كباشي والحلو يتفقان على إيصال المساعدات لمستحقيها بشكل فوري وتوقيع وثيقة    شاهد بالفيديو.. محامي مصري يقدم نصيحة وطريقة سهلة للسودانيين في مصر للحصول على إقامة متعددة (خروج وعودة) بمبلغ بسيط ومسترد دون الحوجة لشهادة مدرسية وشراء عقار    السفير السعودي: المملكة لن تسمح باستخدام أراضيها لأي نشاط يهدد السودان    شاهد بالفيديو.. في مشهد مؤثر البرهان يقف على مراسم "دفن" نجله ويتلقى التعازي من أمام قبره بتركيا    شاهد بالفيديو.. في مشهد مؤثر البرهان يقف على مراسم "دفن" نجله ويتلقى التعازي من أمام قبره بتركيا    شيرين عبد الوهاب : النهاردة أنا صوت الكويت    ريال مدريد ثالثا في تصنيف يويفا.. وبرشلونة خارج ال10 الأوائل    الحرس الثوري الإيراني "يخترق" خط الاستواء    المسؤولون الإسرائيليون يدرسون تقاسم السلطة مع دول عربية في غزة بعد الحرب    تمندل المليشيا بطلبة العلم    السيد القائد العام … أبا محمد    اتصال حميدتي (الافتراضى) بالوزير السعودي أثبت لي مجددا وفاته أو (عجزه التام الغامض)    ((كل تأخيرة فيها خير))    الربيع الامريكى .. الشعب العربى وين؟    الإتحاد السوداني لكرة القدم يشاطر رئيس مجلس السيادة القائد العام للقوات المسلحة الأحزان برحيل نجله محمد    هيفاء وهبي تثير الجدل بسبب إطلالتها الجريئة في حفل البحرين    وصف ب"الخطير"..معارضة في السودان للقرار المثير    قبل قمة الأحد.. كلوب يتحدث عن تطورات مشكلته مع صلاح    دراسة تكشف ما كان يأكله المغاربة قبل 15 ألف عام    مستشار سلفاكير يكشف تفاصيل بشأن زيارة" كباشي"    نانسي فكرت في المكسب المادي وإختارت تحقق أرباحها ولا يهمها الشعب السوداني    قائد السلام    واصل تحضيراته في الطائف..منتخبنا يؤدي حصة تدريبية مسائية ويرتاح اليوم    بعد عام من تهجير السكان.. كيف تبدو الخرطوم؟!    شاهد.. حسناء السوشيال ميديا أمنية شهلي تنشر صورة حديثة تعلن بها تفويضها للجيش في إدارة شؤون البلاد: (سوف أسخر كل طاقتي وإمكانياتي وكل ما أملك في خدمة القوات المسلحة)    الأمن يُداهم أوكار تجار المخدرات في العصافرة بالإسكندرية    سعر الدولار مقابل الجنيه السوداني في بنك الخرطوم ليوم الخميس    سعر الريال السعودي مقابل الجنيه السوداني من بنك الخرطوم ليوم الخميس    سعر الدرهم الإماراتي مقابل الجنيه السوداني ليوم الخميس    العقاد والمسيح والحب    شاهد بالفيديو.. حسناء السوشيال ميديا السودانية "لوشي" تغني أغنية الفنان محمد حماقي و "اللوايشة" يتغزلون فيها ويشبهونها بالممثلة المصرية ياسمين عبد العزيز    «الذكاء الاصطناعي» بصياغة أمريكية إماراتية!    مؤسس باينانس.. الملياردير «سي زي» يدخل التاريخ من بوابة السجن الأمريكي    الموارد المعدنية وحكومة سنار تبحثان استخراج المعادن بالولاية    فينيسيوس يقود ريال مدريد لتعادل ثمين أمام البايرن    الحراك الطلابي الأمريكي    تعويضاً لرجل سبّته امرأة.. 2000 درهم    أنشيلوتي: لا للانتقام.. وهذا رأيي في توخيل    بعد فضيحة وفيات لقاح أسترازينيكا الصادمة..