[email protected] ظللت اتابع ردود الأفعال الصادرة عقب حملة الاغتصاب الجماعي التي قامت بها القوات المسلحة السودانية في الأسابيع المنصرمة في منطقة تابت جنوب غرب الفاشر حاضرة ولاية شمال دارفور . وهي بالطبع ليست بحادثة جديدة على النساء و الطفلات القصر في إقليم دارفور الملتهب بنيران الصراع المسلح بين الحركات المسلحة و نظام المؤتمر الوطني في مطلع الألفية الثالثة التي اتخذت من دارفور ميدانا للقتال . خلال هذه الفترة عمد المؤتمر الوطني إلي استخدام سلاح الاغتصاب كألية لاذلال مواطني الإقليم استخدم سلاح الاغتصاب هذا من قبل في مناطق متفرقة من دارفور و تجربة 2004 م بمدرسة طويلة الثانوية بنات ليست بعيدة عن الأذهان . الممارسات اللا نسانية التي ظل يستخدمها نظام المؤتمر الوطني في الوطن عموماً و دارفور خصوصا جعلني لا اتفاجأ نهائيا لكل ما يبدر من النظام في ملف انتهاكات حقوق الإنسان في دارفور ولكن !!!!!؟؟ الناظر لطبيعة التشكل الاجتماعي لبنية الوعي الجمعي لأبناء و بنات الشعب السوداني و في ظل الوضعية التاريخية المأزومة ظلت مسألة الاستعلاء العرقي و عقده التفوق الاثني يلعبان دورا واضحا للتصدي للقضايا الاجتماعية في السودان إذ أن هنالك مفارقات واضحة في التعاطي مع إنتهاكات حقوق الإنسان في دارفور . مع العلم إن دارفور ليس إقليم في جزيرة مالطا بل جزء أصيل من الدولة السودانية. الذي يشغل بالي مع قدرتي النسبية على تحليل ظاهرة الصراع الاجتماعي في السودان و غياب الضمير الوطني المشترك بين الشعوب السودانية و عدم الإحساس بإنتمائنا لبعضنا البعض. السؤال المحوري الذي يظل لفترات طويلة يشغل بالي ماذا قدمنا لدارفور؟ و أعني كل أبناء جيلي من دارفور في مختلف القوى السياسية ؟ مع الوضع في الاعتبار عدم حصر القضية في إطارها الإقليمي ويجب النظر عليها في إطارها الشامل و أن الأزمة السودانية أزمة شاملة و لكن الجمرة تحرق الواطيها . الشئ الآخر الذي يحيرني ماذا يعني وجود ابادات جماعية و تطهير عرقي و لاجئين و نازحيين و اغتصابات جماعية و حرق قري واطفال يتامي و ارامل و ثكالي في إقليم دارفور؟ ماذا يعني ذلك لبقية الشعوب السودانية من الأقاليم المختلفة ؟ ماذا يعني ذلك لأحزابنا السياسية التي ننتمي لها؟ الحركات الشبابية؟ الصحفيين؟ الفنانين؟ المثقفين؟ الناشطين؟ الطرق الصوفية؟ ائمة المساجد؟ الإدارات الأهلية؟ أصحاب رؤس الأموال؟ طلاب الجامعات والمعاهد العليا؟ ماذا يعني ذلك لهؤلاء جميعهم؟ و بماذا نفسر هذا الصمت المريب ؟ كيف يفسر العقل السليم أن أفضل المواقف تجاه المأساة الإنسانية هي إصدار بيانات صحفية و بوستات في مواقع التواصل الاجتماعي !!! و يظل الواقع في الأرض كما هو و بل يمر أسبوع آخر و نسمع بمأساة أخري أكثر بشاعة من الذي سبقه و نحن لازلنا نصدر بياناتنا المكررة و الدائرة مستمرة و الموت واحد ! الي هؤلاء جميعهم أن الأزمة السودانية في إقليم دارفور ليست في حاجة لإصدار بيانات اسفيرية لا تثمن و لا تغني من جوع في أحسن الأحوال و من ثم الصمت المريب ، ماحصل في تابت ممكن يحصل غدا في الخرطوم ، مدني، شندي، سنار، الأبيض، كسلا ، بورتسودان. و هذا ما لا نتمناه إطلاقا لكن دعونا نسأل ماهي ردود افعالكم وقتها ؟ دعونا نكون واضحين و جريئين تجاه الحقائق و عملية دفن الرؤوس في الرمال بدعاوي التجاوز المزيف لا يفيد بعد اليوم . أيضا أزمة مثقفي دارفور البعض يعمل بلا وعي منه على وضع سياج عازل للقضية و جعلها قضية تخص انسان دارفور فقط و هذا أضر بعدالة القضية و اتاح الفرصة للنظام ليلعب على التناقضات الاجتماعية في السودان و تصوير انسان دارفور على أنه كائن متخلف و يحب الصراع القبلي و ليس لديه قضية عادلة . يجب على الجميع ان يعلم أن دارفور جزء من السودان و لانسانه قضية وطنية عادلة لا يمكن حلها بمعزل عن الأزمة الوطنية الشاملة في السودان . و علينا أن نعمل من هذا المنظور مما يتيح لنا نقل المعركة خارج حدود الاقليم و تكون المواجهة بين الشعب السوداني و النظام بدل شعب دارفور و النظام. و تصبح دارفور هي أيقونة الثورة السودانية. على أبناء دارفور في مختلف الأحزاب السياسية الضغط على أحزابهم حتى تتطلع بمسئؤليتها الوطنية وهي التصدي الإعلامي و السياسي و القانوني للأزمة الإنسانية في دارفور . على قيادات احزابنا السياسية أن تعي حجم المسئولية الوطنية الملقاة على عاتقهم لقيادة البلاد بعقل سياسي واعي يقوم على أن السودان دولة واحدة موحدة أرضا و شعباً و ان دارفور جزء من السودان و ليس جزء من إقليم كتالونيا الاسباني . على الحركات المسلحة ان تعي هي الأخرى حجم المعاناة في الإقليم جراء الفعل المسلح و اثر ذلك على الوضع الإنساني في دارفور فبالتالي يجب تجاوز الانقسامات التي أشبه بالإنشطار الاميبي و أعتقد هذا يقرأ في سياق أزمة القيادة في قوي الهامش. و بالتالي يجب التفكير في اعأدة بناء جسر الثقة بين مكونات الحركات المسلحة ومن ثم التفكير في وحدة المعارضة السودانية و بالضرورة يكون دعم حقيقي نحو الحل الشامل للازمة السودانية بعيدا عن مبدأ التجزئة الذي يراهن عليه المؤتمر الوطني .