سعر الدرهم الإماراتي مقابل الجنيه السوداني ليوم الإثنين    بعد أزمة كلوب.. صلاح يصدم الأندية السعودية    وزارة الخارجية القطرية: نعرب عن قلقنا البالغ من زيادة التصعيد في محيط مدينة الفاشر    الإمارات وأوكرانيا تنجزان مفاوضات اتفاقية الشراكة الاقتصادية الشاملة    ياسر عبدالرحمن العطا: يجب مواجهة طموحات دول الشر والمرتزقة العرب في الشتات – شاهد الفيديو    حقائق كاشفة عن السلوك الإيراني!    المؤسس.. وقرار اكتشاف واستخراج الثروة المعدنية    البيان الختامي لملتقى البركل لتحالف حماية دارفور    الداخلية السودانية: سيذهب فريق مكون من المرور للنيجر لاستعادة هذه المسروقات    مدير شرطة ولاية النيل الأبيض يتفقد شرطة محلية كوستي والقسم الأوسط    تعلية خزان الرصيرص 2013م وإسقاط الإنقاذ 2019م وإخلاء وتهجير شعب الجزيرة 2024م    تدرب على فترتين..المريخ يرفع من نسق تحضيراته بمعسكر الإسماعيلية    الزمالك يسحق دريمز في عقر داره ويصعد لنهائي الكونفيدرالية    سان جرمان بطلا للدوري الفرنسي.. وعينه على الثلاثية    إيران تحظر بث مسلسل "الحشاشين" المصري    شاهد بالفيديو.. سائق "حافلة" مواصلات سوداني في مصر يطرب مواطنيه الركاب بأحد شوارع القاهرة على أنغام أغنيات (الزنق والهجيج) السودانية ومتابعون: (كدة أوفر شديد والله)    السودان..توجيه للبرهان بشأن دول الجوار    شاهد بالصورة والفيديو.. طلاب كلية الطب بجامعة مأمون حميدة في تنزانيا يتخرجون على أنغام الإنشاد الترند (براؤون يا رسول الله)    شاهد بالفيديو.. الفنانة ندى القلعة تواصل دعمها للجيش وتحمس الجنود بأغنية جديدة (أمن يا جن) وجمهورها يشيد ويتغزل: (سيدة الغناء ومطربة الوطن الأولى بدون منازع)    شاهد بالصور.. بالفستان الأحمر.. الحسناء السودانية تسابيح دياب تخطف الأضواء على مواقع التواصل بإطلالة مثيرة ومتابعون: (هندية في شكل سودانية وصبجة السرور)    تجارة المعاداة للسامية    يس علي يس يكتب: روابط الهلال.. بيضو وإنتو ساكتين..!!    جبريل إبراهيم يقود وفد السودان إلى السعودية    رئيس حزب الأمة السوداني يعلق على خطوة موسى هلال    سرقة أمتعة عضو في «الكونجرس»    بايدن منتقداً ترامب في خطاب عشاء مراسلي البيت الأبيض: «غير ناضج»    تدمير دبابة "ميركافا" الإسرائيلية بتدريب لجيش مصر.. رسالة أم تهديد؟    دبابيس ودالشريف    حسين خوجلي يكتب: البرهان والعودة إلى الخرطوم    بمشاركة طبنحة و التوزة...المريخ يستأنف تحضيراته    شاهد بالصورة.. بعد أن احتلت أغنية "وليد من الشكرية" المركز 35 ضمن أفضل 50 أغنية عربية.. بوادر خلاف بين الفنانة إيمان الشريف والشاعر أحمد كوستي بسبب تعمد الأخير تجاهل المطربة    قوة المرور السريع بقطاع دورديب بالتعاون مع أهالي المنطقة ترقع الحفرة بالطريق الرئيسي والتي تعتبر مهدداً للسلامة المرورية    السينما السودانية تسعى إلى لفت الأنظار للحرب المنسية    بيان جديد لشركة كهرباء السودان    سوق العبيد الرقمية!    