الصحة المصرية تدخل على الخط بتصريحات رسمية    راشد عبد الرحيم: يا عابد الحرمين    تعلية خزان الرصيرص 2013م وإسقاط الإنقاذ 2019م وإخلاء وتهجير شعب الجزيرة 2024م    بيان جديد لشركة كهرباء السودان    أمس حبيت راسك!    دخول أول مركز لغسيل الكلي للخدمة بمحلية دلقو    شركة توزيع الكهرباء في السودان تصدر بيانا    تصريحات جديدة لمسؤول سوداني بشأن النفط    دخول الجنّة: بالعمل أم برحمة الله؟    الملك سلمان يغادر المستشفى    جريمة مروّعة تهزّ السودانيين والمصريين    عملية عسكرية ومقتل 30 عنصرًا من"الشباب" في"غلمدغ"    بالصور.. مباحث عطبرة تداهم منزل أحد أخطر معتادي الإجرام وتلقي عليه القبض بعد مقاومة وتضبط بحوزته مسروقات وكمية كبيرة من مخدر الآيس    مضي عام ياوطن الا يوجد صوت عقل!!!    إصابة 6 في إنقلاب ملاكي على طريق أسوان الصحراوي الغربي    الطيب عبد الماجد يكتب: عيد سعيد ..    بعد نجاحه.. هل يصبح مسلسل "الحشاشين" فيلمًا سينمائيًّا؟    السلطات في السودان تعلن القبض على متهم الكويت    «أطباء بلا حدود» تعلن نفاد اللقاحات من جنوب دارفور    دراسة: القهوة تقلل من عودة سرطان الأمعاء    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



منظمة كفاية الامريكية : الأسباب الداعية لإيجاد مسار سياسي جديد بين الولايات المتحدة والسودان
نشر في حريات يوم 22 - 06 - 2017


المسار المفقود
(الأسباب الداعية لإيجاد مسار سياسي جديد بين الولايات المتحدة والسودان)
إعداد مشروع كفاية *
يونيو 2017
من المقرر أن تتخذ إدارة ترامب في مطلع يوليو قراراً محورياً بشأن السودان مفاده أنه يمكن للإدارة الأمريكية أن تلغي كلية العقوبات الشاملة التي تم تعليقها في الأيام الأخيرة من حكم إدارة أوباما، أو تعيد تلك العقوبات، أو ترجيء البت في ذلك القرار إلى حين جمع المزيد من المعلومات والسماح للأشخاص المعيّنين الجدد بشغل مقاعدهم قبل التوصل إلى أي استنتاجات.
وتجدر الإشارة إلى أن القرار المزمع اتخاذه في مطلع يوليو يمثل جزءاً من خطة خماسية المسارات تفاوضت بشأنها إدارة أوباما مع الخرطوم في محاولة منها لتحقيق تقدم ملموس بشأن مجموعة محدودة من القضايا ألا وهي: الشراكة في أولويات مكافحة الإرهاب، وهزيمة حركة جيش الرب للمقاومة، وإنهاء الدعم السوداني لجماعات المعارضة المسلحة في جنوب السودان، وإصدار تشريع ينص على وقف الأعمال القتالية والعدائية، فضلاً عن توسيع نطاق وصول المساعدات الإنسانية.
وفي الحقيقة فإن كلاً من مؤيدي ومنتقدي برنامج العقوبات السوداني الحالي المعيب وغير المواكب للفترة الراهنة يتفقان على أن هذه السياسة لم تعجل بالتغييرات الجذرية اللازمة لإحلال السلام والاستقرار الدائمين في السودان. هذا ويذكر أن الخطة خماسية المسارات في حد ذاتها لن تحقق هذا الهدف أيضاً. وعلى الرغم من أن الخطة تضم العديد من القضايا الحاسمة، إلا أنها لا تصل إلى صميم وجوهر ما يعاني منه السودان: من نظام كليبتوقراطي عنيف يستثني الكثير من أبناء الشعب السوداني، ولا سيما قاطني المناطق المهمشة، وهو الأمر الذي يشكل مصدر معاناة هائلة.
