بعد رحلة شاقة "بورتسودان.. الدوحة ثم الرباط ونهاية بالخميسات"..بعثة منتخب الشباب تحط رحالها في منتجع ضاية الرومي بالخميسات    على هامش مشاركته في عمومية الفيفا ببانكوك..وفد الاتحاد السوداني ينخرط في اجتماعات متواصلة مع مكاتب الفيفا    شاهد بالصورة والفيديو.. الفنان أحمد محمد عوض يتغزل في الحسناء المصرية العاشقة للفن السوداني (زولتنا وحبيبتنا وبنحبها جداً) وساخرون: (انبراش قدام النور والجمهور)    شاهد بالصورة.. (سالي عثمان) قصة إعلامية ومذيعة سودانية حسناء أهلها من (مروي الباسا) وولدت في الجزيرة ودرست بمصر    بعد حضور والده من المملكة.. جثمان التيك توكر السوداني جوان الخطيب يوارى الثرى بمقابر أكتوبر بالقاهرة ونجوم السوشيال ميديا يناشدون الجميع بحضور مراسم الدفن لمساندة والده    شاهد بالفيديو.. الفنانة رؤى محمد نعيم تعلن فسخ خطوبتها من شيخ الطريقة (ما عندي خطيب ولا مرتبطة بي أي زول)    آفاق الهجوم الروسي الجديد    كيف يتم تهريب محاصيل الجزيرة من تمبول إلي أسواق محلية حلفا الجديدة ؟!    شبكة إجرامية متخصصة في تزوير المستندات والمكاتبات الرسمية الخاصة بوزارة التجارة الخارجية    مناوي: وصلتنا اخبار أكيدة ان قيادة مليشات الدعم السريع قامت بإطلاق استنفار جديد لاجتياح الفاشر ونهبها    مطار دنقلا.. مناشدة عاجلة إلى رئيس مجلس السيادة    يوفنتوس يتوج بكأس إيطاليا للمرة ال15 في تاريخه على حساب أتالانتا    مانشستر يونايتد يهزم نيوكاسل ليعزز آماله في التأهل لبطولة أوروبية    تنويه هام من السفارة السودانية في القاهرة اليوم للمقيمين بمصر    عثمان ميرغني يكتب: السودان… العودة المنتظرة    إنشاء "مصفاة جديدة للذهب"... هل يغير من الوضع السياسي والاقتصادي في السودان؟    بعد حريق.. هبوط اضطراري لطائرة ركاب متجهة إلى السعودية    نهضة بركان من صنع نجومية لفلوران!!؟؟    د. الشفيع خضر سعيد يكتب: لابد من تفعيل آليات وقف القتال في السودان    واشنطن تعلن فرض عقوبات على قائدين بالدعم السريع.. من هما؟    الكشف عن شرط مورينيو للتدريب في السعودية    رئيس مجلس السيادة القائد العام للقوات المسلحة يلتقي اللجنة العليا للإستنفار والمقاومة الشعبية بولاية الخرطوم    سعر الريال السعودي مقابل الجنيه السوداني في الموازي ليوم الأربعاء    سعر الدولار في السودان اليوم الأربعاء 14 مايو 2024 .. السوق الموازي    رسميا.. كأس العرب في قطر    وسط توترات بشأن رفح.. مسؤول أميركي يعتزم إجراء محادثات بالسعودية وإسرائيل    "تسونامي" الذكاء الاصطناعي يضرب الوظائف حول العالم.. ما وضع المنطقة العربية؟    عالم آثار: التاريخ والعلم لم يثبتا أن الله كلم موسى في سيناء    "بسبب تزايد خطف النساء".. دعوى قضائية لإلغاء ترخيص شركتي "أوبر" و"كريم" في مصر    شاهد بالصورة.. حسناء السوشيال ميديا "لوشي" تنعي جوان الخطيب بعبارات مؤثرة: (حمودي دا حته من قلبي وياريت لو بتعرفوه زي ما أنا بعرفه ولا بتشوفوه بعيوني.. البعملو في السر مازي الظاهر ليكم)    حتي لا يصبح جوان الخطيبي قدوة    5 طرق للتخلص من "إدمان" الخلوي في السرير    هل يرد رونالدو صفعة الديربي لميتروفيتش؟    