هذا البريد الإلكتروني محمي من المتطفلين و برامج التطفل، تحتاج إلى تفعيل جافا سكريبت لتتمكن من مشاهدته تخيلوا – مثلاً – لو أن الصومال – رد الله غربتها – باعتبارها دولة عربية أقامت مسابقة على مستوى العالم العربي . . مسابقة في ما نسميه "المجادعة" الشعرية . . كأن تقول بيتاً من الشعر ينتهي باللام . . وأجاريك أنا ببيت يبدأ من اللام وينتهي مثلاً بالنون . . وتبتدر أنت بيتاً يبدأ بالنون . . وهكذا . . لا شك أن هكذا مسابقة مثلها مثل أي عمل ذهني أو رياضي بدني يحتاج إلى أناس موهوبين في هذه "الخاصية" وقد تم الاختيار من عدد من الدول العربية عدا مصر والسعودية والأردن وسوريا ولبنان وفلسطين وموريتانيا . . وجاء المتسابقون من بقية الدول العربية . . وكانت نتيجة المسابقة أن جاء السودان مثلاً في مقدمة الفائزين . . بل أحرزنا معظم الكؤوس . . أفلا يحق لنا أن نحتفي بهذا الفوز ؟ نعم من حقنا أن نستقبل "أبطالنا" بالزغاريد والطبول والذبائح وتنشر الصحف وتبث الإذاعة فرحة بالنجاح. وهكذا في بعض المسابقات ومنها مسابقة الحساب العقلي اليوسي ماس وغيره نقول أننا الأول على مستوى العالم ، أو حتى العالم العربي . . وليس في القائمة الأمريكتان ودول أوربا . . وكثير من دول آسيا وأفريقيا المعتبرة . . كما الحال في مسابقة "المجادعة" الشعرية التي غابت عنها أهم الدول العربية في مجال الشعر . . بل إن المشاركين من الدول المذكورة جاؤوا من مواقع "ضيقة" جداً . . ولو أنك سألت أهلها عن المشاركين من أبنائهم لأجابوك بدهشة . . وما هي اليوسي ماس؟ . . أقسم بالله . . إنني لا أبخس من هذا المنشط أو المنتج . . بل أشجع أمثاله بأكثر من ذلك بشرط أن لا نوهم الناس بأن المسألة أم العبقرية ومفتاح الباب المغلق للرياضيات التي هي عقدة الكثيرين . . وأن الجانب الأيمن من المخ دون بقية الرأس يكون نشطاً ويحقق ما لم يحققه الأوائل . . !!. منشط مدرسي عادي: وقبل أن أشير إلى ما كتبته في العام السابق بجريدة التيار، أقول إن المسألة من شاكلة: الموهبة . . وكل ميسر لما خلق له . . وها هو الدكتور عصام أحمد البشير مثلاً يتحدث بطلاقة لسان وهو يورد الشواهد من الآيات والأحاديث والقصص وكأنه يقرأ من كتاب . . وذاك اللاعب يتفنن بالكرة وكأنه جني يتحكم في لعبته بقدراته السحرية . . وذاك يقود سيارة السباق بسرعة جنونية وقدرة خارقة تستحوذ إعجاب المشاهدين . . وهكذا ليس كل إنسان بقادر على أن يؤدي ذات الدور رقم أنه من الذكاء بمكان وفي صنعته وعلمه الذي يسره له الله يؤدي دوره على أفضل وجه . وهكذا في الحساب العقلي سواء كان اليوسي ماس أو غيره . . لا يجيده إلا ذوو الموهبة الفطرية في الرياضيات بعد الصقل والتدريب المستمر . . وسوى ذلك فلا يحق لأحد أن ينشر على الملأ بأنه الوصفة السحرية لتفتح العقل وسبر العلوم وصنع المعجزات . . إنه كما يقول أستاذ الرياضيات الشهير السر الإمام ليس سوى "منشط مدرسي" عادي كبقية المناشط الأخرى يجيده ويتفوق فيه من بذرت في داخله الموهبة التي تتقن بالتدريب والتمرين المستمر . . وإلا فإن الآلة الحاسبة متوفرة بكثرة وأقربها في شاشة كل جوال