في ظل ارتفاع معدلات التضخم ووصوله لارقام قياسية وذلك نتيجة للزيادات الجنونية التي شهدتها الاسعار مما أدى إلى زيادة مضطردة في معدل التضخم الذي حدد له وفقا للموازنة العامة (18%) الا ارتفاعا ملحوظا سجله معدل التضخم حيث ارتفع خلال الربع الأول من هذا موازنة العام (2012م)، ليبلغ (21%) مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي، والتي وصلت إلى (16%) وعزا وزير المالية علي محمود في تقرير الاداء المالي للربع امس الاول الارتفاع إلى استمرار ارتفاع أسعار المواد الغذائية والمشروبات. وقال إن السلع تأثرت بارتفاع سعر الصرف وأن جهودا تبذل بمشاركة البنك المركزي لوضع التدابير اللازمة لاحتواء أسباب الارتفاع، وخفض السعر إلى الرقم المستهدف في الموازنة بنهاية العام الجاري، الا ان الخبير الاقتصادي محمد الناير وصف في حديثه ل (الأحداث) أمس ارتفاع معدل التضخم في الربع الاول للموازنة بالطبيعي، وعزا ذلك لزيادة الاسعار وارتفاع السلع الضرورية، وحمل التجار مسئولية ذلك لجهة انهم أصبحوا يبيعيون كما يشاءون تحت مسمى سياسة التحرير دون مراعاة لحدود التكلفة والربح المحدد. واعتبرها المعضلة الاساسية لارتفاع معدلات التضخم ووصفه بالتضخم الركودي حيث تتوفر السلع وتقل القوة الشرائة والطلب وتظل الاسعار مرتفعة، في اشارة إلى ارتفاع معدلات الصرف بجانب جشع التجار. واستنكر في حديثه عدم افصاح الجهاز المركزي للاحصاء عن الطريقة التي يعد بها المسوحات التي تتم بصورة شهرية لمعرفة الاسعار الحقيقية، وتساءل عن مدى تغطية تلك المسوحات لكل الاسواق والسلع والخدمات لعلم المعادلة التي يتم بها حساب التضخم بصورة واضحة، خاصة وان القياس على أرض الواقع عكس الارقام والمعدلات التي تنقل من الجهات الرسمية، في اشارة إلى عدم انخفاض الاسعار بالشكل المطلوب، وأضاف ان ارتفاع معدل التضخم ليفوق المعلن عنه في الموازنة حيث يتحرك نحو المعدل الفعلي اي بمعدل اعلى من المخطط له، وتوقع ان ينخفض التضحم ليستقر في الرقم المحدد له حال تنفيذ الاجراءات الاقتصادية التي وضعت لتخفيف حدة الارتفاع على الرغم من انه سيظل مرتفعا مقارنة بمعدلات التضخم العالمية، وتوقع في حديثه أمس ل (الأحداث) تواصل زياده الاسعار التي عزاها إلى التخبط في السياسات الاقتصادية قاطعا بتواصل ارتفاع معدلات التضخم إلى اكثر 21,3% لجهة أن حزمة السلع أو مجموعة السلع لم يتم من خلالها حساب معدل التضخم التي تؤثر تأثيرا مباشرا على التضخم النهائي، وأرجع الجاك السبب الاساسي لتصاعد معدلات التضخم الارتفاع الكبير في اسعار السلع والخدمات وتزايد الطلب والقوى الشرائية، مشيرا إلى تدني في انتاج السلع والخدمات. وفي الاتجاه يقول الخبير الاقتصادي الدكتور محمد الجاك في حديثه امس ل (الأحداث) في الواقع ان معدل التضخم من حيث ارتفاع الحزمة السلعية التي على ضوءها يتم قياس معدلات التضخم والاوزان فبناءً عليه حسب مجموعة السلع المختارة يمكن ان يحدث انخافض نتيجة لانخفاض سلعة معينة، مشيرا إلى عدم وجود استقرار حقيقي للسلع، خاصة وان حقيقة اتجاه معدل التضخم نحو الانخفاض يعتمد على أداء السوق مما يجعلها مسألة طلب وعرض في ظل تناقص العرض وزيادة الطلب لمعظم السلع التي تدخل في قياس معدل التضخم، بجانب تدني الانتاج بسبب ارتفاع التكاليف وما ارتبط بارتفاع سعر الصرف للعملة المحلية وانعكاس ذلك على آثار الوردات مما جعل عديد من المؤشرات الاقتصادية قد تأثرت سلبا ونتجت عنها تداعيات سالبة على قطاعات الانتاج، إضافة إلى تزايد في الطلب نتيجة لزيادة أعداد السكان والتدفقات السكانية للبلاد بسبب الهجرة الداخلية هذا بجانب ان هنالك قوة شرائية متصاعدة نتيجة لبعض الدخول التي تأتي من الخارج، فأداء السوق هو الذي يحدد نسبة الانخفاض حقيقي أم طارئ فأداء السوق بالنسبة للمنتجات المختلفة يبرز ان هنالك عوامل تولد فائض في الطلب وارتفاع في الاسعار، وقال الجاك لا أعتقد ان التضخم في ظل الظروف التي تمر بها البلاد يتجه نحو الانخفاض دون ان تمر الظروف الاقتصادية الحالية ويتوقع ان تزيد وقد تفوق النسبة التي حددتها السلطات الاقتصادية كما أشار لذلك مما يؤكد تصاعد معدل التضخم وما يحدث من انخفاض مجرد سحابة صيف ستعدي سريعا، إلا أن عدداً من الخبراء أرجعوا ارتفاع معدلات التضخم إلى سلبيات الأداء الاقتصادي للقطاعات الانتاجية بعد تطبيق سياسة التحرير الاقتصادي وعدم الاستغلال الامثل والفاعل للامكانيات المتاحة في السودان وقلة الرسوم المفروضة على وراردات السلع الزراعية مما يشجع الواردات ويضعف تنافسية صادرات السودان الزراعية وعدم مراعاة سياسة التمويل الزراعي لخصوصية صغار المزارعين والمنتجين، بالاضافة إلى مواجهة القطاع الزراعي لمخاطر عدة خاصة القطاع التقليدي المطري وتدني الاستثمار في المجال الزراعي نتيجة نقص التمويل المصرفي والقروض الممنوحة للقطاع الزراعي والتي تعتبر متواضعة جداً مقارنة مع الدول النامية الاخرى، بالاضافة إلى رغم المساهمة المقدرة للقطاع الزراعي في الناتج المحلي الاجمالي إلا أن هذه المساهمة اتسمت بالتذبذب ما بين الارتفاع تارة والانخفاض تارة اخرى في الفترات التالية لتطبيق سياسة التحرير الاقتصادي،، حيث قطعوا بأن تلك السياسات ساهمت في فشل الدولة في تخفيض معدل التضخم الذي ظل مرتفعا لأكثر من ثلاثة أعوام.