انعقاد ورشة عمل لتأهيل القطاع الصناعي في السودان بالقاهرة    انتخابات تشاد.. صاحب المركز الثاني يطعن على النتائج    أسامه عبدالماجد: هدية الى جبريل و(القحاتة)    "المايونيز" وراء التسمم الجماعي بأحد مطاعم الرياض    محمد وداعة يكتب: ميثاق السودان ..الاقتصاد و معاش الناس    تأهب في السعودية بسبب مرض خطير    باحث مصري: قصة موسى والبحر خاطئة والنبي إدريس هو أوزوريس    أصحاب هواتف آيفون يواجهون مشاكل مع حساب آبل    الفيلم السوداني وداعا جوليا يفتتح مهرجان مالمو للسينما في السويد    بنقرة واحدة صار بإمكانك تحويل أي نص إلى فيديو.. تعرف إلى Vidu    كيف يُسهم الشخير في فقدان الأسنان؟    هنيدي ومحمد رمضان ويوسف الشريف في عزاء والدة كريم عبد العزيز    أسترازينيكا تبدأ سحب لقاح كوفيد-19 عالمياً    القبض على الخادمة السودانية التي تعدت على الصغيرة أثناء صراخها بالتجمع    الصحة العالمية: نصف مستشفيات السودان خارج الخدمة    تنكُر يوقع هارباً في قبضة الشرطة بفلوريدا – صورة    معتصم اقرع: حرمة الموت وحقوق الجسد الحي    يس علي يس يكتب: السودان في قلب الإمارات..!!    يسرقان مجوهرات امرأة في وضح النهار بالتنويم المغناطيسي    بعد عام من تهجير السكان.. كيف تبدو الخرطوم؟!    العقاد والمسيح والحب    أمس حبيت راسك!    جريمة مروّعة تهزّ السودانيين والمصريين    بالصور.. مباحث عطبرة تداهم منزل أحد أخطر معتادي الإجرام وتلقي عليه القبض بعد مقاومة وتضبط بحوزته مسروقات وكمية كبيرة من مخدر الآيس    السلطات في السودان تعلن القبض على متهم الكويت    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حل مشاكل الاقتصاد بالهمبتة و الكجور و لي عنق الحقائق.. أربعة أمراض اقتصادية قاتلة
نشر في حريات يوم 06 - 01 - 2015

المتابع لمسيرة الاقتصاد السوداني و على وجه الخصوص سلوكه العام في فترة الأربعة أشهر الأخيرة يلاحظ انخفاضاً مضطرداً و بمعدلات كبيرة في التضخم ، و هو ليس بالأمر الغريب إذا نظرنا إليه مستصحبين حجم الكارثة التي المت بإقتصادنا بسبب التدمير الممنهج الذي تمارسه العصابة الحاكمة…أول ما يتبادر إلى أذهاننا سؤال بسيط ..إذا كانت معدلات التضخم تنخفض في ظرف اربعة أشهر و تهوى قرابة 55% (حيث كانت قبل أربعة شهور و تحديداً نهاية يوليو 2014 بمعدل 46.8%، و اليوم هوت لتصل إلى 25.6%..) و تستمر بوتيرة سريعة في التهاوي هكذا..إذاً لماذا لم تنعكس بشكل ملموس على أسعار السلع و الخدمات؟ الأمر هكذا لا يبشر بخير..و يجب النظر إليه على أنه شئ مخيف جداً..و ليس مطمئناً كما تدعي الحكومة.. بشكل عام يعد انخفاض معدل التضخم مؤشراً اقتصادياً جيداً في وجود اقتصاديات قوية …أما في حالة الاقتصاد السوداني فهو الفوضى الشاملة و أن الكارثة الاقتصادية قد حلت بالفعل..و يبدو أن الحكومة لا تبالي كعادتها لخطورة الأمر..حيث أوردت سونا يوم 17/12/2014 خبراً نصه ما يلي: أشاد صندوق النقد الدولي بتطور أداء الاقتصاد السوداني خلال العام 2014 ووصف أداء الموازنة خلال التسعة أشهر الأولى بالجيد مقرا بانخفاض معدلات التضخم وتم التوافق بين وزارة المالية وبنك السودان المركزي من جهة والصندوق من جهة أخرى على تقدم الأداء المالي والنقدي وفقا لمؤشرات الأداء المالي في الميزانية والصرف الاجتماعي وانخفاض عجز الموازنة والإنفاق على التنمية. …إنتهى ما تم نقله عن سونا.
