أبوعيسى..في مرمى مدفعية الأمة تقرير : محمد حمدان هذا البريد الإلكتروني محمي من المتطفلين و برامج التطفل، تحتاج إلى تفعيل جافا سكريبت لتتمكن من مشاهدته فتح حزب الأمة القومي النار بقوة للمرة الثانية على التوالي في وجه رئيس تحالف قوى الإجماع الوطنى فاروق أبوعيسى فبعد مضى أقل من أسبوع من اتهام رئيسه الصادق المهدي لفاروق أبوعيسى بتهمة التأييد لضرب الجزيرة أبا في عهد مايو، لحق ذلك الاتهام ببيان صحفي أمس الأول ممهوراً باسم ناطقه الرسمى ياسر جلال اعتبر فيه أن اتهامات أبوعيسى نابعة من مكنونات غيرة وحسد دفين تجاه حزبه. معارك على حلبات التاريخ بالرغم من استدعاء المهدي للتاريخ لاستخدامه كسلاح في صراعه مع أبوعيسى عقب اتهام الأخير في حوار سابق له يبين فيه أن المهدي لديه علم بانقلاب الجبهة لكن قد يقول قائل بذات القدر الذي اتهم فيه المهدي أبوعيسى بتأييد ضرب الجزيرة أبا في نظام مايو، شارك المهدي ذات النظام بعد مضي سبع سنوات من ضربه للجزيرة أبا كما أشار الناشط السياسي بالحزب محمد حسن عثمان التعايشي في حديثه ل(السوداني) إلى أن النقطة المثيرة للجدل هي لماذا الاتهامات المتكررة من حزب الأمة لشركائه في تحالف المعارضة فمن قبل ثارت اتهامات بين المهدي والترابي وحالياً أبوعيسى ، وفي مصلحة من تلك الاتهامات في هذا التوقيت وماهي المحصلة النهائية لها ومدى انعكاسات تلك التهم المتبادلة على فعالية تحالف قوى الإجماع الوطني وتماسك مكوناته. اتهامات مضادة تبادل التهم والانتقادات ظاهرة قديمة متجددة بين المهدي وأقطاب المعارضة وتكمن طياتها في التصريحات التي تعكس عدم الانسجام بين مكوناتها ففي الوقت الذي تشدد فيه المعارضة من رفع سقفها تجاه إسقاط النظام يدعو المهدي إلى الجهاد المدني والتغيير الناعم رغم أن الأخير وحزبه جزء من تحالف المعارضه فهو تارةً حليفاً أساسياً للمعارضة وتارة أخرى قريب من الحكومة إلا أن الفترة الأخيرة التي اعتبر فيها أن التحالف بشكله الحالي يحتاج إلى إعادة هيكلة وتغيير أسماه ووصفه بالهلامية وأن قراراته تعد فوقية ولاتمس الواقع، تلك التهم التي وجهها المهدي شكلت نقاط تحول مهمة خاصة بعد أن قلل في موقف آخر من مقدرة الترابي وحزبه في إسقاط النظام عقب دعوة المؤتمر الشعبي لذلك. المتتبع لتلك المؤشرات تبرز له عدة تساؤلات عن ماذا يريد المهدي وأين خط حزبه السياسي، دافع مساعد الأمين العام للإعلام ياسر جلال عن موقف حزبه وبيانه الصادر أمس الأول رافضاً أي اتهام لهم بخدمة أجندة النظام متهماً فاروق أبوعيسى بالبادئ بالتهجم على حزبه وقال ل(السوداني) إن فاروق أبوعيسى بادر في حوار سابق باتهام حزبه والتجني عليه وأضاف فاروق قال " إن رئيس الحزب عارف انقلاب الجبهة وغض الطرف عنه" واعتبر إن ما صدر عن حزبه هو رد على ذلك ولفت إلى أن حرص حزبه على الإجماع والتوحد لايعني التواطوء في الرد على الاتهامات الموجهه لهم، وشكك جلال في نجاح أي مشروع سياسي يتجاهل وزن حزب الأمة وعمق تأثيره واتساع قاعدته أو يعمل على عزله... تلك الإفادة ربما تفتح تكهنات البعض في أن حزب الأمة يسعى لقيادة تحالف المعارضه ، إلا أن أبوعيسى في رد سابق له على خطاب المهدي في ذكرى الاستقلال التي وجه فيها الأخيرعدداً من التهم لقوى الإجماع استشاط غضباً وقال " يجب أن لا يزايد علينا أحد، نحن لسنا مطاريد ولا هُبل، ولن نقبل بحوار مع المؤتمر الوطني إلى الأبد" واردف في ندوة بدار حزب المؤتمر السوداني بأم درمان " نحن ما عندنا قنابير، عندنا عمم، والذي يقول إن المعارضة غير متفقة متجني وخارج عن الإجماع، ويجب أن لا ينصب أحد نفسه ألفة ويعتبر الآخرين تلاميذ أو يعتبر نفسه كبيراً، فالكبير هو الشعب السوداني" بلا شك أن العبارات أعلاه تحمل رسائل للمهدي في مقدمتها أن لاحوار مع النظام في الوقت الذي يدعو