أمس حبيت راسك!    دخول أول مركز لغسيل الكلي للخدمة بمحلية دلقو    والي ولاية الخرطوم يقف على إنجاز الطوف المشترك لضبطه متعاونين مع المليشيا ومعتادي إجرام    شركة توزيع الكهرباء في السودان تصدر بيانا    تصريحات جديدة لمسؤول سوداني بشأن النفط    لطرد التابعة والعين.. جزائريون يُعلقون تمائم التفيفرة والحلتيت    دخول الجنّة: بالعمل أم برحمة الله؟    الملك سلمان يغادر المستشفى    عملية عسكرية ومقتل 30 عنصرًا من"الشباب" في"غلمدغ"    جريمة مروّعة تهزّ السودانيين والمصريين    تطعيم مليون رأس من الماشية بالنيل الأبيض    بالصور.. مباحث عطبرة تداهم منزل أحد أخطر معتادي الإجرام وتلقي عليه القبض بعد مقاومة وتضبط بحوزته مسروقات وكمية كبيرة من مخدر الآيس    لمستخدمي فأرة الكمبيوتر لساعات طويلة.. انتبهوا لمتلازمة النفق الرسغي    مضي عام ياوطن الا يوجد صوت عقل!!!    إصابة 6 في إنقلاب ملاكي على طريق أسوان الصحراوي الغربي    مفاجآت ترامب لا تنتهي، رحب به نزلاء مطعم فكافأهم بهذه الطريقة – فيديو    راشد عبد الرحيم: دين الأشاوس    مدير شرطة ولاية شمال كردفان يقدم المعايدة لمنسوبي القسم الشمالي بالابيض ويقف علي الانجاز الجنائي الكبير    الطيب عبد الماجد يكتب: عيد سعيد ..    بعد نجاحه.. هل يصبح مسلسل "الحشاشين" فيلمًا سينمائيًّا؟    السلطات في السودان تعلن القبض على متهم الكويت    «أطباء بلا حدود» تعلن نفاد اللقاحات من جنوب دارفور    دراسة: القهوة تقلل من عودة سرطان الأمعاء    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



هيومان رايتس ووتش تطالب بالتحقيق حول القصف العشوائي في النيل الأزرق
نشر في حريات يوم 23 - 04 - 2012

السودان: مدنيون من ولاية النيل الأزرق يكشفون تفاصيل الهجمات والانتهاكات …….
يجب التحقيق فيما أوردته التقارير من عمليات قصف عشوائي وقتل واعتقال ….
(جوبا) –قالت هيومن رايتس ووتش اليوم، الاثنين 23 أبريل ، بعد جولة بحثية إلى النيل الأزرق في أبريل/نيسان 2012 – - إن المدنيين يعانون من تبعات النزاع الحدودي المشتعلفي الولاية. وكما هو الحال في ولاية جنوبكردفان المجاورة [4]، التي زارتها هيومن رايتس ووتش في أغسطس/آب 2011، فإن المدنيين في النيل الأزرق لا يزالون يعانون من عمليات القصف العشوائي التي تقوم بها القوات السودانية،بالإضافة إلى انتهاكات أخرى، في وقت بات فيه النزاع بين السودان وجنوب السودانمؤهلاًبالانتقال إلى كافة المناطق الحدودية.
وقام شهود من سكان المنطقة – تحدثت معهم هيومن رايتس ووتش –بوصف القصف العشوائي للمناطق التي يسكنها المدنيون، وأعمالالقتل وانتهاكات أخرى خطيرة في منطقة النيل الأزرق – التي أغلقتها الحكومة تماماً عن العالم الخارجي منذ اندلاع النزاع المسلح هناك في سبتمبر/أيلول 2011. وقالتهيومن رايتس ووتش إن الشهادات التي أدلى بها هؤلاء الشهود تشير إلى احتمال حدوث جرائم حرب.