بحسب البيانات الرسمية فإن معدلات التضخم لشهر نوفمبر من العام 2014 انخفضت لمستوى 25.6% لأدنى مستوى لها منذ مايو من العام 2012 حيث كانت عند مستوى 22.93%.. متراجعة للشهر الرابع على التوالي.. فقد كانت عند مستويات 28.24% لشهر اكتوبر و 39.17% لشهر سبتمبر و 46.4% لشهر أغسطس و 46.8% لشهر يوليو..سبق و أن وصلت معدلات التضخم إلى أرقام خرافية فقد في المتوسط 181.5% خلال العام 1993 و 156.7% للعام 1992 و هذه في حد ذاتها أرقام قياسية عالمية لم يحدث لها مثيلاً في التاريخ القريب…و للمزيد عن بيانات التضخم في السودان بحسب المصادر الرسمية يرجى زيارة بوابة بيانات السودان على الرابط http://sudandataportal.org/ar/
لفهم ما يحدث للاقتصاد السوداني من نكبات بسبب العبث الذي تمارسه سلطة الاخوان المسلمين سأوجز في هذا المقال شرحاً لماهية التضخم و كيفية احتسابه و أثر انخفاض معدلاته على الاقتصاد السوداني المنهار..و ايجاز مختصر عن اثنين من الأمراض القاتلة التي طال أمدها على الاقتصاد السوداني دون علاج ..
التضخم:
عندما نتحدث عن التضخم و آلية احتسابه فإننا نقصد بالتضخم الارتفاع المستمر والملموس في المستوى العام للأسعار، و بحسب المعايير المتعارف عليها فإن أي ارتفاع أعلى من نسبة 5% يترك أثرا مباشراً على القوة الشرائية للنقود والتي يقصد بها كمية السلع والخدمات التي يمكن الحصول عليها مقابل مبلغ معين. بمعنى أن الارتفاع المستمر سيترك أثرا وشعورا حقيقيا بتراجع قدرة الأفراد في الحصول على احتياجاتهم بشكل عام…أما كيفية حساب معدلات التضخم فتتم وفقاً لمعادلة معينه و هى: الفرق بين مستوى أسعار السنة (الشهر) الحالية و أسعار السنة (الشهر) السابقة مقسوماً على أسعار السنة (الشهر) السابقة ثم يضرب الناتج في 100 ليتم الاحتساب بالنسبة المئوية.
