*تكتسب تصريحات وزير المالية والاقتصاد الوطني أهمية زائدة في هذه الأيام التى يعاني فيها المواطنون عامة من تداعيات الأزمة الاقتصادية التى فاقمتها الخلافات والنزاعات التى اندلعت عقب إنفصال الجنوب. *لكن للأسف تصريحات وزير المالية على محمود- مع كامل التقدير لشخصه الكريم- تدور وتلف حول المشاكل دون أن تدلف للمعالجات الصحيحة وعندما يتطوع بإقتراحات حلول فإنها تجئ على غرار "أرجعوا إلى الكسرة" وما الى ذلك من التصريحات غير الموفقة. *نحن نعلم أنه يعمل في ظل منظومة إقتصادية جاهزة قوامها سياسة السوق الحر التى تبناها بكل آثارها السالبة وزير المالية الأسبق عبد الرحيم حمدي الذي اتخذ نهج الصدمة في تنزيل سياسات التحرير الاقتصادي والخصخصة دون اعتبار للوضع الاقتصادي والمعيشي لغالبية أهل السودان. *وقتها تساءلنا إن كانت هذه السياسات إسلامية أم رأسمالية، خاصة وأنها لم تكن تضع أي إعتبارات لمستحقات العدالة الاقتصادية ولم تفلح الصناديق الاجتماعية في محاصرة آثارها السالبة على حياة المواطنين. *الآن هناك عوامل إضافية فاقمت الأزمة الاقتصادية وأحدثت انفلاتاً غير مسبوق بل وغير مبرر في كثير من الأحيان في أسعار السلع الضرورية الأمر الذي يستوجب مراجعة شاملة لتطبيقات سياسات التحرير الاقتصادي لمحاصرة هذه الآثار السالبة وتحقيق درجة من الاستقرار الاقتصادي المطلوب. *للأسف وزير المالية في تصريحاته التي جاءت عبر حوار سنهوري عيسى ل"الرأي العام" أمس الأول فسر الماء بالماء وهو يقول بالخط العريض: مشكلتنا إنفلات الدولار، وهو أمر معروف رغم محاولات دغمسته عبر تصريحات تطمينية على أمل إسترداد قيمة الجنيه السوداني أو إنقاذه من الغرق في بحر سياسات التحرير التي تركت حبل الأسعار على غارب السوق. *جميل أن يعلم وزير المالية ان الشعب السوداني يعتمد على الفول المصري في وجبتين ولعله أيضاً يعلم أن عصر الوجبات الثلاث قد مضى إلى غير رجعة وأن قطاعاً كبيراً من المواطنين لا يكمل حتى هاتين الوجبتين، فماذا فعل وزير المالية وحكومته من أجل تخفيف معاناة المواطنين. *لاحظوا أننا لم نقل رفع المعاناة لأنهم بصراحة لم يبشرونا بذلك في أية مرحلة من مراحل حكمهم، ونخشي ان نذكرهم بحكاية رفع الدعم عن البنزين وسلع أخرى وضعوها في برنامجهم الإسعافي ونخشى أن يكون تلميحه باللجوء إلى البرلمان لإصدار قرارات خارج صلاحيات وزارة المالية متضمناً أيضاً الضغط لرفع الدعم. *يا أهل الحل والعقد في الشأن الاقتصادي نسألكم التخفيف عن كاهل المواطنين.