[email protected] عملية إعادة بناء الدولة والمجتمع على اسس جديدة اي بمعني ادق تفكيك مشروع القائم وما قبله من بنيات وانساق سياسية وفكرية وثقافية وايدلوجية مماثلة لنسق القائم قهرا بفوهة البنقدية وتزويرا على إرادة الشعب قرابة عقدين ونصف شهدت خلالها تطبيقات همجية لايدلوجيات سياسية تتدثر بالشعارات الاسلامية غطاءا واستغلالا سيئا وبشعا للدين من اجل التمكين فئات إجتماعية محدودة الكفاءة والتاهيل وتعتمد إعتمادا كليا على مبدا "الاستعلاء والاستغناء والإقصاء" وتعتقد إعتقادا جازما بإمتلاك عين الصواب الملطق وبإيعاز من إملاءات هذا الفهم الخاطئ للدين تم تغييب العقول من حق التفكير السليم المفضي الي الابداع والابتكار والرقي والتقدم والاسهام بشكل إيجابي ضمن المنظومة الانسانية الكلية في بذل الجهود من اجل دفع عجلة التقدم والرقي بالحضارة الانسانية الي الامام والاستشراف مع الاخريين افاق مستقبلية ارحب واوسع إذن واستنادا على نتائج تطبيقات الهمجية والقسرية لسياسات "فرق تسد" التي اسفرت عنها هتك وتمزيق للنسيج الاجتماعي الوطني وبلغ هذا العبث بالنسيج الاجتماعي والقيمي لمرحلة من الخطورة تنذر وتهدد بمستقبل وجود ما تبقى من السودان ارضا وشعبا في الخارطة الانسانية …………………. وهذا المشهد القاتم وهذا المناخ الملوث بفساد القيم والمبادئ الفاضلة واستشراء ثقافة العنف وسفك الدماء وهتك الاعراض وافلات من المساءلة والمحسابة اصبحت امرا في غاية البساطة وما يترتب عليه من تعقيد مهام ومسوؤلية مشروع إعادة بناء الوطن على اسس ومفاهيم جديدة تنعش الحس الوطني والانتماء القومي كقيم ومفاهيم انسانية مضادة لكافة الاستعلاءات العرقية والثقافية والقبلية والجهوية السائدة الان في البيئة السودانية وبدات تكتسح وتكتسب يوما بعد يوم مساحات جديدة وتنتشر في باقي الجسد السوداني كإنتشار النار في الهشيم…….. وهذا المشهد الكارثي لم يقف عند هذا الحد بل سيتاجج ويزداد تعقيدا اكثر طالما ان البقاء في السلطة هي الغاية الكبرى وهي بمثابة" الحياة او الموت" لرموز الحزب الحاكم وخاصة في ظل فوبيا "محكمة الجنايات الدولية " الذي سيظل يؤرق مضاجعهم ويشل تفكيرهم ويذهب بعقولهم حتى قيام الساعة وطالما ان فوبيا هذا الغول حاضرا سيظل وسواس الكنكشة بالعرش والتشبث بالسلطة وبمقاليد الامور ضرورة ملحة وغاية في حد ذاتها ودونها"…. اما ان ترق منا الدماء او ترق كل الدماء" وهكذا تدور عجلة الزمن وتتوالي الايام وتضيق الدوائر حول اعناقهم رويدا رويدا بما كسبت ايديهم ……………………………….. وجدير بالذكر ان نهج "فرق تسد" الذي طبق بمهارة عالية في الفضاءات التي انفجرت منها البراكين الثورية لاهل الهامش ضد مظالم المركز التاريخية كان مبرمجة على القاعدة الذهبية "الجمرة تحرق واطيها " ولم يضعوا في الحسبان ان هذه الجمرة الخبيثة ليست بالضرورة ان تبقى دائما تحرق وتلتهم بنيها من دون ان يساهم الاخرون في دفع قيمة الفاتورة عاجلا او اجلا…… نعم حسب البرمجة ما كان ينبغي للفيروس الذي صنع في المركز وسلط لفتق النسيج الاجتماعي للبيئات والفضاءات التي تنشط فيها الحركات التحررية وتتاخذها كمجالات حيوية في غاية الاهمية ترفدها بالموارد البشرية والمالية التي تمكنها من االايفاء