يقاس التضخم بمعيار المستوى العام للأسعار والذي يعني: المتوسط الترجيحي لأسعار مجموعة من السلع والخدمات المستهلكة والمستخدمة في بلد ما… لحساب المستوى العام للاسعار يتم اعداد رقم قياسي موحد لمتوسط أسعار السلع والخدمات لأسعار المستهلكين والمنتجين…حيث يعطى وزن ترجيحي لكل سلعة و خدمة على أساس وزنها و من ثمَ يمكن بناء الرقم القياسي العام لأسعار المستهلكين أو تكاليف المعيشة..فمثلاً سلعة مثل المواد الغذائية نعطيها وزن نسبي 40 و و سلعة مثل السكن نعطيها وزن نسبي 25 و سلعة مثل الملبوسات نعطيها وزن نسبي 10 و سلعة مثل المحروقات نعطيها وزن نسبي 5 و خدمات التعليم و الصحة نعطيها وزن نسبي 10 و بقية الخدمات نعطيها وزن نسبي 10 بتجميعها كلها ستكون النتيجة 100 و هى الرقم القياسي العام الذي نقصده..
أما معدل التضخم وفقاً للأرقام القياسية فيتم حسابه بأكثر من طريقة..حيث يمكن الحساب بطريقة الرقم القياسي التجميعي البسيط و يتم عن طريق حساب مستوى عام للأسعار لنحصل على وزن ترجيحي من السلع والخدمات التي يستهلكها المجتمع فعلاً..يتم ذلك وفقا لمسح عام يسمى مسح ميزانية الأسرة وفقا للرقم القياسي لتكاليف المعيشة، يقصد بالرقم القياسي لتكاليف المعيشة : مجموع أسعار السنة الحالية مقسوماً على مجموع أسعار السنة السابقة (سنة الأساس) مضروباُ في 100…المثال البسيط أدناه لتوضيح فكرة الرقم القياسي التجميعي البسيط حتى تعم الفائدة…
و بتطبيق المعادلة 14/3.9 * 100 = 359%.. وهذا الرقم يوضح أن المستوى العام للأسعار لعام 2014 ارتفع بنسبة 259% عما هو عليه الحال عام 1989…هذا مجرد مثال..أما الواقع فجميعكم تعرفونه.
لكن، يجب الانتباه أن طريقة الرقم القياسي التجميعي البسيط أعلاه لا تراعي إلى حقيقة تأثر الدخل بارتفاع الأسعار فهناك الكثير من السلع التي ترتفع أسعارها بنسب كبيرة ولا تؤثر على دخل الأفراد في المجتمع، و لذا فإن الطريقة الصحيحة لحساب معدلات التضخم هى طريقة الأرقام القياسية المرجحة
و لمعرفة الفرق لنفرض أن الأسر تنفق أموالها على ثلاث سلع رئيسية هي المواد الغذائية والملابس والخدمات والجدول التالي يبين الأوزان الترجيحية كما يلي:
بتطبيق المعادلة: 429.5/115.5*100 = 398…يعني الرقم المرجي يبين بأن التضخم ارتفع بنسبة 298%.
بصفة عامة إذا حسبنا معدلات التضخم التي يعلن عنها رسمياً صحيح انها في انخفاض مستمر…سأشرح الجزئية التالية بالدارجي حتى نستوعبها جيداً… في حاجة تانية..مثلاً نلقى إنه سعر صرف الجنيه السوداني الرسمي مقابل الدولار سنة 1989 حوالي 8 جنيه، و سعره الرسمي اليوم 6.000، إذاً التضخم في العملة نسبته 75000%…يعني قيمة الجنيه نزلت من يوم الكيزان مسكوا السلطة و لي غاية الآن 750 مرة..يعني واحد جنيه عام 1989 يساوي 750 جنيه حالياُ..لكن في المقابل نلقى سعر الدولار في السوق الأسود السنة الفاتت كان 10000 و السنة دي 87000 إذاً ممكن نقول انه التضخم في العملة السودانية انخفض بنسبة 13% لأنه سنة الأساس هى السنة الفاتت و فرق سعر الصرف هو -1300 لما نقسم -1300/10000 النتيجة حا تكون -13%..بس ..