وزيرالخارجية يقدم خطاب السودان امام مؤتمر القمة الإسلامية ببانجول    مشار وكباشي يبحثان قضايا الاستقرار والسلام    وزير الخارجية يبحث مع نظيره المصري سبل تمتين علاقات البلدين    (لا تُلوّح للمسافر .. المسافر راح)    راصد الزلازل الهولندي يحذر مجدداً: زلزال قوي بين 8 و10 مايو    (تاركو) تعلن استعدادها لخدمات المناولة الأرضية بمطار دنقلا والمشاركة في برنامج الإغاثة الإنسانية للبلاد    سعر الريال السعودي مقابل الجنيه السوداني من بنك الخرطوم ليوم الأحد    سعر الدرهم الإماراتي مقابل الجنيه السوداني ليوم الأحد    سعر الدولار مقابل الجنيه السوداني في بنك الخرطوم ليوم الأحد    انتفاضة الجامعات الأمريكية .. انتصار للإنسان أم معاداة للسامية؟    بوتين يحضر قداس عيد القيامة بموسكو    أول اعتراف إسرائيلي بشن "هجوم أصفهان"    "الآلاف يفرون من السودان يومياً".. الأمم المتحدة تؤكد    برشلونة ينهار أمام جيرونا.. ويهدي الليجا لريال مدريد    وفاة بايدن وحرب نووية.. ما صحة تنبؤات منسوبة لمسلسل سيمبسون؟    وداعاً «مهندس الكلمة»    النائب الأول لرئيس الاتحاد ورئيس لجنة المنتخبات يدلي بالمثيرأسامة عطا المنان: سنكون على قدر التحديات التي تنتظر جميع المنتخبات    الجنرال كباشي فرس رهان أم فريسة للكيزان؟    ريال مدريد يسحق قادش.. وينتظر تعثر برشلونة    الأمعاء ب2.5 مليون جنيه والرئة ب3″.. تفاصيل اعترافات المتهم بقتل طفل شبرا بمصر    شاهد.. حسناء السوشيال ميديا أمنية شهلي تنشر صورة لها مع زوجها وهما يتسامران في لحظة صفاء وساخرون: (دي محادثات جدة ولا شنو)    شاهد بالصور والفيديو.. رحلة سيدة سودانية من خبيرة تجميل في الخرطوم إلى صاحبة مقهى بلدي بالقاهرة والجمهور المصري يتعاطف معها    غوارديولا يكشف عن "مرشحه" للفوز ببطولة أوروبا 2024    ريال مدريد ثالثا في تصنيف يويفا.. وبرشلونة خارج ال10 الأوائل    تمندل المليشيا بطلبة العلم    ((كل تأخيرة فيها خير))    الربيع الامريكى .. الشعب العربى وين؟    الإتحاد السوداني لكرة القدم يشاطر رئيس مجلس السيادة القائد العام للقوات المسلحة الأحزان برحيل نجله محمد    دراسة تكشف ما كان يأكله المغاربة قبل 15 ألف عام    مستشار سلفاكير يكشف تفاصيل بشأن زيارة" كباشي"    نانسي فكرت في المكسب المادي وإختارت تحقق أرباحها ولا يهمها الشعب السوداني    قائد السلام    بعد عام من تهجير السكان.. كيف تبدو الخرطوم؟!    شاهد.. حسناء السوشيال ميديا أمنية شهلي تنشر صورة حديثة تعلن بها تفويضها للجيش في إدارة شؤون البلاد: (سوف أسخر كل طاقتي وإمكانياتي وكل ما أملك في خدمة القوات المسلحة)    الأمن يُداهم أوكار تجار المخدرات في العصافرة بالإسكندرية    العقاد والمسيح والحب    مؤسس باينانس.. الملياردير «سي زي» يدخل التاريخ من بوابة السجن الأمريكي    الموارد المعدنية وحكومة سنار تبحثان استخراج المعادن بالولاية    بعد فضيحة وفيات لقاح أسترازينيكا الصادمة..