انا من أنصار مسرح الرجل الواحد كوميدياً ، لذا دائماً ما تُسليني الفواصل الكوميدية التي يقدمها ممثلي المفضل "عمر البشير" .. بل تجعلني أتقلب على قفاي فرط الضحك .. حتى انني قررت مؤخراً عدم متابعة عروض مسرحياته الهزلية الكثيرة تنظيماً لدقات قلبي الذي أنهكته الضحكات والقهقهات المتواصلة .. وحفاظاً على وقاري أمام القارئ الموقر .. ولكن الخبر الذي قرأته اليوم جعلني أفقد السيطرة على نفسي .. فركلت ورّفست كما الطير المذبوح أمام أصدقائي .. حتى ان أحدهم ظنّ ان مساً قد مسّني على حين غرّة .. فبدأ في تلقيني ما تيسّر وما لم يتيسّر له من آيات الذكر الحكيم .. والخبر الذي جعلني أرفس ضحكاً قبل ان يبكيني قامت بنشره صحيفة من صحافة "ريا وسكينة" المنتشرة في بلادنا .. وأفردت له مساحة مميزة موقعاً وحجماً .. وكأنه نصراً من الله وفتحاً لبلادنا .. حيث غطّت الصحيفة فعالية ل "منظمة" قامت بتكريم السيدة "هدية محمد الزين" والدة "عمر البشير" لإنجابها عمر البشير – أي والله لهذا السبب ! المضحك ان هذه المنظمة تابعة لأسرة "البشير" .. أي ان منظمة أسرة "البشير" قامت بتكريم والدة "البشير" ومنحتها درع جمعية "البشير" لمساهمتها "العظيمة" في إنجاب "البشير" ! هذه ليست مزحة أو "اسكيتش" فكاهي بل حقيقة تعبر عنها الصورة المرفقة ! صبراً ليس هذا فحسب ، بل تبلغ الكوميديا منتهاها ويبلغ الضحك أشده في الكلمات المكتوبة كإهداء للأم ، حيث جاء فيها:( يكفيك فخراً وعزاً إن أبنك عمر الذي أحبه كل الناس في الداخل والخارج لكرم خصاله، ثمرة تربيتك) ???? ولا أعرف هل فطن منظمو هذا الحفل إلى ان هذه الكلمات تحمل إدانة في حق هذه المرأة الطيبة أكثر مما تحمل تكريما لها ؟! إذ ان رعاية كل هذا الشر وتربيته يجعل منها مطلوبة مثله لدى المحاكم الدولية ! حقيقة عجز قلمي عن الكتابة امام هذه المسخرة الماثلة أمامكم ، فلست من أولئك الذين يزجون بالأسر وخصوصاً الأباء والأمهات في الشأن العام ، لذا أقف بقوة ضد هذه المهزلة التي تحدث لهذه المرأة المسنة ، وتحويلها من أم سودانية طبيعية لا علاقة لها بإتجاهات الأبناء السياسية إلى امرأة شريرة يجب ان تحمل أوزار ابنها الثقيلة التي تنؤ عن حملها الجبال! ان ما تشاهدونه أمامكم يعبر حقيقة عن إنحطاط ابن السيدة "هدية" ، وسقوطه انسانياً وخلقياً وعائلياً ، إذ كان عليه ان يمنع هذه المهزلة التي تحدث لامرأة حملته وهناً على وهن وتحملت فجوره وعدوانيته طوال هذه السنوات الطويلة ، لا ان يكون أحد المشاركين فيها ! فلطبيعي ان أمه هي أمه وحده ، واذا كان يريد تكريمها كان حري به ان يكرمها في عيد الأم ، وفي إحتفال خاص يضم أسرته وعائلته ! بالطبع لا يجب ان نوجه اللوم على هذه المرأة الطيبة ، فهي شأنها شأن كل ام سودانية ، تظل موضع حبنا واحترامنا وتقديرنا ، وشخصياً أنظر لها مثل أمي ، وأضعها في مقامها ، لذا تألمت غاية الألم وانا أرى ابنها العاق يزجها زجاً ويرميها في مستنقع قذارته الآثن ، ويحولها من أم سودانية بسيطة إلى "امرأة أبولهب" حمالة الحطاب في جيدها درع واهداء من مسد! ليت أم عمر لم تلد عمر واخوة عمر .. ليتها كانت عقيما.