و للتوضيح أكتر كمان و بي البلدي كدى، سنة 1989 كان طلب الفول بي 25 قرش..و طلب الفول سنة 2014 وصل 10.000 جنيه يعنى أول حاجة نحول الجنيهات لي قروش كل جنيه فيه مائة قرش…يعني العشرة ألف جنيه حا تبقى مليون قرش..معناها مليون قرش نقسمها على 25 قرش النتيجة 40 ألف قرش..لما نقسم على 100 بنلقى إنه معدل التضخم في المواد الغذائية مقارنة بالعام 1989 بلغ 160 ألف في المائة …الواحد فينا على طول بيسأل..طيب ما دام الفول مستورد و القمح مستورد و هى مكونات طلب الفول و بنستوردها كلها بي الدولار..ليه الدولار زاد مقابل الجنيه 75ألف مرة لكن طلب الفول زاد 160ألف مرة بي أكثر من الضعف؟ الاجابة ..لأنه الحكومة بتفرض ضرائب و قيمة مضافة عالية عشان طلب الفول دى يبدأ من دولار و ينتهي بي طلب جاهز عليه جمارك و ضرائب و سرقات و رسوم بلدية و جبايات كتيرة جداً..عشان كدى بنلقى معدل التضخم أعلى و كله قيمة مضافة..و في نفس الوقت لما نقارن بين طلب الفول السنة الفاتت و الآن بنلقى انه ما نقص..إذاً معدل التضحم هنا ثابت ما تأثر..و كذلك الحال لمعظم السلع التي لم تتأثر بمعدلات التضخم ..و السبب في الكلام دى حاجتين..و للتذكير لا زال الحديث عن التضخم..ما هو السبب الحقيقي في ثبات معدل التضخم على بعض السلع و الخدمات مقارنةُ بالعام الحالي..و ثبات بعضها كما هو..وانخفاض معدل التضخم لبعض السلع الأخرى..علماُ بأن جميع السلع المذكورة تشكل ثقلاً في الرقم القياسي العام و لها أوزان ترجيحية معتبرة؟.و من هسي بقول لكم..العنده ضغط ولللا سكري ما يكمِل..في تشابكات كثيرة جداً في علم الاقتصاد و ثوابت تفسر الشئ الحاصل دى..أول هذه الثوابت ما يعرف بآليات السوق المتعارف عليها (طلب – عرض- مرونة- …الخ) و دي في السودان كلها بتتحكم فيها الحكومة بدرجة كبيرة…..يعني ما بتتحكم فيها آليات السوق المتعارف عليها..و دى بتأثر على سعر الصرف بدرجة كبيرة.. مع إنه الحكومة من زمن حمدي في بداية التسعينات بتتحدث عن تحرير الاقتصاد..و تحرير الاقتصاد معناه إنه الحكومة ما تتدخل في التسعير و تكتفي بالدور الرقابي وفقاً لسياسات اقتصادية تشجع الانتاج … و الحاصل الآن أن الحكومة تحتكر السلع الضرورية و تبيعها بأكثر من السعر العالمي بكثير…و تتبع سياسات حرب المنتجين و عدم السماح لهم بإيجاد سوق يستوعب منتجاتهم..و كذلك فرض ضرائب و اتاوات مبالغ فيها عليهم..(عدا الفئة التي تتبع لها)…النتيجة افقار المنتجين و افشال مشاريعهم الانتاجية و خلق الأزمات ..و بالتالي اضطر المنتجين للبحث عن مصارد لقمة عيش أخرى…. يعزز هذا الكلام تصريح قرأته للخبير الاقتصادي محمد ابراهيم كبج ذكر فيه ان الحكومة تمارس سياسة الخداع في معالجة الأزمة الإقتصادية بالبلاد… و أورد مثالاً جيداً ذكر فيه أن الحكومة عندما فشلت في رفع سعر الوقود إلى مستوى السعر العالمي اتبعت خدع أخرى وهي مضاعفة سعر الدولار من (3) إلى (6) جنيهات .. ثم زادت سعر الدولار الجمركي الذي أثر على كل سلع الغذاء ..انتهى حديث كبج )..كلامه الذكره دى هو ما يحدث فعلاً منذ يومها الأول..و ما حدث سنة 2013 مثال جيد له..