الصحة المصرية تدخل على الخط بتصريحات رسمية    راشد عبد الرحيم: يا عابد الحرمين    تعلية خزان الرصيرص 2013م وإسقاط الإنقاذ 2019م وإخلاء وتهجير شعب الجزيرة 2024م    بيان جديد لشركة كهرباء السودان    أمس حبيت راسك!    دخول أول مركز لغسيل الكلي للخدمة بمحلية دلقو    شركة توزيع الكهرباء في السودان تصدر بيانا    تصريحات جديدة لمسؤول سوداني بشأن النفط    دخول الجنّة: بالعمل أم برحمة الله؟    الملك سلمان يغادر المستشفى    جريمة مروّعة تهزّ السودانيين والمصريين    عملية عسكرية ومقتل 30 عنصرًا من"الشباب" في"غلمدغ"    بالصور.. مباحث عطبرة تداهم منزل أحد أخطر معتادي الإجرام وتلقي عليه القبض بعد مقاومة وتضبط بحوزته مسروقات وكمية كبيرة من مخدر الآيس    مضي عام ياوطن الا يوجد صوت عقل!!!    إصابة 6 في إنقلاب ملاكي على طريق أسوان الصحراوي الغربي    الطيب عبد الماجد يكتب: عيد سعيد ..    بعد نجاحه.. هل يصبح مسلسل "الحشاشين" فيلمًا سينمائيًّا؟    السلطات في السودان تعلن القبض على متهم الكويت    «أطباء بلا حدود» تعلن نفاد اللقاحات من جنوب دارفور    دراسة: القهوة تقلل من عودة سرطان الأمعاء    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مدنيون من ولاية النيل الأزرق يكشفون تفاصيل الهجمات والانتهاكات
نشر في الراكوبة يوم 24 - 04 - 2012

قالت هيومن رايتس ووتش اليوم – بعد جولة بحثية إلى النيل الأزرق في أبريل/نيسان 2012 - - إن المدنيين يعانون من تبعات النزاع الحدودي المشتعل في الولاية. وكما هو الحال في ولاية جنوب كردفان المجاورة، التي زارتها هيومن رايتس ووتش في أغسطس/آب 2011، فإن المدنيين في النيل الأزرق لا يزالون يعانون من عمليات القصف العشوائي التي تقوم بها القوات السودانية،بالإضافة إلى انتهاكات أخرى، في وقت بات فيه النزاع بين السودان وجنوب السودان مؤهلاًبالانتقال إلى كافة المناطق الحدودية.
وقام شهودمن سكان المنطقة - تحدثت معهم هيومن رايتس ووتش – بوصف القصف العشوائي للمناطق التي يسكنها المدنيون، وأعمال القتل وانتهاكات أخرى خطيرة في منطقة النيل الأزرق - التي أغلقتها الحكومة تماماً عن العالم الخارجي منذ اندلاع النزاع المسلح هناك في سبتمبر/أيلول 2011. وقالت هيومن رايتس ووتش إن الشهادات التي أدلى بها هؤلاء الشهود تشير إلى احتمال حدوث جرائم حرب.
ويجب على الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي التصميم على أن يوقف السودان عمليات القصف العشوائي للمناطق المأهولة بالمدنيين في النيل الأزرق، مع السماح فوراً بدخول المساعدات إلى الولاية. وقالت هيومن رايتس ووتش إن على مجلس الأمن أن يدعو الحكومة السودانية إلى السماح بإجراء تحقيق كامل ومحايد بواسطة المفوضية السامية لحقوق الإنسان حول الأحداث التي شهدتها ولايتي جنوب كردفان والنيل الأزرق.
