لا تندهش يا أيها القارئ من ضخامة الوفد الحكومي الذي زار حقل النجمة النفطي بكردفان ، بما فيه نائب الرئيس ووزير النفط وعشرات الطواقم الدستورية الأخري . ولا تسأل عن كيف تصرف أموال الميزانية التعبانة في هذه المهرجانات الخطابية التي لا تزرع فداناً واحدا جديدا في مشروع الجزيرة علي سبيل المثال . ولا تتعجب من هذه الهيلمانة الحكومية التي ملأت الدنيا ضجيجاً من أجل 6 ألف برميل بترول في اليوم . أما إذا سألت عن نصيب الحكومة ونصيب ( اليمانية ) والشركات الأخري التي اكتشفت ( الكنز ) فلا تتوقع الإجابة ، إذ أن عمليات البترول تعتبر من أسرار المشروع الحضاري وعقبال البكاري . أما عن المنطقة المنكوبة بالنفط فأهلها كانوا قد شكوا مطلع هذا العام من غياب الصحة والتعليم ، وقالوا أنهم في حاجة إلي داية وإلي بئر يشربون منها الماء النقي . وما حلم هؤلاء بالنبق الفارسي ولا التفاح اللبناني أو العنب الأصفهاني ، طالما كان الكارو وسيلة نقلهم الشائعة . وانفض مولد النجمة الحكومي ، بعد المصروفات المليارية ، دون أن تكون في معيته ( داية ) حكومية من أجل تفادي وفيات المواليد والأمهات . وعاد الوفد الحكومي إلي قواعده سالماً ، وترك الجوع والمسغبة هنالك .. وحي الزمالك مسالك مسالك ولأن السدنة لا يعرفون أن مناطق الفولة وبليلة لا تجد حتي صحن البليلة ، فقد شيدوا بها مطاراً كلف ما كلف من أموال طائلة كان يمكنها أن تبني مدارس ومستشفيات و( تجيب ) دايات . والمطار المذكور صنع خصيصاً للتنابلة وأحبابهم من العرب والخواجات الذين ينوون شطف بترول المنطقة بأعجل ما تيسر . ولو شكت الدهباية من الجوع وغلاء الأسعار ، قال لها تنابلة السلطان أمشي أكلي المطار . في عمليات البترول يخضع الإستكشاف والتنقيب لدراسات جدوي اقتصادية تشمل فيما تشمل التكاليف والعائدات المتوقعة ، وبعدها يتقرر إستغلاله تجارياً أو تركه في باطن الأرض . وقس علي ذلك يا عزيزي القارئ هذه ال6 ألف برميل ، التي من أجلها أنشئ خط للأنابيب ومطار ومحطات معالجة ، واخصم منها رسوم النقل ، ومرتبات وحوافز العاملين بالحقل ، ونصيب الطرف الآخر ونصيب السماسرة إن وجدوا ، وأغلب الظن أن المشروع سيسترجع تكاليفه يوم القيامة العصر . إن كان المشروع النفطي اقتصادياً ، فقد أضاف لسكان كردفان المزيد من تلوث وتدهور البيئة ، وإن كان الهدف سياسياً بمعني تخدير الناس بالبترول ، فقد سقط النظام في هذا الإمتحان منذ وقت طويل . وكلما استفحلت الأزمة الإقتصادية ، سيفتتح السدنة المشروعات الوهمية ، من حلفا إلي القدمبلية وربما مزارع شعيرية للست بدرية .