على ضوء هذا الواقع يتضح لنا بأن المشكلة الاقتصادية التي يعاني منها السودان هي ليست تضخماً ناتج عن زيادة الطلب، واقع التضخم في السودان هو ما يعرف اقتصادياُ بالنوع الثاني من التضخم و ينتج هذا النوع نتيجةً ارتفاع تكلفة الانتاج بسبب زيادة الضرائب و الجبايات التي تفرضها الحكومة على المنتجين… و ليس لأن العرض أكثر من الطلب..فالكحومة لم تكتفي بالتحايل على علم الاقتصاد فحسب…بل تمادت و من كثر ما استمرأت التحايل على علم الاقتصاد كانت العواقب الوخيمة و الكارثة..اصبح الاقتصاد السوداني يجمع بين جميع الأمراض الاقتصادية المعروفة ..في حالة كارثية نادرة الحدوث في أي مكان بالعالم..و كانت النتيجة ما نراه الآن..اقتصاد يجميع بين كل الأمراض حتى المتناقضة منها..و حتى التي يستحيل اصابة أي اقتصاد على وجه الأرض بها مجتمعة و في نفس الوقت ( التضخم و الانكماش)..و ما أدل على ذلك من الانخفاض الذي نشهده في معدلات التضخم الحالية…و للتوضيح أكثر علينا معرفة ما نتحدث عنه و ما هو الانكماش؟
الانكماش
يعرف الانكماش على أنه انخفاض متواصل في أسعار السلع والخدمات في كافة جوانب اقتصاد الدولة، عكس التضخم تماماً..لكنه أسوأ منه من ناحية النتائج والآثار, و رغم أنه نادر الحدوث…إلاّ أنه حدث ماثل بين أيدينا..و متزامناُ مع ارتفاع معدلات التضخم.. و هذا بالضبط بعض الذي يحدث للاقتصاد السوداني..
يحدث الانكماش عندما يعاني الاقتصاد من كساد أو ركود، مما يؤدي إلى تراجع (مؤقت) لأوجه النشاط الاقتصادي. أما السبب الرئيسي لحدوث الانكماش فهو قلة الطلب على السلع والخدمات وذلك إما بسبب تراجع القدرة الشرائية للمستهلكين, أو تدني السيولة النقدية المتاحة بسبب عجز البنك المركزي عن ضخ المزيد من النقود للتداول.. يمكن أن يحدث الانكماش المالي بسبب المنافسة الحادة بين المصنعين ومنتجي السلع والخدمات سعياً منهم لزيادة مبيعات منتجاتهم بتخفيض أسعارها.. و لكن هذا ليس ما يحدث في السودان…و بما أننا تحدثنا عن الركود و الكساد لنعرف ما هى تلك الأمراض التي يعانيها الاقتصاد السوداني هى الأخرى..و تشكل مع الانكماش طويل الأمد و التضخم توليفة من الأمراض المتناقضة التي تضرب جسماً واحداً في الوقت نفسه.