يحمله إنسان . . فلم التعقيد والتعصب وخمش اليدين وتوتر الأعصاب ونحن نجري عملية حسابية يمكن إجراؤها ببساطة على الآلة الحاسبة أو على طريقة جدول الضرب المعروف. وهناك دراسات أجراها بعض المعنيين في جامعاتنا عن الحساب العقلي "ماله وما عليه" . . ليتها ترى النور بعيداً عن الدوافع التجارية والإعلانية . . واستغلال ذوي الشأن من المبهورين بالعملية "السحرية" لإبداء الإعجاب بهذا الإعجاز. ولا تذهبوا بعيداً . . اسألوا أهل ماليزيا . . ماذا يعرفون عن مثل هذه المسابقة التي بزهم فيها أهل السودان. وكم من أبنائهم شارك فيها . . وهل هي أصلاً في مناهجهم الدراسية أم من شاكلة "مسكننا وملبسنا" التراثي في مدراسنا . . برنامج فاشل: وأما مصر أم الدنيا والأجدر في مجال العلوم والتربية والتعليم على مستوى العالم العربي فقد كشفت الستار وفورة الانبهار ورفضت الحساب العقلي واليوسي ماس على وجه التحديد في مدارسها و"لعدم جدوى هذه البرامج في تنمية ذكاء الأطفال" كما أشار الكاتب الأستاذ عثمان ميرغني في صحيفة التيار بتاريخ 25 يناير 2011م . . وتساءل "لماذا نعيد اكتشاف العجلة وقد سبقتنا مصر بتجربة البرنامج وأعلنت فشله وأوقفته . ."؟. أكرر ما كتبته سابقاً : إن السبب في رفض مصر لهذا المنتج ليس "مشكلة إدارية ومالية" كما قال العراب ومستشار اليوسي ماس بالسودان دكتور هارون في مقال سابق . . ربما تكون هنالك مشكلات من هذا النوع ولكن الأسباب وضحت جلياً على الموقع الالكتروني الذي عرض أصلاً على قناة المحور. وأختصر الحديث وأورد هنا ما قاله الدكتور حسن هيكل الذي كان مستشاراً عاماً مثل هارون أخي لشركة يوسي ماس مصر حين أوضح: إن فوز الأطفال المصريين في المسابقة وحصولهم على المراكز الأولى في الذكاء على مستوى العالم خدعة من الشركة للترويج للبرنامج وتكرر ذلك في السعودية والسودان . . وقد قررت وزارة التربية والتعليم – في مصر – إيقاف البرنامج نهائياً في المدارس لعدم جدواه". واعترف حسن هيكل مستشار عام الشركة بقوله: "بالفعل نحن ضحكنا على الناس وأنا لم أكن أعرف ذلك من البداية ولكن عندما اكتشفت ذلك قررت أن أبريء ذمتي . . وأحذر الذين ألحقوا أبناءهم بالبرنامج تحت وهم تنمية الذكاء وأنهم سيكونون عباقرة وانسحبت تماماً من الشركة. استغلال ذوي الشأن: لا أريد أن أفسد على الفائزين من أطفالنا بهجتهم وربما دفعوا من حر مالهم ثمن التذكرة ذهاباً وإياباً لماليزيا فهم بحق يستحقون الاحتفاء . . ولكن هيكل يقول: "إن وزارة التربية والتعليم روجت للوهم وتبنت المشروع لدرجة أن مسابقة يوسي ماس كانت تحت رعاية وزير التربية والتعليم وهو ما استغلته الشركة في الدعاية وأعطى الناس ثقة في الانضمام للبرنامج. وهكذا نحن فعلنا . . وأنا أيضاً بهرني العرض في باديء الأمر وأدخلته بتشجيع من الآباء والأمهات في مؤسستنا التربوية . . وأصبحت وكيلاً لمنتج مماثل من ماليزيا وتايوان وجاء الخبراء على حسابنا ليدربوا أساتذتنا وبعدها انكشف الأمر وأنه ليس سوى وهم نبيعه للناس . . فنفضت يدي عنه . . وبرأت ذمتي كما فعل هيكل . . أكتفي بهذا القدر . . وسنعود بالمفاجآت إن عاد العادون.