المطرة الأولى كانت معقولة تلقفتها الأرض العطشانة وامتصتها سريعاً فكانت آثارها خفيفة.. أما الثانية فقد كانت رحمة كبيرة وزايدة واستمرت ساعات وأحدثت آثاراً وخلفت أضراراً متفاوتة في مواقع مواضع مختلفة. صحافتنا بأجمعها كتبت عن المطرة وآثارها؛ بعضها أخبار وأخرى تعليقات وتحقيقات وكاركتيرات وهجمات مركزة على الولاية ومحلياتها. وهي فيما أوردته وذهبت إليه لها الحق، فقد امتلأت الشوارع والميادين بالمياه حتى اليوم الثالث، وتصدعت المنازل وانهار بعضها، وتعطلت حركة السير والعمل يومها، وكل ذلك متوقع في الخريف الذي هو رحمة من السماء نحمد الله العلي القدير أن سخره لنا وحمانا من الكوارث الكبيرة التي نشاهدها في وسائل الإعلام عن العديد من دول العالم. فالمشكلة عندنا ليست بالضخامة وهي معروفة ومتوقعة ولكن المؤسف تصريحات المسؤولين لدينا بالمحليات والغرف التي تتصدر وسائل الإعلام وتتكرر بجدية عن استعداداتهم لمجابهة فصل الخريف استعداداً كاملاً، وما أن تهطل الأمطار حتى يكتشف الناس غير ذلك، فالاستعدادات التي يعرفها المواطن منذ الأزمان البعيدة والتي اختفت لأكثر من عشرين عاماً هي البداية المبكرة لحفر المجاري الفرعية في الأحياء منذ بداية مايو ويونيو، ووقوف المسؤولين والمهندسين على الانحدرات وانسياب المياه وتصريفها من الأحياء للمصارف الرئيسية التي يتم تطهيرها ونظافتها قبل وقت كاف وتحدد الحراسات لمراقبتها. والاستعدادات تعني أيضا تعيين عمال للنزول للأحياء عند هطول الأمطار والتأكد من تصريفها من المصارف الفرعية للرئيسية وفتحها. والاستعدادات تعني أيضاً تكثيف عمل عربات النفايات في الأحياء وتواجدها المثمر لنقل النفايات من الشوارع. والاستعدادات تعني تواجد فرق الرش والمكافحة للبعوض والذباب ميدانياً وكل هذه الشواهد غير متوفرة الآن، فمياه الأمطار تملأ الشوارع والساحات وتحاصر المنازل، وعربات الشفط لا تغطي كل المناطق، والنفايات تملأ الشوارع بصورة قبيحة لأكثر من عشرة أيام عربات النفايات مسجلة غياب في مناطق عدة. هذا هو الحال فلابد أن نمسك عن التصريحات الكثيرة التي لا وجود للتنفيذ معها، فالصمت أعظم وربنا كريم.