(بلال فضل) مواطن مصري بسيط من السكان الأصليين لمصر، كان عائدا من عمله بالمعادي ماشيا إلى مقر إقامته ببولاق أبو العلا، توفيرا لنصف جنيه ثمن الأتوبيس، وحين مر من أمام التليفزيون لفحه هواء التكييف، فوقف قليلا، حتى يجفف عرقه، وكان يفتح فمه للهواء البارد حتى يروي عطشه. خرج أحد معدي البرامج فاصطاده ، وقال له : «اتفضل جوه»، فتفضل جوة وهو غير مصدق أن يدخل التليفزيون الذي لا يراه إلا في التليفزيون. دخل الاستوديو، وانهار تماما حين لمح ساقي المذيعة من الجيبة القصيرة، ركبوا له الميكرفون، وأجلسوه على الكرسي أمام المذيعة، ثم بدأ البرنامج. - (المذيعة أمام الكاميرا): من آلاف الاتصالات اللي جت للبرنامج، اخترنا المواطن بلال فضل عشان يشترك معانا. - (قاطعها، قائلا): ممكن أعفر سيجارة؟ - (المذيعة من غير الكاميرا): ستوب، ممنوع التدخين يا أخ بلال، إنت هنا في استوديو، لو سمحت إحنا هنبدأ، وإنت هتطلع في التليفزيون، لازم تطلع بشكل كويس، وكمان شيل عينك من على رجلي وإحنا بنسجل، بلاش فضايح، لما نخلص إبقي بص براحتك. - جاهز يا أخ بلال ، ممكن تعرف المشاهدين بنفسك؟ - محسوبك بلال محمد فضل، ده الاسم اللى في «البوتاءة»، بس في «المنتئة» بيقولوا لى يا أشرف، عشان كان ليا أخ اسمه أشرف بيلعب في الشارع وهو عيل زبلة كده ، ولا مؤاخذة، مسكت فيه الكهربا بتاعة عمود النور مات طوّالي، ومن ساعتها بقي الناس بيقولوا لى يا أشرف، عشان أمي ما تعرفش إنه مات، ومش عايزين نزعلها عشان عيانة. - بتشتغل إيه يا بلال؟ اتكلم بصراحة. - بصراحة أنا باشتغل في مصنع لبن، في ستة أكتوبر، عارفاها سيادتك، اللي هي زي العاشر من رمضان بس ديا ورا الجيزة، وديكاه ورا المطار. - بتشتغل إيه في مصنع الألبان وياريت تتكلم بصراحة؟ - طالما قلتي نتكلم بصراحة، هاقول لسعادتك، لما بيكون في لبن شاكين إنه باظ، بيديهوني أشربه عشان يتأكدوا ينزلوه السوق ولا لأ، هي شغلانة تموع النفس، بس مكسبها حلو، باخد 280 جنيه. - بس؟ - ماتنسيش إن اللبن اللي باشربه ببلاش، دي في ناس في الحتة بتاعتنا بتحلم بالشغلانة دي. - معقولة بتعيش ب280 جنيه بس في الشهر؟ - إنتي مش شايفاني باتنفس قدامك أهوه أبقي عايش ولا مش عايش، وبعدين طالما قلتي بصراحة، أنا باشتغل بالليل في قهوة جنب البيت. - بتشتغل إيه في القهوة؟ - صاحبها بيبعتني طريق السويس أجيب له مخدرات عشان ينزلها في الشيَش. - (المذيعة من غير الكاميرا) : إنت بتقول إيه يا أخ انت، ستوب، إيه الكلام ده، وقلت لك 100 مرة ما تبصش على رجلي، إنت بتهزر في الكلام ده طبعا؟ - هههه، طبعا ياست هانم، هو أنا غبي عشان أعترف، ده الراجل فاتح بيتي. - إنت متجوز يا أشرف، قصدي يا بلال؟ - هو أنا كنت عايز أتجوز، بس أمي قالت لي مايصحش لازم أخوك أشرف يتجوز الأول، فجوزتني على أساس إني أشرف، وأنا وافقت عشان ما أزعلهاش، مش أنا قلت لك إنها عيانة؟ - قلت لي، ألف سلامة عليها، عندك أولاد؟. - لحد مانزلت النهارده من البيت كان عندي أربع عيال خلفتهم لأشرف الله يرحمه، بس ما أعرفش هالاقيهم لما أروح ولا لأ، عشان العيال عندنا في «المنتئة» مابتعيشّي كتير. - (مندهشة) : غريبة قوى، يعني إنت عايش مع مامتك ومرات أخوك اللي هي مراتك وعياله اللي هم عيالك؟ - (يقاطعها) ده غير أبويا اللي مشلول من عشر سنين عشان الماكنة كلت رجليه في المصنع اللي كان شغال فيه ومارضيوش يدوا له تعويض، لإن المفروض إننا صعايدة وعيب نقبل العوض، ده غير أم مرات أشرف، وأبو مرات أشرف بس هو تايه بقى له فترة ومارضيناش ندور عليه عشان أكلته جامدة وبيعمل حاجات وحشة بعد الأكل. - فهمت فهمت، بس اللي مش فاهماه إزاي بتقدر تصرف ال280 جنيه على الأسرة دي كلها طول الشهر؟ - يعني إيه أسرة؟ - العيلة بتاعتك، بتصرف إزاي عليهم كلهم 280 جنيه في الشهر؟ - يعني إيه شهر؟ - (تبدو ملامح الغضب على وجه المذيعة). إيه قفشتي ليه يا آنسة؟ باهزر معاكي. - ما تتعصبيش كده ، والله أهو ربنا ساترها معانا، أصلنا مابندفعش إيجار عشان صاحب البيت مات، جت له أنفلونزا بتاعة الفراخ، عشان كانت أمي مربية فراخ في السطوح، بس الفراخ لسه عايشة. - الحمد لله، طب تنصح الشباب اللي في سنك بإيه؟ - لو ليك أخ اسمه أشرف ومات قول لأمك، حتى لو كانت عيانة وزعلت، وإن كان على أمك اطمن، مش هتموت إلا لما يخلص أجلها. - ممكن تسيب مصر وتروح بلد تانية؟ - ليه يعني، وهىّ مصر أذتني في حاجة ، أنا الحمد لله ماشفتش منها حاجة (لا وحشة ولا حلوة). كسرة : قال أيه : المعاناة تولد الإبداع .. أهو مش قادرين نكتب .. القصة للكاتب المصري الساخر (بلال فضل) ! كسرة ثابتة : أخبار ملف خط هيثرو العند النائب العام شنو(ووو وو ووو)؟