أدى الانكماش إلى نتائج خطيرة نعيشها الآن على الاقتصاد وبشكل خاصّ على حركة الإنتاج وحركة النقود،
و بالتالي الدخول في ركود طويل الأمد (كساد) في الإنتاج وهبوط حاد و مضطرد في حركة التصنيع نشهده منذ قدوم هذه الحكومة و حتى الآن؛ السبب الحقيقي في ذلك هو ضعف الطّلب الناشئ عن الانكماش، وهو من الأسباب الرئيسية في تفشي البطالة و تشريد العمّال غير المسبوق الذي نعيشه حالياُ، و هو شئ بديهي بسبب توقّف حركة الإنتاج نتيجة الكساد ، الشئ الذي خلف أوضاعاً مأساوية على حياة العمال..و كذلك احجام المزارعين عن الزراعة مضطرين بسبب الانخفاض الحاد في أسعار منتجاتهم خاصةً في موسم الانتاج..مثلاً نجد أن سعر كيلو الطماطم في فترة الانتاج لا يتجاوز 1000 جنيه في حين أن تكلفتها على المزارع تتجاوز 5000 للكيلو..فكيف له أن يوفي بالتزاماته تجاه اسرته؟ كما أن سياسات الحكومة الضريبية و التعجيزية أغلقت كافة الأبواب أمام الصادرات السودانية بسبب عدم منافستها للاسعار العالمية ..نفس كيلو الطماطم الذي لا تتجاوز قيمته 1000 جنيه إن فكر المزارع في تصديره مجرد تفكير سيجد أنه مطالب بأن يدفع أضعاف قيمته للحكومة في صورة ضرائب و جمارك و رسوم صحية و شهادات منشأ..و تكلفة ترحيل..و عند بلوغه سوق الصادر سيضطر أيضاً لبيعه بأقل من تكلفته لأن نفس وجهة الصادر تأتيها طماطم أو بصل أو سمسم …أو أي م السلع التي يمكن أن يصدرها السودان ، تأتيها من وجهات أخرى لا تعيش حكوماتها على جيوب الكادحين..و ليس المزارعين وحدهم هم الضحايا من سياسات النظام..حتى أصحاب المشروعات الانتاجيه الأخرى وجدوا أنفسهم مضطرين لصرف النظر عن مشاريعهم الجديدة وتجميد ما تمّ منها؛ بسبب ضعف العائد عليها و خسارتها ، و بالتالي النزول بسقف توقّع حصول الأرباح من هذه المشاريع ما دام الانكماش مُخيّماً على السّوق والإنتاج…و على ذلك قس..هذه باختصار السمات العامة لواحدة من مشاكلنا الاساسية التي لا تستثني أحداً يعيش على ارض السودان اللهم إلا محاسيب الحكومة و شركاتهم المستثناة من الضرائب و الجمارك و غيرها من الجبايات التي يتجرعها غيرهم.
الركود
هو مصطلح يعبر عن هبوط في النمو الاقتصادي لمنطقة او لسوق معين، وعادة سبب الهبوط في النمو الاقتصادي نابع من أن الانتاج يفوق الاستهلاك الأمر الذي يؤدي إلى كساد البضاعة وانخفاض الأسعار والذي بدوره بصعب على المنتجين بيع المخزون، لذلك ينخقض معدل الانتاج والذي معناه أيدي عاملة أقل، وارتفاع في نسبة البطالة.
المشكلة الأساسية انه اذا أصاب الركود الاقتصادي فرع مركزي في الاقتصاد مثال(الزراعة أو التصنيع) سينعكس على بقية القطاعات فتدخل في سلسلة طويلة من الركود الاقتصادي الجامح الذي لا يجدي معه كابحاً.
و على الرغم من الاختلاف على كيفية تحديد مدى تواجد البلاد في ركود اقتصادي ، ألا أنه من الضروري ان يكون النمو في الناتج القومي أعلى من نسبة النمو الطبيعي في تعداد السكان (الذي يؤثر بشكل طردي على الناتج القومي الإجمالي)، الفرق بين الناتج القومي الاجمالي و الناتج المحلي الاجمالي هو أن الأخير يحسب قيمة السلع و الخدمات المنتجة من الموارد الموجودة محلياً، أما الناتج القومي الاجمالي يحسب قيمة السلع و الخدمات التي يتم انتاجها من الموارد المملوكة محلياً..فمثلاً قيمة انتاج مصنع صيني في السودان تدخل في الناتج المحلي الاجمالي السوداني، و تدخل في الناتج القومي الاجمالي للصين..بالمثل أجور السوداني المغترب في السعودية تدخل في الناتج المحلي الاجمالي السعودي ، و تدخل في الناتج القومي الاجمالي للسودان…ففي الولايات المتحدة الأمريكية مثلاً يعرف الركود على انه نمو سلبي للناتج القومي على مدى 6 أشهر أي نصف سنة….الركود الاقتصادي المزمن يؤدي إلى كساد نتائجه أقوى وأخطر من الركود. ..و هو ما حدث عندنا بالضبط نتيجة للسياسات التدميرية التي تنتهجها الحكومة ..