وبغض النظر عن القرار المتعلق بالمسارات الخمسة المزمع اتخاذه في يوليو (الذي تحلله منظمة كفاية Enough في موجز سياسي منفصل)، فإنه من الضروري أن تسعى إدارة ترامب، بالتعاون مع الكونجرس والمجتمع الدولي الأشمل، إلى مواجهة الإخفاقات الحكومية للنظام السوداني بشكل مباشر ودعم خلق حيز سياسي يمكن للجهات الفاعلة السودانية أن تشغله. ويمكن القول بأن أفضل فرصة للقيام بذلك تأتي من خلال طرح مبادرة دبلوماسية جديدة تستند إلى الخطة الحالية خماسية المسار إلا أنها لا ترتبط بها ارتباطاً مباشراً.
وحتى يتسنى معالجة القضايا الأساسية المتسببة في أعمال العنف واختلال الدولة في السودان- فإنه يتعين على إدارة ترامب الشروع على الفور في تصميم وتنفيذ مسار جديد للتعاون مع الخرطوم يركز على السلام وحقوق الإنسان. وينبغي ربط هذا المسار الجديد بمجموعة عقوبات ذكية وحديثة جديدة تستثني الشعب السوداني وتستهدف من يتحملون أكبر قدر من المسؤولية بشأن وقائع الفساد والممارسات الوحشية الكبرى، المتمثلة في الضربات الجوية على القرى، والهجمات على دور العبادة، وعرقلة المساعدات الإنسانية، وسجن وتعذيب شخصيات المعارضة وقادة المجتمع المدني، وتقويض جهود السلام.
لا شك أن إستراتيجية حديثة بقيادة الولايات المتحدة تضم ضغوطاً مالية هادفة سوف تستفيد من الدروس القيِّمة للحالات الأخرى الأكثر بروزاً فضلاً عن الاستفادة من مجموعة العقوبات التي تفرضها الشبكة، وهذا لا يعني استهداف العقوبات لعدد قليل من الأفراد فحسب بل أيضاً استهداف شركائهم في الأعمال التجارية، وميسري الأعمال لهم، والشركات التي يملكونها أو يسيطرون عليها، بجانب الاضطًلاع بتدابير مكافحة غسيل الأموال المصممة خصيصاً لتجميد أصول من يتحملون أكبر قدر من المسؤولية عن العنف والفساد في السودان وإبعادهم تماماً عن النظام المالي الدولي. وينبغي أيضاً ربط هذا المسار الجديد من أجل إحلال السلام وتعزيز حقوق الإنسان بحوافز جديدة للحكومة السودانية، بما في ذلك إعادة النظر في إدراج السودان في قائمة الدول الراعية للإرهاب، في حالة استيفاء السودان لمعايير تحولية معينة. وعلى الرغم من أن هذا المسار الجديد الهادف إلى إحلال السلام وتعزيز حقوق الإنسان يُعد عملاً ضخماً يتطلب استثماراً كبيراً لرأس المال الدبلوماسي، والمشاركة والإشراف المستمرين للكونجرس والتنسيق القوي متعدد الأطراف – إلا أنه يوفر أفضل فرصة للمواجهة المباشرة للمسببات الأساسية لعدم استقرار السودان، فضلاً عن خلق حيز سياسي يتيح للشعب السوداني ممارسة ضغوطات من أجل إحداث إصلاح حقيقي.