وقال دانيال بيكيل، مدير قسم أفريقيا في هيومن رايتس ووتش: "تسبب القتال في ولاية النيل الأزرقفي تحول سكانها إلى لاجئين، واضطرهم النزاع لترك ديارهم وسبل العيش. يجب التحقيق في التقارير المروّعة حول عمليات القتل خارج نطاق القضاء والاعتقال التعسفي والنهب الواسع النطاق وتدمير الممتلكات، مع محاسبة المسؤولين عن ارتكابها".
لم تتوفر سوى معلومات قليلة للغاية حول الأحداث التي شهدتها ولاية النيل الأزرق. فالحكومة السودانية لم تسمح للصحفيين أو المراقبين المستقلين أو منظمات المساعدات الإنسانية بدخول ولاية النيل الأزرق أو ولاية جنوب كردفان المجاورة، حيث اندلع القتال في يونيو/تموز الماضي. ومع انتهاء التفويض الممنوح للأمم المتحدة لحفظ السلام في المنطقة؛ لم يعد هناك مراقبون تابعون للأمم المتحدة على الأرض لتوثيق الآثار المترتبة على المدنيين؛جراءالقتال في ولاية النيل الأزرق، التي امتد إليها النزاع في سبتمبر/أيلول.
وتشير نتائج البحث الذي أجرته هيومن رايتس ووتش في النيل الأزرق إلى أن حملات قصف القوات الحكومية السودانية أسفرت عن مقتل وتشويه وإصابة عشرات المدنيين منذ سبتمبر/أيلول، ودمرت أيضاً ممتلكات المدنيين، بما في ذلك أسواق ومنازل ومدارس ومزارع ومكاتب تابعة لمنظمات إغاثة.
وقال لاجئون في جنوب السودان ونازحون داخل السودان ل هيومن رايتس ووتش إن القصف الجوي على مناطق سكنهم، منذ سبتمبر/أيلول، اضطرهم للفرار من مناطق سكناهم. وهجر معظم الذين تحدثت إليهم هيومن رايتس ووتش قراهم ومزارعهم خلال الفترة بين سبتمبر/أيلول ونوفمبر/تشرين الثاني من العام الماضي، وظلوا يتنقلون داخل مناطق الولاية على مدى عدة شهور في ظل شح الغذاء والمياه. ويقيم نحو مائة ألف نسمة من سكان ولاية النيل الأزرق كلاجئين في دولة جنوب السودان وأثيوبيا، كما ان هنالك نحو مائة ألف آخرين نازحين في مختلف مناطق الولاية، بما في ذلك مجموعات تقدربعدة آلاف، تقطعت بهم السبل في مناطق نائية.
وتقع ولايتا النيل الأزرق وجنوب كردفان - حيث بدأت أعمال العنف منذنحو ثلاثة أشهر - بين حدود السودان ودولة جنوب السودان، وهناك من انحازمن سكان الولايتين للحركة الشعبية لتحرير السودان والجيش الشعبي لتحرير السودان خلال سنوات الحرب الأهلية.
اندلع القتال في ولايتي جنوب كردفان والنيل الأزرق في وقت تصاعد فيه التوتر بين حزب المؤتمر الوطني الحاكم في السودان وقطاع الشمال بالحركة الشعبية لتحرير السودان، بسبب الترتيبات الأمنية لاتفاقية السلام التي تم توقعيها عام 2005. حددالرئيس السوداني عمر البشير1 يونيو/حزيران 2011 موعداً نهائياً لمغادرة كل قوات الجيش الشعبي لتحرير السودان الأراضي السودانية، والبشير ما زال مطلوباً من المحكمة الجنائية الدولية على خلفية اتهامات تتعلق بارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية والإبادة في دارفور.