ويجب على الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي التصميم على أن يوقف السودانعمليات القصف العشوائي للمناطق المأهولة بالمدنيين في النيل الأزرق،مع السماح فوراً بدخول المساعدات إلى الولاية. وقالت هيومن رايتس ووتش إن على مجلس الأمن أن يدعو الحكومة السودانية إلى السماح بإجراء تحقيق كامل ومحايد بواسطة المفوضية السامية لحقوق الإنسان حول الأحداث التي شهدتها ولايتي جنوب كردفان والنيل الأزرق.
وقال دانيال بيكيل [5]، مدير قسم أفريقيا في هيومن رايتس ووتش: “تسبب القتال في ولاية النيل الأزرقفي تحولسكانها إلى لاجئين، واضطرهم النزاع لترك ديارهم وسبل العيش. يجب التحقيق في التقارير المروّعة حول عمليات القتل خارج نطاق القضاء والاعتقال التعسفي والنهب الواسع النطاق وتدمير الممتلكات، مع محاسبة المسؤولين عن ارتكابها”.
لم تتوفر سوى معلومات قليلةللغاية حول الأحداث التي شهدتها ولاية النيل الأزرق. فالحكومة السودانية لم تسمح للصحفيين أو المراقبين المستقلين أو منظمات المساعدات الإنسانية بدخول ولاية النيل الأزرق أو ولاية جنوب كردفان المجاورة، حيث اندلع القتال في يونيو/تموز الماضي [6]. ومع انتهاء التفويض الممنوح للأمم المتحدة لحفظ السلام في المنطقة؛ لم يعد هناك مراقبون تابعون للأمم المتحدة على الأرض لتوثيق الآثار المترتبة على المدنيين؛جراءالقتال في ولاية النيل الأزرق، التي امتد إليها النزاعفي سبتمبر/أيلول.
وتشير نتائج البحث الذي أجرته هيومن رايتس ووتش في النيل الأزرق إلى أن حملات قصف القوات الحكومية السودانية أسفرت عن مقتل وتشويه وإصابة عشرات المدنيين منذ سبتمبر/أيلول، ودمرت أيضاً ممتلكات المدنيين، بما في ذلك أسواق ومنازل ومدارس ومزارع ومكاتب تابعة لمنظمات إغاثة.
وقال لاجئون في جنوب السودان ونازحون داخل السودان ل هيومن رايتس ووتش إن القصف الجوي على مناطق سكنهم، منذ سبتمبر/أيلول، اضطرهم للفرار من مناطق سكناهم. وهجر معظم الذين تحدثت إليهم هيومن رايتس ووتش قراهم ومزارعهم خلال الفترة بين سبتمبر/أيلول ونوفمبر/تشرين الثاني من العام الماضي، وظلوا يتنقلون داخل مناطق الولاية على مدى عدة شهور في ظل شح الغذاء والمياه. ويقيم نحو مائة ألف نسمةمن سكان ولاية النيل الأزرق كلاجئين في دولة جنوب السودان وأثيوبيا، كما ان هنالك نحو مائة ألف آخرين نازحين في مختلف مناطق الولاية، بما في ذلك مجموعات تقدربعدة آلاف، تقطعت بهم السبل في مناطق نائية.
وتقع ولايتا النيل الأزرق وجنوب كردفان – حيث بدأت أعمال العنف منذنحو ثلاثة أشهر – بين حدود السودان ودولة جنوب السودان، وهناك من انحازمن سكان الولايتين للحركة الشعبية لتحرير السودان والجيش الشعبي لتحرير السودان خلال سنوات الحرب الأهلية.
اندلع القتال في ولايتي جنوب كردفان والنيل الأزرق في وقت تصاعد فيه التوتر بين حزب المؤتمر الوطني الحاكم في السودان وقطاع الشمال بالحركة الشعبية لتحرير السودان، بسبب الترتيبات الأمنية لاتفاقية السلام التي تم توقعيها عام 2005. حددالرئيس السوداني عمر البشير1 يونيو/حزيران 2011 موعداً نهائياً لمغادرة كل قوات الجيش الشعبي لتحرير السودان الأراضي السودانية، والبشير ما زالمطلوباً من المحكمة الجنائية الدولية على خلفية اتهامات تتعلق بارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية والإبادة في دارفور.
