الاحتياطي النقدي من العملات الأجنبية بعد توحيد سعر الصرف وقال يوسف:"الحقيقة أن الانقلاب حدث ليس بسبب فشل الحكومة الانتقالية ولكن نسبة لتوجه الأوضاع صوب الاستقرار بعد تجاوز كل الصعوبات والعقبات ودخول الاقتصاد لمرحلة الاستقرار".
ونوه لاستمرار دعم الحكومة للدقيق والكهرباء وهو ما ينفي عنه اتهامات تبني سياسة تقوم علي رفع الدعم الكامل من الخدمات.
تجاوزات أردول
وكشف وزير شؤون مجلس الوزراء خالد عمر يوسف خلال تعقيبه علي أسئلة للعدد من المتداخلين عن مواجهته لمدير شركة الموارد المعدنية مبارك أردول في الاجتماع المشترك الذي تم بحضور رئيس الوزراء ووزيري المالية والتعدين بعد وضع ملف التجاوزات الخاص به من قبل لجنة التفكيك وقال:"في ذلك الاجتماع قلت له بشكل مباشر حتى إذا افترضنا أن ما تم هو جزء من أموال إقليم دارفور فإنه يدخل ضمن سوء استخدام السلطة ولذلك يجب أن تستقيل أو تقال وقلت له ذلك الحديث مباشرة في ذلك الاجتماع ... أعتقد أن هذا سبب موقفه الحاد لاحقًا من الحكومة الانتقالية ولجنة التفكيك وتبنيه موقفه السياسي الحالي لاعتقاده أن الأمر استهداف له".
وفي معرض رده على اتهامات وردت في مداخلة أحد ممثلي لجان المقاومة على الورقة باستمرار قتل الثوار إبان فترة الحكم الانتقالي كشف يوسف عن مطالبتهم لحمدوك باتخاذ إجراءات في مواجهة قائد قوة الشرطة التي أطلقت النار على مواكب 21 أكتوبر 2020م بجسر المنشية حيث تم اتخاذ هذا الإجراء بعد ثلاثة أيام؛ أما حادثة القتل الثالثة المتعلقة بالشهيد ود عكر فإن لجنة للتحري حول المفقودين التي يترأسها الأستاذ الطيب العباسي هي التي أمرت بإعادة تشريح الجثث بالمشرحة ومنع دفنها أما الحادثة الثالثة فكانت المرتبطة بأحداث القيادة العامة في 29 رمضان كاشفًا عن توجهه وعضو مجلس السيادة محمد الفكي وطه عثمان للقيادة العامة ولقائهم بكل من البرهان وكباشي وياسر العطا ومطالبتهم المكون العسكري بتسليم المتهمين للنيابة العامة في أسرع وقت لأن حادث إطلاق النار صادر من مجموعات عسكرية تابعة للقيادة العامة؛ كاشفًا عن طلب البرهان 48 ساعة لتسليم المتهمين وهذا ما تم بتسليم أكثر من 100 متهم للنيابة العامة.
وقارن بين حصيلتي الشهداء قبل إسقاط النظام المباد وبعد انقلاب أكتوبر والذين تجاوزوا في كلا الفترتين حاجز ال100 شهيد دون أن يقابل ذلك أي استجابة واتهم الجهات الأمنية بتسويق شعار "القحاتة باعوا التهم ... والتورط في قتل الشهداء خلال المرحلة الانتقالية نظرًا لعدم ارتباطها بالتحول الديمقراطي ورغبة بعض أطرافها في إثارة الرأي العام وتاليبه على الانتقال الديمقراطي".
ضعف المكون المدني
أقر عضو مجلس السيادة السابق د.صديق تاور بضعف المكون المدني بمجلس السيادة قبل الانقلاب.
وقال تاور خلال تقديمه الورقة (تقييم أداء الجهازين السيادي والتنفيذي خلال الفترة الانتقالية) أن أعضاء المكون المدني كان تصويتهم على القرارات يكون 3 وفي بعض القضايا المفصلية 4 من أصل 6 أعضاء.
وأقر بعدم وجود تصور لدى عدد من الأعضاء المدنيين الأمر الذي ترتب عليه التفريط في عدد من الملفات على رأسها سلطة مجلس السيادة مجتمعًا في القيادة العليا. للقوات النظامية والتي انفرد بها المكون العسكري قبل أن يستخدمها في صراعه السياسي من الحرية والتغيير وصولًا للانقلاب.
واعتبر أن ترأس حميدتي للجنة السلام تم بطريقة فيها تساهل حيث لم يكن حميدتي عضوًا بأي من لجان المجلس وجاء مقترح ترأسه للجنة السلام باعتبار أن الجبهة الثورية لا تثق في المدنيين ويمكنها التفاهم مع العسكريين وطبقًا ذلك تم تمرير وإجازة مقترح ترأس حميدتي للجنة السلام. منوهًا إلى أن الخطوة التالية كانت تنازل حمدوك عن ملف السلام رغم النص على اعتبره من ضمن مهام الحكومة في الوثيقة الدستورية على أن يتولى مجلس السيادة مهام الإشراف.
وأشار تاور إلى أن ضعف الصلة بين حمدوك والمكون المدني بمجلس السيادة خلق ضعفًا إضافيًا؛ ورغم إقراره بعدم تسليم حمدوك من الحرية والتغيير لبرنامج مفصل إلا أنه استغنى عنها واستعاض عنها بمستشارية خاصة ليس لها أي التزام سياسي بالثورة وأصبح حمدوك مركزًا مستقلًا معتدلًا ومنعزلًا عنها في قرارات تحتاج لسند سياسي.
واتهم مجموعة سلام جوبا التي أضيفت للمجلس السيادي بعدم الإيمان بالدور الشرفي لمجلس السيادة وبحثهم عن دور أكبر لمجلس السيادة.
ونوه إلى أن التعبئة الحادة في مقاربة المدنية والعسكرية على مستوى الشارع السياسي إضافة إلى دور جيوب النظام البائد في الأجهزة الأمنية والذي ظل يغذي روح الجفوة والعداء بين الشعب والقوات النظامية.

وأشار تاور إلى أن مجلس السيادة فرض وجوده في الشراكة مع المكون العسكري وهذا يجعل السؤال المستقبلي مرتبط بضرورة وجوده إذا كانت السلطة مدنية كاملة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.