تصدّع البنايات يكشف التلاعب في مواصفات البناء شبكة الصرف الصحي تصب في مجرى رئيسي خلف البنايات مسببة الكثير من المشاكل الصحية شركة الرواد: الشركات تملك الحق في مزاولة النشاط في تطوير العقارات وامتلاك الأراضى وتصدعات المبانى طبيعية المماطلة والتسويف ظلت سمة من سمات معظم الشركات العاملة في مجال تشييد المخططات السكنية بولاية الخرطوم خاصة التي تعمل في تسويق تلك المخططات في بلاد المهجر لعملاء ليست لديهم الخلفية الكافية لواقع الحال، بل تنحصر كل أمنياتهم في أمتلاك بيت الأحلام ليكون لهم خير مسكن عقب نهاية رحلة الاغتراب التي تمتد عند الكثيرين لعقود. وفى الجانب الآخر، نجد أصحاب تلك الشركات يسعون لحصد الملايين غير مبالين بما يفعله الملاك لتوفير تلك المبالغ.. فتحنا ملف المخططات السكنية في حلقتين سابقتين، واليوم نذهب لوجه آخر من أوجه الفساد بمجمع الرواد السكني بالرميلة. تحقيق / منى النور الترويج للمجمع: قبل حوالي ثمانية أعوام بمدينة دبي مقر عمل المهندس خضر إمام محمد أمام الذي عمل هناك قرابة ال(35) عاماً عرضت شركة الرواد للتطوير العقاري مجمع الرواد السكني بحي الرميلة بالخرطوم يمتلكه مستثمرون أجانب بشراكة سودانية قامت الشركة بتسجيل نفسها كشركة مساهمة عامة لدى المسجل التجاري، ومن ثم سجلت نفسها في سوق الخرطوم للأوراق المالية كشركة مساهمة محلية مضاربة في السوق برأس مال قدره (مليار ومئتا مليون جنيه) اكتتبت أسهمها خارج البلاد بقيمة واحد دولار للسهم الواحد، وجملة المبلغ المسدد من قيمة الأسهم المكتتبة من رأس المال تسعمائة وخمسين مليوناً ب(75) مساهماً من شركات وأفراد، بينما عرضت في كتيبها الترويجي قيمة رأس المال المصرح به خمسون مليون دولار أمريكي . ويروي المهندس خضر ل(الصيحة) أن الشركة قامت بالترويج لعرضها بكتيب أنيق لمجمع بكامل خدماته المجتمعية بمساحة (140) الف متر مربع و(50) بناية سكنية وتجارية محاطة بأسوارعالية وبوابة أمنية، لافتاً الى أن الشركة شرعت في بيع الشقق عبر وكلائها بالخارج والداخل قبل الشروع في بناء الخدمات المجتمعية المتمثلة فى المدارس, رياض الأطفال,حضانة, صالة المناسبات, المساحات الخضراء وغيرها من الخدمات الجاذبة التى شكلت دافعاً لعدد كبير منهم في البدء في إجراءات البيع من دول المهجر، لافتاً إلى أن البيع كان بالدولار الأمريكي حيث بلغ سعر الشقة (143.640) دولاراً يسدد منها القسط الأول مبلغ (40.000) الف دولار ويسدد المبلغ المتبقي على (48) شهراً. مخالفات: يواصل خضر في سرده ليقول إنه سكن بالمجمع قبل خمس سنوات تقريباً وكان الوضع بمثابة الصدمة له ولكثيرين من الملاك، فالمباني معظمها تصدعت بصورة واضحة، الأمر الذي يشير لخلل في مواصفات البناء، لافتاً لوجود تسريبات للمياه في كل دورات المياه، إضافة لمشكلة شبكة الصرف الصحي التي تصب في مجرى رئيسي خلف البنايات مباشرة مما قاد عدداً من المؤسسات لتدوين مخالفة في حق الشركة نتيجة للآثار الصحية من توالد البعوض والفئران والحشرات والروائح الكريهة، مضيفاً بأن الشركة استلمت من الملاك مبالغ مالية تحت مسمى رسوم الخدمات يفترض إيداعها كوديعة استثمارية في حساب منفصل عن حسابات الشركة بالعملة الحرة قيمتها متفاوتة على أن تدار خدمات المجمع من ريعها وأرباحها عقب تسليم المجمع ما بين (5/10) سنوات هي مدة تسليم المجمع للملاك الذي مضى عليه أكثر من عشرة أعوام، ولا يعلم عنها أي شيء حتى اليوم ولا الكيفية التي تُدار بها. كشف المستور بالوثائق: مستندات تحصلت عليها (الصيحة) كشفت تلاعباً مارسته الرواد في حق ملاك الشقق فبحسب مستند ممهور بإمضاء كل من مقرر لجنة التخطيط والتنمية العمرانية وأمين عام لجنة التخطيط والتنمية العمرانية بوزارة التخطيط العمراني نص على أنه بناء على خطاب صادر من شركة الرواد للتطوير العقاري المحدودة، وخطاب مدير هيئة المساحة الولائية ومذكرة إدارة التخطيط العمراني أجازت لجنة الولاية فى جلستها تعديل المخطط