يوم أحد، انتصر الجيش المسلم على جيش المشركين لحد التفكير في (جمع الغنائم).. ولكن الرماة فوق الجبل خالفوا أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم، وتركوا موقعهم ونزلوا إلى ميدان المعركة ل(جمع الغنائم).. فهنا جمع الجيش المهزوم بعض أفراده، ثم استدار من خلف الجبل، وباغت جنود الجيش المنتصر بالسيوف والرماح والنبال وهم يجمعون الغنائم، فتحول انتصارهم إلى هزيمة.. وتفسير الفقهاء للهزيمة (مخالفة أمر رسول الله)، أما تفسير العساكر (مخالفة التعليمات)، وبينهما تفسير آخر مفاده ما بين الانتصار والهزيمة في كل مناحي الحياة شعرة مسماة ب(الاغترار).. وقديماً قالوا أن الاغترار بالنفس مصيدة الشيطان..!! والله أعلم، ولكن من واقع الحال الراهن، ورغم أنهم لايشبهون أولئك، يبدو أن آفة الاغترار بالنفس قد أصابت بعض ساسة الحزب الحاكم. وعلى سبيل المثال، نقرأ ما يلي نصاً: (نرفض المشاركة في الملتقى التحضيري للحوار المقام بأديس أبابا في نهاية الشهر الجاري، ولن ننشغل باجتماعات هذا الملتقى التحضيري وغيره، و لن نذهب إلى أديس أو مكان آخر قبل الإنتهاء من الانتخابات)، الدكتور مصطفى عثمان إسماعيل، رئيس القطاع السياسي بالحزب الحاكم، لوسائل الإعلام. هكذا موقف الحزب الحاكم من إحدى محطات الحوار والتفاوض من أجل السلام، وهو موقف للأسف غير صائب..!! فالجهة المنظمة لهذا الملتقى هي (الآلية الإفريقية)، وهي الآلية المكلفة من قبل الاتحاد الإفريقي وبمباركة الأممالمتحدة بإدارة ملف السلام السوداني، ومن يشكلون حضوراً بأديس للمشاركة في هذا الملتقى التحضيري منذ السبت الفائت هم ممثلي الجبهة الثورية بكل حركاتها المسلحة وحزب الأمة القومي.. ومن أهداف هذا الملتقى التحضيري تقريب المواقف الخلافية بين الحكومة وقوى المعارضة الرافضة للحوار الوطني والسلام.. وكل المناسبة بمثابة خطوة نحو الحوار المرتجى والسلام المنشود، فلماذا يرفضها الحزب الحاكم بذاك التبرير غير المنطقي والمسمى في تصريح مصطفى إسماعيل بالانتخابات؟.. لماذا الرفض .؟؟ فالانتخابات لا تعيق مسار ملتقيات النقاش والتفاوض من (أجل السلام)، فالحكومة ليست شخصاً بحيث تكتفي طاقته بإنجاز مهمة وتصرف النظر عن إنجاز المهام الأخرى، وليس هناك ما يمنع الحكومة عن المضي في مسارين (الملتقى والإنتخابات).. وإن كان الحزب الحاكم كما قال مصطفى يرى أن أطراف الملتقى قد تشترط على الحكومة إلغاء الانتخابات، فالوفد المشارك غير مقيد بقبول هذا الشرط.. أي كان يجب على الحكومة أن تشارك في هذا الملتقى التحضيري، وتستمع إلى كل محاور النقاش، ثم تقبل وترفض كما تشاء، أو كما تفعل وفودها في كل الجولات!! :: المهم، هذه الانتخابات الوارد ذكرها في تصريح مصطفى كمبرر لفرض المشاركة في الملتقى التحضيري (مجرد شماعة).. فالحكومة منذ أسابيع تبدو على ملامحها بعض مظاهر الانتصار، فالشعب يناصرها في (عاصفة الحزم)، وعلاقتها بالدول العربية (سمن وعسل)، ولذلك قد تغتر و تتناسى أمر الحركات المسلحة والمعارضة الرافضة للحوار الوطني وتشغل ذاتها بجمع (غنائم عاصفة الحزم).. فمن يخبرها بأن الاغترار بالانتصار كان ولا يزال (مصيدة الشيطان)، وأن الاستدارة من خلف الجبال دائماً ما تحول الغنائم إلى هزائم ؟؟.