لم يستحسن مولانا أحمد هرون والي شمال كردفان قبل أشهر طريقة حوارنا ونقاشنا له حول أيهما يسبق الآخر .. التنمية أم النهضة ؟!.. تمت دعوتنا يومها لنستمع للوالي النشط حول مبادرته لتغيير وجه ولايته .. حدثنا بطريقة مدهشة عن مشروع النهضة والنفير الذي لاقى قبولاً ورواجاً يستحقه .. قلت لمولانا هرون إن المرحوم مالك بن نبي المفكر الجزائري المعروف يرى أن التنمية تسبق النهضة .. ويقول إن القفز على المراحل سيعيدنا يوماً ما إلى نقطة البداية .. فبناء الأمم والشعوب عملية هندسية في المقام الأول وإن بدت اجتماعية في ظاهرها .. وحذر ابن نبي الساسة والحكام من نفخ صافرة الدعاية السياسية واستدرار عطف الجماهير بمشاريع قد تحدث حراكاً في لحظات الإقلاع .. لكنها ربما تواجه عواصف مطبات هوائية قد تضطر قائد الطائرة وهو في هذه الحالة السياسي في مكانه .. والياً كان أو وزيراً أو معتمدًا .. قلت لمولانا أحمد إن رؤية مالك بن نبي تشترط أن تكون التنمية همًا أساسيًا يسبق النهضة .. ويرى ضرورة ضبط المفردات والمصطلحات وعناوين مشاريعنا السياسية حتى نمشي على هدي ..لا نستعجل الوصول ولا نحرق المراحل .. سنمشي على مهل ..لن يضيرنا شيء إن لم نكمل مشروعنا .. سيحمل القادمون من بعدنا الفكرة وسيمضون على ذات الطريق .. هذه هي طريقة بناء الحضارات وإن طال السفر .. بدت على وجه مولانا أحمد علامات الضيق والضجر من فلسفة ناس الخرطوم في سياق تعليقه على مداخلتي بالحديث وقال ممتعضاً إنه يعرف ما قاله مالك بن نبي .لكن لمالك زمانه .. ولنا في شمال كردفان مشكلاتنا .. (نحن عايزين نعمل طريق .. موية ..مستشفى.. والنهضة خيار الشعب) ..ما عندنا وقت للفلسفة والجدل أيهما أول .. التنمية أم النهضة .. نحنا غايتو رامين قدام ..حصلونا وقت تعرفوا أيهما أول .. التنمية أم النهضة ؟! من موقع المراقبة لنفير نهضة شمال كردفان نحسب أن مولانا هرون قد قطع شوطاً مقدرًا .. لكننا نخشى عليه من قانون الحضارة ومعادلاتها التي لا تقبل الحذف وحرق المراحل !!. وبعيداً عن جدل الثقافة والسياسة نحمد لهرون حرصه الشديد علي استصحاب مجتمع وفعاليات ولاية شمال كردفان لدعم نفير ولايتهم ..وبهذه الطريقة يكون الوالي قد وضع يده على مدخل مهم لطالما افتقده المجتمع السوداني بسبب اعتماده على الحكومة في كل شيء .. سلبية قاتلة يقابل بها المواطنون نداء الحكومات الولائية للمشاركة في قضايا ذات بعد عام وتهم كل الناس .. أقول هذا وأمامي نداء وإعلان من وزارة الثقافة والإعلام بولاية الخرطوم يستنهض همة مواطني الولاية للمشاركة في نفير إصحاح البيئة بالولاية أيام الخميس والجمعة والسبت من الأسبوع الذي مضى .. حرصت على المشاركة ..لكنني لم أجد في الحي الذي أقطنه لجنة شعبية أو قيادات مؤتمر وطني أوأي منظمة شبابية أخرى تقود النفرة وتستجيب لنداء والي الخرطوم عبروزارةالثقافة . . وهو ما يعني عملياً أنه لم يخرج أحد طوعاً لحملة النفير .. ولأكون منصفاً ربما يكون ذلك في موقع سكننا بمربع8 منطقة أبوسعد .. تقودني هذه المقاطعة الصامتة لنداء حكومة الخرطوم للقول إن المدخل لنظافة الخرطوم يحتاج لدعم وزارة الثقافة الولائية لتنفيذ حملة تذكر الناس بأن النظافة سلوك حضاري وسياحي قبل أن يكون نفيرًا يزول بزوال المؤثر.. ربما يوافقني الدكتور عثمان الدقير وزير الثقافة بالخرطوم الرأي .. فهو من طينة الساسة الذين يدركون أن الفلسفة تسبق الفهلوة وخاصة في أمر الناس ومعاشهم .. لن ننهض قبل أن نحدث تنمية في سلوك الناس ووعيهم .. هذا أو العودة للمربع الأول وإن نهضوا ..ونفروا !!