سيداتي سادتي: أود أن أُدلي لكم بخبر كان سري للغاية ولكن مضت عليه (02) عاماً هي عمر سنوات الإنقاذ أمد الله في عمرها.. وكنت في ذلك التاريخ وقبل قيام الثورة بثلاثة أيام كتبت إستراحة في جريدة الأسبوع التي كانت يتولى إدارتها الأستاذ تيتاوي عمدة الصحافيين الآن والأستاذ أحمد البلال عمدة صحيفة أخبار اليوم.. وكانت إستراحاتي ثابتة كل يوم أربعاء من كل اسبوع وكتبت في ذلك التاريخ قبل قيام الإنقاذ بثلاثة أيام إستراحتي المقررة كانت يوم الأربعاء 82/9/9891م وعنوانها «يجو عايدين بدون مدّرع ومكسي» واستجابت تلك الأمنية وقامت الإنقاذ ومن الطريف أن صديقي المرحوم عبدالرحمن حاج سعيد الكتيابي كان بالخرطوم وقرأ تلك الإستراحة، ولما قامت الإنقاذ وهو متواجد بالخرطوم ظل يبحث عن جريدة الأسبوع التي قرأها وجدعها تحت سريره بلكوندة حلفا.. وأحضر الجريدة وجاءني بالدامر وقال لي هل كنت يا عمدة على علم بقيام هذه الثورة قلت يا عبدالرحمن هل هناك عساكر يخططون لقيام ثورة يخطرون بخبرها وإنما هذا توارد خواطر وتمضي الأيام وجاء تعيين حاكم الإقليم الشمالي بحدوده من دنقلا حتى حدود مديرية الخرطوم بقرار جمهوري وبعد شهور صدر قرار جمهورية بتعييني رئيساً للجنة الشعبية على مستوى الإقليم وفي ذلك التاريخ يسمونه الإقليم وليس الولاية كما اليوم وجاءت الجلسة الإفتتاحية للجنة، وجاء مناديب من المركز أذكر في مقدمتهم العميد عثمان أحمد الحسن وآخرين وجاء السيد أمين عام الحكومة الأخ حسان عطية وطلب مني صورة لخطابي الذي سألقيه في الجلسة الإفتتاحية، وقلت ليس لدي خطاب مكتوب قال لكن الحاكم «سعادته» يصر على أن تعطيه صورة خطاب مكتوب قلت كذلك أنا أصر على أن لا أقول خطاب مكتوب وإنما سأسترجل كلمات قال لي السيد حسان ماذا تريد أن تقول ليعرف سعادة الحاكم قلت ليس لدي سوى شكر الثورة وقائدها أتمنى له التوفيق لخدمة البلاد والعباد قلت ليس لدي أكثر من هذا ولما بدأت جلست في الوسط بين علّيه العساكر والحاكم وطلبوا منا أداء القسم وكان رئيس الجهاز القضائي اسمه مولانا امام البدوي، فوقف أعضاء اللجنة وعددهم أربعمائة عضو ورفعوا الأيدي لأداء القسم حسب طلب رئيس الجهاز القضائي وبعد أن أنهينا من القسم الجماعي طلب مني رئيس الجهاز أن أقف لأداء القسم قلت له أنا أديت القسم مع المجموعة فلا يمكن أحلف مرتين واستمرت الجلسة والقيت خطابي كما ذكرت شاكراً الثورة وقائدها.. ولكنني زدت في خطابي شكري وترحمي على الزعيم الأزهري الذي رفع علم السودان.. واستمرينا في الجلسة الإفتتاحية وقسمنا اللجنة الى لجان وأنبعثت منها لجان وهلم جر وبقينا نتجول مع الحاكم في أنحاء الإقليم وكان الحاكم يخطب في الجماهير وأنا بعد طوالي حسب البروتوكول وكنت خطيباً مفهوماً إتعلمت الخطابة من بدري حيث كنت من دعاة الحزب الوطني الإتحادي «أزهرابي خطير» وبعيدين دخلت برلمانات مايو بعد تصفية الإدارة الأهلية وتعلمت الخطابة من هذا المنطلق وبناء مجتمع الكفاية والعدل.. الخ من الفلسفة الخطابية وكلام سر بيني وبينكم كنت أحسن بي شوية من خطبة الحاكم وكنت أستهل خطبتي ببيت الشعر المشهور.. إذا الشعب يوماً أراد الحياة فلا بد أن يستجيب القدر ولابد لليل أن ينجلي ولابد للقيد أن ينكسر وهكذا أيها المواطنون الأحرار وأستجاب القدر وجاءت ثورة الأحرار الخ ومرات أبدأ بشعر الجعلية نحن أهل السواقي بنشتغل وأسوقه ونهدي الصافنات للضيف ركوبه سوقه وكت الشوف يشوف والحارة يعمر سوقه زي كور الغنم قدامنا الرجال بنسوقه وهكذا بقيت خطيباً مفوهاً في عهد الإنقاذ بصفتي رئيس اللجنة الشعبية وكانت الجماهير لا تصفق لأن الإنقاذ منعت التصفيق لأنه عادة نصارى ولكن إستبدلوه بي «تهليل تكبير» وظلت الجماهير في خطاب الحاكم تردد تهليل تكبير لا للسلطة ولا للجاه ويا أمريكا لمي جدادك ولكن كلام سر بيني وبينكم سيداتي سادتي فإن أمريكا لمت جدادها وظل الجداد الآن وجبة رئيسية للمأسورين والكبارات ولكن زملاءنا الفقراء محرومين منه لأن سعر الجداد المشوي تلحق خمسة وعشرين كما علمت من الإبن عز الدين حاج الخير سرور صاحب مطعم الزعيم بالسوق العربي وهذا أول جعلي وهو ابن الشيخ حاج الخير سرور، ولكن بكل أسف عمل مطبخ كبير يبيع الجداد والحوت ولكنه استفاد تقريباً حتى أصبح مليونيراً ولما سألته لماذا عملت مطبخ يخسر سمعة الجعليين قال لي سيبك يا عم جعليين بتاعين الساعة كم أنا أشوف مصلحتي وبالمناسبة الإبن عز الدين كان كريماً ومقداماً ولكن الآن وهذا سر بيني وبينكم جيبوا دخلتو عقارب نسأل الله أن تموت هذه العقارب ويرجع إلى سيرته الأولى وسيرة والده حاج الخير سرور الذي يتمثل فيه قول الشاعر عكير الدامر حيث قال قديماً عندك طبعة وكتبي تدي ايدك تترى يا جبل الضرا والري نهارة الختره والإبن عز الدين لا يرغب في الشعر الذي يتحدث عن الكرم وإنما يتمثل بقول الشاعر عكير الدامر أوعك تدين وتبقى إيدك طايلة باكر يفوت فيك فوات وتصبح اللعبة خايلة سيداتي سادتي للإستراحة بقية والتي هي عنوانها «يوم عقد الحاكم مجلس تأديب لسيادتي» وفيها أسرار طريفة سأوافيكم بها في المرحلة القادمة نمرة 2 مع قبول تحياتي استغفر الله لي ولكم