بالتزاماتها الثورية ولكن كنتيجة حتمية وبعامل الزمن والتطور انقلب السحر على الساحر وبدا يلوح في الافق ارهاصات انتقال الفيروس صوب مراكز صناعة الظلم والفتن اجادت استخدام استراتيجية " الجمرة تحرق واطيها" كاداة من ادوات الحرب تتميز بالفعالية وقلة التكلفة استخدمتها كل الانظمة السياسية التي تعاقبت على سدة الحكم بطريقة او اخرى وبدرجات متفاوضة في الخبث والاخراج الدرامي ولا سيما "الجبهة الاسلامية " الذي تفوق على الكل في استخدام هذا السلاح ضد مكونات الهامش الاجتماعية لضرب وحدتهم وتشتيت شلمهم وإيهامهم بسفاسف الامور وبالقضايا الهامشية فضلا عن تعطيل تفكيرهم لحيلولة دون إدراك الوعي الجماعي بالتهميش وبحجم المظالم التاريخية التي من شانها لم شمل جميع مكونات الاطراف لتبني القضايا الجوهرية ككتلة واحدة بدلا من استغلالهم وتوظيفهم من قبل المركز لإجهاض اي محاولة جادة وصادقة تنبع من الهامش تطالب بإزالة التهميش والاجحاف وتنشد العدالة والمساواة والتنمية المتوازنة لكل اقاليم السودان وفقا لمعيارالمواطنة كاساس للحقوق والواجبات …… وفي سبيل إجهاض اي ثورة جادة اتبع " الانقاذ" نظام الجبهة الاسلامية وسائل واساليب شتى لوادها في المهد برغم تناقض معظم هذه الاساليب في جوهرها مع الاخلاق والقيم الانسانية مخلفا على اثرها ماسي وفظائع إنسانية غير مسبوقة يندي لها الجبين وسيظل اثارها النفسية عالقة في الذاكرة الانسانية جيلا بعد جيل واخطر ما في هذه الاساليب انها غلفت قصدا تارة بالغطاء الديني وتارة اخرى إثارة البعد العرقي والاثني كوسيلة من وسائل التحريض والاستقطاب والتعبئة لمجموعات عرقية محددة والزج بهم في لب الصراع من منطلق افتراضي قائم اساس وهمي وخيالي يثير قلق ومخاوف المجموعات المعنية بالاستقطاب والتعبئة والتجييش بان وجودهم ومستقبلهم في السودان كمجموعات عرقية مميزة في خطر حقيقي مالم يفيقوا من سباتهم العميق قبل فوات الاوان وبهذه اللغة الخطيرة يتم تعبئتهم وتجييشهم عندما تقتضي الضرورة علما بان النظام استخدم هذا النهج بعد ان استهلك الخطاب السياسي الديني واصبح غير مجدي ولا فعال" لدغدغة العواطف ولشحذ الهمم" وهذا النهج الشيطاني الجديد يعد مؤشرا خطيرا للافلاس وعدم مبالاة واكتراث لما يترتب على هذا النهج الارعن من مالات وتداعيات خطيرة على وحدة الجزء المتبقي من ارض السودان قد يصعب التنبؤء والتكهن بنتائجها في ظل بقاء نظام "الاسلام السياسي والهوس الديني " على سدة الحكم………. …………………. وليعلم دعاة مشروع السودان الجديد ان مهمة التغيير الحقيقي لهذا الوطن وبناءه على اسس ومفاهيم جديدة ليس امرا يسيرا وسهلا وخاصة بعد ان إخترع وابتدع النظام نهجا جديدا للتعبئة والاستقطاب والذي يتمثل تبني البعد العرقي والاثني في الخطاب السياسي وذلك في اطار إدارة الصراع التاريخي بين المركز والهامش وما تمسك مراكز القوى النافذة بالمؤتمر الوطني بالحلول الجزئية الهشة واللهث المستميت وراء منابر التفاوض المتعددة إلا دليلا قويا على صعوبة المهمة واستحالة تغيير هذه الذهنية المصابة بفوبيا التغيير الجذري القادم بلا محالة على انغام مشروع السودان الجديد الذي لا يتماشى مع مشاريع الحلول الجزئية والشراكات السياسية الانتهازية ……..