:: البرلمان يطالب وزير العدل بإعادة (خط هيثرو)، هكذا خبر البارحة، ولنواب البرلمان نحكي حكاية مسمار جحا: باع جحا داره لجاره، ثم غرس مسماراً في جدار الدار، وألزم الجار بأن عقد بيع الدار لا يشمل المسمار، فوافق الجار.. وبعد الموافقة والتوقيع على عقد بيع الدار، ظل جحا يطرق باب الجار يومياً، وأحياناً مرتين أو ثلاثاً في اليوم، ليتفقد حال (مسماره).. فاستاء الجار، ثم هرب من القرية تاركاً لجحا داره ومسماره، وكهذا صار الحدث مثلاً شعبياً.. ولو قرأ البرلمان عقد بيع سودانير لعارف والفيحاء، لن يجد مسمار جحا المسمى حاليا ب(خط هيثرو).. فالبيع يشمل سودانير بكل ما لها وما عليها.. ولم يلزم العقد عارف والفيحاء بعدم بيع أي أصل من أصول سودانير - خطاً كان أو مكتباً - لأية جهة، وهذا شيء طبيعي، إذ ليس من العقل أن تبيع سيارتك بشرط ألا يبيع الشاري (المقعد الخلفي)!!. :: هيثرو مطار عريق ببريطانيا، وكانت لشركة سودانير - في عهدها الذهبي - رحلة يومية لهذا المطار، فتدهورت سودانير وتقزمت الرحلات من سبع إلى خمس ثم ثلاث، وأخيراً (رحلتين)، عندما اشترتها عارف والفيحاء.. وبعد امتلاك عارف والفيحاء، عجزت سودانير عن تسيير الرحلتين إلى مطار هيثرو.. ولم يعد بمطار هيثرو هبوط ولا إقلاع لطائرة الشركة، فتنازلت الإدارة عن أزمنة هبوط وإقلاع الرحلات لشركة بريطانية، وحلت –ولا تزال- طائرت الشركة بريطانية محل طائرات سودانير بمطار هيثرو.. أما كيف -وبكم- تنازل سادة عارف والفيحاء للشركة البريطانية عن تلك الأزمنة، فهذا ما يجتهد سادة وشهود عقد البيع في إخفائه. :: والمهم.. الأسئلة التي يجب أن تُضخم قضية خط هيثرو بحيث تكون قضية بيع سودانير، هي: لماذا يشغل البرلمان الناس بقضية مسمار في جدار الدار، رغم علمه أن لشاري الدار حق نزع المسمار ورميه في برميل نفايات، ناهيكم عن بيعه؟.. أي لماذا يغض البرلمان الطرف عن القضية الجوهرية، وهي ملابسات بيع الدار ذاتها بكل جدرانها ونوافذها وأبوابها و(مساميرها)؟.. هذه هي الأسئلة الأساسية، وقد يكتشف الرأي العام والسلطات في ثنايا الإجابات -من الحقائق والمواجع- ما تستدعى التحقيق والمحاسبة.. وبالتأكيد، البحث عما حدث لسودانير أفضل من إهدار الزمن في بحث عن خط تم بيعه لعارف والفيحاء في إطار بيع (أصول الشركة) ولم يكن هناك ما يُلزم عارف والفيحاء بعدم بيع هذا (الخط). :: وبالمناسبة، سؤال محرج للبرلمان، عندما استعادت الحكومة الشركة - وخطوطها - من شركتي عارف والفيحاء قبل أكثر من عام، لماذا لم تسألها عن مصير (خط هيثرو)؟. فالحكومة لم -ولن- تسأل عارف والفيحاء عن مصير الخط، لأنها لا تملك حق السؤال منذ يوم التوقيع على عقد بيع سودانير -وخطوطها- واستلام قيمتها.. ولذلك، فإن كان البرلمان صادقاً في المساءلة والتحقيق والمحاسبة. يجب أن يُرفع مستوى المساءلة وتُوسع دائرة التحري بحيث يعرف (كيف تم بيع سودانير؟).. في خضم هذا الكيف ضاع خط هيثرو، ليتم تدوين البلاغ ضد مجهول عملاً بأحكام (فقه السترة).