إلا ان قطاع الشمال في الحركة، الذي يطلق عليه حاليا "الحركة الشعبية لتحرير السودان-قطاع الشمال"، قال إن اتفاقية السلام تنص على منح فترة ستة أشهر للانسحاب، عقب استكمال عملية المشاورات الشعبية، التي لم تكن قد بدأت عندما اندلعت أعمال العنف. وكانت المشاوراتالشعبية قد وردت تحت بنود اتفاق السلام حتى يتمكن السكان في الولايتين من تحديد نظام الحكم الذي ستُدار به شؤون الولايتين في ظل البقاء كجزء من السودان.
اندلع القتال في مدينة الدمازين، عاصمة ولاية النيل الأزرق، في 1 سبتمبر/أيلول بين قوات الجيش السوداني وبقية قوات الحركة الشعبية الموجودة هناك بموجب بنود اتفاقية السلام. وقال شهود من سكان مدينة الدمازين ل هيومن رايتس ووتش إن جنود القوات الحكومية استخدموا الدبابات والأسلحة الثقيلة لتدمير ممتلكات المدنيين، بما في ذلك منازل ومركز "مالك عقار" الثقافي. وقال الشهود أيضاًإن جنود وعناصر تابعة لقوات الأمن تعقبوا أفراداً يُعتقد أنهم أعضاء في الحركة الشعبة لتحرير السودان–قطاع الشمال، وتم اعتقال أشخاص من منازلهم ومن الطرق، بالإضافة إلى عمليات نهب واسعة طالت ممتلكات السكان.
وأعلن الرئيس البشير في 2 سبتمبر/أيلول حالة الطوارئ في ولاية النيل الأزرق وعزل حاكمها مالك عقار، الذي ينتمي إلى الحركة الشعبية، وعين بدلاً عنه حاكماً عسكرياً. وأصدرت السلطات في اليوم التالي قراراً بحظر الحركة الشعبية-قطاع الشمال، وصادرت مكاتبها، واعتقلت قادة وأعضاء في الحركة في مختلف مدن السودان.
وقال شكري أحمد علي، الحاكم المحلي للرصيرص، المجاورة لمدينة الدمازين، وعضو الحركة الشعبية-قطاع الشمال الذي كان قد فر من المدينة مع قادة آخرين بالحركة، قال ل هيومن رايتس ووتش إن جنوداً في أحدنقاط التفتيش بين الدمازين والرصيرص أطلقوا النار على اثنين من أفراد اسرته وسائقه وأردوهم قتلى وأصابوا قريباً له بجراح خطيرة. ووقعت حادثة إطلاق النار على السيارة التي كانت تقل هؤلاء، إذ كان يعتقد الجنود فيما يبدو ان السيارة تقل شكري أحمد علي.
وقال دانيال بيكيل: "من الواضح ان السلطات السودانية استهدفت أعضاء معروفين في أحزاب معارضة ومدنيين تعتقد أنهم مؤيدون للمعارضة، متجاهلة تماماً حقوق الإنسان الأساسية"، وأضاف: "يجب أن يحاسب السودان القوات التي ترتكب هذه الانتهاكات، ويجب كذلك أن تطلق سراح كل المعتقلين من دون مسوغ قانوني لاعتقالهم".
اقتادت السلطات خلال الأيام التي تلت هذه الأحداث مئات من الأشخاص من الدمازين والرصيرص ومدن أخرى إلى ثكنات عسكرية وإلى مبان تابعة لجهاز الأمن الوطني وأماكن اعتقال أخرى. ظل الكثير من هؤلاء قيد الحبس على مدى أسابيع أو شهور دون أن يتم توجيه تهمة لأي منهم. وأبلغ معتقلون سابقون هيومن رايتس ووتش بأنهم تعرضوا للضرب وأجبروا على النوم في غرف مكتظة بالمعتقلين، وفي بعض الحالات تم حرمانهم من النوم والغذاء والماء، كما شهدوا خلال فترة حبسهم إعدام معتقلين آخرين.
