د/ عادل عبد العزيز الفكي بعد تجارب مريرة مع المجتمع الدولي الغني قررت الدول الإفريقية ومنذ بداية القرن الحالي الاعتماد على نفسها في جهود التنمية ومحاربة الفقر والجوع. فأنشأت لهذا الغرض إطاراً استراتيجياً خاصاً سُمي الشراكة الجديدة لتنمية إفريقيا ويختصر ب (نيباد). ومن داخل هذه الشراكة الإفريقية/ الإفريقية، ومن أجل ضمان التخطيط السليم في الدول الإفريقية، ومنعاً لبعثرة الموارد الشحيحة تم تأسيس جسم رقابي هو الآلية الإفريقية لمراجعة النظراء. وتختصر بالأحرف الإنجليزية (APRM). أي أن القطر الإفريقي يراقبه نظراؤه من الدول الإفريقية الأخرى ولا تراقبه دول أو منظمات من خارج القارة يكون لها أهداف أخرى. شاركت ضمن الفريق الإفريقي الذي يقوم هذه الأيام بجولة في عدد من ولايات السودان لإعداد التقرير القطري. وكان حظي أن أكون من ضمن مجموعة العمل التي توجهت لولاية الجزيرة يوم الخميس الماضي. عقدنا لقاءات ثلاثة الأول مع مجلس وزراء الولاية والثاني مع مجلسها التشريعي والثالث مع الأحزاب ومنظمات المجتمع المدني والاتحادات المهنية والنقابية واتحاد أصحاب العمل. ساعات محدودة قضيناها في هذه الاجتماعات الثلاثة ولكنها كانت غنية جداً بالمعلومات والحوار وتبادل الرأي. مجلس وزراء الولاية يفهم طبيعة عمل الآلية ووعد بإنشاء نقطة ارتكاز بالولاية. كما وعد بإعداد التقارير الأربعة المطلوبة. وهي تقرير الديمقراطية والحكم الرشيد، وتقرير الحوكمة الاقتصادية، وتقرير الحوكمة للمؤسسات، وتقرير التنمية الاقتصادية والاجتماعية. وكل ذلك من وجهة نظر الجهاز التنفيذي. أما المجلس التشريعي فقد وعد بمتابعة أداء الجهاز التنفيذي بمعايير الآلية. ولكنه طلب عوناً تقنياً وبناء قدرات للنواب في هذا المجال. أما اللقاء مع الأحزاب ومنظمات المجتمع المدني فقد جاء حافلاً وجامعاً. وحضره والي الولاية بالإنابة ووزير الزراعة المهندس أزهري خلف الله الذي اتسع صدره لكل من طلب الحديث ولثلاث ساعات متصلة. وعقّب على كل المداخلات تعقيباً مطولاً. أما نحن، فريق عمل الآلية، فقد أعطتنا اللقاءات الثلاثة صورة واضحة جداً، ولكنها مبدئية، لاهتمامات وهموم الناس بولاية الجزيرة. وسياسات حكومتها نحو التفاعل مع هذه الاهتمامات. اتضح، وكما هو متوقع، أن مشروع الجزيرة العملاق هو موضع الاهتمام الأكبر. وهناك إجماع أن حل مشاكله وإدخاله دائرة الإنتاج يمثل الحل لمشكلة الفقر وضعف الخدمات بالولاية. بل لكل السودان. ورَد الحديث عن المشروع في كل الاجتماعات بتركيز واضح في اجتماع الأحزاب السياسية ومنظمات المجتمع المدني. هذا يؤشر لأهمية أن تولي السلطات الاتحادية اهتماماً على أعلى مستوى لهذا المشروع. الموضوع الثاني الذي وجد اهتماماً كبيراً في اجتماع الأحزاب ومنظمات المجتمع المدني هو قضية الفساد. تحدث الكثيرون بحرقة في هذه القضية. وكان أبرز المتحدثين فيها من الشباب. من أحزاب الحكومة وأحزاب المعارضة والمنظمات. في مداخلتي أمام اجتماع الأحزاب ومنظمات المجتمع المدني قلت إنني لاحظت يأساً وإحباطاً في فئة الشباب. وهذا أمر خطير جداً. رد على الأخ الوالي بالإنابة أن شباب الجزيرة بخير. آمل هذا، ولكنا نريده بياناً بالعمل. على كل حال أعتقد أن مشروع الجزيرة وقضية الفساد سيحتلان مرتبة متقدمة في تقرير الآلية الذي سيقدمه السيد رئيس الجمهورية أمام اجتماعات الآلية في العام 2015 إن شاء الله. وسوف يجد الموضوعان نقاشاً واسعاً من قبل الرؤساء الأفارقة النظراء. كما حدث في تقريري نيجيريا وجنوب أفريقيا بشأن الفساد. لهذا نأمل أن تعمل الأجهزة المعنية على معالجات عاجلة في هاتين القضيتين، لمصلحة السودان، وتبييضاً لوجهه أمام المحفل الإفريقي المهم. والله الموفق. هذا البريد الإلكتروني محمي من المتطفلين و برامج التطفل، تحتاج إلى تفعيل جافا سكريبت لتتمكن من مشاهدته