الرأى اليوم هل الرئيس باااااع صلاح جلال – لقد إخترت لهذا العمود فى البدء عنوان الرحيل عز العرب، تعبيرا عن حالة عدم الإستقرار فى التحالفات الإقليمية والدولية للسودان ،ثم رأيت أن تحالفات السودان لم تقم على مصالح موضوعية ، بل حالات مزاجية للقيادة السياسية وتفكير فى تحقيق مكاسب عاجلة ، هى أقرب لإنتهاز الفرص، حتى أصبحت تمثل حرجا لأهل السودان ، لما انطوت عليه من رَخصةً وتقليل قيمة لشعب عُرف بعزة النفس والإستقامة فى المواقف منذ فجر التاريخ ، لذلك قررت أن أصف الحادث الآن فى السياسة الخارجية السودانية ، بحالة العرض والطلب وبين البائع والمشترى يفتح الله، فاصبحت البلاد تبيع حِلفا إقليميا وتتطلع لشراء آخر فى رمشة عين، صارت سياسة البلاد الخارجية كالمرجيحة . – لقد فاجأ الرئيس عمر البشير العالم، بظهوره فى دولة روسيا الإتحادية ، وفى إجتماع مع الرئيس فلاديمير بوتين ،و إعلانه تغيير سياسة بلاده الخارجية ونقضها جميعاً ، فقد سجل الرئيس البشير عدد من الركلات الحرة أو الأدق هى الرفسات الحرة ، فى مرمى كل من الولاياتالمتحدةالأمريكية و فى مرمى المملكة العربية السعودية ودول الخليج ، وثلاثة رفسات مباشرة داخل حزبه وحكومته، أمام دهشة الجميع ، الرئيس البشير يطلب الحماية الروسية من التعدى الأمريكى على بلاده. – لقد كانت المخابرات الروسية حاضرة وذكية ، فقد نقلت إجتماع الرئيس البشير وبوتين على الهواء مباشرة، وهى من المرات النادرة الحدوث، وبهذا أغلقت الباب بالضبة والمفتاح، من أى محاولة للذوقان أوالتذاكى على ما تم فى هذا الإجتماع الكارثة ،فقد خطرت فى بالى قصة شعبية تقول ، أن رجل وزوجته ، وقعت بينهم مشكلة كبيرة ، تجاوزت المألوف فى الخلافات الزوجية ، فقرر الزوج الإعتذار لزوجته ، وقال لها يجب أن نخرج ونتحدث على شاطئ البحر ، حتى يأتى التفاهم هادئاً ، وعند جلسوهم على ضفة النيل إذ بتمساح ضخم يخرج من الماء ويخطف الرجل من جانب زوجته ، فوقفت الزوجة الغاضبة، وهى تشاهد بقايا زوجها تحت الماء ، فقالت مخاطبة التمساح ( يا ورل البحر الراجل دا فلفاص أمسكى كويس )، كذلك تصرفت المخابرات الروسية ، بنشرها للقاء على الهواء ، لكل الدنيا منعاً للفلفصة , سنقوم بتحليل ما ورد فى اللقاء ، ومحاولة تفهم ماتم ،وأسبابه ، وتداعياته المتوقعة. – بداية بالرفسة الأمريكية ، إتهم الرئيس الولاياتالمتحدةالأمريكية بتقسيم السودان، وأنها ما زالت تحاول لمزيد من التفتيت لبلاده ، و أنها تشكل خطرا على أمن البحر الأحمر ، (موضوع أمن البحر الأحمر لأهميته سنخصص له عمود رأى لوحده لمعالجتة بالتفصيل المطلوب) ، وأمام هذه العربدة الأمريكية ، يطلب الرئيس البشير الحماية الروسية لبلاده ، لماذا هذا الحديث الآن ؟؟؟؟ – السودان والولاياتالمتحدةالأمريكية، دخلوا فى مفاوضات مباشرة منذ ثلاثة أعوام ، شاركت فيها كل أجهزة الدولة ، توصلت هذه المفاوضات لمصفوفة إتفاق ، من خمسة أهداف ، قال الطرفان بنجاح السودان فيما التزم به للأمريكان ، وبهذا الموجب ، قررت الولاياتالمتحدة رفع بعض عقوباتها على السودان ، لكن الملاحظة الأساسية أن رئاسة الجمهورية لم تكن سعيدة بمخرجات التفاوض ، وجاءت موافقتها محتشمة ، السبب فى ذلك تأكد للرئيس البشير أنه هو شخصياً ، سيكون العقبة أمام التطبيع بين البلدين لايمكن لهذا التطبيع أن يكتمل بغير خروجه من الحكم ، هذه هى العقدة التى دفعت الرئيس لضرب التقارب السودانى الأمريكى، والتفكير فى العودة للمحور الأول (روسياإيران ) . – سجل الرئيس البشير عدة رفسات فى مرمى التحالف السعودى الخليجى الأولى كانت قبل مغادرته الخرطوم ، حيث قال من أراد إبعاد الأخوان المسلمين من الحكم فى السودان، عليه بعمل إنقلاب ضدى ، أنا أخ مسلم ملتزم والثانية مغازلته المعلنة للجمهورية الإسلامية الإيرانية ، بأن لهم تنسيق على المستوى الدولى مع النظام الإيرانى ، جاء ذلك فى مقابلته فى قناة روسيا اليوم ، وجاءت ثالثة الأثافى بمفارقته للموقف الخليجى عموماً والسعودى خصوصاً ، بقوله فى إجتماع بوتين ، أن الولاياتالمتحدةالأمريكية هى التى خربت سوريا ، وأنه يؤيد الموقف الروسي، بأن بشار الأسد جزء من الحل لايجب أن يذهب . – هذا التخريب المتعمد من الرئيس البشير للعلاقات مع الخليج ، لابد له من أسباب، منها أنه لم يجد المساندة والدعم المالى ، الذى كان يتوقعه من المملكة السعودية والإمارات المتحدة ، رغم مشاركته فى حرب اليمن ، الواضح أن المملكة ليست بحاجة له فى اليمن الآن ، فهى تعمل على إيجاد مخرج سياسي للأزمة ، والثانى أن قوات السودان فى اليمن ، من الجنجويد مليشيا حميدتى ، هذه القوات الآن تحت إدارة الفريق طه الحسين ، وتأتمر بأمر القيادة العسكرية السعودية ، حتى لوطلب السودان عودتهم للبلاد لن يعود معظمهم ، بالوعد المبذول بأنهم سيكونون جزء من الحرس الوطنى فى المملكة العربية السعودية، بعد نهاية الحرب ، بعد هذه التصريحات السودان يقف برجليه الإثنين فى المحور القطرى . – كما سجل الرئيس عدة رفسات داخل حزبه أيضاً وحكومته، بقيادة نائبة الأول بكرى حسن صالح ، فى الأيام القلية الماضية ، منها تصريحاته فى الجزيرة المروية ،والحملة التى يقف خلفها إخوة الرئيس لإعادة ترشيحه لدورة رئاسية خامسة ، كما أنه بلاشك أغلق موقف قيادة الحكومة ممثلة فى دكتور غندور وجهاز الأمن ممثل فى محمد عطا والقوات المسلحة ممثلة فى الفريق عماد عدوى ، هذه المجموعة التى قادت التفاوض مع الأمريكان ووقعت هذه التفاهمات التى يرفضها الرئيس البشير ،هذه الأسماء المذكورة لم يبقى أمامهم سوى خيار واحد ، أن يتغدوا بالرئيس البشير قبل أن يتعشى بهم بكل تأكيد ، لتجهيز طاقم يقود السياسة الجديدة، المعلنة فى روسيا الإتحادية. – الختامة لقد إنتهت أحلام التطبيع مع الولاياتالمتحدةالأمريكية ، برفسة رئاسية. وعادت العلاقات مع الخليج ومصر لسابق توترها والسودان أصبح فى الواقع أقرب للمحور القطرى الروسي الإيرانى، الرئيس أقدم على لعبة غاية فى الخطورة ، لايمكن أن تحسب مناورة ، لتخويف الخليج أو تشكيل ضغط على الأمريكان ، هذه الأحداث ستفتح صندوق بندورة، ضد نظام الإنقاذ، قد تنتهى إلى ما إنتهى إليه الرئيس موقابى ، زيارة روسيا ستكون مكلفة ، باعت كل شئ ولم تشترى أى شئ .