دائماً ظلت تُسليني كوميديا فرقة (الإنقاذ) المسرحية وتجعلني أتقلب على قفاي فرط الضحك .. حتى انني قررت مؤخراً عدم متابعة عروض المسرحيات الهزلية المتواصلة التي تقدمها الفرقة على مسرح بلادنا .. تنظيماً لدقات قلبي الذي أنهكته الضحكات والقهقهات المتواصلة .. وحفاظاً على وقاري أمام القارئ الموقر .. ولكن الخبر الذي قرأته اليوم جعلني أفقد السيطرة على نفسي .. فركلت ورّفست كما الطير المذبوح أمام أصدقائي .. حتى ان أحدهم ظنّ ان مساً قد مسّني على حين غرّة .. فبدأ في تلقيني ما تيسّر وما لم يتيسّر له من آيات الذكر الحكيم .. والخبر الذي جعلني (أفرفر) ضحكاً رغماً عني .. قامت بنشره اليوم صحيفة من صحافة (ريا وسكينة) المنتشرة في بلادنا .. وأفردت له مساحة مميزة موقعاً وحجماً .. وكأنه نصراً من الله وفتحاً لبلادنا .. حيث نشرت الصحيفة على لسان د. ماهر صالح سليمان نائب مدير (جامعة السودان للعلوم والتكنولوجيا) : ان جامعته ستمنح هذا العام الدكتوراة الفخرية إلى عدد من الشخصيات التي لها تأثير في المجتمع – أي والله لها تأثير – وعلى رأس هذه الشخصيات (المؤثرة) وزير الدفاع عبد الرحيم محمد حسين ! ولا شك ان ضحكي وتهكمي ليس على درجة الدكتوراة الفخرية .. فهذه ليست بدعة إبتدعتها جامعة السودان .. وإنما درجة معروفة تمنحها غالبية جامعات العالم عندما تريد الإعتراف رسمياً بمساهمات وجهود شخص ما في مجال عاد بالنفع على المجتمع والإنسانية .. وهذه المساهمة علمية كانت .. أو إجتماعية.. أو سياسية .. أو حتى في العمل الخيري والإنساني .. هي التي تجعل الجامعات تتنازل عن إشتراطات الحصول على الدكتوراة من بحوث ورسالة ومناقشة وغيرها .. لذا تُسمى (فخرية) لأنها تمنح تقديراً للشخص .. وعرفاناً بدوره المجتمعي.. ولا شك عزيزي القارئ انك قد ضربت كفاً بكف وترحمت على العلم والتعليم والتأهيل والأخلاق في بلادنا .. ولا شك انك قد تساءلت مثلي : عن المساهمات التي قدمها هذا الأبله لمجتمعه حتى يُمنح هذه الدرجة التقديرية الرفيعة ؟! وماذا جلب هذا (العبيط) الذي يبصق على نفسه بين كل قوله وشوله كلما فتح فمه مُحدثاً .. ماذا جلب لبلده ولمجتمعه وأسرته سوى الخُزي والعار والبّلادة والبّلاهة؟!! ان تكريم شخص بهذه السوية الأخلاقية والعلمية والوطنية المُنحطة .. ومنحه أعلى وأرقى الدرجات العلمية – ولو فخرياً – يؤكد حجم الزلزال الأخلاقي الذي ضرب بلادنا في كافة المستويات .. وأنا لا ألوم هنا هذا الأهبل على جائزته ف (رزق الأهبل على المجانين) – كما يقول مثلنا الدارج – وأجزم ان الرجل ببجاحته وصفاقته المعهودة سيتقدم لإستلام جائزته دون أدنى إحساس بالخجل .. ولكني ألوم مجلس جامعة السودان لمنحهم ما لا يملكون لمن لا يستحق .. وإذا كان هناك ثمة أمر ايجابي في منح جامعتهم دكتوراة فخرية لرجل فاشل أخلاقياً وعلمياً وعملياً .. فهو ان الجامعة قدمت الدعوة لطلاب العلم والباحثين من كافة أنحاء العالم لمناقشة دكتوراة حقيقية وليست فخرية .. وعلى وموضوعها : (منهج جامعة السودان في منح الدكتوراة للخرفان). [email protected]