ظلت سلعة السكر تحظى ب(قداسة) واهتمام كبير من كل الحكومات التي تعاقبت على حكم البلاد منذ الاستقلال وحتى الان ، وظلت الحكومة الحالية تدعم سلعة السكر وتحتكر انتاجها وتوزيعها رغم تبنيها لسياسة التحرير الاقتصادي وتطبيقها منذ العام 1992 ، حيث تقوم الحكومة بانتاج السكر وتوزيعه وسد الفجوة عبر الاستيراد سنوياً ، بينما هذا العام تم اسناد مهمة توزيع السكر بولاية الخرطوم للمحليات والتي اتبعت آليات عديدة لتوزيع السكر منها اللجان الشعبية والجمعيات التعاونية ومراكز البيع المخفض بالاحياء والاسواق ، ولكن مع ذلك ظلت اسعار السكر تشهد ارتفاعا ملحوظا ،كما ان السكر يتم تسريبه من هذه اللجان الشعبية الى التجار للاستفادة من فرق السعر المدعوم واصبح الامر عادياً ان تجد السكر بالعبوات الصغيرة لدى التجار رغم ان توزيعه يتم عبر المحليات واللجان الشعبية، كما فشلت التجربة فى احداث وفرة فى سلعة السكر واصبح هنالك اختفاء واضح للسكر فى منافذ البيع المخفض، ولانني من رواد هذه المراكز بحثت فى نحو (10) مراكز في المنطقة الممتدة من( بري وحتى المعمورة جنوب) ولم اجد سكراً وتحديداً عشية يوم تقديم خطاب رئيس الجمهورية بالبرلمان والذي اعلن فيه حزمة الاجراءات الاقتصادية الجديدة، وبسؤالي اصحاب مراكز البيع عن سبب اختفاء السكر، اوضحوا لي ان شركات التوزيع احجمت عن توزيع السكر واوقفت عمليات التوزيع بحجة ان هنالك (زيادة جديدة) ستطرأ على اسعار السكر قد تجعل جوال السكر زنة ال(10) كيلو نحو (50) جنيها ، وهم الان فى انتظار الزيادة الجديدة حتى يتم استئناف توزيع السكر من جديد ، وكما يقولون : ( عندما يعرف السبب يبطل العجب) ، وادركت وقتها ان قرارات الرئيس سبقتها قرارات من جهات اخرى تعرف حجم المشهد وتداعيات الاحداث، وواصلت (رحلة البحث عن السكر) واخيراً وجدت سعر زنة الكيلو فى باكتة وعرفت من صاحب السوبر ماركت بالمعمورة جنوب ان السعر ارتفع من (40) جنيها للعشرة كيلو الى (43) جنيها، كما شرعت فى اجراءات اتصالات مع الغرفة التجارية وعرفت منها ان شركات انتاج السكر زادت سعر الجوال بواقع (65) جنيها ليبلغ نحو (225) جنيها ، ودفعوا قروشهم ومنتظرين السكر والذي سيتم استلامه من الشركات ليبدأ تطبيق الزيادة اعتباراً من الثلاثاء اي امس الاول، وهذا ما حدث فعلاً حتى قبل ان تجاز الزيادة من مجلس الوزراء فى جلسته يوم الثلاثاء وقبل عرض مقترح الزيادة على البرلمان لاجازته وهذا يطرح اسئلة عديدة عن من يبيع قرارات الدولة للتجار حتى يتضرر المواطن ومن يطبق القرارات حتى قبل صدورها ....الخ. عموماً واصلنا اتصالاتنا مع جهات الاختصاص بالدولة وشركات الانتاج والغرفة التجارية واصحاب العمل فى يوم الاثنين وبعد تقديم خطاب رئيس الجمهورية اجتمع وزير المالية باتحاد اصحاب العمل واعلن عن تحرير سلعة السكر، كما اعلنت الغرفة التجارية بولاية الخرطوم عن تطبيق شركات انتاج السكر للزيادة البالغة نحو (65) جنيها على الجوال ونشرنا ذلك الخبر الخطير، والذي تكمن خطورته فى توقيت صدوره الذي تزامن مع ارتفاع اسعار الدولار في السوق الموازي وارتفاع الدولار الجمركي مما يزيد اسعار السكر على المواطنين بعد ان كانت الحكومة تتحدث عن دعم سلعة السكر لوقت قريب ( في البرنامج الاسعافي الثلاثي) والذي لم يمضِ على تطبيقه نحو ستة اشهر، لتنهي الحكومة (القداسة للسكر) ويصبح سلعة محررة ، كما يصبح بامكان التجار استيراد السكر وبيعه للجمهور مباشرة ، ونقف نحن امام شاشة كبيرة لمشاهدة مسلسل (تحريرالسكر)، هل ستخفض الاسعار ام سترتفع بفعل الدولار والرسوم الحكومية و الولائية والاتحادية والدولار الجمركي والجبايات بالمحليات من ميناء بورتسودان وحتى الجنينة وجودة وحلفا، ولكن قبيل ان نشاهد هذه المسلسل المكسيكي نأمل ان تسارع حكومة ولاية الخرطوم الى وضع معالجات لسلعة السكر وتوفيرها للمواطنين قبيل حلول شهر رمضان الذي يكثر فيه الاستهلاك والطلب على السكر، وحسب متابعاتنا فانه اعتباراً من اليوم سيتم استئناف ضخ السكر عبر مركز البيع المخفض واللجان الشعبية والمحليات من جديد ولكن بالاسعار الجديدة للسكر والتي قفزت بسعر الجوال الى (48) جنيها بدلا عن (35) جنيها لجوال السكر زنة (10) كيلو، ونحو (24.5) جنيها للجوال زنة (5) كيلو بدلا عن (18) جنيها ، بينما قفز سعر كيلو السكر الى (5) جنيهات و(25) قرشا بدلا عن خمسة جنيهات، وكما قال حمدي في تعليقه على الاجراءات الاقتصادية الاخيرة بانها (أخف الضررين)، فنقول: ان السكر بالاسعار الحالية عبر منافذ ولاية الخرطوم أخف الضررين