ويقول محامون متابعون لأوضاع المعتقلين إن ما يزيد على 200 شخص ما يزالون قيد الاعتقال وفي عدادالمفقودين. وكان مكتب النائب العام السوداني قد أعلن في مارس/آذار أنها ستكمل التحقيق في حالة 132 معتقلاً، ووجّه لهم اتهامات بالتجسس وارتكاب جرائم ضد الدولة. كما رفضت السلطات تزويد المحامين بأي معلومات حول الدعاوى، ولم تسمح لهم بمقابلة المعتقلين، ولم تنشر قائمة كاملة بأسمائهم أو أماكنهم أو هي حددت الاتهامات المنسوبة إليهم.
كان السودان قد رفض التوقيع على اتفاق مع الحركة الشعبية لتحرير السودان-قطاع الشمال، اقترحته الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي وجامعة الدول العربية، يسمح بوصول مساعدات إنسانية إلى جنوب كردفان والنيل الأزرق.
وقال دانيال بيكيل: "بعد أن عزلت السلطات السودانية بلدها عن العالم الخارجي، ومع منعها مراقبي حقوق الإنسان من الدخول إلى البلاد، فإن ذلك يعمق المخاوف تجاه احتمال محاولة السلطات إخفاء آثار جرائم مروعة".
للمزيد من المعلومات عن إفادات الشهود بشأن الهجمات التي حدثت في ولاية النيل الأزرق، يُرجى الاطلاع على ما يلي:
القصف العشوائي على المناطق المدنية
زارت هيومن رايتس ووتش12 موقعاً في الولاية تعرضت للقصف، وتحدثت إلى شهود وضحايا حول العديد من الهجمات. قال شهود إن طائرة حربية، وصفوها بأنها من طراز أنتونوف، ألقت في يوم 10 نوفمبر/تشرين الثاني 9 قنابل على الأقل على قرية بلاتوما، ما أسفر عن مقتل 11 شخصاً -9 منهم لقوا مصرعهم عند الهجوم- بمافي ذلك طفلان على الأقل، وتسبب القصف أيضا في جرح 21 آخرين.
كيرجاكوجادوتو، وهي أم تبلغ من العمر 29 عاماً وكانت حاملاً في ذلك الوقت، كانت تجلس في سوق بلاتوما عندما تم إسقاطقنبلة في مكان قريب بالسوق.
تقول دوتو: "سمعنا صوت الطائرة ونظرنا إلى أعلى وشاهدناها وسمعنا صوت الانفجار "، وأضافت دوتو: "انبطحت أرضاً. كان الناس بجواري يبكون. حاولت النهوض والسير ولم أستطع. أدركت بعد ذلك أنني أصبت في ساقي". تعرضت دوتو لإصابة بالغة في ساقها ولا تستطع الآن مغادرة كوخ القش الذي تقطنه في معسكر دورو للاجئين بدولة جنوب السودان.
تدل الشهادات التي أدلى بها شهود من النيل الأزرق على حدوث عدة عمليات قصف عشوائي لمدن وقرى في مقاطعة الكرمك نهاية عام 2011 أسفرت عن مقتل مدنيين. ففي مطلع أكتوبر/تشرين الأول 2011 أسفر هجوم على منزل بقرية مايار، غربي الكرمك، عن مقتل 7 مدنيين. وشاهدت هيومن رايتس ووتش الدمار الذي لحق بمكاتب منظمة للإغاثة بمنطقة يابوس.
استهدفت عمليات القصف العشوائي أيضاً لاجئين كانوا بصدد العبور إلى دولة جنوب السودان، في منطقتي قفة والفوج الحدوديتين، حيث تجمع عدة مئات من اللاجئين قبل العبور إلى معسكرات للاجئين بجنوب السودان. وتسبب القصف في إصابة أربعة مدنيين ومقتل عدد من المواشي. وشاهدت هيومن رايتس ووتش حفرة أحدثها القصف في منطقة الفوج ، وتحدث شهود عن وجود عدة حفر أخرى أحدثتها القنابل التي استخدمت في عمليات القصف التي استهدفت مناطق يقيم بها لاجئون على مسافة من المدينة.