إلا ان قطاع الشمال في الحركة، الذي يطلق عليه حاليا “الحركة الشعبية لتحرير السودان-قطاع الشمال”، قال إن اتفاقية السلام تنص على منح فترة ستة أشهرللانسحاب، عقب استكمال عملية المشاوراتالشعبية، التي لم تكن قد بدأت عندما اندلعت أعمال العنف. وكانتالمشاوراتالشعبيةقد وردت تحت بنود اتفاق السلام حتى يتمكن السكان في الولايتين من تحديد نظام الحكم الذي ستُدار به شؤون الولايتين في ظل البقاء كجزء من السودان.
اندلع القتال في مدينة الدمازين، عاصمة ولاية النيل الأزرق، في 1 سبتمبر/أيلول بين قوات الجيش السوداني وبقية قوات الحركة الشعبية الموجودة هناك بموجب بنود اتفاقية السلام. وقال شهود من سكان مدينة الدمازين ل هيومن رايتس ووتش إن جنود القوات الحكومية استخدموا الدبابات والأسلحة الثقيلة لتدمير ممتلكات المدنيين، بما في ذلك منازل ومركز “مالك عقار” الثقافي. وقال الشهود أيضاًإن جنود وعناصر تابعة لقوات الأمن تعقبوا أفراداً يُعتقد أنهم أعضاء في الحركة الشعبة لتحرير السودان–قطاع الشمال، وتم اعتقال أشخاص من منازلهم ومن الطرق، بالإضافة إلى عمليات نهب واسعة طالت ممتلكات السكان.
وأعلن الرئيس البشير في 2 سبتمبر/أيلول حالة الطوارئ في ولاية النيل الأزرق وعزل حاكمها مالك عقار، الذي ينتمي إلى الحركة الشعبية، وعين بدلاً عنه حاكماً عسكرياً. وأصدرت السلطات في اليوم التالي قراراً بحظر الحركة الشعبية-قطاع الشمال، وصادرت مكاتبها، واعتقلت قادة وأعضاء في الحركة في مختلف مدن السودان.
وقال شكري أحمد علي، الحاكم المحلي للرصيرص، المجاورة لمدينة الدمازين، وعضو الحركة الشعبية-قطاع الشمال الذي كان قد فر من المدينة مع قادة آخرين بالحركة، قال ل هيومن رايتس ووتش إن جنوداً في أحد نقاط التفتيش بين الدمازين والرصيرص أطلقوا النار على اثنين من أفراد اسرته وسائقه وأردوهم قتلى وأصابوا قريباً له بجراح خطيرة. ووقعت حادثة إطلاق النار على السيارة التي كانت تقل هؤلاء، إذ كان يعتقد الجنود فيما يبدو ان السيارة تقل شكري أحمد علي.
وقال دانيال بيكيل: “من الواضح ان السلطات السودانية استهدفت أعضاء معروفين في أحزاب معارضة ومدنيين تعتقد أنهم مؤيدون للمعارضة، متجاهلة تماماً حقوق الإنسان الأساسية”، وأضاف: “يجب أن يحاسب السودان القوات التي ترتكب هذه الانتهاكات، ويجب كذلك أن تطلق سراح كل المعتقلين من دون مسوغ قانوني لاعتقالهم”.
اقتادت السلطات خلال الأيام التي تلت هذه الأحداث مئات من الأشخاص من الدمازينوالرصيرص ومدن أخرى إلى ثكنات عسكرية وإلى مبان تابعة لجهاز الأمن الوطني وأماكن اعتقال أخرى. ظلالكثير من هؤلاء قيد الحبس على مدى أسابيع أو شهور دون أن يتم توجيه تهمة لأي منهم. وأبلغ معتقلون سابقون هيومن رايتس ووتش بأنهم تعرضوا للضرب وأجبروا على النوم في غرف مكتظة بالمعتقلين، وفي بعض الحالات تم حرمانهم من النوم والغذاء والماء، كما شهدوا خلال فترة حبسهم إعدام معتقلين آخرين.
