انتقد قيادي بارز في الاخوان المسلمين قرارات أصدرها القائم باعمال مرشد الجماعة محمود عزت، متهما إياه بالإصرار على "التفرد بالإدارة وتوتير الأجواء" عبر حل مكتب الجماعة في الخارج. وفي وقت متأخر من الإثنين أعلن محمود عزت حل مكتب إخوان مصر بالخارج الذي تم إنشاؤه في إبريل الماضي لإدارة شؤون الإخوان بالخارج. وتشهد جماعة الإخوان المسلمين منذ نحو أسبوع أزمة هي الثالثة من نوعها خلال عام بعد أزمتي مايو وأغسطس حيث شهدت الأزمة الثالثة بيانات متصاعدة تتحدث عن مأزق في إدارة التنظيم، حين أعلن مكتب الإخوان في لندن قبل اسبوعين إقالة محمد منتصر من مهمته كمتحدث إعلامي باسم الجماعة وتعيين متحدث جديد بدلًا منه. وقال جمال حشمت أحد القيادات البارزة في الجماعة إن "هناك مساعي تبذل لحل أزمة الإخوان ونطالب بوقف القرارات والبيانات المتبادلة لنجاح تلك المساعي"، وفق ما نقلت عنه وكالة انباء الأناضول. وتابع حشمت قائلا إن "المبادرة التي طرحتها منذ أيام عقب الأزمة الأخيرة وأيدها الشيخ يوسف القرضاوي رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين وتماشت مع ما أوصى به الشيخ محمد الراشد وقيادات الداخل والخارج في شهر أكتوبر الماضي تؤكد أن تنفيذ قرارات الإيقاف والحل والاستبعاد ليست من الحكمة في شيء بل هي توتير للأجواء وإصرار على التفرد بالإدارة بعيدا عن لم الشمل والحوار". وأشار حشمت الى أن "هناك سعيا للنظر في إلغاء كافة قرارات التجميد والإيقاف والبدء في حوار داخلي ووقف التراشق الإعلامي وسيولة القرارات التي تفتح باب الجدل"، متحفظا على تفاصيل المساعي وظروفها. واستطرد قائلا "نعم نحن مصرون على وحدة الصف وتجاوز الخلاف لأنه ليس ترفا بل ضرورة، الجميع ينتظر رؤيته والتفاعل معه". وحول مستقبل المساعي لحل أزمة الإخوان في ضوء وقع القرارات والاستقالات، مضى حشمت المتواجد خارج مصر في القول "نكرر على الجميع قادة وأفراداً الإنصات إلى صوت العقل وترك المساعي تسير في طريقها وتجنب إثارة مشاكل جديدة". وقرر محمود عزت وفق ما نشره موقع جديد باسم الجماعة أعلنه أحد أطراف الأزمة نقل صلاحيات مكتب الخارج ل"رابطة الجماعة بالخارج"، وهي هيئة يرأسها محمود حسين القيادي بالجماعة. وتصاعدت الأسبوع الماضي مطالبات "لم الشمل الإخواني" بمبادرة من حشمت ودعوة صريحة من القرضاوي للبحث عن حلول للأزمة. ووقتها اقترح حشمت "تشكيل لجنة للتحقيق من خارج التنظيم يرأسها القرضاوي وبها عضوان يختار أحدهما كل فريق لوضع الأمور في نصابها ومحاسبة المخطئ مع الكف عن الحديث الإعلامي حول الخلافات التي هي محل تحقيق من أطراف الخارج فقط لمدة شهر، ثم تعلن قراراتها بالشكل الذي ترتضيه اللجنة وتكون ملزمة لكل الأطراف". ونقلت صحيفة "العرب" عن عبدالجليل الشرنوبي، رئيس تحرير موقع إخوان أونلاين السابق الذي انشق عن الإخوان منتصف عام 2011 قوله إن "عددا من قيادات اللجان النوعية التابعة للإخوان تم القبض عليهم، وكشفوا عن معلومات مهمة لأجهزة الأمن المصري تتعلق بالخطط والترتيبات، وقدموا أدلة دامغة على تورط الجماعة في أعمال عنف داخل مصر". وتبرؤا من أعمال العنف، سعت قيادات التنظيم إلى تسويق ميوعة القيادة المركزية التي لطالما عرف عنها الحسم، كما سوقت أنها تفتقر إلى القدرة على التحكم بلجان وفرق تتصارع حول القيادة. وتهدف القيادات التاريخية عبر ذلك إلى نفي المسؤولية عن أي أعمال عنف في حالة تمكن الحكومة المصرية من تقديم أدلة تعزز اتهام تنظيم الإخوان بحمل السلاح. وهذه ليست المرة الأولى التي تلجأ فيها قيادات التنظيم إلى افتعال الخلافات من أجل الحفاظ على صورتها. فقد تبرأ مؤسس التنظيم حسن البنا من أعضائه الذين تورطوا عام 1948 في اغتيال رئيس الوزراء المصري آنذاك محمد فهمي النقراشي بمقولته الشهيرة عن مرتكبي حادث الاغتيال "ليسوا إخوانا وليسوا مسلمين". وأضاف الشرنوبي الذي كان مسؤولا عن إعلام المحافظات في تنظيم الإخوان المسلمين، إن "ما يحدث هو من المرات النادرة أن تتصاعد الخلافات فيها وتنطلق من وسائل إعلام الإخوان أولا، التي لا تعمل إلا بأوامر مباشرة من القيادات، ثم انتقلت منها إلى وسائل إعلام أخرى". وأضاف "الحاصل أن الخلاف حول العنف موجود نظريا بين الشيوخ والشباب، لكن في الحقيقة هو أصيل عمليا لدى كليهما، لكن الفريق الأول يحاول الاستفادة منه ونفيه، لتحسين العلاقة بنعومة ودبلوماسية مع الدوائر الغربية، حيث قال تقرير حكومي بريطاني إن بعض أعضاء الجماعة يميلون إلى العنف، كما يحاول الشيوخ توظيف العنف في اتجاه عدم قطع العلاقة مع التيار الإسلامي المتشدد، وهو ما يؤكد أن الجماعة حريصة على علاقتها به". وقال الشرنوبي إن "هناك أصواتا مختلفة تتصدر المشهد حاليا داخل الإخوان، قادرة على تضليل الرأي العام، داخل مصر وخارجها، لكن الرسالة في الحالتين واحدة، وهي تبرير العنف، واستباق التنصل من أي مسؤولية سوف يواجهها التنظيم في المستقبل".