* كتبت قبل أسبوعين مقالا عن (فيديو) انتشر فى وسائل التواصل الاجتماعى يصور فنى (أو تقنى ) المختبرات الطبية يعمل بمركز السودان للقلب، وهو يحمل بين يديه نصف برتقالة يوجد في وسطها إحمرار، ويتحدث بان أحد زملائه اشتراها من السوق وأحضرها إليه لفحصها ومعرفة ما فيها، ولقد تأكد بعد الفحص أن الاحمرار ما هو إلا (دم) يحمل فيروس الكبد الوبائي (B ) أو (C ) الذي يسبب إلتهاب الكبد الوبائي، ثم يحذر المواطنين من أكل البرتقال، خاصة الوارد إلينا الخارج، واستغربت كيف يخرج هذا الفيديو من مركز السودان للقلب، بدون أن ينفي المركز ذلك، أو يدينه، ويعاقب المتسبب فيه، فكل المعلومات الواردة فيه تنبئ عن جهل فاضح ومخجل عن أنواع وطرق انتشار وانتقال التهاب الكبد بالوبائي بأنواعه المختلفة، والأوساط الملائمة لحياته!! * وتحدثت فى المقال بإيجاز شديد عن الفيروسات المسببة لإلتهاب الكبد الوبائى الحاد وهى ستة أنواع ( G ،E،D،C،B ، A ) والأخير(G ) لم يتم التيقن منه بعد، وأكثرها انتشاراً هي الثلاثة الاولى ( A،B، C )، كما يسبب فيروسا ( (B و C ) ) نوعا من الالتهاب المزمن قد لا تظهر اعراضه الا في وقت متأخر!! * ثم ذكرت أن طرق انتشار وانتقال هذه الفيروسات تختلف عن بعضها البعض، ولم يقطع العلم بعد في طرق انتشار وانتقال بعضها، ولكن المؤكد أن فيروس A ينتقل للانسان عن طريق تلوث الأكل والشرب (ببراز شخص ملوث بالفيروس، مثلاً) ، بينما ينتقل فيروس B عن طريق نقل الدم والإبر الملوثة، وأدوات الحلاقة والأسنان الملوثة والاحتكاك بجروح أو دم ملوث، والإتصال الجنسى حيث يوجد الفيروس في الإفرازات الجنسية، ومن الأم للجنين أثناء الولادة، ويرجح العلماء أن فيروس C ينتقل بنفس هذه الطرق!! * إذن فالفيروس الذي يمكن أن يعدي عن طريق الأكل والشرب هو فيروس A، وليس B أو C، ويمكن لبراز شخص مصاب بالفيروس (أو ماء مجاري ملوثة) ، أو يد ملوثة بالبراز، أن تلوث الخضروات وبعض الفواكة مثل الفراولة، ويستطيع الفيروس أن يعيش في التربة والماء لمدة أربعة أشهر، ولكن بشرط ألا تزيد درجة الحرارة عن 25 درجة مئوية، وكلما زادت درجة الحرارة قلت فرصته في الحياة، وهو مثل أي فيروس لآخر، لا يتكاثر خارج جسم الكائن الحي!! * كما يمكن للفيروس أن يتنتقل للإنسان عبر عصير مخلوط بماء ملوث، مثل عصير البرتقال (مثلاً) ولكن ليس عن طريق أكل ثمرة برتقال، لأن الفيروس لا يمكنه الانتقال الى داخل ثمرة البرتقال بسبب القشرة، وحتى لو نقل إليها بواسطة إبرة مثلاً، فهو لا يستطيع العيش سوى ساعات قلائل لارتفاع درجة حموضة البرتقالة التي تعادل ما بين 3 – 4، وهى درجة حموضة مرتفعة، ولقد أثبت العلم أن الفيروس لا يستطيع مقاومة درجة حموضة تبلغ 1 سوى ساعتين فقط، وللعلم فإن 1 اعلى حموضة من 3، فدرجة الحموضة تقل كلما انتقلنا الى أعلى في مقياس الحموضة الى أن نصل الى درجة التعادل (لا حامض ولا قلوي) وهو الرقم (7 ) كما في الماء مثلاً، بينما الدم حوالي ( 7.4 ). * واختتمت المقال بإفتراض أن الشخص المريض نفسياً أو المعادي للسودان الذى تمكن من حقن 4 طن اوحتى 400 برتقالة بدم ملوث بفيروس إلتهاب الكبد الوبائي (B) أوC) )، كما اكتشف فنى (او تقنى) مختبر مركز السودان للقلب، كان جاهلاً لا يعرف أن الفيروس لا يعيش طويلاً داخل البرتقالة (سويعات)، وأنه لا ينتقل للإنسان عبر الأكل أو الشرب، فهل يجهل المركز ومختبره الطبي هذه المعلومات حتى يروجان لمعلومات مضحكة وضارة تثير الرعب في المجتمع، وتشمت فينا الأعداء؟! * كان هذا ما كتبته قبل اسبوعين، ثم أجرت زميلتنا البارعة (ندى رمضان) تحقيقا حول الموضوع وإلتقت بعدد من الخبراء والمختصين، انتقدوا الفيديو الملئ بالاخطاء الطبية الفظيعة، وذكر المدير الادارى لمركز السودان للقلب انهم سيجرون تحقيقا عاجلا حول الموضوع ويعاقبوا المتسببين فيه، ومنذ ذلك الوقت ونحن فى انتظار نتائج التحقيق بدون ان يظهر اى شئ يدل حتى على إجرائه، مما يدعونا للتساؤل ماذا حدث، وهل أُجرى التحقيق أم لا، ولماذا لم يُعلن شئ عنه حتى الآن، أم أن سمعة مركز السودان للقلب لا تهم القائمين على أمره، فيظهر غدا من يزعم إكتشاف فيروس الجدرى داخل بصلة فى مختبر المركز !! الجريدة الالكترونية [email protected]