يستخدم الجيش السوداني ذخيرة غير موجّهة يتم أسقاطها عادة من طائرات نقل من طراز أنتونوف على نحو لا يسمح بتوجيهها بدقة نحو الهدف. وقالت هيومن رايتس ووتش إن استخدام الأسلحة في منطقة يقطنها مدنيون دون أن يتم توجيهها بصورة دقيقة نحو هدف عسكري يجعل هذه الضربات عشوائية لا تميز بين المدنيين والأهداف العسكرية، وهو خرقللقانون الدولي الإنساني.
ويلزم القانون الدولي الإنساني طرفي النزاع المسلح، بأخذ كل التدابير الممكنة في الاعتبار بهدف تقليل الأضرار التي من المحتمل أن تلحق بالمدنيين. وقالت هيومن رايتس ووتش أن مقاتلي الحركة الشعبية لتحرير السودان-قطاع الشمال لا ينبغي أن يعملوا انطلاقا من مناطق سكنية أو أن يشنوا هجمات منها، كما يتعيّن عليهم،إلى أقصى حد ممكن، تحاشي العمل في المناطق الآهلة بالمدنيين، حيث من المحتمل أن يتسبب وجودهم في الإضرار بالمدنيين.
آثار القصف
تسبب القصف العشوائي في انتشار الهلع بين السكان المدنيين في النيل الأزرق. ففي كل المناطق التي زارتها هيومن رايتس ووتش في السودان ودولة جنوب السودان، بما في ذلك معسكرات اللاجئين في جنوب السودان، حفر كثير من اللاجئين مخابئ في الأرض للجوء إليها في حال تعرضهم للقصف.
وأبلغ نازحون داخل ولاية النيل الأزرق هيومن رايتس ووتش بأنهم لا يجدون ما يكفي من الغذاء والماء والعلاج، وقالواكذلك أنهم يعيشون فقط على الفواكه البرية والنباتات، وليست هناك مدارس لأطفالهم.
تقطعت السبل بالكثير من النازحين وانتهوا إما في مناطق نائية، وهم في أشد الحاجة للمساعدة، أو في أماكن منعت قوات الحكومة السودانية الوصول إليها، خصوصا في منطقة مغاجةبمحلية الباوِ. ومن المتوقع أن يتسبب موسم الأمطار المقبل خلال بضعة أسابيع في جعل العبور من النيل الأزرق إلى معسكرات اللاجئين في جنوب السودان أو أثيوبيا، أمراً مستحيلاً.
وقالت هيومن رايتس ووتش إن السودان ملزم بالسماح لمنظمات الإغاثة بالدخول إلى كل أجزاء الولاية. وتفرض قوانين الحرب على كل أطراف النزاع السماح بمرور المساعدات الإنسانية على وجه السرعة وتسهيل وصولها دون عرقلة إلى المدنيين المتأثرين بالنزاع.
عمليات القتل والهجمات على المدنيين
عقب اندلاع النزاع بالدمازين في سبتمبر/أيلول تحركت القوات السودانية باتجاه الجنوب وتقدمت صوب الكرمك، التي استولى عليها المتمردون في نوفمبر/تشرين الثاني وباتت من معاقلهم. وقال قادة مدنيون محليون فروا إلى الجنوب ل هيومن رايتس ووتش إن قوات الحكومة السودانية اشتبكت مع قوات الحركة الشعبية لتحرير السودان-قطاع الشمال وقامت بعمليات عسكرية في عشرات القرى على طول الطريق الرئيسي باتجاه الكرمك.
وعقب استيلاء القوات الحكومية على الكرمك قامت أيضاً بعمليات عسكرية في القرى المحيطةبجبال الأنقسنا. واستمرت المواجهات في تلك المنطقة، وأشارت تقارير غير مؤكدة إلى أن القصف الذي قامت به القوات الحكومية في 15 أبريل/نيسان أسفر عن مقتل 11 نازحاً في منطقة خور مقنزا.