ويقول محامون متابعون لأوضاع المعتقلين إن ما يزيد على 200 شخص ما يزالون قيد الاعتقال وفي عدادالمفقودين. وكان مكتب النائب العام السوداني قد أعلن في مارس/آذارأنه استكمل التحقيق في حالة 132 معتقلاً، ووجّه لهم اتهامات بالتجسس وارتكاب جرائم ضد الدولة. كما رفضت السلطات تزويد المحامين بأي معلومات حول الدعاوى، ولم تسمح لهم بمقابلة المعتقلين، ولم تنشر قائمة كاملة بأسمائهم أو أماكنهمأو هي حددت الاتهامات المنسوبة إليهم.
كان السودان قد رفض التوقيع على اتفاق مع الحركة الشعبية لتحرير السودان-قطاع الشمال، اقترحته الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي وجامعة الدول العربية، يسمح بوصول مساعدات إنسانية إلى جنوب كردفان والنيل الأزرق.
وقال دانيال بيكيل: “بعد أن عزلت السلطات السودانية بلدها عن العالم الخارجي، ومع منعها مراقبي حقوق الإنسان من الدخول إلى البلاد، فإن ذلك يعمق المخاوف تجاه احتمال محاولة السلطات إخفاء آثار جرائممروعة”.
القصف العشوائي على المناطق المدنية
زارت هيومن رايتس ووتش12 موقعاً في الولاية تعرضت للقصف، وتحدثت إلى شهود وضحايا حول العديد من الهجمات. قال شهود إن طائرة حربية، وصفوها بأنها من طراز أنتونوف، ألقت في يوم 10 نوفمبر/تشرين الثاني 9 قنابل على الأقل على قرية بلاتوما، ما أسفر عن مقتل 11 شخصاً -9 منهم لقوا مصرعهم عند الهجوم- بمافي ذلك طفلان على الأقل، وتسبب القصف أيضا في جرح 21 آخرين.
كيرجاكوجادوتو، وهي أم تبلغ من العمر 29 عاماً وكانت حاملاً في ذلك الوقت، كانت تجلس في سوق بلاتوما عندما تم إسقاطقنبلة في مكان قريب بالسوق.
تقول دوتو: “سمعنا صوت الطائرة ونظرنا إلى أعلى وشاهدناها وسمعنا صوت الانفجار “، وأضافت دوتو: “انبطحت أرضاً. كان الناس بجواري يبكون. حاولت النهوض والسير ولم أستطع. أدركت بعد ذلك أنني أصبت في ساقي”. تعرضت دوتو لإصابة بالغة في ساقها ولا تستطع الآن مغادرة كوخ القش الذي تقطنه في معسكر دورو للاجئين بدولة جنوب السودان.
تدل الشهاداتالتي أدلى بها شهود من النيل الأزرق على حدوث عدة عمليات قصف عشوائي لمدن وقرى في مقاطعة الكرمك نهاية عام 2011 أسفرت عن مقتل مدنيين. ففي مطلع أكتوبر/تشرين الأول 2011 أسفر هجوم على منزل بقرية مايار، غربي الكرمك، عن مقتل 7 مدنيين. وشاهدت هيومن رايتس ووتش الدمار الذي لحق بمكاتب منظمة للإغاثة بمنطقة يابوس.