عين الهدف: الإصلاحات المطلوبة عاجلاً
ينبغي أن يركز مسار التعاون الجديد على ماهية الأهداف السياسية الأكثر إلحاحاً للولايات المتحدة في السودان: الدعم القوي للتقدم السوداني في مجال حقوق الإنسان، والحرية الدينية، والإصلاحات الديمقراطية الأساسية، والحكم الراشد ، وتحقيق سلام شامل في جميع أنحاء البلاد في المحصلة. وبغياب التقدم الجاد والمجدي باتجاه تلك الأهداف، فإن الحكومة السودانية سوف تحتفظ بالأنماط والسلوك القديمين اللذين وسما حكمها على مدى ال28 عاماً الماضية، وسوف تواصل الخرطوم في السياسات التي أدت للحرب المدمرة المستمرة، والاضطهاد الديني، والحكم الاستبدادي، والهجرة الجماعية لأوروبا، والفساد الكبير، والارتباط بالمنظمات الإرهابية ودعمها. وفي حين أشارت إدارة ترامب لعدم اتخاذها لهموم حقوق الإنسان كأولويات على الصعيد العالمي، وذلك لصالح التركيز على الاستقرار، فإن الدروس القاسية المستفادة من السودان تشير إلى أن السبيل الوحيد لدعم الاستقرار هو القيام بمعالجة الإخفاقات في مجال حقوق الإنسان والحوكمة بشكل مباشر.
سوف يكون هناك الإغراء بأن تركز العلاقات بين الولايات المتحدة والسودان على قضايا متفق عليها تبادلياً مثل مكافحة الإرهاب، والجهود العسكرية قصيرة المدى لاحتواء الهجرة، ولكن مثل هذا التركيز ضيق الأفق سوف يعمل فقط على السماح للخرطوم بإدامة السياسات التي تعمل في المحصلة ضد أهداف الولايات المتحدة حتى بالنسبة للمسائل المذكورة.
إن الخطة الحالية خماسية المسارات لا تتطرق للعلل الداخلية الموجودة في السودان والتي تديم نظام الكليبتوقراطية العنيفة، والذي يتجلى في هجمات وحشية على المدنيين بمن فيهم المسيحيين وغيرهم من الأقليات، ويتضمن هجمات مرصودة لقوات الدعم السريع – والتي تتألف من العديد من مقاتلي الجنجويد السابقين- في دارفور. ذلك أن ثلاثة من المسارات الخمسة (مكافحة الإرهاب، وجنوب السودان، وجيش الرب للمقاومة) تخاطب لحد كبير قضايا إقليمية ومتعددة الأطراف. فالمسارات لا تحفز خلق حيز سياسي داخل السودان- مثلاً، عن طريق الإفراج عن المعتقلين السياسيين أو وقف الممارسة المعتادة بإغلاق الصحف ومنظمات المجتمع المدني المستقلة. كما أن المسارات الخمسة لا تحفز قيام عملية سياسية شاملة يمكن فيها للشعب السوداني بجميع فئاته أن يناقشوا علناً مستقبل بلادهم. إن غياب الضغوط والحوافز لمعالجة تلك القضايا في السودان قد أتاح لنظام الخرطوم أن يستمر في هجماته المتواصلة على الحريات الدينية – بما في ذلك هدم الكنائس، والحرمان من حرية العبادة، ومن حرية التعبير، ومن الحق في تكوين الجمعيات والتجمع السلمي. كما مضى النظام قدماً في عملية سياسية أحادية وذلك من خلال حوار وطني صمم لفرض أمر واقع على المعارضة ومجمل السكان، ومواصلة تأمين قبضة النظام على السلطة. وقد اختتمت هذه العملية في مايو بتعيين حكومة جديدة، ضمت العديد من الرموز المعارضة المنصاعة في مواقع وزارية غير أساسية ولكن تهيمن عليها نخبة النظام القديمة مما يشير بوضوح لنية النظام في الاحتفاظ بسيطرة كاملة على رافعات السلطة.
