أدعو وبكل صراحة السيد الرئيس البشير أن يحكم السودان لمدة شهر أو شهرين عبر المجلس الأعلى للحكم اللامركزي وليس عبر مجلس الوزراء .... فليدخل مجلس الوزراء في إجازة أو فليضعه الرئيس في عهدة نائبيه وليتفرغ للمجلس الأعلى للحكم اللامركزي ... وليقرر بعد ذلك الإستمرار في هذا النظام العبقري الجديد أو (العدل بين المجلسين) ... كل اسبوع مع مجلس ..! ولينشط مجلس الولايات أكثر من البرلمان ... ولتتفتق العبقرية عن تمثيل مقيم أو بالتناوب لممثلي الولاة في العاصمة مع ممثل للرئاسة ... لأن الخلافات ليست كلها مع المركز ... هنالك جزء ولائي ولائي يتحمل فيه المركز المسئولية طوعا ..! الأزمات الولائية لن تنتهي (بالتنمية) وليس من الضروري أن تكون التهم التي توجهها الولايات ضد المركز حقيقية أو كاذبة ... لأن السياق الإتهامي مجرب ونافع ... إن لم يدر دخلا على الولايات فإنه يدر الترضيات على الكوادر السياسية التي تمارس التصعيد والإبتزاز. لقد آن الأوان لمراجعة ما يسمى بالفيدرالية فنحن لا ندري ما هو الشيء الذي تم تطبيقه ... هل هو فيدرالية أو مزيج جهنمي رهيب من الفوضى السياسية المنظمة ..! أية فيدرالية هذه التي تجعل من الرسوم المحلية بعبعا يهدد الإستثمار ويهدد الولاية ذاتها ... ثم تأتي الولاية للمركز لتلومه على إحتكار الإستثمار وفرص العمل والنمو ..! أية فيدرالية هذه يكون فيها مجلس الوزراء الإتحادي مترهلا ومريضا بالخلافات بين الوزراء ... في كل التجارب الفيدرالية يصبح الجسم المركزي رشيقا وفاعلا ومتعاليا عن التفاصيل لصالح حكومات ولائية ذات إختصاصات حقيقية .... وفي أمريكا على سبيل المثال الوزارات الإتحادية اثنتي عشرة وزارة فقط ... ولكن حجم وزارة الخارجية والدفاع والخزانة يعدل باقي الوزارات مضروبا في عشرين لأنها وزارات إتحادية بحق وحقيقة ... أما قضايا الصحة والتعليم والخدمات فهي ولائية إلا ما اتصل بالدستور القومي ... بالمناسبة لا توجد وزارة إعلام ... وإعلامهم هو الأقوى في العالم ..! الطريق المختصر لتحجيم الأزمات الولائية السياسية والنزعات الجهوية في السودان على المدى البعيد هو تقوية الأحزاب السياسية والكيانات القومية ومنظمات وشبكات العمل الطوعي القومية بغرض تذويب الجماعات والنخب الجهوية في الماعون الوطني الواسع. هذا هو الكلام الواضح الذي لا يمكن الإلتفاف حوله. ومهما تبذل الحكومة المركزية جهودا في التنمية فإن المطالب ستزداد والشكوك ستتفاقم! لأن المسألة الجهوية فيها بعد لا يتعامل بالمنطق والعقل إنه يخاطب (العنصر) ويتفاعل مع الغبائن ويغذيها! الطريق المختصر على المدى القريب والمتوسط هو منح المجلس الأعلى للحكم اللامركزي قوة أكبر ... فهو مجلس الولاة بالإضافة إلي الوزارات المختصة ... بإختصار إنه المجلس الوحيد الذي يرأس فيه الرئيس ولاة الولايات وما عدا ذلك فالرئيس منتخب من الشعب مباشرة والوالي منتخب من الشعب مباشرة..! وما الذي يضير لو حكم البشير السودان بهذا المجلس مع تأخير دور مجلس الوزراء ... نعم تأخيره وتقليص صلاحياته لأن مجلس الولاة تحته 17 مجلس وزراء وفي كل ولاية مجلس وفيه شخصيات أفضل وأقوى من بعض الوزراء المركزيين ..!