استهدفت عمليات القصف العشوائي أيضاً لاجئين كانوا بصدد العبور إلى دولة جنوب السودان، في منطقتي قفة والفوج الحدوديتين، حيث تجمع عدة مئات من اللاجئين قبل العبور إلى معسكرات للاجئين بجنوب السودان. وتسبب القصف في إصابة أربعة مدنيين ومقتل عدد من المواشي. وشاهدت هيومن رايتس ووتش حفرة أحدثها القصف في منطقة الفوج ، وتحدث شهود عن وجود عدة حفر أخرى أحدثتها القنابل التي استخدمت في عمليات القصف التي استهدفت مناطق يقيم بها لاجئون على مسافة من المدينة.
يستخدم الجيش السوداني ذخيرة غير موجّهة يتم أسقاطها عادة من طائرات نقل من طراز أنتونوف على نحو لا يسمح بتوجيهها بدقة نحو الهدف. وقالت هيومن رايتس ووتش إن استخدام الأسلحة في منطقة يقطنها مدنيون دون أن يتم توجيهها بصورة دقيقة نحو هدف عسكري يجعل هذه الضربات عشوائية لا تميز بين المدنيين والأهداف العسكرية، وهو خرقللقانون الدولي الإنساني.
ويلزم القانون الدولي الإنساني طرفي النزاع المسلح، بأخذ كل التدابير الممكنة في الاعتبار بهدف تقليل الأضرار التي من المحتمل أن تلحق بالمدنيين. وقالت هيومن رايتس ووتش أن مقاتلي الحركة الشعبية لتحرير السودان-قطاع الشمال لا ينبغي أن يعملوا انطلاقا من مناطق سكنية أو أن يشنوا هجمات منها، كما يتعيّن عليهم،إلى أقصى حد ممكن، تحاشي العمل في المناطق الآهلة بالمدنيين، حيث من المحتمل أن يتسبب وجودهم في الإضرار بالمدنيين.
آثار القصف
تسبب القصف العشوائي في انتشار الهلع بين السكان المدنيين في النيل الأزرق. ففي كل المناطق التي زارتها هيومن رايتس ووتش في السودان ودولة جنوب السودان، بما في ذلك معسكرات اللاجئين في جنوب السودان، حفر كثير من اللاجئين مخابئ في الأرض للجوء إليها في حال تعرضهم للقصف.
وأبلغ نازحون داخل ولاية النيل الأزرق هيومن رايتس ووتش بأنهم لا يجدون ما يكفي من الغذاء والماء والعلاج، وقالواكذلك أنهم يعيشون فقط على الفواكه البرية والنباتات، وليست هناك مدارس لأطفالهم.
تقطعت السبل بالكثير من النازحين وانتهوا إما في مناطق نائية، وهم في أشد الحاجة للمساعدة، أو في أماكن منعت قوات الحكومة السودانية الوصول إليها، خصوصا في منطقة مغاجةبمحلية الباوِ. ومن المتوقع أن يتسبب موسم الأمطار المقبل خلال بضعة أسابيع في جعل العبور من النيل الأزرق إلى معسكرات اللاجئين في جنوب السودان أو أثيوبيا، أمراً مستحيلاً.
وقالت هيومن رايتس ووتش إن السودان ملزم بالسماح لمنظمات الإغاثة بالدخول إلى كل أجزاء الولاية. وتفرض قوانين الحرب على كل أطراف النزاع السماح بمرور المساعدات الإنسانية على وجه السرعة وتسهيل وصولها دون عرقلة إلى المدنيين المتأثرين بالنزاع.
عمليات القتل والهجمات على المدنيين
عقب اندلاع النزاع بالدمازين في سبتمبر/أيلول تحركت القوات السودانية باتجاه الجنوب وتقدمت صوب الكرمك، التي استولى عليها المتمردون في نوفمبر/تشرين الثاني وباتت من معاقلهم. وقال قادة مدنيون محليون فروا إلى الجنوب ل هيومن رايتس ووتش إن قوات الحكومة السودانية اشتبكت مع قوات الحركة الشعبية لتحرير السودان-قطاع الشمال وقامت بعمليات عسكرية في عشرات القرى على طول الطريق الرئيسي باتجاه الكرمك.