وقال مدرس يعمل بمدينة الباو، الواقعة على سفوح جبال الأنقسنا، لهيومن رايتس ووتش إنه شاهد في ديسمبر/كانون الأول جنود تابعين للقوات الحكومية دخلوا المدينة من ثلاثة اتجاهات وأطلقوا الرصاص على المدنيين. وقال إن عملية إطلاق النار على المدنيين أسفرت عن مقتل نحو 10 من الرجال والشباب، ومن ضمنهم حارس المدرسة التي يعمل بها الشاهد، وراعي أغنام يبلغ من العمر 14 عاماً. أفادالشاهد كذلك بأن الضحايا ليسوا مقاتلين ولم يكن أحد منهم يحمل سلاحاً. ولم يتسن لهيومن رايتس ووتش التأكد من مقتل الثمانية الآخرين.
وقال الشهود لهيومن رايتس ووتش إن أعضاء في الحركة الشعبية لتحرير السودان-قطاع الشمال تم إعدامهم حيث وجدت في قرية السليك، جنوب غربي الباو، جثث ستة مدنيين من أعضاء الحركة مكتوفي الأيدي والأقدام وقد تم إطلاقالرصاص على رؤوسهم وقطعت حناجرهم، وذلك عقب معركة بين قوات الحكومة السودانية وقوات الحركة الشعبية لتحرير السودان-قطاع الشمال منتصف سبتمبر/أيلول.وقال مسؤول في الحركة،عثر على الجثث بعد ساعات من عملية الإعدام، لهيومن رايتس ووتش إن القتلى الستة أعضاء مدنيين في الحركة وليسوا من المقاتلين. إلا أن هيومن رايتس ووتش لم تتأكد من ظروف مقتل الضحايا من مصدر مستقل.
طبقاً لبنود القانون الدولي، يتعيّن على القوات السودانية وقوات الحركة الشعبية لتحرير السودان-قطاع الشمال اتخاذ كل التدابير الممكنة حتى تكون خسائر المدنيين في أدنى حد ممكن خلال العمليات العسكرية، ويعتبر القانون الدولي استهداف المدنيين بصورة متعمدة والقتل خارج نطاق القضاء من جرائم الحرب.
وقالالشهود لهيومن رايتس ووتش إنهم رأوا قوات الدفاع الشعبي وهي قوات مساعدة تتشكل من الفلاتة وجماعات إثنية أخرى من الرحّل تعمل السلطات بصورة نشطة على تجنيد أفرادها في مختلف المواقع، بما في ذلك مدينة الدمازين. وظل السودان يستخدم قوات الدفاع الشعبي في نزاعاته في أقاليم السودان، وتسببت مشاركة هذه القوات في تفاقم النزاعات المحلية في دارفور وأماكن أخرى في السودان على مدى عقود من الزمن. وتقول هيومن رايتس ووتش إن مبادئ القانون الدولي الإنساني تنطبق على قدم المساواة بين هذه القوات وقوات الجيش السوداني.
الاعتقال التعسفي والقتل خارج نطاق القضاء
قال شهود لهيومن رايتس ووتش إنه عقب اندلاع القتال في الدمازين ومدن أخرى تتواجدبها قوات تابعة للحركة الشعبية لتحرير السودان-قطاع الشمال حدثت عمليات تعقب واعتقال واعتداءات لفظية وبدنيةوقتل بمجرد الاشتباه في الانتماء للحركة الشعبية لتحرير السودان-قطاع الشمال أو جناحها المسلح، الجيش الشعبي لتحرير السودان-قطاع الشمال. وأبلغ مجموعات محلية ومعتقلون سابقون هيومن رايتس ووتش إن السلطات أفرجت عن عشرات المعتقلين بعد إجبارهم على إعلان تخليهم عن انتمائهم السياسي للحركة.