فيه المهدي إلى حوار حول الأجندة الوطنية والرسالة الأخرى هي لا أحد ينصب نفسه مسؤولاً عن الآخرين، تلك الانتقادات والانتقدات المضادة. تصريحات مأجورة حالة الشد والجذب داخل صفوف حزب الأمة تواصلت بل أن الموقف الأخير مثل محطة أخرى في مفاصلة تيارات الحزب التي توزعت لقرابة الأربع مجموعات رئيسية لا يمكن التمايز بوضوح إلا من خلال المواقف من المشاركة ومن نتائج المؤتمر العام، ووجهة النظر حول الأمين العام للحزب الفريق صديق إسماعيل، بعضها عرف بمجموعة الأمين العام، الأخرى هي مجموعة التيار العام، الثالثة هي مجموعة الإصلاح والتجديد، أما الرابعة فهي تعرف بالشباب وتجد مساندة من قيادات نافذة لم تكشف علنية عن مواقفها بعد. لذلك لم يكن مستغرباً أن تسارع المجموعة الرابعة شباب وكوادر حزب الأمة القومي للتبرؤ من بيان الناطق الرسمي وكشفوا في بيان مقتضب من أن بيان الناطق الرسمي ماهو إلا خدمة لأجندة المؤتمر الوطني وقال البيان الصادر أمس الذي تحصلت (السوداني) على نسخة منه إن الحزب الحاكم بعقليته الخبيثة والماكرة انتبه وبذل نصيباً وافراً من مال الشعب لا للبناء بل لتفتيت القوى السياسية وفق سياسة (فرق تسد) حتى تستتب له مقاليد الأمور في البلاد، مستعيناً بالعناصر الطفيلية والانتهازية من متسولي الموائد السياسية ومستهلكي الفتات داخل هذه القوى، ومضى البيان في حديثه الساخن ووصف المجموعة بأنها تمثل امتداده داخلها وهدفها تمرير سياسة التمزق والتشظي والتحييد من ثابت المبادئ والمواقف للحيلولة دون لم الشمل الحزبي والوطني، واعتبر البيان أن الهجوم على مبارك الفاضل والتيار العام ماهو إلا كذب بالتصريحات المأجورة لزرع الفتنة بين قوى التعبئة الفاشلة للمحافظة الرخيصة على المناصب وأدان البيان الهجوم على قوى الإجماع الوطني الداعية لتغيير النظام وعد البيان يعبر عن المواقف النشاز التي لا تعبر إلا عن باهت أصحابها وهي تؤكد التهافت نحو النظام الإنقاذي الهالك، ووعد البيان بالوقوف جنباً إلى جنب مع تحالف قوى الإجماع الوطنى لتغيير النظام ، إلا أن الناطق الرسمى ياسر جلال أمسك برفضه الرد على البيان المضاد له وقال ل(السوداني) إنه لايرد على بيان لايحمل اسم مؤسسة وإنما اسم " شباب وكوادر حزب الأمة القومي" نافياً وجود اسم بذلك في حزب الأمة ، تلك المواقف تنم بأن توجهات حزب الأمة ليست موضع اتفاق تام بين عضويته. المهدي.. خروج متكرر بالرجوع إلى الخلافات بين المهدي وقادت المعارضة التي لم تستو على موقف ثابت اعتبر الناشط السياسي رئيس اتحاد طلاب جامعة الخرطوم الأسبق محمد حسن عثمان التعايشي أن أسلوب المهدي في إثارة القضايا الخلافية في التحالفات السياسية ليس بجديد وإنما يمتد إلى أيام الجبهة الوطنية والتجميع والنقاش عن إعادة هيكلة التجمع وتفعيله إلى هجومه الأخير على تحالف قوى الإجماع الوطني والترابي، ودمغ التعايشي المهدي بافتقاد القدرة على العمل في التحالفات السياسية، واستبعد التعايشي في حديثه ل(السوداني) استغناء التحالف عن الأمة أو الأخير عن الأول مبيناً أن العمل التكاملي بينهما يشكل المخرج لهما رغم وصفه لنشاط التحالف بالمحدودية وضعف نشاطه وغياب الرؤية الاستراتيجية له لمجمل الأوضاع في السودان ، مشيراً إلى أن النظام وحده هو المستفيد من إثارة الخلافات التي رمى بها المهدي ، ومضى التعايشي سابراً غور تحليله في بيان حزب الأمة والبيان المضاد له واعتبر أن بيان حزب الأمة الصادر عبر ناطقة الرسمي ياسر جلال والأمين العام للحزب يمثل مجموعة أحد ناشطي الحوار مع المؤتمر الوطني وأضاف " وجد جلال ضالته في الخلاف بين حزب الأمة والتحالف للتعبير عن ذلك ولتوسيع الفجوة بين حزب الأمة وتحالف الإجماع الوطني ، وأبدى استغرابه لدخول الأمانة العامة في هذا الشأن مشيراً إلى أن ذلك خلاف تاريخي وعبر