وعقب استيلاء القوات الحكومية على الكرمك قامت أيضاً بعمليات عسكرية في القرى المحيطةبجبال الأنقسنا. واستمرت المواجهات في تلك المنطقة، وأشارت تقارير غير مؤكدة إلى أن القصف الذي قامت به القوات الحكومية في 15 أبريل/نيسان أسفر عن مقتل 11 نازحاً في منطقة خور مقنزا.
وقال مدرس يعمل بمدينة الباو، الواقعة على سفوح جبال الأنقسنا، لهيومن رايتس ووتش إنه شاهد في ديسمبر/كانون الأول جنود تابعين للقوات الحكومية دخلوا المدينة من ثلاثة اتجاهات وأطلقوا الرصاص على المدنيين. وقال إن عملية إطلاق النار على المدنيين أسفرت عن مقتل نحو 10 من الرجال والشباب، ومن ضمنهم حارس المدرسة التي يعمل بها الشاهد، وراعي أغنام يبلغ من العمر 14 عاماً. أفادالشاهد كذلك بأن الضحايا ليسوا مقاتلين ولم يكن أحد منهم يحمل سلاحاً. ولم يتسن لهيومن رايتس ووتش التأكد من مقتل الثمانية الآخرين.
وقال الشهود لهيومن رايتس ووتش إن أعضاء في الحركة الشعبية لتحرير السودان-قطاع الشمال تم إعدامهم حيث وجدت في قرية السليك، جنوب غربي الباو، جثث ستة مدنيين من أعضاء الحركة مكتوفي الأيدي والأقدام وقد تم إطلاقالرصاص على رؤوسهم وقطعت حناجرهم، وذلك عقب معركة بين قوات الحكومة السودانية وقوات الحركة الشعبية لتحرير السودان-قطاع الشمال منتصف سبتمبر/أيلول.وقال مسؤول في الحركة،عثر على الجثث بعد ساعات من عملية الإعدام، لهيومن رايتس ووتش إن القتلى الستة أعضاء مدنيين في الحركة وليسوا من المقاتلين. إلا أن هيومن رايتس ووتش لم تتأكد من ظروف مقتل الضحايا من مصدر مستقل.
طبقاً لبنود القانون الدولي، يتعيّن على القوات السودانية وقوات الحركة الشعبية لتحرير السودان-قطاع الشمال اتخاذ كل التدابير الممكنة حتى تكون خسائر المدنيين في أدنى حد ممكن خلال العمليات العسكرية، ويعتبر القانون الدولي استهداف المدنيين بصورة متعمدة والقتل خارج نطاق القضاء من جرائم الحرب.
وقالالشهود لهيومن رايتس ووتش إنهم رأوا قوات الدفاع الشعبي وهي قوات مساعدة تتشكل من الفلاتة وجماعات إثنية أخرى من الرحّل تعمل السلطات بصورة نشطة على تجنيد أفرادها في مختلف المواقع، بما في ذلك مدينة الدمازين. وظل السودان يستخدم قوات الدفاع الشعبي في نزاعاته في أقاليم السودان، وتسببت مشاركة هذه القوات في تفاقم النزاعات المحلية في دارفور وأماكن أخرى في السودان على مدى عقود من الزمن. وتقول هيومن رايتس ووتش إن مبادئ القانون الدولي الإنساني تنطبق على قدم المساواة بين هذه القوات وقوات الجيش السوداني.
الاعتقال التعسفي والقتل خارج نطاق القضاء
قال شهود لهيومن رايتس ووتش إنه عقب اندلاع القتال في الدمازين ومدن أخرى تتواجدبها قوات تابعة للحركة الشعبية لتحرير السودان-قطاع الشمال حدثت عمليات تعقب واعتقال واعتداءات لفظية وبدنيةوقتل بمجرد الاشتباه في الانتماء للحركة الشعبية لتحرير السودان-قطاع الشمال أو جناحها المسلح، الجيش الشعبي لتحرير السودان-قطاع الشمال. وأبلغ مجموعات محلية ومعتقلون سابقون هيومن رايتس ووتش إن السلطات أفرجت عن عشرات المعتقلين بعد إجبارهم على إعلان تخليهم عن انتمائهم السياسي للحركة.