إن الإصلاحات المتوخاة في هذا المسار الجديد للسلام وحقوق الإنسان تشكل مشروعاً كبيراً سوف يستغرق وقتاً طويلاً. وتنضوي هذه الإصلاحات على إعادة تشكيل أساسية للدولة السودانية واعتماد أسلوب جديد للحكم، لا أقل من ذلك. وحتى الآن، لم يبد نظام الخرطوم مقدرة أو رغبة في متابعة هذه الإصلاحات، وهذا هو السبب في أن هذه الإصلاحات تحتاج لأن تُربط بضغوط كبيرة وحوافز مغرية معاً. ونظراً للمخاطر المحدقة بالوضع فإن الحجم والنطاق (اللذان تقدم بهما الضغوط والحوافز) مهمان. إن الضغوط والحوافز الجزئية محصورة النطاق لن تنتج سوى القليل جداً، مثلما أثبتت السنوات ال20 الماضية.
وللأسف، فإن عملية حوار وطني مثل تلك التي قادتها الحكومة السودانية سابقاً لا تعد طريقاً صالحاً للإصلاح. لقد فشلت عملية الحوار الوطني في السودان بسبب هذه العملية التي سيطر عليها الرئيس عمر البشير وحزب المؤتمر الوطني، مما لا يوفر مجالاً حقيقياً للمناقشة حتى داخل الحزب الحاكم، ناهيك عن الحركات والمجموعات السياسية المختلفة في البلاد. وبالرغم من أن الولايات المتحدة، والأمم المتحدة، والاتحاد الأفريقي ضغطوا على الأحزاب السياسية السودانية المعارضة لتنضم لعملية الحوار الوطني، فإن تلك الأحزاب السياسية المعارضة رفضت لأنها لم تر أن عملية الحوار ذات مصداقية، ونظرت لمشاركتها على أنها تعطي العملية درجة من الشرعية لا تستحقها.
ويمكن لمؤتمر دستوري أن يعمل كآلية إصلاح بديلة، وقد توفر مثل هذه المنصة للشعب السوداني منبراً ليناقش فيه مسائل الحوكمة وقسمة السلطة التي يسعى معظم أفراده لحلها فيما بينهم. ويمكن للولايات المتحدة، وغيرها من الشركاء المهتمين، أن يستخدموا نفوذهم السياسي ومشاركتهم في مسار السلام وحقوق الإنسان الجديد، للترويج لمؤتمر دستوري في السودان يقوده أصحاب الشأن السودانيين، ويمكن أن يشرف عليه مراقبون دوليون مستقلون، مثل فريق الاتحاد الأفريقي التنفيذي رفيع المستوى، أو آلية ضامنة مماثلة تابعة لطرف آخر.
ويحتاج أي مؤتمر لأن يكون شاملاً وذا مصداقية كافية لضمان جذب مشاركة الجماعات السودانية المسلحة، واستعداد جميع المشاركين لتقديم تنازلات صعبة واحترام التزاماتهم. لقد ظل فريق الاتحاد الأفريقي التنفيذي رفيع المستوى يقود المفاوضات بين النظام والجماعات المسلحة على مدى سنوات عديدة. لقد آن الأوان لكي يقوم الفريق الأفريقي رفيع المستوى بتقديم دفعة منشطة أخيرة، تكون مرتبطة بختام ولاية الفريق التنفيذي.
إضافة ضغوط جديدة
ولأن الخطة الخماسية الحالية التي تتخذها الحكومة الأمريكية في التعاون مع الخرطوم لا ترتبط مباشرة بالإصلاح السياسي وإصلاح الحكم في السودان، ولأن نظام العقوبات الشاملة كان معيباً في تصميمه وتنفيذه، فمن الضروري أن ترتبط المجموعة الجديدة من الأهداف بضغوط جديدة وحوافز جديدة معاً.
وينبغي أن تشمل الضغوط الجديدة شبكة عقوبات قوية محددة للغاية تستند إلى أفضل المعلومات الاستخباراتية المالية المتاحة، وتستهدف المسؤولين الرئيسيين الذين يقوضون السلام وحقوق الإنسان في السودان وشبكاتهم، مقرونة مع تدابير مكافحة غسيل الأموال المصممة لتحقيق الأهداف الواسعة للسياسة الخارجية الأمريكية، وحماية سلامة النظام المالي الأمريكي.