التفصيلي للقطعة رقم (6) ومشتقاتها بمربع (7) سباق الخيل مخطط الرواد السكني كمخطط سكني استثماري وليس كمجمع. ونص المستند على أن يحتوي تخطيط الموقع على (20) قطعة سكنية استثمارية بمساحات تتراوح ما بين (662 / 3079) متراً مربعا بجانب مسجد وروضة ومنتزه ومنطقة خضراء وشوارع يتراوح عرضها بين (15- 20) متراً، كل تلك الخدمات كانت مجرد حملة إعلانية لم يتم تنفيذ منها سوى مسجد تكفل بتشييده فاعل خير من دولة عربية, كما تحصلت (الصيحة) على مستند من الجهاز القومي للاستثمار ممهور بتوقيع الأمين العام نور الدين مضوي بابكر، كشف المستند عدم وجود ترخيص استثماري باسم شركة الرواد للتطوير العقاري، بجانب مستند من بنك السودان ممهور بتوقيع مدير إدارة المؤسسات المالية حسن عثمان يفيد بأن الشركة غير مرخص لها العمل في مجال التعامل بالنقد الأجنبي في حين أن كل المعاملات التي تجريها الشركة كانت بالعملة الحرة طوال هذه السنوات . الرواد تبرر: حملت الصحيفة كل التساؤلات ووضعتها على طاولة مدير إدارة العلاقات الخارجية بالشركة موسى إدريس موسى الذي أفادنا بأن الشركة بحسب قانون الشركات تملك الحق في مزاولة النشاط في تطوير العقارات وامتلاك الأراضي بغرض الاستثمار وفي أي مجالات أخرى، كما أنها مسجلة في سوق الخرطوم للأوراق المالية ولدى المسجل التجاري، لافتاً إلى أن الشركة دفعت بطلب لوزارة التخطيط لتحويل المخطط لمجمع، وقال: في السابق دفعنا بطلب للتخطيط لتصديق مجمع الرواد السكني، وبعد الدراسة تمت الموافقة على المخطط التفصيلي لمجمع الرواد السكني، وتم تقديم طلب لإلغاء القرار القديم الذي نص على أنه مخطط لقطعة استثمارية وعمل مواصفات للمجمع حسب رؤية لجنة التخطيط بعدد من الخدمات منها المساحات الخضراء ومنتزه والمسجد وتخطيط الشوارع بمواصفات عالية مضيفاً بأنه تم التصديق ل20قطعة استثمارية و(6) قطعة تجارية وخدمات مجتمعية وتشييد الأبراج والقطع من (53 حتى 59) والقطع (6/9 . 6/19) أبراج داخل المجمع تشيد بستة طوابق، مبرراً عدم أكتمال السور الذي يحيط بالمجمع لعدم حصولهم على الموافقه النهائية من وزارة التخطيط، وقال إنهم تقدموا بطلب لوزارة التخطيط لتسجيل المجمع والإجراءت جارية لإكمال تلك الخطوة. وحول الوديعة قال إنها موجودة بحساب منفصل ببنك أم درمان الوطني لافتاً لوجود اتفاق بين اتحاد الملاك السابق والشركة لتخصيصها لخدمات المجمع كالصيانة والنظافة وإنارة الطرق وغيرها من الخدمات. وحول تعاملهم بالدولار يرى موسى أنهم ليسوا صرافة وبالتالي يحق لهم التعامل بالدولار حسب العقد المبرم مع الملاك السداد بالدولار، لافتاً لوجود شرط بالعقد ينص على اللجوء لتحكيم فى حال حدوث نزاع، وقال إن خضر توقف عن السداد منذ 2014 برغم إقامته منذ 2012 وصدر الحكم لصالح الشركة بفسخ العقد، والآن في مرحلة الاستئناف، وهناك توجيه بالتنفيذ وتم إنذاره بالإخلاء . الجوانب الفنية : المستشار الفني للشركة د. محمد محجوب محمد، تناول الجوانب الفنية للمباني محل الشكوى، ولكنه قلل من أهمية التصدعات التي أصابت بعض البنايات نافياً إمكانية حدوث خلل هندسي ووصفها في حديثه ل(الصيحة ) بالطبيعية وهى في قشرة البياض وليست في الهيكل مضيفاً بأنهم قبل الشروع في تنفيذ المشروع يتم فحص التربة بواسطة خبراء من جامعة الخرطوم، وبعد ذلك يتم التصميم ثم المعالجة وفقاً للمعلومات الواردة من الخبراء. وحول التسريبات في دورات المياه قال محجوب إن المجمع به حوالي (1500) دورة مياه كل شقة بها ثلاث دورات، مؤكداً أن التسريب لم يتجاوز نسبة ال10% وهي نسبة مسموح بهاً عالمياً مبرراً حدوثها للخدوش التي يمكن أن تحدث أثناء المعالجات. لافتاً إلى أن مشكلة الصرف الصحي ليست حقيقية حيث أن المجمع به نظام صرف متكامل تم تشييده بإشراف هيئة الصرف الصحي ولاية الخرطوم له محطة خاصة تضخ للمحطة الوسيطة وقال إن المجمع ليست له علاقة بالمصرف الرئيسي الذي يقع خلف البنايات وهو يتبع لهيئة الصرف الصحي.