عنه رئيس الحزب وليس للأمانة العامة مسؤولية في ذلك لافتاً إلى جملة اتهامات سابقة بين المهدي وآخرين وزاد متسائلاً لماذا لم تصدر بيان عند اختلاف المهدي مع الترابي ، واستطرد مسترجعاً أن الحزب الشيوعي نفسه وليس فاروق وحده كان جزءاً من ذلك التاريخ في مايو وأضاف " نميري الذي ضرب الجزيرة أبا تحالف معه المهدي بعد مضي سبع سنوات من ضربه للجزيرة أبا" واعتبر أن أبوعيسى له تاريخ في العمل السياسي لايخلو من الإضاءات المشرقة في بعض جوانبه ويجب أن يتذكره المهدي ، إلا أن المحلل السياسي د. صلاح الدين الدومة أرجع خلافات المهدي وأبوعيسى إلى التسابق صوب القصر الجمهوري ونعت مواقفهما بخيانة الشعب وسرقته، مبيناً في حديثه ل(السوداني) بأن أبوعيسى يقدم جعجعه بلا طحين في رئاسته للتجمع وأنه لم يؤثر في النظام بل قوى من شوكته، واعتبر الدومة أن اختلاف الاثنين من مصلحة النظام مشيراً إلى أن كل منهما حشد أسلحته بما فيها سلاح التاريخ الذي اجتره المهدي ضد أبوعيسى. وقبل أبوعيسى بقليل شن المهدي هجوماً شرساً على الأمين العام للمؤتمر الشعبي د. حسن الترابي، مما دفع البعض لتمحيص نوايا المهدي الحقيقية من صداماته مع حلفائه في المعارضة أكثر من خصومه في الحكومة. ويدعو للجهاد المدني حين تطالب المعارضة بإسقاط النظام ويهاجم غريمه الاتحادي لمشاركته في الحكومة بينما يغازل الوطني الاتحادي والاتحادي الموحد والهيئة العامة, فهو تارة حليف أساسي للحكومة وأخرى عدوها اللدود قبل أن يظهر في مشهد آخر بوجه مخالف للاثنين, وعهد الناس المهدي متقلباً على تلك الطريقة مع الحكومة إلا أن منظره وهو يهاجم حلفاءه في تحالف المعارضة يوماً بعد الآخر كان غريباً ومفعماً بالغموض. رغم أن الرجل حاول إرسال رسالة مفادها الصريح أن التحالف بشكله الحالي يحتاج إلى إعادة هيكلة وتغيير اسمه ليتماشي مع متطلبات المرحلة المقبلة, ولم يكتف بذلك بل دمغة بالهلامية ووصف المهدي التكوين السياسي المشترك لأحزاب المعارضة بأنه مجرد من الهيكلة الفاعلة, وقال إن ما يصدر من قرارات تعد فوقية ولا تمس الواقع. كما نعت تحركات بعض عناصر المعارضة بالذاتية وقال إنها ترفع شعارات تريد أن تقفز بها علي المرحلة, وقال المهدي الذي كان يحتفي بيومها بذكري مولده السادس والسبعين (هذه العوامل خلقت لنا فجوة مصداقية فضحك الناس علي أدئنا مثلما ضحكوا علي الحكومة العريضة). وقبل أن تهدأ ثورة قيادات التحالف من تلك التصريحات ومحاولاتهم إيهام الصحف بتجاوزها برغم تسليم مذكرة شديدة اللهجة لحزب الأمة ينتظر تلقي الرد عليها اليوم, عاد المهدي ليعصف بكل مساع التهدئة التي انتهجها رئيس التحالف فاروق أبو عيسى وكرر في كلمته أمام حشد من أنصاره ليل أمس الأول هجومه علي المعارضة وانتقد إصرار قيادات فيها علي الدعوة لإسقاط النظام وقال إن التحالف ينبغي أن يتأسس علي فكرة الجهاد المدني لتحسين أداء التحالف وليس إسقاط النظام خصوصاً وأن المهدي يتحدث كثيراً عن تغيير النظام عوضاً عن إسقاطه. ويعتقد كثيرون أن المهدي يصوب انتقاداته الحادة تلك إلى شخص زعيم حزب المؤتمر الشعبي حسن الترابي الذي أعلنها غير مرة أن التحالف يعتزم إسقاط النظام وألا بديل آخر سوى الانتفاضة في وجه النظام الحاكم, وترى مصادر لصيقة بتحالف قوى الإجماع الوطني أن المهدي يرغب في ترؤوس الكيان المعارض وإقصاء زعيمه الحالي فاروق أبو عيسي. أبوعيسي.. الانحناء للعاصفة فى المقابل انحنى فاروق أبوعيسي لعاصفة التصريحات، ولم يشأ أن يجاريها، وقال ل(السوداني) إنه لن يرد عليها إلا بعد دراستها جيداً والتأكد من مصدرها، وأعرب أبوعيسى في تصريحات صحفية لاحقاً عن أمله في زوال الخلاف بين أحزاب المعارضة وزعيم حزب الأمة القومي الصادق المهدي، وأكد أنه لا مصلحة لأحد في خروج المهدي من المعارضة وانضمامه إلى النظام.