[email protected] بسم الله الرحمن الرحيم عادت أبيي مجدداً لسطح الأحداث و أصبحت تتصدر نشرات الأخبار بعد المعارك الأخيرة التي جرت بالمنطقة ما بين رعاة المسيرية و قوات الجيش الشعبي لتحرير السودان المتواجدة بمنطقة أبيي في ثلاثة معسكرات معروفة و مؤكدة في كل من دبة ماكير التي تقع في الشمال الغربي لمدينة أبيي على بعد ( 13-15) كيلو متر و دكرة التي تبعد (10) كيلومترات إلى الشمال من مدينة أبيي و تيوك التي تقع في الشمال الشرقي على بعد (18) كيلو متر من أبيي المدينة تقريباً ، مع معلومات غير مؤكدة عن وجود معسكرات اخرى إلى الجنوب و الجنوب الشرقي من مدينة أبيي . الأسبوع الماضي شهد معركتين كبيرتين اولاهما في لوكي يوم السبت 22 فبراير 2014م بينما كانت الثانية يوم السبت 1 مارس 2014م بين رعاة المسيرية و قوات الحركة الشعبية المعروفة باسم الجيش الأحمر راح ضحيتها نفر غير قليل من الطرفين و عدد من الجرحى نُقل بعضهم إلى المستشفيات ، كل ذلك في ظل تواجد قوات الأممالمتحدة المنوط بها حماية المنطقة و شعبها من التدخلات العسكرية ، كيف وقعت هذه المعارك؟ و ماذا فعلت قوات اليونسفا؟ و كيف سمحت بتواجد قوات الحركة الشعبية في المنطقة؟ جاءت قوة الأممالمتحدة الأمنية المؤقتة في أبيي للمنطقة بناءاً على قرار مجلس الأمن الدولي (1990) الصادر بتاريخ 27 يونيو 2011م وفقاً لاتفاقية الترتيبات الأمنية المؤقتة الموقعة بين طرفي الصراع في أديس ابابا في 20 يونيو 2011م ، هذا القرار الذي حدد مهام هذه القوة بحماية الأمن في منطقة أبيي وفقاً للفصل السابع كما نقرأ في الفقرات أدناه: (2- أ) رصد إعادة نشر أي أفراد من القوات المسلحة السودانية و الجيش الشعبي لتحرير السودان أو من يخلفه ، من منطقة أبيي على النحو الذي حددته محكمة التحكيم الدائمة و التحقق من ذلك،و تكون منطقة أبيي من الآن فصاعداً منطقة خالية من أي قوات عدا أفراد القوة الأمنية المؤقتة و دائرة شرطة أبيي . (3-ه) حماية منطقة أبيي من الغارات التي تشنها عناصر غير مأذون لها على النحو المحدد في الإتفاق. (3- و) كفالة الأمن في منطقة أبيي . السؤال هل أخلت هذه القوات بالمهام المنوطة بها؟ إذا تابعنا الأوضاع في منطقة أبيي منذ سبتمبر الماضي نلاحظ أن هناك إعتداءات متكررة على رعاة المسيرية و التجار العابرين على طريق المجلد ميوم وصل المسجل منها لدى هذه القوات (30) حالة ، بل أن تواجد المعسكرات أصبح حالة بينة بالمنطقة و تمددت إلى الشمال من مدينة أبيي دون أن تحرك هذه القوات ساكناً ، في حين نجدها في الطرف الآخر تصادر الأسلحة الخفيفة التي يحملها الرعاة لحماية ماشيتهم من الوحوش و اللصوص بلغت حوالي (500) قطعة سلاح من خرطوش صيد و بنادق آلية خفيفة ، ففي شهر فبراير 2014م لوحده بلغت الاعتداءات تسعة إعتداء مسجلة لدى القوات الأممية منها قذف فرقان المسيرية في أم بلايل بقذائف الهاون التي أدت إلى مقتل (18) رأس من البقر في الأسبوع الثاني من فبراير الماضي ، و مهاجمة رعاة المسيرية بمنطقة لوكي في 22 من الشهر ذاته بقوات تحركت من معسكر دبة ماكير و بشهادة قوات اليونسفا نفسها . نسبة لهذا التهاون من قبل القوة الأممية في التعامل مع القوة العسكرية للحركة الشعبية و عدم تنفيذها لمهامها المنوطة بها وفقاً للقرار (1990) و العدوان المتكرر دون ردة فعل جعل المسيرية يتهمون هذه القوة بالانحياز لصالح الحركة الشعبية و فشلها في القيام بمهامها التي وُجدت من اجلها . إن إستمرار الوضع الراهن المتمثل في انحياز القوة الأممية و إهمال الدولتين للأوضاع في المنطقة و فشل اللجنة الإشرافية لمنطقة أبيي سيجر المنطقة لكارثة حقيقية يكون ضحيتها المواطنين الأبرياء من المسيرية و دينكا نقوك ، و قد تجر الدولتين لصراع جديد قد يهدد الأمن و السلم الدوليين الذين بسببهما جاءت القوات الأممية لمنطقة أبيي ، و لكن السؤال الأهم : لماذا لم تقم القوات الأممية بمهامها و تغض الطرف عن خروقات الحركة الشعبية و جيشها الأحمر ؟ هل عجز القوات ناجم من قلتها في العدة و العتاد أم تنفيذ لسيناريو مرسوم لها بعناية للوصول إلى أهداف مخططة ؟ و لماذا تقيم الحركة مناطق عسكرية و هي تعلم أن ذلك خرق لاتفاقية الترتيبات الأمنية المؤقتة التي هي طرف فيها و خرق لقرار مجلس الأمن الدولي (1990)؟ إن التحليل للوضع الراهن بقول أن تصرف القوات الأممية هو تصرف لم يكن نتاج عدم قدرتها و ضعفها فهذه القوة تعدادها (5336) عنصراً في منطقة مساحتها (10480) كلم مربع و لها من العتاد و المعينات ما يجعلها تغطي هذه المنطقة بسهولة و يسر خاصة و هي تمتلك من المعدات اللوجستية و الآليات ما يجعلها قادر على الحركة ليل و نهار ، فما هو السبب ؟ إننا نعتقد بناءاً على مقترحات متنفذي دينكا نقوك السابقة بوضع أبيي تحت الوصاية الدولية تجعلنا لا نستبعد سيناريو المؤامرة بجعل المنطقة منطقة توتر يجعل اللاعبين الدوليين المعادين للسودان بمسك القفاز و تبني مقترح وضع المنطقة تحت الوصاية الدولية و هو هدف معلن لأبناء نقوك أشار إليه رئيس لجنة الأشراف المشترك السابق ( د. لوكا بيونق) إن إتهام المسيرية للقوات الأممية بالانحياز تسنده الكثير من الأدلة و لكن ضعف اللجنة الاشرافية جانب السودان و ترك حكومة السودان الأمر لهذه اللجنة سيجعل الحركة تتمادى في تنفيذ مخططاتها المرسومة بعناية و خبرات مدعومة بالدراسات و آراء الخبراء . فهل تعير حكومة السودان ملف أبيي أهمية تجعله ملف دولة و ليس ملف قبيلة يدار بواسطة أفراد لا دراية لهم و لا هم إلا ما يحققه من مكاسب مالية مغموسة بدماء الأبرياء ، عاجزين حتى عن إصدار تصريح يدين ما يجري لرعاياهم ؟ نأمل ذلك . أبيي 5 مارس 2014م.