عقد الرئيسان السوداني عمر البشير والتشادي إدريس ديبي مساء أمس الإثنين، مباحثات مغلقة بالخرطوم. واستهل ديبي المحادثات قائلاً بالفرنسية: "أتينا إلى هنا مثل حمامة لنعرب عن رغبتنا واستعدادنا والتزامنا بالعمل على عودة السلام والثقة بين بلدينا". وخلال جلسة المباحثات لوح الرئيسان بمناديل الورق البيضاء التي كانت أمامهما في إشارة الى الركون إلى خيار السلام. وأضاف الرئيس التشادي، الذي يقوم بأول زيارة إلى السودان منذ يوليو 2004: "أتينا لنعود مع السلام". وذلك في خطوة للتهدئة بين البلدين الجارين اللذين يتبادلان التهم بدعم حركاتهما المسلحة. وقال ديبي إنه لن يغادر الخرطوم إلا بعد أن يكمل الاتفاق النهائي في الملفات الشائكة بين البلدين، وقال إن لقاءه بالبشير سيؤسس لاتخاذ قرارات سياسية تنهي كل المشكلات العالقة منذ سنوات. من جهته، أكد الرئيس البشير "أننا نلتزم بتطبيق كل الاتفاقات الموقعة بين بلدينا"، وأضاف: "نريد العودة إلى أفضل العلاقات"، مشيراً إلى أن نشر القوة المشتركة سيكون له "انعكاس مهم" على أمن الحدود والسكان في إقليم دارفور. نقلة نوعية وأكد الخبير في العلاقات السودانية التشادية حسن برقو لقناة الشروق، أن علاقات البلدين ستشهد نقلة نوعية "وقف خلفها رجال صادقون من الطرفين"، وعزا نجاح التطبيع هذه المرة لاتمامه بين الطرفين مباشرة بلا وساطات. واعتبر زيارة ديبي بمثابة 90% من سلام دارفور، لجهة أن حركات التمرد نمت لتوفر أرضية صالحة جراء توتر العلاقات بين البلدين. وأشار برقو إلى أن تعليمات الرئيسين كانت واضحة بتحديد سقف زمني لا يتجاوز 25 فبراير لتنفيذ البروتوكول الأمني، وزاد: "سيكون هناك سودان وتشاد جديدين". وقال إن الملف العسكري والأمني طوي تماماً للبدء في تطوير العلاقة السياسية بين الحزبين الحاكمين، الحركة الوطنية للإنقاذ بتشاد والمؤتمر الوطني، بجانب اتفاقات في المجال الاقتصادي، منوهاً إلى مشروع طريق للربط بين الجنينة السودانية وأدري التشادية. حاجة للمصالحة وأعلن دبلوماسي طلب عدم كشف اسمه لوكالة "فرانس برس": "الأمور تبدو جدية هذه المرة". وأضاف أن "البلدين في حاجة للمصالحة في الوقت الراهن"، مشيراً إلى أن تشاد تستعد لانتخابات تشريعية في نوفمبر ورئاسية في أبريل 2011، بينما انتخابات السودان في أبريل ثم الاستفتاء على حق تقرير مصير جنوب السودان في يناير 2011. ويلتزم البلدان في بروتوكول موقع بينهما بالكف عن أي دعم لحركات التمرد في البلد الآخر ونشر قوة مشتركة على الحدود السودانية التشادية قوامها ثلاثة آلاف رجل يسهم كل بلد بنصف عددها. يذكر أن عدة محاولات مصالحة بين البلدين أخفقت بما فيها معاهدة عدم التعدي التي أطلق عليها اسم "اتفاق داكار" والمبرم في مارس 2008 في العاصمة السنغالية، بجانب اتفاق بين البشير وديبي في مكةالمكرمة برعاية العاهل السعودي الملك عبدالله بن عبدالعزيز.