وقال أحدسكان مدينة الرصيرص،23 عاماً، ويقيم حالياً في جنوب السودان، لهيومن رايتس ووتش إن ضباط جهاز الأمن الوطني اعتقلوهمن منزله وشقيقه البالغ من العمر 36 عاماً بتهمة الانضمام لمقاتلي الجيش الشعبي لتحرير السودان-قطاع الشمال، وتم احتجازهما لمدة ثلاثة أسابيع في زنزانة مكتظة بالمعتقلين. وقال الرجل، البالغ من العمل 23 عاماً، في معرض شهادته ل هيومن رايتس ووتش: "وثقوا أيدينا ووضعونا على متن سيارة لاندكروزر وانهالوا علينا ضربا بالأحزمة والأيدي وركلونا بأقدامهم، وهددونا بأننا سنرى ما هو أكثر من ذلك. وعندما نشتكي للقائد يقول: دعوهم يموتون..هؤلاء كفار".
قال الشاهد إنه رأي خلال احتجازه معتقلين آخرين تعرضوا لضرب مبرح، وشاهد كذلك ضابط يطلق النار على اثنين من المعتقلين في الرأس من مسافة قريبة خارج الزنزانة وأرداهما قتيلين في الحال. وأفاد كذلك بأن مسؤولي الأمن،عند إطلاق سراحه،ضغطوا عليه لإجباره على العمل معهم وأمروه بالحضور إلى مكاتب الأمن بصورة يومية.
وقال عيسى دفع الله صباحي، وهو حارس لوزير إقليميمعروف بانتمائه للحركة الشعبية لتحرير السودان-قطاع الشمال، ل هيومن رايتس ووتش، إن جنوداً اعتقلوه صباح 2 سبتمبر/أيلول بمنزل الوزير، وأوسعوه ضرباً وقيدوا يديه وكالوا له سيلاً من الشتائم ووصفوه بأنه "كافر لا يعرف الله". وقال صباحي، البالغ من العمر 33 عاماً، إنه اعتقل في معسكر للجيش مع مدنيين آخرين تم اعتقالهم صباح نفس اليوم.
وقالصباحي لهيومن رايتس ووتش: "كانوا يقتادون الناس إلى النهر ويطلقون النار عليهم هناك"، قال: "أنا أيضاً تم اقتيادي إلى النهر مع ثلاثة آخرين في اليوم الثاني. وقتلوا اثنين منا". هدد الجنود صباحي بالقتل لكنهم لم يفعلوا.
وقال صباحي في معرض شهادته ل هيومن رايتس ووتش: "قالوا لي: إنك تعمل مع مالك [الحاكم]، سنقتلك." شاهد صباحي أيضاً في نفس اليوم جنوداً أطلقوا النار على امرأة كانت تحمل طفلاً لأنها قاومت الاعتقال. ونجح صباحي في الفرار من معسكر السجن مساء اليوم نفسه.
يعتقد محامون متابعون لقضايا الاعتقال أن ما يزيد عن مائتي شخص مايزالون قيد الحبس في مراكز اعتقال في النيل الأزرق وفي سجن سنار وسنجة، بولاية سنار المجاورة.
ولا يزال عبد المنعم رحمة، وهو شاعر معروف ومستشار سابق لوزير الثقافة بولاية النيل الأزرق، رهن الاعتقال في أماكن متعددة منذ 2 سبتمبر/أيلول، من دون أن يُسمح له بمقابلة محام أو زيارة أسرية.
وكانت هيومن رايتس ووتش، ومنظمات أخرى، دعت السودان مراراًإلى إعلان أسماء كل المعتقلين وأماكن اعتقالهم، وإما أن توجيه تهم لكل المعتقلين السياسيين أو تطلقسراحهم.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.