هذه الضغوط المالية الجديدة ليست مجرد إضافة للقليل من العقوبات، أو أشكال متنوعة من تدابير الماضي واسعة النطاق. بل سوف تشكل هذه الضغوط الجديدة نهجاً مختلفاً اختلافاً جوهرياً، ينتقل من نهج قائم على الجغرافيا إلى آخر قائم على السلوك. في هذا النهج الجديد، فإن الضغوط الجديدة سوف تركز على الأفراد والكيانات المسؤولة عن الانتهاكات الأساسية لحقوق الإنسان، والفساد الكبير، والاضطهاد الديني، وتجارة الذهب، وتصدير الأسلحة، وتقويض أية عملية سلام. ويستهدف هذا النهج بشكل محصور الأفراد والكيانات الأكثر تورطاً في ارتكاب الفظائع الجماعية ضد السكان، وتحويل موارد السودان الغنية لأغراض خاصة، ومن ثم يسعى لتعطيل الشبكة الميسرة من المؤسسات والمصارف التي تدعم هؤلاء الأفراد وتلك الكيانات. وتسعى هذه الضغوط المالية الجديدة صراحة إلى الحد من التأثيرات على أفراد الشعب السوداني العاديين، كما أن برنامج العقوبات الشاملة أعطى النظام السوداني كبش فداء مناسب يصرف النظر عن سوء إدارته الاقتصادية والمالية والفساد الكبير الذي هبط بالاقتصاد السوداني إلى الحضيض.
إن الولايات المتحدة تعرف كيف تستهدف هذا النوع من النظم الكليبتوقراطية وكيف تنفذ هذا النوع من الإجراءات التي فُرضت لمواجهة تهديدات إيران، وبورما، وكوريا الشمالية.
وقد تشمل الضغوط الرئيسية التي ينبغي تنفيذها والخطوات الواجب اتخاذها بعضاً مما يلي:
وينبغي مواءمة هذه الضغوط الجديدة الأكثر قصدية مع أهداف الإصلاح قصيرة وطويلة المدى. فإذا لم توجد مؤشرات مبكرة قوية على التزام الحكومة السودانية بالإصلاح السياسي وإصلاح الحكم – وهو أمر غير مرجح – ينبغي التبكير بتطبيق بعض هذه الضغوط، كتلويح بالنية وإثبات لفعالية هذه التدابير. ولكن ينبغي أيضاً أن يكون هناك مجال لتصعيد العقوبات، واستهداف الشبكات الأقرب لمراكز السلطة.
وحوافز جديدة أيضاً
في حين أن الخطة ذات المسارات الخمسة تقترح إلغاء العديد من الضغوط الحالية المفروضة على السودان، فإن هناك ضغوط أخرى تتوق الخرطوم لإزالتها وهي غير مدرجة في الخطة. في مقدمتها إدراج السودان، إلى جانب إيران وسوريا، بقائمة الولايات المتحدة للدول الراعية للإرهاب (SST). وقد أضيف السودان لأول مرة لهذه القائمة في عام 1993م، خلال الفترة التي استضافت الخرطوم فيها أسامة بن لادن. إن تسمية الدول الراعية للإرهاب لها مغزى بسبب الوصمة المرتبطة بها، ولكن تسمية دولة راعية للإرهاب مهمة بشكل خاص بالنسبة للخرطوم لأنها مرتبطة بإعفاء الديون بشكل مباشر. إذ يحظر القانون الأمريكي على الولايات المتحدة التصويت لصالح تخفيف عبء الديون بالنسبة للبلدان المدرجة في قائمة الدول الراعية للإرهاب، مما يمنع فعلياً أي تحرك يتعلق بإعفاء الديون (مثل المشاركة في عملية البنك الدولي لإعفاء ديون البلدان الفقيرة المثقلة بالديون).
