إيماءً لما سطرته بالأمس هنا حول الجهود الكبيرة التي تبذلها بعثة السودان الدائمة في جنيف، لمتابعة للأنشطة الكثيرة التي تدور هناك في إطار منظمة الأممالمتحدة والمنظمات الفرعية التابعة لها، والمنظمات الدولية الأخرى التي تتخذ من جنيف مقراً لها، وصلتني ملاحظات مهمة من الأستاذ مالك عثمان البيتي مستشار السفارة حيث قال: (البعثة مجتهدة في تحريك الملفات الاقتصادية المتعددة التي تناقش في جنيف لكن التجاوب من مؤسسات الدولة المعنية يكاد يكون صفرا.. رغم أن اقتصاديات العالم تدار من جنيف و 98% من التجارة الدولية يتم تنظيمها عبر قوانين منظمة التجارة العالمية). ويضيف الأستاذ المستشار: (المشكلة إنو ما في اجتهاد في موضوع الانضمام، ولا حتى المواكبة في قضايا أنظمة التجارة الدولية التي تتيحها المنظمة، كل الوزارات الاقتصادية معنية.. الزراعة، المالية، الصناعة، الاستثمار، والعدل، وليس فقط التجارة.. الانكتاد كما رأيتم تعطي جرعات تثقيفية مقدرة، ولكن هناك منظمة التجارة العالمية وهنالك مركز التجارة الدولية.. لا بد أن تقوم الدولة بتشجيع مشاركة المختصين في كل الفعاليات التي تقام بجنيف). لقد تطرق الأخ المستشار البيتي لقضية في غاية الأهمية هي مسألة انضمام السودان لمنظمة التجارة العالمية. ذلك لأن هذه المنظمة العالمية هي الهيكل المؤسسي للنظام التجاري متعدد الأطراف. لن تكون هنالك فرصة للبقاء خارج نطاق السوق العالمي، ولن تكون هنالك فرصة للتقدم العلمي والتكنولوجي خارج نطاق التبادل المشترك في دوائر السوق العالمي. كان السودان قد تقدم بطلب الانضمام في أكتوبر 1994م، وتم تعيين فريق العمل المفاوض فور تقديم الطلب، إلا أن إجراءات الانضمام لم تبدأ بصورةٍ جادة إلا في عام 1999م، وسارت خطوات الانضمام بخطىً حثيثة حتى عام 2004م عندما تم تأجيل الجولة الثالثة من اجتماع فريق العمل، وقد استمر التأجيل إلى يومنا هذا، ومن الواضح أنه قرار أملته اعتبارات سياسية غير فنية. إن الانضمام للنظام التجاري متعدد الأطراف يتيح فرصةً للاستفادة من قواعده القانونية التي توفر ضماناتٍ بأن لا تتعرض منتوجات الدول الأعضاء التي تدخل البلاد الأجنبية إلى موانع وعقباتٍ مفاجئة، بسبب تدابير حكومية غير متوقعة. ولعل هذا من العوامل التي جعلت معظم دول العالم تنضم للمنظمة العالمية، حيث بلغت عضويتها حالياً «153» دولة، بالإضافة إلى «30» في طور الانضمام من بينها السودان. والآن يتابع السودان اجتماعات المنظمة بصفة مراقب. يذكر أنه في آخر جولة لمنظمة التجارة العالمية ببالي الأندونيسية في 2013 تم التوصل لاتفاق مهم جداً يهدف لتسريع الإجراءات الجمركية، وجعل التجارة أسهل وأسرع وأرخص، وتوفير الوضوح والكفاءة والشفافية، والحد من البيروقراطية والفساد، واستخدام التقدم التكنولوجي. ويعتقد أن الفوائد التي ستعود على الاقتصاد العالمي نتيجة لهذا الاتفاق سوف تكون ما بين 400 مليار إلى تريليون دولار. وذلك نتيجة لتخفيض تكاليف التجارة بنسبة تتراوح ما بين 10٪ و 15٪ وزيادة تدفقات التجارة وتحصيل الإيرادات، وخلق بيئة تجارية مستقرة و جذب الاستثمار الأجنبي. ان التطورات الإقليمية المحيطة بالسودان، ومشاركته في التحالف الدولي لضمان أمن المملكة العربية السعودية والأمن الإقليمي عامة، تؤشر لإمكانية زوال الحظر الاقتصادي المفروض على السودان، وبالتالي تيسير انضمامه لمنظمة التجارة العالمية. وبناءً على هذا، علينا الاستعداد بتدريب الكوادر في القطاعين العام والخاص لمواجهة هذا التطور. والله الموفق. د/ عادل عبد العزيز الفكي هذا البريد الإلكتروني محمي من المتطفلين و برامج التطفل، تحتاج إلى تفعيل جافا سكريبت لتتمكن من مشاهدته