ماذا يقول الناصح العاقل للمنصوح الذي يقول له: أتنصحني وتزعم أنك عاقل؟ لو كنت ذا عقل لما اسديت الخير لمن لا يريده ولما نصحت من لا يستمع إلى نصحك، ومن لو استمع إليه شق عليه ان يشكره وود لو ينكر نفعه. الحق ان الناصح قد يعقل في كل شئ إلاّ في اسدائه النصيحة. وإنما هو يسديها لما عنده من الرحمة وحب الخير لا لما عنده من العقل والحكمة. ربما كان من تصغير الحقيقة ان نقول إنها معروفة لجميع الناس وانما الحقيقة الكبرى هي التي يدركها أكبر العقول وتعجز عن ادراكها العقول الصغار. يصلى حق الصلاة من يتوجه إلى الله ولا يشعر بشيء في صلاته غير حضور الله وحده وصلاتك في الجماعة لا تحجب عنك الحضرة الإلهية.. فقد تلقى في خلدك ان الجنس البشري كله يتوجه في نفس واحد إلى مقام الله إنها صلاة (الإنسان) وليست صلاة هذا الانسان أو ذاك. إنما رجل الدنيا وواحدها من لا يعوّل في الدنيا على رجل أصحيح هذا؟ ان صح على وجه فاصح منه على وجه آخر «ان رجل الدنيا من تعوّل الدنيا عليه» لأن عظمة الانسان بمن يعولون عليه لا بمن يعول عليهم. ليس الحق مطلب الفن الجميل انما نيمم ناحية العلوم حين نبحث عن الحق لأنها هي التي تصمد إليه وليست (الآداب) التي لا مطلب لها ولا يكون لها مطلب غير الجمال. قوة الاديان ورحمتها انها تدل الانسان على غاية من وجوده فالذين نبذوا اصول الآداب الدينية (وقل فينا من لم ينبذها في هذا العصر عصر العلم والحرية الفكرية) تعوزهم الوسيلة التي يعرفون بها ما شأنهم في هذه الدنيا ولأي أمر من الأمور سيقوا إليها. خرج ارشميدس من الحمام عارياً لأنه وجد فكرة كانت مستعصية عليه.. كثيراً ما يعيش الناس في الدنيا عراة لأنهم يجدون الافكار التي يبحثون عنها.