فإلى جانب سوء الإدارة الجسيم للاقتصاد والذي مارسه النظام السوداني على مدى السنوات ال 28 الماضية، تشكل ديون السودان الضخمة عقبة رئيسية أمام النمو الاقتصادي. وقد تضخم هذا الدين إلى أكثر من 50 بليون دولار، مما جعل السودان ثاني أكثر البلدان المثقلة بالديون في أفريقيا. وقد طالب السودان منذ فترة طويلة بإعفاء الديون، خاصة من خلال عملية انفصال جنوب السودان والمفاوضات حول تقاسم الديون (تحمل السودان كامل الدين بموجب اتفاق دعا السودان جنوب السودان للاتصال معاً بالدائنين للضغط من أجل تخفيف الديون، والتي لم تكن بسبب الحرب الأهلية في جنوب السودان). وفي حين أن السودان قد حقق بعض النجاح مؤخراً في جذب منح وقروض من شركائه في الخليج، فإن الديون تعرقل أي إقراض جديد من مؤسسات التمويل الدولية، مما يغلق مصدر مهم للتمويل الممكن. مما يخلق نفوذاً حقيقياً للولايات المتحدة وغيرها ممن يتحكمون في صنع القرار داخل المؤسسات المالية الدولية.
وبما أن أهم حافز يمكن أن تقدمه الولايات المتحدة، هو إزالة اسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب ودعمها لإعفاء الديون السودانية، فإنه ينبغي أن يرتبط فقط بوجود أدلة قوية على إصلاحات سودانية كبرى، مثل إجراء انتخابات مفتوحة وشفافة، وإبرام اتفاقات سلام شاملة مع المعارضة المسلحة المعنية والتوثق من احترامها، واعتماد دستور جديد يتُوصل إليه عبر عملية تشاركية شاملة. هذه الخطوات من المرجح أن تأتي في نهاية أية عملية إصلاح. علاوة على ذلك، فإن إزالة تسمية السودان كدولة راعية للإرهاب ينبغي أن تحدث فقط إذا تأكد أن السودان لا يدعم جهات إرهابية.
وعلى المدى الأقصر، هناك حوافز إضافية يمكن ربطها بمعايير للتقدم. إحدى الحوافز الممكنة يمكن أن تكون تعيين سفير أمريكي مكتمل في السودان، بما أن السفارة الأمريكية في الخرطوم يقودها حالياً قائم بالأعمال. وتسعى الحكومة السودانية لهذا التعيين لسفير مكتمل لما يضفيه من شرعية. إن تعيين سفير أمريكى لدى السودان سيكون تنازلاً متهاوداً من جانب الولايات المتحدة بينما يخدم فى الوقت نفسه مصالح الولايات المتحدة فى السودان، طالما أن التعليمات للسفير هي زيادة قدرة أميركا على إشراك الشعب السوداني خارج النظام.
وهناك حافز أميركي محتمل آخر للسودان يمكن أن يكون زيادة تعزيز التجارة، وذلك إذا رفعت العقوبات في محصلة خطة المسارات الخمسة. البعض في السودان يرسم صورة مفرطة التفاؤل للاستثمار الأجنبي الذي سوف يتدفق للبلاد إذا تمت إزالة العقوبات، ولكن في الواقع، العديد من المستثمرين يحذرون من السودان، لأنه لا يزال لديه بيئة فقيرة محفوفة بالمخاطر التي تهدد إقامة أعمال تجارية، وذلك بسبب الفساد الكبير، والمؤسسات الضعيفة أو المختطفة، وقلة الالتزام بسيادة القانون. وإذا أظهرت السلطات السودانية فعلاً التزاماً بإصلاح سيادة القانون، وهو عنصر أساسي من عناصر الإصلاح السياسي وإصلاح الحكم على نطاق أوسع، فإن الولايات المتحدة يمكنها أن تعزز بنشاط أكبر التجارة والاستثمار الثنائيين.
