دلت الأبحاث العلمية أن كل فرد يطلق من رأسه أمواجا كهرطيسية خاصة به لا يشترك فيها غيره. أي أن لكل مخ موجات مختلفة، كما بصمات الأصابع أو العين أو الحمض النووي والتي لا يتشابه بها إثنان من البشر أبدا. فكل إذن مختلف و لديه القدرة على الإدراك والفهم والإستيعاب بطرق مختلفة عن الآخر، وبالتالي يمكنه ان يصدر أفكارا مختلفة تكون بمثابة بصمات خاصة به- فتبارك الله تعالى أحسن الخالقين. ولكن إذا أصدرت هذه العقول أفكارا متشابهة فيمكننا مجازا أن نطلق عليها أنها "مثلية عقلية". وهذه المثلية العقلية تنتج من تعود الشخص على الإتباع بالسمع والطاعة والتقليد، فيصير عقله غير قادر على التمييز بين الصالح والفاسد، أو إصدار أفكاره الخاصه المختلفة، بل ويعجز عن ولادة أي أفكار جديدة. وهذه المثلية تزداد كلما إنتمى الإنسان إلى جماعة أو حركة يجب أن يلتزم فيها بالولاء. ولكي تستطيع العقول أن تضع بصماتها الخاصة لابد ان تتحرر ولو نسبيا من أسر الموروثات والتقاليد، وتنعتق كليا من أغلال الإتباع الأعمى، فتتمزق بذلك القفازات التي تخفي بصماتها ليتألف الإبداع. ولكن هذا ضد توجه كل الأنظمة الإستبدادية التي تريد السيطرة على العقول كي تضمن إستمرار تسلطها وسيطرتها. فهي تكرس للمثلية العقلية بدءا بنظام التعليم الذي تفرضه، فيبنى على أساس من يحفظ كثيرا ينجح كثيرا ويأخذ الشهادات والدرجات العلمية الرفيعة. وفي وسط هذا الحشد من الحفظ الصمت والتسميع تذوب العقول الفريدة في المديدة فتصبح فاقد عقلي قبل أن تصير من ضمن الصفوف الاولى مع الفاقد التربوي والوظيفي مع الأسف الشديد. المثلية العقلية التي إبتلينا بها في مجتمعنا هي من حصيلة حكم الإسلاميين الذي يحكموننا غصبا منذ أكثر من عقدين من الزمان. و النموذج الأمثل الذي يمكن نضرب به مثلا لهذه المثلية العقلية هم نواب البرلمان الذين لا يمثلون الشعب. لقد ظلت تصريحاتهم دوما متشابهة و خطبهم بنفس المثلية التي تنم عن عقليتهم. ويكفي ضجيجهم في مواضيع الجنس والواقي الذكري والمواطن يموت من نقص الغذاء و الدواء. فهم يتمتعون بعقليات سلبية تتلقى ولا تستطيع الإبداع، والتي من المفترض أن تكون عقليات نقدية تناقش وتنتقد وتتفاعل مع بعضها لتنتج أفكار متجددة ومختلفة ومتطورة مع العصر. آخر تصريحات مثيرة لمثليتهم العقلية ما قاله رئيس برلمانهم: ان الوضع الاقتصادي بالبلاد يمضي نحو الأحسن، مضيفاً أنه "سيأتي على البلاد يوم لن يجدوا فيه أحداً يقبل الصدقة". فكيف لا يهذي هؤلاء المثليون وهم لا يشعرون بما يعاني منه المواطنون ويرفلون هم في بحبوحة ورخاء بما يجود به المستبدون من أموال الشعب في شكل أجور ومخصصات. فهي تفصلهم عن الواقع و تحفز لديهم المثلية العقلية. وقد كان آخرها دفع مرتبات شهري فبراير ومارس مقدماً، ومنحهم فرصة عمرة والتي تعرف بالعمرة (الاقتصادية)!. ما يعاني منه نواب البرلمان من حالة السادومية الفكرية أصبح لا يطاق، ونخاف أن نصير مثلهم بمعاشرتهم أكثر من ربع قرن من الزمان. لا يمكن أن نجعل عقولنا سلبية وتضع نفس بصمات غيرها ونكرر ما فعل ونجرب المجرب. فركود العقول يسبب خمولها، وتشابهها يأتي بفسادها. ماذا عن الإنتخابات ماذا عن الثورة؟ عليك بتحرير عقلك كي تسقط قرية قوم كوز التي باتت تضج بالمثليين عقليا ويستشري فيها الفساد والخبائث. فعندما جاء قوم لوط يريدون ضيوفه لممارسة المثلية الجنسية معهم، قال لهم: هؤلاء بناتي، أطهر لكم، إن كنتم فاعلين. فالتتغلب على هؤلاء المجرمين عليك بمواجهتهم ببناتك، وبناتك ما هن إلا بنات أفكارك التي يجب ان تكون من عقلك المحرر الطاهر، الذي لم يمسسه إنس ولا جآن.