احتج العاملون على العقد لجهة أن كثيرا من تفاصيله كانت مبهمة ولم تتضمن أي بنود حول مصير العمالة الحالية بالميناء، ليمهد العاملون للإضراب بتخفيض الأداء وطاقة التشغيل في المناولة، تبع ذلك احتجاجات وإيقاف العمل يوم 28 يناير وإغلاق الأبواب بالحاويات لأربع ساعات متتالية. السلطات وقتها لم تجد خياراً سوى تقديم ضمانات ليستمر العمل، وكانت أبرز الضمانات المقدمة تقضي بمنع مناديب الشركة من دخول الميناء، بيد أن العمال في الميناء نما لعلمهم أن الدولة ماضية في تنفيذ العقد، أعقب ذلك تصريح وزير النقل السابق حاتم السر أنه لا تراجع عن العقد، ليدخل العمال بميناء الحاويات في إضراب عام بدأ في الرابع عشر من فبراير وامتد حتى السبت الثالث والعشرين منه. سيناريوهات حل الأزمة ما برزت جدية إضراب العمال إلا ونشطت خلال هذه المدة الحكومة في احتواء الأمر بكل السبل، وتم تشكيل لجنة لمعالجة أوضاع العاملين من قبل وزير الدولة بوزارة النقل عصام الدين حسابو، إلا أن اللجنة فشلت بسبب مقاطعة نقابة مناديب الموانئ لاجتماعاتها وخاطبت الوزارة بأنها لم تستطع الوصول إلى نتيجة. تبع ذلك قرار من رئيس مجلس الوزراء السابق معتز موسى بتشكيل لجنة عليا برئاسته وعضوية مساعد رئيس الجمهورية موسى محمد أحمد ووزير النقل حينها حاتم السر ومثل لجهاز الأمن والمخابرات وممثل لوزارة المالية وآخرين، بهدف احتواء احتجاجات العمال وشرح الاتفاقية، لتصل اللجنة لبورتسودان وأجرت جملة اتصالات ولقاءات مع عدد من الجهات وجلست مع عدد من شركاء الدورة المينائية والمستفيدين من الموانئ المباشرين وغير المباشرين وواجهت العاملين برؤيتها واستمعت لتحفظاتهم. وأصدرت اللجنة عدداً من القرارات أبرزها قرار إعفاء مدير الموانئ اللواء د. عبد الحفيظ صالح وإعادة تعيين المدير السابق وكيل وزارة النقل د. جلال الدين محمد أحمد شلية مديراً للموانئ، وهي الخطوة التي شقت صفوف العاملين وأضعفت من تماسكهم لجهة أن شلية جزء من الأسرة المينائية وسبق أن ترك بصمات واضحة في الموقع، فيما يرى آخرون أن تعيين شلية امتداد لسياسة الخصخصة لجهة أنه سبق وأن وقع مع ذات الشركة عقداً لإدارة الميناء لثلاث سنوات وأسفرت جهود قادها د. شلية مع أعضاء اللجنة العليا عن الوصول لاتفاق بتعليق عقد الاتفاق مع الشركة الفلبينية لمدة شهر على أن يستأنف العمال نشاطهم في الموانئ البحرية. تعليق الاتفاق مدير هيئة الموانئ البحرية د. جلال شلية لم تمر 7 أيام على تعيينه إلا وصدر قرار أمس من رئيس الوزراء محمد طاهر إيلا بإقالته، وشرح في حديثه ل(السوداني) أن الحكومة المركزية وافقت على تعليق الاتفاق الخاص بمنح امتياز إدارة وتشغيل محطة حاويات بورتسودان للشركة الفلبينية وذلك لحين الوصول إلى صيغة توافقية مع العمال ودراسة عقد الامتياز والاطلاع على تفاصيله. وأوضح شلية أن العمال رفعوا الإضراب واستأنفوا نشاطهم في كل الموانئ البحرية وأن السلطات بدأت في معالجة الاختلالات التي نجمت عن إضراب العاملين، مؤكدا أن الموانئ قادرة على مضاعفة الإنتاج لخدمة حركة الاقتصاد السوداني، وكشف أن عمال الميناء الجنوبي ضاعفوا أداءهم فور إعلان رفع الإضراب، وأضاف: الميناء شهد حركة دؤوبة خلال الثلاثة أيام الماضية واستقبل ثلاث بواخر واردة وصادرة تتبع لتوكيلات ميرسك واس مسي والتوكيلات الأهلية، وتم تفريغ 563 حاوية وتم شحن 283 حاوية صادر، منوها إلى أن العمل جارٍ حالياً في تجهيز ثلاثة آلاف حاوية صادر بالميناء ومن المقرر أن يستقبل الميناء أربع بواخر اليوم وغداً مشيراً إلى أن العمل انساب بصورة جيدة في الموانئ، مشددا على أن العمال رأسمال الموانئ ولن نقبل المساس بهم، مؤكدا أن عقد الشركة الفلبينية لن يمس بمصالح العاملين وأن الدولة حريصة على حفظ حقوقهم. وكشف شلية أن الغرض من تعليق الاتفاق مع الشركة الفلبينية لمدة شهر هو كسب مزيد من الوقت للدراسة والتأني والتشاور مع أصحاب المصلحة من العاملين وشركاء الموانئ للخروج برؤية تحفظ حقوق العاملين وتمكين الميناء من التحديث والتطوير والمنافسة في حصته في سوق النقل البحري ورفع كفاءته التشغيلية. رد فعل على التعليق من جهته رحب رئيس النقابة البديلة عثمان طاهر آدم بقرار تعليق الاتفاق مع الفلبينية، مؤكدا في حديثه ل(السوداني) أمس، أنهم يتمنون أن تكون بداية الشهر بداية لقرار قادم بإلغائه، وأضاف: رفعنا الإضراب لمدة شهر بمثلما جاء قرار تجميد الاتفاق مع الشركة لحين تشاور كل الأطراف، ومراجعة تفاصيل العقد من كل النواحي المالية والفنية والقانونية ودراسة كيفية المخرج. مؤكدا تمسكهم برأيهم في رفض خصخصة الموانئ جملة وتفصيلاً، ودعا للبحث عن مخارج أخرى لتطوير الميناء. وأكد رئيس النقابة البديلة أن الموانئ قادرة على تطوير نفسها وقادرة على تنفيذ شراكات مع دولة رائدة في مجالات إدارة الموانئ وليس من المصلحة الإصرار على الاتفاق مع شركة فلبينية؛ خاصة أن العقد يمنحها حق التشغيل لعشرين عاما كما يمنحها حقا حصريا في مجال الحاويات ويحرم السودان من فرص إنشاء موانئ حاويات جديدة على الساحل السوداني.