الخلاصة
هناك مبدآن حاسمان لإنجاح أي خط جديد من التعاون مع السودان.
أولاً، ينبغي لسياسة الولايات المتحدة أن تظل مرنة. لقد كان انعدام المرونة أحد إخفاقات نظام العقوبات الشاملة، بما أن تلك العقوبات كانت نادراً ما يتم تحديثها، ولم تكن هناك قدرة أو إرادة كافية لمعايرة العقوبات بالديناميات الراهنة في السودان. تحتاج الولايات المتحدة وشركاؤها لتحديث العقوبات بصورة منتظمة – إما بتشديدها أو تخفيفها – للتصدي للإجراءات السودانية (وليس مجرد الوعود). وينبغي لشركاء صنع السلام إقليمياً ودولياً أن يستفيدوا من المعلومات المتعلقة بأنماط الفساد وغسيل الأموال لدى مسؤولي النظام السوداني وشركائهم والتي قدمتها مبادرة "الحارس، The Sentry" (مبادرة أطلقها "مشروع كفاية" و"ليس تحت أعيننا" Not On Our Watch وشريكها التنفيذي، حريات)، من بين المبادرات الأخرى المماثلة. إن المعلومات التي تنتجها هذه البحوث المتخصصة للغاية يمكن أن تساعد في تنوير ودعم سياسات التصدي.
ثانياً، ينبغي للولايات المتحدة اتباع نهج متعدد الأطراف تجاه السودان، ولكن ليس على حساب العمل الفردي إذا لزم. وتكون برامج العقوبات في العادة أكثر فعالية إذا كانت أعداد أطرافها أكبر، ولكن إستراتيجية الضغوط المالية المذكورة أعلاه والتي تنطوي على شبكة للعقوبات وإجراءات لمكافحة غسيل الأموال، يمكن أن تطبقها الولايات المتحدة مباشرة وسوف يكون لها تأثير كبير. وينبغي للولايات المتحدة أن تسعى لدعم هذا النهج، وأن تطور في ذات الوقت أوسع تحالف متعدد الأطراف ممكن.
وفي حين أن مصير الخطة الخماسية والعقوبات الشاملة القائمة سوف يجذب الانتباه، إلا أن ذلك القرار بالنهاية يعد أقل أهمية من وضع خطة مفصلة لما سيأتي بعده – ووضع الوزن الدبلوماسي والسياسي للولايات المتحدة، بالتنسيق مع غيرها من قادة المجتمع الدولي الراغبين في العمل مع الولايات المتحدة، وراء أية خطة جديدة. وحتى لو تم تأخير اتخاذ قرار بشأن الخطة خماسية المسارات، فقد آن الأوان لإدارة ترامب، لكي تعمل بشكل وثيق مع الكونجرس، وتطور وتوضح المرحلة التالية لنهج السياسة الأمريكية إزاء السودان. وينبغي أن يتضمن هذا النهج استخدام أنواع الضغوط الحديثة التي يمكنها أن تولد رافعاً ذا مغزى يحفز التغيير الحقيقي والدائم في السودان، مع الجمع بين هذه الضغوط وحوافز لا يمكن تجاهلها.
ويتطلب التأثير على السلوك السوداني استخدام الأدوات الأكثر فعالية بحوزة المجتمع الدولي، دعماً لضغوط قواعد الشعب السوداني. وينبغي أن تضمن إدارة ترامب أن تكون الضغوط والحوافز المستخدمة مرتبطة بسياسة خارجية واضحة الأهداف، وبإصلاح يمكن التحقق منه. ومن شأن ذلك أن يعطي الحكومة الأمريكية أفضل فرصة لتدعم بفعالية ما ينبغي أن يكون جوهر أهدافها السياسية تجاه السودان.
(نص ورقة كفاية أدناه):
https://enoughproject.org/wp-content/uploads/2017/06/TheMissingTrack_June2016_Enough_Final_small.pdf


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.