شهدت الجولة الأولى للتصفيات المؤهلة لنهائيات الأمم الأفريقية التي سوف تستضيفها المغرب مطلع العام المقبل 2015م مفاجآت كبيرة وغير متوقعة - فمن كان يتوقع أن يحقق منتخب الكنغو برازفيل العائد للتصفيات بعد كسبه الشكوى التي تقدم بها أمام المنتخب الرواندي لمشاركة لاعبه المزور دادي بيروري - من كان يتوقع أن يحقق منتخب الكنغو برازفيل الفوز على المنتخب النيجيري الحائز على ذهبية النسخة الماضية لبطولة الأمم الأفريقية التي استضافتها جنوب أفريقيا في العام الماضي 2013م. سحق منتخب الكنغو برازفيل النسور الخضر الخارقة بثلاثية مقابل هدفين وأين داخل نيجيريا ليخرج جمهورها وهو في حالة ذهول من هول الصدمة. كما خسر المنتخب الإثيوبي على أرضه ووسط جماهيره أمام المنتخب الجزائري الشقيق ولم يشفع له التشجيع والمؤازرة المتواصلة التي وجدها خلال المباراة من انصاره. اعتقد المنتخب الزامبي أن مهمته سهلة وهو يستضيف منتخب موزمبيق بعد هزيمته لمنتخبنا الوطني بثلاثة أهداف في المباراة الودية التي جمعت المنتخبين مؤخراً، ولكن منتخب موزمبيق أجبره على قبول التعادل بهدف لكل على ملعب نادولا بزامبيا. وفي كوماسي الغانية وتحديداً على ملعب بابا يارا الشهير كانت هنالك قصة أخرى من قصص النجاح بطلها مدرب الهلال الأسبق الصربي ميلوتان سيرادوفيتش ميشو وأبنائه أبطال المنتخب اليوغندي أو الشياطين الحمر كما يطلق عليهم. جاء المنتخب الغاني أو النجوم السوداء مدججاً بالنجوم التي تنشط في الدوريات الأوربية ويقودهم نجم العين الإماراتي أسامواه جيان .. جاءوا منفوشين كالطواويس وعلى جنبات الملعب احتشد الجمهور الغاني بألوانه الحمراء والصفراء والبيضاء ليشجعهم ويحتفل معهم بالنتيجة القياسية التي كانت متوقعة قياساً على التاريخ. ولكن الصربي الشاطر ميشو كان له رأي آخر فمنذ أن وطأت قدماه أرض العاصمة الغانية أكرا أدلى بتصريحات نارية قال فيها إنه جاء لكسر أنف المنتخب الغاني وإلحاق الهزيمة به على أرضه ووسط جماهيره ولم يحضر لتقبل الهزيمة أو حتى التعادل. تقدم المنتخب اليوغندي بالهدف الأول وحافظ عليه حتى نهاية الشوط الأول مقدماً فنوناً في كرة القدم الحديثة وفي الشوط الثاني منح الحكم التونسي الكردي الذي أدار المباراة ركلة جزاء ظالمة للمنتخب الغاني حقق منها أندريه أيوا التعادل ليحفظ ماء وجه الكرة الغانية. تماسك المنتخب اليوغندي ولعب بتوازن وكان الأقرب لتحقيق الفوز بفضل الاستراتيجية المحكمة التي وضعها مدربه الداهية ميلوتان ميشو والذي لم يتخندق كما تفعل معظم المنتخبات التي تواجه منتخباً كبيراً بحجم المنتخب الغاني. يعتبر المدرب الصربي ميلوتان سيرادوفيتش ميشو من أفضل المدربين الذين تعاقبوا على الإشراف الفني على فريق الكرة بنادي الهلال وذلك من واقع المتابعة اللصيقة له خلال تواجده بين ظهرانينا والنتائج التي حققها مع الهلال. لقد تولى ميشو مسؤولية الإشراف الفني على الفرقة الزرقاء في العام 2010م وحتى العام 2011م وقد استطاع قيادتها بكل حنكة واقتدار إلى الأدوار المتقدمة في بطولة الأندية الأفريقية أبطال الدوري البطولة المحببة لدى الجماهير الهلالية. ميشو رجل يحب عمله بصورة لا تصدق وهو يبذل جهداً خرافياً في التدريبات المتنوعة والمبتكرة، بل ويتابع منافسي الهلال على الصعيدين المحلي والقاري متابعة دقيقة. يعرف ميشو كل اللاعبين الأفارقة، بل ويحفظهم عن ظهر قلب بحكم عمله لأكثر من عقدين مع الأندية والمنتخبات الأفريقية وتجواله ومتابعته للبطولات بالقارة السمراء. خلق ميشو ليوغندا منتخباً قوياً يستطيع أن يجاري المنتخبات الكبرى ويتفوق عليها ,كما صنع لرواندا منتخباً قوياً كان سيكون ضمن المنتخبات التي تتصارع في هذه المرحلة من التصفيات بعد تأهله داخل الملعب وخروجه بقرار مكتبي لإشراكه للاعب المزور دادي بيروري, ويعود لميشو الفضل في عودة الكرة الإثيوبية لسابق عهدها. اعتمد ميشو على لاعبين صغار السن وتعهد مواهبهم بالرعاية حتى صاروا من النجوم الكبار وعلى سبيل المثال فقد التقطت عين الخبير الصربي ميلوتان سيرادوفيتش ميشو الفاحصة طالب المرحلة الثانوية يونس جونيور سينتامو ليتعهده بالرعاية والاهتمام وبعد ستة أشهر فقط تحول يونس من طالب ثانوي صغير ومغمور إلى هداف كبير ومشهورعلى مستوى بطولة الأمم الأفريقية. أحرز يونس الأهداف الثلاثة التي نالها المنتخب اليوغندي خلال مشاركته في النسخة الماضية لبطولة الأمم الأفريقية بجنوب أفريقيا(2014م) ليسهم في تأهله لدوري المجموعات وبعد البطولة سعت ثلاثة أندية كبرى من جنوب أفريقيا لكسب توقيعه من بينها أورلاندو بيريتس ولكن فيتا الكنغولي كان الأسرع في ضمه لصفوفه. الكل في يوغندا لا يزال يتحدث عن المعجزة التي حولت يونس طالب المرحلة الثانوية صغير السن لهداف في صفوف المنتخب اليوغندي الأول لكرة القدم وكيف استطاع الخبير ميشو اكتشاف هذه الموهبة. مما تقدم نستطيع أن نقول إن كرة القدم باتت لا تعترف بعاملي الأرض والجمهور، بل تعطي من يحترمها بالتخطيط والعمل الدؤوب وترفض التعامل مع الكسالى والذين يجترون التاريخ ويعيشون في الماضي.