وقال أحدسكان مدينة الرصيرص،23 عاماً، ويقيم حالياً في جنوب السودان، لهيومن رايتس ووتش إن ضباط جهاز الأمن الوطني اعتقلوهمن منزله وشقيقه البالغ من العمر 36 عاماً بتهمة الانضمام لمقاتلي الجيش الشعبي لتحرير السودان-قطاع الشمال، وتم احتجازهما لمدة ثلاثة أسابيع في زنزانة مكتظة بالمعتقلين. وقال الرجل، البالغ من العمل 23 عاماً، في معرض شهادته ل هيومن رايتس ووتش: “وثقوا أيدينا ووضعونا على متن سيارة لاندكروزر وانهالوا علينا ضربا بالأحزمة والأيدي وركلونا بأقدامهم، وهددونا بأننا سنرى ما هو أكثر من ذلك. وعندما نشتكي للقائد يقول: دعوهم يموتون..هؤلاء كفار”.
قال الشاهد إنه رأي خلال احتجازه معتقلين آخرين تعرضوا لضرب مبرح، وشاهد كذلك ضابط يطلق النار على اثنين من المعتقلين في الرأس من مسافة قريبة خارج الزنزانة وأرداهما قتيلين في الحال. وأفاد كذلك بأن مسؤولي الأمن،عند إطلاق سراحه،ضغطوا عليه لإجباره على العمل معهم وأمروه بالحضور إلى مكاتب الأمن بصورة يومية.
وقال عيسى دفع الله صباحي، وهو حارس لوزير إقليميمعروف بانتمائه للحركة الشعبية لتحرير السودان-قطاع الشمال، ل هيومن رايتس ووتش، إن جنوداً اعتقلوه صباح 2 سبتمبر/أيلول بمنزل الوزير، وأوسعوه ضرباً وقيدوا يديه وكالوا له سيلاً من الشتائم ووصفوه بأنه “كافر لا يعرف الله”. وقال صباحي، البالغ من العمر 33 عاماً، إنه اعتقل في معسكر للجيش مع مدنيين آخرين تم اعتقالهم صباح نفس اليوم.
وقال صباحي لهيومن رايتس ووتش: “كانوا يقتادون الناس إلى النهر ويطلقون النار عليهم هناك”، قال: “أنا أيضاً تم اقتيادي إلى النهر مع ثلاثة آخرين في اليوم الثاني. وقتلوا اثنين منا”. هدد الجنود صباحي بالقتل لكنهم لم يفعلوا.
وقال صباحي في معرض شهادته ل هيومن رايتس ووتش: “قالوا لي: إنك تعمل مع مالك [الحاكم]، سنقتلك.” شاهد صباحي أيضاً في نفس اليوم جنوداً أطلقوا النار على امرأة كانت تحمل طفلاً لأنها قاومت الاعتقال. ونجح صباحي في الفرار من معسكر السجن مساء اليوم نفسه.
يعتقد محامون متابعون لقضايا الاعتقال أن ما يزيد عنمائتيشخص مايزالون قيد الحبس في مراكز اعتقال في النيل الأزرق وفي سجن سنار وسنجة، بولاية سنار المجاورة.
ولا يزال عبد المنعم رحمة، وهو شاعر معروف ومستشار سابق لوزير الثقافة بولاية النيل الأزرق، رهن الاعتقال في أماكن متعددةمنذ 2 سبتمبر/أيلول، من دون أن يُسمح له بمقابلة محام أو زيارة أسرية.
وكانت هيومن رايتس ووتش، ومنظمات أخرى، دعت السودان مراراً إلى إعلان أسماء كل المعتقلين وأماكن اعتقالهم، وإما أن توجيه تهم لكل المعتقلين السياسيين أو تطلقسراحهم


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.