الكساد
هو مصطلح في الاقتصاد الكلي يطلق على أي فترة ينخفض فيها الناتج المحلي الإجمالي لمدة تساوي ستة أشهر على الأقل…( المقصود بالناتج المحلي الاجمالي هو القيمة السوقية لجميع السلع المكتملة و الخدمات المحلية التي ينتجها جميع السودانيين و غير السودانيين من المستثمرين و غيرهم الذين يعملون بالسودان في فترة زمنية محددة..مثلاً ستة أشهر أو سنة.. هذا يعني زيادة البطالة و انخفاض قيمة الاستثمارات وأرباح الأعمال…تدني وهبوط في الإنتاج والأسعار والوظائف و الإيرادات، انخفاض السيولة النقدية، و افلاس الكثير من المنتجين و البنوك و المؤسسات و والشركات المختلفة و تفاقم البطالة..لو تلاحظون في سودان اليوم صارت هذه الأشياء التي نتحدث عنها سمات ملازمة..
و حتى بعد موسم الانتاج الزراعي و الصناعي المعروف كما تمت الاشارة له في الحديث عن الانكماش..يظل الكساد مهيمناً ..و هذا دليل آخر على حجم الكارثة حيث يستمر تدني المبيعات لدى غالبية المحال التجارية لمختلف أنواع السلع حتى الضرورية منها.. يبدأ التدني من قطاع التجزئة كنتيجة حتمية لضعف القوة الشرائية عند المستهلكين, عندها يكون من الطبيعى أن تخفض المبيعات لدى قطاع التجزئة..النتيجة أن طلباتها من الموردين و المصانع تنخفض, و من الطبيعى أن تضطر المصانع و الموردين إلى خفض إنتاجهما الشئ الذي يؤدي بدوره إلى تخفيض وتيرة الانتاج و الاستثمار, وفي الوقت نفسه تفقد المنشآت الانتاجية و الصناعية قدرتها على دفع مرتبات العاملين بها بسبب تدني الطلب على منتجاتها وانخفاض الأسعار وهذا ما يجعلها تضطر إلى التخلص عن عدد كبير منهم، و رميهم في الشارع.. وهذه الخطوة من المنتجين و المصنعين تؤدي إلى نتيجة حتمية أخرى وهي زيادة معدلات البطالة ، و انعدام مصدر دخل لهؤلاء العاطلون مما يجعل تدني القدرة الشرائية لدى المستهلكين تتفاقم أكثر وهكذا تستمر النتائج السلبية لتبعات الكساد في الظهور متتالية وبصورة أكبر سوءاً من سابقتها إلى أن تحدث معالجة حقيقية من شأنها أن تعكس المعادلة و تعيد للأنشطة الاقتصادية حيويتها الإيجابية…الأمر الذي لم نشاهده منذ مقدم هذا النظام الفاسد.
ما تحدثنا عنه أعلاه من أبجديات علم الاقتصاد التي يعرفها أي طالب اقتصاد..و لكن مشكلة حكومة هى لله لا تكمن فقط في الفشل و عدم معرفة أبجديات الاقتصاد فحسب، مشكلتنا الكبيرة مع هؤلاء القوم أنهم يعملون على تدمير كل شئ و بشكل ممنهج و النتيجة ما نراه الآن…لا سبيل لايقاف هذا العبث الا باقتلاع النظام الحالي ..هذا أو الطوفان.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.